الجزء التانى……..
أول ما عادل وصل المطار كانت مراته الألمانية معاه، جاية تعيش فترة نقاهة في مصر، ومصممة إن عادل يروح معاها شرم الشيخ، وينزل جيست في القرية اللي كان يشتغل فيها جرسون.
طاب ازاي، احنا فرحنا بعد يومين، والهانم عايزة تقضي أسبوع كامل في شرم الشيخ، وعادل مستحيل يقدر يقول لها إنه قرر يتجوز تاني في مصر، وإلا ممكن تلفق له م. صيبة سو. دة.
أقنعها بصعوبة إنها تسبقه على شرم الشيخ، وأنه هيروح يسلم على أهله وبعد كده يسافر وراها، لكنها صممت كمان تروح تسلم على أهله معاه، وتقابل أبوه وأمه واخته وتتعرف عليهم..
واتصل بيا يعتذر لي، ويقول لي أنه مش هيروح يسلم على اهله، بس مراته معاه ومش هيقدر يروح يسلم عليها، ولحد اللحظة دي مش عارف هيعمل ايه في الفرح..
أنا اتنرفذت جدا، وبدأ الطفح الجلدي يظهر على وشي، أهو كل ما اتعصب الجلد يطفح، وقفلت الفون في وشه..
المسكين حاول يتصل كتير علشان يبرر الموقف لكن أنا قفلت في وشه كل الخطوط.
وفجأة..
جات لي فكرة، قمت اتصلت بيه أقولها له يمكن تنجح..
قلت له يبلغ مراته إن الشارع اللي جنب بيتهم، فيه مصنع أسمدة كيماوية، وبيطلع ريحة وحشة جدا، والمصنع ده خطر جدا على صحتها، خصوصا إنها طالعة من عملية كان.. سر وده ممكن يهيج خلايا الس…. عندها يجيب أجلها..
عادل كان سعيد بالفكرة، ووصف لمراته الكلام ده، وقال لها أننا متعودين ع الحياة بالقرب من المصنع، ومش هينفع هي تروح معاه، واقتنعت مراته أنها تغور في داهية على شرم الشيخ لوحدها، وهو يزور أهله..
وفعلا جه عادل، وكان لقاء كله دموع وفرح، ومشاعر متلخبطة، ومأذون وكتب كتاب وزغاريد، وفرحة ما بعدها فرحة.
عادل كان مخبي حاجة جواه مش عايز يقول عنها، حاجة بتخليه دايما سرحان، دايما بيدمع، ومستكتر على نفسه الفرحة، وخايف..
قال لي إنه اشترى شقة في القاهرة، وكتب لي عنوانها، وساب لي نسخة من المفاتيح، وقال ان مراته متعرفش حاجة عنها..
.
.
وقال لي:
_ الشقة دي جاهزة من كل حاجة يا فرح، واحتمال تكون هي عش الزوجية لينا مدى الحياة
أنا استغربت, وقلت له:
_ احتمال! احتمال ليه يا عادل؟ هو مش احنا المفروض هنتجوز فيها؟
لاقيته خايف ومتردد وبيقول إنه مستحيل يقدر يتجوز بشكل رسمي طول ما مراته الألمانية معاه في مصر، وهو كويس خالص إنه قدر يكتب الكتاب ويضمن إننا بقينا لبعض..
_ مستحيل؟ مستحيل ليه؟ هي مراتك الألمانية دي ماسكة عليك ذلة ولا إيه؟ مالك يا عادل؟
عادل بكى زي الطفل وسابني ومشي، وكانت حالتي صعبة، ووقعت من طولي، ومكنتش حاسة بالدنيا غير وانا في المستشفى..
كل شيء راح، لا بقى في فرح، ولا معازيم، ولا عادل….
وياريتني كمان حرة، ده انا اتكتب كتابي على عادل وبقيت مراته رسمي، ومش هقدر أخلع منه إلا إذا طلقني..
روحت أسأل عنه في بيتهم:
_ عادل فين يا طنط؟
_ عادل راح شرم الشيخ، ومن هناك هيسافر ألمانيا..
.
.
_ ولما هو مش ناوي على جواز كان بيكتب كتابه عليا ليه يا طنط؟ بيعمل فيا كده ليه يا طنط؟
_ كلها سنة ويرجع ويتجوزك يا بنتي، عادل بيحبك، ومش عايز يفرط فيكي أبدا..
أخته كانت سامعة حوارنا، وخرجت من أوضتها ماسكة كتاب أصفر، متغلف بكيس أبيض شفاف..
_ فرح، كويس انك هنا، أنا كنت لسة جاية البيت عندك
.
.
«قدمت لي الكتاب الأصفر»
_ عادل محملني أمانة إني أسلمك الكتاب ده، وبيقولك لو فعلا بتحبيه، لازم تقرأي الرواية دي من أولها لآخرها بتركيز عالي.
أخدت منها الكتاب، ورجعت بيتنا، ومش عارفة ليه كده حسيت إن عادل عايزني أفهم حاجة من الكتاب ده من غير ما أهله يعرفوها، هو متعود على الطرق دي في تعامله معايا من زمان..
.
.
رجعت البيت، فتحت الكيس الأبيض، لاقيت كتاب بعنوان «رواية جرعة نكد» تأليف سيد داود المطعني،
دار ببلومانيا للنشر والتوزيع..
بدأت اتضايق أكتر، هو أنا نكدية علشان عادل كمان يسيب لي رواية اسمها جرعة نكد، هو مصمم يستفزني حتى بعد ما مشي مع السنيورة بتاعته..
.
.
بس مش بعيد يكون في حاجة في الرواية هو متأكد إني هلمحها، وافهم منها عايز ايه..
بدأت فعلا قراءة في الرواية، واندمجت في الأحداث، واتفاجئت أنها رواية ساخرة، وضحكت على مواقف كتير منها رغم الغلب والأسى والقهر اللي انا كنت فيها..
وفجأة..
في صفحة ٩ لاقيت خط أحمر تحت كلمة «ورقة»
مش عارفة ليه شكيت إنه عايز يكتب لي رسالة بالخطوط الحمرا دي..
بس لو هو عايز يبعت رسالة فعلا، كان بعتها واتساب، أو ماسنجر، أو حتى SMS ليه شغل الألغاز ده، ليه مش بعتها مع أخته مثلا..
المهم..
بدأت أقلب صفحات الرواية أجمع منها باقي كلمات الرسالة اللي عايز يبعتهالي ..
وفعلا في صفحة ١١ لاقيت خط أحمر تحت كلمة إقرار، وفي صفحة ١٣ خط أحمر تحت كلمة حقك، وفي صفحة ١٥ خط أحمر تحت كلمة موجودة، صفحة ٢٣ خط أحمر تحت جملة على ترابيزة السفرة،
صفحة ٣١ خط أحمر تحت جملة الخاصة بي، صفحة ٣٢ تحت كلمة في، صفحة ٣٤ خط أحمر تحت كلمة شقة القاهرة..
جمعت الكلمات كلها في جملة واحدة، فكانت «ورقة إقرار حقك موجودة على ترابيزة السفرة الخاصة بي في شقة القاهرة»
يا الله!!
كأن عادل حافظ رواية جرعة نكد ل سيد داود المطعني، لدرجة إنه قادر يحط لي رسالة في خطوط تحت كلماتها وجملها..
أنا عارفة عنوان الشقة، ومعايا نسخة من المفتاح، وقربت أتجنن خلاص من تصرفات عادل..
ورقة ايه؟ وحق ايه؟ وليه مش بعت الرسالة مع حد؟ ليه مش قال لي لما كان معايا؟ ليه سافر فجأة؟ هو ايه اللي بيحصل؟ والست الألمانية دي مالها؟
قررت خلاص أروح للشقة دي بنفسي، من غير ما اقول لحد، واللي يحصل يحصل، مفيش خراب اكتر م اللي انا عايشة فيه..
وفعلا..
وصلت البرج اللي واخد فيه الشقة، بسأل البواب عنها أسئلة عابرة، لاقيته بيقول إن اللي اشتراها دفع فيها ستة مليون جنيه..
مبلغ كبير جدا، مستحيل تكون مراته دفعتهاله، ده كفاية الأبراج اللي مامته بتقول عليها..
طلعت فوق، فتحت الشقة، وروحت لترابيزة السفرة، لاقيت دوسيه فيه أوراق..
وتقريبا بدأت أفهم كل حاجة..
سيد داود المطعنى.
رواية صد. مة فرح. الجزء الثالث
.
.
.
.