راجل عجوز وجسمه مليان تراب، وملابسه قديمة متعفرة، ماشي ناحية عربية أكرم اللي موجودة في المقابر..
كانت الشمس طلعت، وأكرم لسة مغمى عليه على الأرض، من لحظة ما سقط من طوله، ولاقيس تركته وحده ومشيت..
الراجل وقف عند أكرم وبدأ يفوقه..
_ يا أستاذ .. يا أستاذ .. قوم يا أستاذ..
أكرم فتح عينيه، بيبص حواليه، لقى نفسه نايم ع الأرض، وهدومه كلها تراب، ووشه مليان تراب، ونور العربية لسة شغال، والمفاتيح ع الأرض جنبه..
بدأ يدعك في راسه، مش قادر يستوعب اللي بيحصل..
الليلة كانت مرعبة..
وقف أكرم وهو بيبص على الراجل..
_ أنا فين؟
_ انت في المقابر يا ابني .. ايه اللي جابك هنا؟
_ انت مين؟
_ أنا الحفار اللي ماسك كل القبور دي، انت ايه اللي جابك هنا؟
_ خليك في حالك .. وابعد من سكتي..
أكرم بيدفع الراجل من قدامه .. والراجل وقع على الأرض..
بدأ أكرم يتحسس في جيوبه، بيدور على مفاتيح العربية، مش شايف إنها على الأرض..
الراجل قام ينفض هدومه.. ومشى ناحية أكرم..
_ هو انت ليه بتزقني كده؟ هو انا عملت لك حاجة يا ابني؟
_ ابعد من وشي يا عم الحاج علشان مش شايف قدامي..
_ ما انت لو شايف قدامك، كنت عرفت مفاتيحك فين..
الراجل مشى على أول مقبرة قصادة عربية أكرم .. وبسرعة غريبة حفر المقبرة، وفتحها.. مد يده جوة المقبرة، وطلع جثة ملفوفة في كفن أبيض..
عين أكرم جات على الراجل، وشافه بيطلع الجثة من القبر، ووقف يبص عليه..
_ انت بتعمل ايه؟ بتطلع جثة الميت ليه؟
الراجل العجوز بدأ يحل الكفن من الجثة، ويبص على أكرم بمنتهى اللامبالاة، ويجاوب على سؤاله بمنتهى البساطة ويقوله:
_ أصلي نزلت من غير ما افطر، وجعان شوية، هاكل أي حاجة من الجثة دي على السريع، وهرجعها مكانها.
أكرم وقف مذهول .. والراجل فك الكفن فعلا، وبدأ ياكل في الجثة..
_ يع يع يع .. كفاية قرف .. كفاية قرف..
الراجل العجوز رمى الجثة في الأرض واتحرك ناحية أكرم..
_ هو ايه القرف؟
_ انت بتاكل لحم إنسان ميت..
_ عادي يعني وفيها ايه؟
_ الميت ليه احترامه، ثم ان ده قرف..
_ انت نسيت نفسك يا أكرم ولا ايه؟ ده انت أكلت لحم ديمة مراتك وهي لسة عايشة، خلت البنت تنتحر بسببك.
أكرم هيتجنن .. اتسمر مكانه .. مش عارف ينطق .. فتح عينه .. فتح بؤه .. ومد وشه قدامه .. وضهره محني .. مش عارف ايه ده؟
الراجل العجوز بيضحك بصوت عالي..
_ هاهاهاهاهاهاهاها .. مستغرب اني عرفت حكاية ديمة؟
_ انت مين؟
فجأة الراجل العجوز اتحول .. بقى واحدة ست .. الست دي وشها محروق .. الست دي لاقيس .. أيوة هي لاقيس .. بالوش المحروق..
_ أنا لاقيس يا أكرم ..
أكرم بيبص ناحية القبر .. لقاه مقفول، ومفيش جثة ولا حاجة، ولاقيس واقفة قدامه بتضحك..
_ أنا عارف إن سنين أهلي سودة .. ارحميني أرجوكي، ارحموني..
_ أنا هسيبك النهاردة لحد الليل، لأني لسة مخلصتش تاري من المسكينة دي، ومن حقك دلوقتي انك تسألني تلات أسئلة، وأنا هجاوبك بدون ما أؤذيك..
أكرم ارتبك .. اتلخبط .. جواه ستين سؤال .. تسعين سؤال .. عايز يعرف حاجات كتير..
_ بس أنا عايز اسأل عن حاجات كتير.
_ لو اتكلمت في حاجة غير الأسئلة هقعد معاك اليوم كله النهاردة..
أكرم فاقد الوعي .. هي الأسئلة راحت فين؟ دي فرصة لازم يستغلها .. الأسئلة راحت فين..
_ السؤال الأول ديمة راحت فين؟ والسؤال التاني انتي زعلانة على ديمة أوي كده ليه؟ والسؤال التالت ماسكة فيا وفي صاحبات ديمة وسايبة الفاعل الأصلي ليه؟
_ هاهاهاهاهاهاهااهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها .. أسئلة عبيطة من واحد عبيط ..
اجابة السؤال الأول هتعرفها بكرة بالليل .. مفيش حد هيقول لك عليها..
اجابة السؤال التاني هتعرفها من لميس..
اجابة السؤال التالت هتعرفها من أخوك عمر..
.
.
لاقيس اختفت .. مشيت من قدامه .. أكرم هيتجنن .. دي شكلها هتقعد لي .. مش عارف حاجة .. يعني ايه اجابة السؤال الأول هيعرفها وحده .. هي ديمة راحت فين بجد؟ وليه لاقيس زعلانة أوي على ديمة كده؟ دي شيطانة وبنت شيطان، المفروض متكونش زعلانة على واحدة من البشر..
ايه ده؟ هو أخوه عمر هيعرف منين اجابة السؤال التالت، هي ليه لاقيس بتنتقم من أكرم ومن صاحبات ديمة، ومش بتنتقم من عادل اللي هو الفاعل الأصلي؟..
أكرم ركب العربية، ومشى بسرعة رهيبة رايح لأخوه عمر البيت في عز الضهر.
رضوى ورهف قاعدين في الكافيه، والاتنين وشهم مخطوف..
_ أنا هتجنن يا رهف، ازاي يحصل لنا احنا الاتنين نفس الموقف في نفس اليوم..
_ مش عارفة .. مش عارفة .. أنا بقيت مش عارفة أنام .. دايما صورة ديمة في خيالي..
_ أنا كنت هتجنن لما عرفت إن مي ماتت .. زعلت عليها أوي مع إني معرفهاش، بس النهاردة عرفت إنها في العناية المركزة ولسة عايشة..
_ أنا ندمانة على كل اللي عملناه ده يا رضوى، يا ريتني ما وافقت ع اللي انتوا عملتوه..
الويتر جاب اتنين قهوة، حطهم قدامهم، ومشى..
ظهرت لاقيس على الكرسي اللي قدامهم، والاتنين شافوها، وصرخوا..
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآء
_ كل واحدة تقعد مكانها..
الاتنين لسة بيصرخوا .. لاقيس بتبص عليهم بنظرات غضب، والاتنين ماسكين في بعض، حاضنين بعض وبيصرخ الاتنين في نفس واحد، والناس اتجمعت حواليهم تشوف ايه اللي حصل..
لاقيس صرخت في وش الناس من غير ما يشوفوها، والكل حس بالذعر والخوف، وبسرعة شديدة الكل خرج من الكافيه..
لاقيس شاورت لرضوى ورهف يقعدوا مكانهم..
.
.
_ هقول لكم كلمتين وهمشي، ولازم تسمعوهم..
الاتنين قعدوا مكانهم خايفين، زي ما يكون أمهم بتعاقبهم وبتقول لهم مش عايزة حد يتنفس.
حاجة غريبة، فنجانين القهوة بيطلعوا بخار، كأنهم على النار، وحالة غليان في الفنجانين..
_ رضوى خانت صاحبتها ديمة، علشان بتحب عادل ابن عم ديمة، وعادل طلب منها تساعده إنه يؤذي ديمة، اللي رفضت تتجوزه..
_ ءأ ءأ أنا مش بحب حد ولا ساعدت حد..
لاقيس مسكت فنجان القهوة .. ورفعته .. ودلقته في وش رضوى ..
رضوى بتصرخ .. الفنجان كان بيغلي .. بتصرخ .. بتحاول تمسح النار اللي في وشها .. مفيش فايدة .. جلد وشها بدأ يتاكل ..
_ القهوة بتحرق؟ أكيد بتحرق .. أنا عارفة .. بس مش أصعب من مية النار يا خاينة..
رهف بتترعش، حاطة إيدها في بؤها، متفاجئة م اللي بتسمعه عن رضوى..
.
.
كانت متخيلة إن رضوى عملت كده في ديمة علشان تساعدها، أول مرة تعرف إنها متفقة مع عادل على الخطوبة..
_ طبعا انتي زي الغبية وافقتي تساعدي عادل، لأنه لو بيحبك يا حمارة .. مكنش حس بالغيرة إن ديمة هتتجوز أكرم .. لو بيحبك يا حلوفة .. كان قال عنها في ستين داهية .. لأنه معاه ست ستها … بس انتي غبية .. مصدقة إنه بيحبك، وفي نفسك الوقت عايز ينتقم من واحدة كان هيموت عليها..
لاقيس بتبص على رهف..
رهف هتموت من الرعب .. واتفاجئت إن فنجان القهوة التاني كله في وشها .. لاقيس صرخت .. صرخات قوية ورا بعض، وهي بترش فنجان القهوة في وش رهف..
_ آآآآآآآآآآآآآآآآء .. يا ماما .. وشي بيتحرق … يا ماما..
_ هسسسسسسسسس .. مش عايزة أسمع صوتك
_ وشي بيتحرق .. الحقيني يا رضوى..
.
.
رضوى مش حاسة بنفسها، بتنفخ هوا من بؤها، بتحاول تخفف الألم اللي في وشها .. بتنفخ .. هوف هوووف هوووف..
_ رهف هانم .. الخاينة .. بتحب أكرم زي مي بالظبط .. وكانت دايما تتعمد تعدي من قدام شغله وتعمل نفسها متفاجئة إنها شافته .. وكانت بتعمل مليون محاولة علشان تفسخ خطوبته من ديمة .. وفي الآخر اتآمرت مع لميس وعادل عليه..
كلكم خاينين .. كلكم خاينين .. ده أنا اللي اسمي لاقيس بنت إبليس زعلت عليها .. صعبت على الشياطين .. لأنكم عملتوا فيها اللي مش بتعمله الشياطين..
لميس وسط أهلها، بتتغدى .. وسرحانة ..
قامت من مكانها .. راحت ناحية أوضتها..
بتفتح الباب .. لقت الأوضة ضلمة .. بتحاول تفتح النور .. مفيش فايدة..
الباب اتقفل ورا ضهرها .. طرااااااااااااخ..
يد قوية على بؤها .. بتكتم نفسها ..
النور اشتغل فجأة ..
.
.
لميس شافت حبل المشنقة متعلق في الأوضة عندها .. والكرسي تحته..
لاقيس كاتمة نفسها، وبتكلمه بمنتهى الغلظة..
_ لو صرختي أو اتكلمتي .. هشنقك .. هتموتي يا لميس..
لميس هزت راسها .. مش قادرة تتنفس..
لاقيس دفعتها على السرير..
لميس مرعوبة .. بطنها بتعمل أصوات غريبة من الخوف .. وجسمها بدأ يتلج .. سقعة .. حر .. عرق .. تلج .. بتبص على حبل المشنقة..
_ أرجوكي يا لاقيس .. أرجوكي يا لاقيس .. احنا أصحاب..
_ يعني انتي عارفة اننا اصحاب .. بس انتي خاينة .. خاينة كل اصحابك .. خنتي ديمة أعز صاحبة ليكي .. وخنتي اتفاقي معاكي يا لميس ..
عارفة اللي يخون لاقيس بيحصل له ايه يا لميس..
_ لاقي لاقيسسس .. لاقيس .. أنا بحبك .. وانا على عهدي معاكي .. عمري ما فكرت أخونك يا لاقيس ..
لاقيس فتحت عينيها .. وبكل شراسة حطت صوابعها في عين لميس اليمين وبدأت تضغط عليها..
_ انتي خاينة يا لميس .. خاينة .. اللي عملتيه في لاقيس ده خيانة ليا .. خيانة ليا..
لميس بتصرررررررررررررخ
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآء..
قصة العروسة المشو هه. الجزء الثامن الأخير
.
.
.
.