رواية صدمة فرح الفصل الثالث 3 بقلم سيد المطعني
الأوراق موجودة على ترابيزة السفرة زي ما قال لي بالظبط..
سحبت كرسي، وقعدت عليه، وفتحت الدوسيه، لاقيت نسخة من الكتاب الأصفر،
نفس العنوان ونفس الكاتب «رواية جرعة نكد» الكاتب سيد داود المطعني..
ركنت الكتاب على جنب، وبدأت أقرأ الأوراق اللي سايبها، وكلها مغلفة بغلاف شفاف يحميها، معظمها أوراق وعقود مكتوبة باللغة الألمانية، طبعا ركنتها لأني معرفش غير إنجليزي، وانجليزي بتاع مدارس كمان، يعني آخري أقول «my name is Farah» .. ولاقيت تحتهم ورقتين مكتوبين باللغة العربية..
أول ورقة كانت عبارة عن صورتين من عقد جوازه منها، نسخة باللغة العربية ونسخة بالألمانية، وبند في العقد بيحرمه من الزواج بأخرى ما دامت مراته الألمانية على قيد الحياة..
وورقة تانية مكتوبة على يد محامي مصري لعقد شراكة بينه وبينها في إنشاء أبراج داخل القاهرة، بحيث يكون ليها خمسة وسبعين في المية وهو ليه خمسة وعشرين في المية بس منها..
يا نهار ابيض، يعني كمان الأبراج مش ملكه، وهي صاحبة نصيب الأسد فيها..
ظرف جواب أبيض مقفول ومكتوب عليها حبيبتي فرح، فتحته بسرعة ولاقيت فيه جواب مكتوب بخط اليد، ومن حسن حظي إن عادل خطه حلو، فتحت الجواب وقرأته، وكان مكتوب فيه:
حبيبتي فرح..
أنا مش عارف أقول لك ايه بصراحة، أنا آسف جدا على كل اللي المأساة اللي انتي عايشة فيها بسببي..
أنا عملت كل ده علشان كان حلمي حياتي أخليكي تعيشي في مستوى يليق بيكي،
وكنت أقدر أعمل ده من شغلي..
لكن بعد اللي حصل الدنيا ضاقت في وشي، ومفيش قدامي غير السفر والزواج من الست دي..
هي بعتت لي التذاكر وخلصت لي كل الإجراءات اللازمة، والتوينز اللي أخدته منك اشتريت بفلوسه لوازم السفر لأني حرفيا كنت متشفر، ومش هاين عليا آخد فلوس من البيت في الظروف الصعبة دي..
.
.
ولما سافرت يا فرح، لاقيت أمها وباقي أسرتها بيفرضوا عليا شروط تعجيزية للارتباط بيها، والأوراق عندك نسخ أصلية من كل العقود..
شروط تحرمني من السفر بدون موافقتها، تحرمني من الزواج عليها طول ما هي عايشة، وكمان خلوني أشتغل عندها في شركة الأثاثات بتاعتها وبمرتب كبير جدا..
ولما اقترحت عليها نعمل مشروع تشييد أبراج في القاهرة والمشروع يكون باسمي، لاقيتها بتوافق بسرعة، وخلت الأرض باسمي، والمشروع مشترك بحيث يكون لها النصيب الأكبر، وواخدة عليا شيكات محتفظة بيها عندها بقيمة الأرض وبقيمة نصيب ال ٢٥ في المية بتاعي..
على فكرة يا فرح..
أنا كنت نازل اتجوزك فعلا وبدون علمها، ولما حددت ميعاد السفر اتفاجئت إنها بتراقب اتصالاتي بأسرتي، وبتراقب الواتساب والتليجرام والماسنجر، وبتراقب حتى الأبلكيشنات اللي على الفون بتاعي، مش عارف اعمل حاجة من وراها..
وواجهتني بكل ده،
وصممت تنزل مصر علشان تمنع الجوازة دي، وهددتني إنها هتشردني لو فكرت أتمم الجواز وهتطالبني بقيمة الشيكات، ده غير إنها تقدر تلفق لي أي مصيبة في ميونيخ..
.
.
أنا بقيت أسير الست دي لحد ما تموت يا فرح، من يوم ما حالتها النفسية والصحية اتحسنت،
وهي متحولة لكائن تاني خالص، كائن متو. حش مفتر…… ، أناني، ومش عايز تفرط فيا،
واللي غايظني أنها اتمسكت بيا أكتر يوم ما عرفت أني نازل مصر علشان اتجوزك..
سامحيني يا فرح، أنا كتبت كتابي عليكي وانا مخبي عنك كل ده،
لأني مش قادر أتخيل أنك تكون عروسة جنب حد غيري،
.
.
ولا زوجة لحد غيري، وانا هعمل المستحيل علشان أعوضك،
هعمل المستحيل علشان أتخلص من السجن اللي فيه ده وانزل لك..
للأسف كنت عايش على أمل أن عمرها في الحياة دي مش هيزيد عن ست شهور أو سبع شهور،
معرفش إن الطب عندهم أقوى من الكانسر، و دي ضريبة الطمع، هفضل أدفعها العمر كله..
.
.
مش عارف أوصف لك مدى القرف اللي انا عايش فيه هنا، ولولا خوفي عليكي وعلى أهلي كنت سبتها ونزلت، لكني مش عارف اتوقع رد فعلها ايه، خصوصا إني مطالب بشروط جزائية أكبر من إمكانياتي.
فرح..
أنا بحبك، وزعلان على زعلك، وزعلان على نفسي أكتر، لكن عندي أمل نكون لبعض، وعلشان أثبت لك حسن نيتي، افتحي كتاب «جرعة نكد» اللي ع الترابيزة عندك، هتلاقي ورقة في الصفحة اللي بتتكلم عن «قانون حبس الزوجة النكدية»..
افتحي الورقة، الورقة دي يا فرح فيها تعويض كافي ليكي يعوضك عن كل الأسى اللي شفتيه معايا..
.
.
وأكيد دلوقتي عرفتي ليه أنا مش بكلمك فون او واتس أو مسنجر، وده علشان مراتي..
ياريت كمان متخليش أمي وابويا واختي يعرفوا حاجة عن الشقة دي، وعن اللي هتشوفيه في الورقة دي دلوقتي..
وعلى فكرة، بعد ما ترجعي، ممكن أختي تطلب منك رواية جرعة نكد للكاتب سيد داود المطعني،
كأنها عايزة تستعيرها..
ياريت تاخدي اللي ع الترابيزة دي معاكي علشانها، وتحتفظي باللي تحتها خطوط حمراء علشان مفيش حد يفهمها غيرك..
فرح..
هتوحشيني لحد ما اقابلك …
ولو اتكتب عليا أترمي في السجن في ميونيخ، ياريت تشوفي حياتك، وتفتكريني بالخير..
خالص تحياتي/ عادل
ياااه، ايه كل ده يا عادل، ده انت وقعت في م. افيا، أنا مش قادرة أستوعب اللي بيحصل ده،
ياريتك اشتغلت اي حاجة في مصر، كان أحسن من البهدلة دي كلها..
فتحت كتاب جرعة نكد، ولاقيت الورقة، لاقيت فيها كلام مكتوب:
مفاتيح الشقة اللي في يدك فيها المفتاح الوحيد لغرفة المكتب،
وأرقام الخزنة هي نفسها أرقام صفحات الكتاب اللي فيها الخطوط الحمراء..
أنا بصراحة مش فاهمة ليه التعقيدات دي كلها، الحياة اللي عايشها عادل خلته بقى أوڤر خالص..
روحت الغرفة، وفتحت الخزنة، لاقيت فيها فلوس وشوية ورق..
ورقة موثقة بيقول فيها إنه لو منزلش مصر لحد سنة من تاريخ كتب كتابنا، أبقى أعتبر نفسي طالق..
وورقة فيها تنازل منه ليا عن الشقة في حالة عدم نزوله مصر في نفس الفترة دي..
وورقة بيقول لي فيها إن الفلوس دي عشرين ألف يورو، مصاريف شخصية ليا لحد ما يرجع بالسلامة..
بجد مش عارفة أزعل ولا أفرح، حالة متلخبطة، خوف ويأس وإحباط وأمل وفرح وأمان ورعب.
خلاط مشاعر خلاني عايشة في كابوس، وخايفة أوي على عادل، اللي بيحاول يأمن لي حياتي رغم كل المخاطر اللي هو ليعيش فيها..
أنا مش زعلانة إنه دبسني في كتب الكتاب من غير ما يحكي لي، لأني باختصار أنا مطمنة إني بتعامل مع راجل مش ناسيني في كل تصرفاته..قفلت الشقة، بعد ما خليت فيها الرواية أم خطوط حمرا،
وأخدت معايا الرواية التانية اللي من غير خطوط، وأنا متشوقة أقرأ بقية الرواية دي، وأشوف ايه القانون ده اللي بيحبس الزوجة النكدية..
وأول ما وصلت البيت، لاقيت أخته منتظراني فعلا، وشافت الكتاب في ايدي..
واتضح أن عادل كان عنده حق، أخته هتموت وتعرف ايه الكتاب ده اللي وصى إنها تسلمهولي متغلف كده..
اتكلمنا كتير، وفي نص الكلام قالت لي:
_ بس أكيد عادل سايب لك رسالة مهمة في رواية جرعة نكد دي
_ عادل خايفني أكون زوجة نكدية، راح بعت لي الرواية دي علشان أتعلم منها
_ وهو سيد داود المطعني هيعلم الستات في رواياته ازاي متكونش نكدية؟
_ مش عارفة، بس أنا لاحظت إن في واحد من ابطال الرواية اسمه عادل، و ده مراته نكدية وبتتقمص كتير
_ ممكن تسلفيني الرواية كام يوم اقراها
_ وماله يا حبيبتي، خديها، ولو انها هدية من عادل
_ تسلم لي يا قمر
سبتلها الرواية، خليها تدور ع السر اللي سايبه أخوها فيها، لما تشوفها هتقول ايه بعد ما تخلصها..
هي أخدت الرواية ومشيت، وكأنه بابا وماما منتظرينها تمشي،
ولاقيت بابا فجأة بيقول لي أنه سيرفع قضية على عادل وهيطلقني منه بالمحكمة
_ ليه يا بابا كده؟
_ علشان طلع ولد مهزأ، عديم الرباية، وهرب بعد منك يوم الفرح وسافر برة
_ بس عادل مهربش يا بابا، والدليل أننا كتبنا الكتاب
_ كتب كتاب ايه؟ ده ولد حقير، بيتلاعب بينا علشان سحلية ألمانية تصرف عليه وعلى أهله، أنا مستحيل أخليكي على ذمته بعد النهاردة..
وخرج بابا يشوف محامي يرفع لنا قضية، ويطلقني، ويطلب كمان تعويض..
واتضح إن بابا سمع من حد إنه من حقه يطلب تعويض.. وبابا للأسف طمعان في التعويض، وفي ستين داهية فرح ومشاعر
فرح..
ومش عارفة اعمل ايه؟ مع اني لو قلت له أن عادل ساب لي شقة وفلوس، هبقى كشفت سر عادل،
وبابا هيستولى ع الشقة..
ولو خليته يرفع قضايا على عادل، ممكن مرات عادل تعرف أنه كتب عقده عليا،
وتشرده في بلادها هناك، وأخشى عادل للأبد..
رواية صد. مة فرح. الجزء الرابع
.
.
.
.