رواية ولكنها أمي الحلقة الحادية عشر
نظرت ياقوت إلى الصغير بخوف و قالت بهدوء : جياد بابا بس تعب شوية مفيش حاجة
هز جياد رأسه نافيًا و قد بدأت دموعه فى التساقط : لأ أنا سمعت عمو و هو بيقول حادثة أنا عايز أروح لبابا
أمسك ماجد يده و قال : طيب تعالى معايا
قالت ياقوت بلهفة : ماجد ابقى طمنى بالله عليك
هز ماجد رأسه و أمسك بالصغير و غادر و أستغرق ما يقارب الساعة إلا ربع لكى يصل إلى المستشفى
= لو سمحتِ الشخص اللى عمل حادثة فين ؟
قالت الموظفة بجدية : فى أوضة العمليات يافندم الدور التالت
شكرها ماجد و أسرع بالصغير نحو المكان المقصود
دقيقة اثنان بل خمسة عشر دقيقة حتى خرج الطبيب ليطمأنهم
قال ماجد بسرعة و لهفة على صديق عمره : مصطفى كويس يا دكتور
هز الطبيب رأسه بأسف قائلاً : للأسف مقدرناش نعمل حاجة الحادثة كانت صعبة
جلس ماجد على الكرسى بترنح و عينيه تلتمع بالدموع كيف سقطت دموعه على صديقه صديق المرحلة الابتدائية و الإعدادية و الثانوية حتى الجامعة .
بينما جياد تسمر محله و هو يستمع إلى كلمات الطبيب ماذا تعنى ماذا يقول وقف جياد أمامه
قائلاً بدموع : عمو بالله عليك أعمل حاجة
أشفق الطبيب على هذا الصغير و فجأة صرخ جياد ينادى على أبيه أمسكه ماجد و فجأة سكن جياد و أبعد يد ماجد و جلس على الأرض وهو ينتفض بعنف .”
بعد مرور أسبوع :
دخلت ياقوت إلى غرفتها فوجدت ماجد يجلس على السرير تنهدت و قالت : مش راضى يتكلم
رفع ماجد أنظاره إليها و هز رأسه بيأس : مبيتكلمش مع مراد ؟
هزت ياقوت رأسها بالنفى تنهد ماجد بتعب و التمعت عيناه بالدموع أقتربت منه ياقوت و أمسكت بيده
و قالت : أدعيله يا ماجد
قال ماجد بدموع تتساقط حزنًا : كنت فاكر أننا خلاص هنتجمع و هنقضى عمرنا مع بعض
أدمعت ياقوت و قالت بهدوء : دلوقتى لازم نعرف جياد هيعمل ايه
قال ماجد بقوة : لو مش عايز يرجع هناك مش هيرجع أنا مش عايز ارجعه
أنا مش عارف مرات مصطفى دِ بتعامله كويس و لا لا
تألمت ياقوت على ذلك الصغير و ما يعانيه و قصت على ماجد ما أخبرها به مراد
أنتفض ماجد من مجلسه و قال : مش هيرجع هناك تانى و هيتربى هنا معانا
هزت ياقوت رأسها موافقة على كلامه و لكنهم سمعوا سمعوا صوت طرق على الباب فأذنوا للطارق بالدخول فكان جياد و يتبعه مراد
قال جياد بهدوء و برود : أنا عايز ارجع بيتى
قال ماجد بلطف وهو يقترب منه : ليه ياحبيبى مأنتَ هنا مع ماما ياقوت و مراد و روديسيا و أنا
و بصراحة أنا عايزك تقعد معانا هنا
رجع جياد خطوة للخلف و نظر أرضًا و قال : أنا هرجع بيتى مش هقعد هنا
= طيب خليك معانا شوية و أبقى أرجع
قال جياد بهدوء و عند : أنا هرجع و النهاردة
تنهد ماجد و حاول أن يُثنيه عن قراره و لكنه لم يستجب
خرج من الغرفة وهو يقول : أنا جهزت
تنهدت ياقوت و أقتربت منه و هى تحمل روديسيا بين يديها قائلة : أنا موجودة دايمًا يا جياد خليك فاكر ده
هز جياد رأسه و وجه أنظاره نحو روديسيا و أقترب منها و قبّل وجنتيها و أحتضن ياقوت
.
.
أقترب منه مراد وهو يحتضنه فبادله جياد و قال بخفوت : أنا آسف علشان ضيعتلك المسابقة بتاعتك
شدّد مراد من احتضانه و قال : مش مهم أى حاجة المهم أنتَ
طرق ماجد باب المنزل بهدوء ففتحت له دينا قائلة : أستاذ ماجد
ثم أذنت له بالدخول دخل ماجد و بيده جياد و قال لجياد بلطف : ممكن تدخل أوضتك ياحبيبى
دخل جياد إلى غرفته و جلس ماجد على المقعد و قال وهو يضع أمام دينا ظرفًا ملئ بالنقود : دِ فلوس علشان لو جياد او أنتوا احتاجتوا حاجة و لو فيه حاجة جياد يقدر يتواصل معايا أنا مكنتش عايزه يرجع هنا بس هو أصر فلو ضايقتيه وقتها هيبقى ليا تصرف مش هيعجبك متفتكريش أنه ملوش حد أنا قاعد و ياقوت قاعدة فياريت تفهمي ده .
ألقى ماجد كلامه و خرج بينما نظرت دينا لأثره بغيظ و دلفت إلى غرفة جياد قائلة بصياح : أنتَ جايبه علشان يهددني يعنى طب مريحتنيش و قعدت هناك ليه
نظر لها جياد نظرة باردة و وضع الوسادة على وجهه و قال : أطلعى برا
جذبته دينا من ذراعه و قالت : أوعى تفتكر أنه كده هخاف
أنزل جياد يدها و قال : عايز أنام
خرجت صافعةً الباب خلفها وضع جياد الوسادة بجانبه و بدأت دموعه بالنزول و كأن الدموع منذ ولادته لم تفارق عينيه و نظر أمامه و فجأة خطرت فى باله روديسيا فأبتسم من وسط دموعه أسيكون هناك رابط قوى فى المستقبل أم ماذا ؟
شهر تبعه شهر تبعه شهر آخر حتى مر ثلاثة أشهر و نصف كان ماجد يهاتف جياد يوميًا ليطمئن عليه و يذهب إليه كل أسبوع ليرى ما يحتاجه و قد كان نعم الصديق هو وفاءًا لصديقه بينما جياد تحمل الكثير و الكثير من دينا طوال تلك المدة فلم تتوانى عن تفضيل أطفالها عليه و حديثها اللاذع و لكنه واجه كل ذلك ببرود و هدؤء
= طنط دينا … طنط دينا
لم يتلق جياد رد فاستغرب كثيرًا بحث عن دينا بأنحاء الشقة فلم يجدها أين ذهبت و لم يجد لأطفالها أثر أيضًا سمع جياد صوت الهاتف الذى أعطاه له ماجد يرن فذهب إليه و لم يكن المتصل سوى ياقوت
فتح الهاتف و قال بسرعة : ماما طنط دينا خدت ولادها و مشيت و أنا مش عارف هما راحوا فين ؟
أجابت ياقوت قائلة : طب أهدى يا حبيبى أنا هجيلك ماشى
هز جياد رأسه و قال : ماشى متتأخريش
أغلقت ياقوت الهاتف و أرتدت ملابسها و أخبرت ماجد ببعض الكلمات المختصرة و ذهبت إلى جياد برفقة صغيريها
= جياد أنتَ كويس ؟
هز جياد رأسه و أخبرها بما حدث فقالت ياقوت بهدوء : خلاص يا جياد هات هدومك علشان هتيجى معايا
وقف جياد قائلاً برفض قاطع : لا أنا مش همشي من هنا
قالت ياقوت و قد بدأت تفقد أعصابها : يعنى أيه يا جياد ؟
= يعنى مش همشي من هنا يا ماما
قالت ياقوت بغضب : جياد هتيجى معايا و مفيش اعتراض
قال جياد بدموع : لو سمحتِ افهمينى و سيبينى على راحتى
.
.
بدأت روديسيا بالبكاء هى الأخرى فضحكت ياقوت و قالت : اهى روديسيا عيطت اهى يا أستاذ جياد
قال مراد هو الآخر بضحك : بيحسوا ببعض
ضحك معهم جياد و قد أستطاعت ياقوت أن تخرجه من حالة حزنه تلك بدعاباتها و أنقضى اليوم كغيره من الأيام وسط رفض جياد للمغادرة حتى بعد مجئ ماجد .”
بعد مرور سبعة أعوام تغير فيهم الكثير و الكثير أصبح كلاً من مراد و جياد ذى أربعة عشر عامًا أما روديسيا فأصبحت سبعة أعوام
و قد تغير جياد فيهم كثيرًا و لكنّ مراد لم يتركه و قد أصبحا كتؤامٍ ملتصق
جاء جياد فى زيارة إلى ماجد و ياقوت وسط إلحاح شديد منهم و بمجرد ما إن فتحت له ياقوت الباب حتى أخترق سمعه صوت روديسيا تبكى فضحكت ياقوت و قالت : معلش بقى هنصدعك من أول ما تدخل
أبتسم جياد بخفة و ذهب إلى روديسيا و قال : بتعيطى ليه ؟
قالت روديسيا ببكاء : مراد زعقلى و كمان مش جابلى مصاصة
.
.
ضحك جياد عليها و قال : زعقلك ليه
مسحت دموعها بظهر يدها و قالت : علشان أخدت التيشيرت بتاعه و قصيته علشان أعمل بيه فستان لباربى
ضحك جياد و قال : طب خلاص متزعليش و أنا هجيبلك المصاصة
أبتسمت روديسيا و قالت : ماشى شكرًا
قطع حديثهم صوت طرق على الباب ففتحت ياقوت و قالت : أنتِ ؟
=………………. يتبع..
رواية ولكنها أمي. الجزء التاسع
.
.
.
.