رواية جبر السلسبيل. الجزء السابع والثامن عشر

الفصل ال17..
جبر السلسبيل..
✍️نسمة مالك✍️..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

“بخيتة”..
كانت تقف على باب غرفة “سلسبيل” تتجسس كعادتها، لكنها لم تستمع لحديثهما بسبب صوتهما الخفيض، فتحت باب الغرفة دون سابق إنظار و دارت بعينيها تبحث عنهما، كان “عبد الجبار” يجلس بجوار زوجته على الفراش، منفصلان عن العالم حولهما بنظرتهما لبعضهما، كلاً منهما يذوب بعين الأخر..

نظرته لها نظرة عاشق أرهق قلبه البعاد، و نظرتها هي له نظرة تائهه في بحر الحرمان و أخيرًا و جدت بر الأمان،

يلجم نفسه عنها بصعوبة بالغة، لوجود ابنتيه معه في الغرفة، لولهما لكان انقض عليها و التهمها كما لو كانت أشهى المؤكولات التي حصل عليها في حياته بأكملها،

لم ينتبه على الإطلاق ل “بخيتة” الواقفة تتابعهما بنظرات يملؤها الغيرة، و الحقد الدفين على “سلسبيل”،تطلع لهما بأعين متسعة على أخرها حين وجدت ابنها يميل بوجهه على شعر زوجته و يأخذ نفس عميق غالقًا عينيه باستمتاع،

و يمطرها بقبلات متتالية على خصلاتها الحريرية و هو يهمس لها بكلمات غزل تداعب أنوثتها، و تجبرها على الابتسامة وهي تدفن رأسها بصدره مردده اسمه بخجل..

“عبد الچبار!!!!”..نطقت بها “بخيتة” إعادتهما للواقع من جديد، انتفضت “سلسبيل” بفزع و أسرعت بالاختباء داخل حضن زوجها،
بينما هو لم تهتز شعره واحده من رأسه، بل ضم زوجته داخل صدره بلهفة و يده تربت على شعرها و ظهرها برفق مغمغمًا..
“خير يا أمه؟”..

“اممم كل خير يا ولدي”.. دمدمت بها و هي تسير نحوهما حتي توقفت بجوار “سلسبيل” التي انكمشت على نفسها داخل حضن زوجها،

و قد ظهر الضيق على ملامحها الشاحبة، و بدأ صوت أنفاسها يعلو بعدما شعرت بالهواء يتلاشي من حولها خاصةً حين لمحتها تستعد للجلوس بجوارها و بالتأكيد لن تتوقف عن لكمها في الخفاء كما تعودت منها على مثل تلك الأفعال الحمقاء..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

تفهم زوجها سبب ضيقها، و داهمته ذكري أفعال والدته معاها في السيارة وقت عودتهم من الصعيد فحملها بين يديه فجأة جذبها عليه جعلها تشهق بقوة حين وجدت نفسها تجلس على قدميه،

تطلعت له مذهولة و قد لجمتها الصدمة و هي تراه يتحرك بها حتي أصبح هو بمكانها بجوار والدته، و وضعها على مهلٍ متعمد ملامسة جسدها بجسده بحميمية زلزلت كيانها كله دفعه واحدة..

“وه بتبعدها عني ليه.. هاكلها إياك!!”..
قالتها “بخيتة” بغضب و هي ترمقها بنظرات مشتعلة، لكنها لم تأبي لها “سلسبيل” مطلقًا فقد كانت تجاهد لتلتقط أنفاسها التي سلبها زوجها بعد فعلته الجريئة معاها..

جلس “عبد الجبار” بأريحية ساحبًا الغطاء عليه هو وزوجته، و ذراعه مازال ملتف حول خصرها يوشم بأنامله عليه بلامساته الخبيرة، و برغم قربها الذي يفقده صوابه إلا أنه تحدث بثبات قائلاً..

“أني رايد أكون بناتكم أكده يا أمه فيها حاچة دي.. ولا أنتي معوزاش تقعدي چاري”..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

ربتت” بخيتة ” على كتفه و هي تقول..
“معوازش غير أني أكون چارك أنت و ولادك يا ولدي..

و مستنيه اليوم اللي ربنا يمن عليك فيه ويرزقك بالواد اللي يشيل اسمك واسم أبوك و يكون سند ليك و لبناتك يا ضنايا “..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

رغم اللامبالاة التي تزين محياة، يظهر عكس ما بداخله و أنه غير عابئ لحديثها إلا أنه يتمني و يدعو من صميم قلبه ليري ابن له من صلبه يحمل أسمه، شعرت” سلسبيل ” بتشنج جسده حولها،

و يده التي سارت ببطء، و حرص شديد حتى قبض على كفها و ضغط عليه بخفة كانت بمثابة ضغطه على قلبها يخبرها بها أنه يريد أبنه منها هي ..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

في حين أنها تتمني أن تصبح أم لطفله أكثر منه، و لوهلة تخيلت أنها تحمل في احشائها مولودها من الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأجله..

أغمضت عينيها بابتسامة دافئة و قد شعرت بفرحة غامرة من مجرد التخيل فقط، لينتشلها صوت “بخيتة” البغيض من أحلامها الوردية، و تصفعها صفعة دامية بحديثها القاتل حين قالت ..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

“بس هيچي منين الواد و أنت يا نضري متچوز اتنين حريم زي قلتهم.. واحده قطعت الخلف بدري”..

نظرت ل “سلسبيل” و تابعت بجملة كادت أن تزهق روحها من شدة الوجع التي شعرت به..

“و التانية مَراتك الخبيثة وافجت على چوازك منِها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك”..

باقي الفصل ال17..
جبر السلسبيل..
✍️نسمة مالك✍️..

بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

“أحيانًا نقابل الشخص الصح بالوقت الخطأ” مقوله ألقاها أحدهم على سمعي ذات مرة، و كان ردي عليه أنه من حكمة لا نعلمها نحن إننا قابلنا هذا الشخص بهذا التوقيت الصعب من وجهة نظرنا المحدودة،

ربما أرسله لنا الله ليكون يد العون، و السند الذي ظللنا نبحث عنه طيلة الوقت، كما يحدث الآن مع أبطال روايتنا،

فبعد عذاب دام سنوات ل “سلسبيل” على يد والدها، و من ثم زوجها الأول، شاء القدر لتكون زوجة ثانية لرجل متيم بها عشقًا منذ المؤهلة الأولى التي وقعت عينيه عليها بها،

بينما هي تائهه، متخبطة بين مشاعرها و جراح قلبها الغائرة، تتلهف للأمان الذي يغمرها به زوجها يجعلها تتحترق شوقًا لقربه، و هو أشد شوقًا منها إليها، حتي أصبح على وشك أن يفقد عقله بعدما فقد قلبه بحوزتها..

كان “عبد الجبار” يجلس على الفراش الوثير أسفل الغطاء مع زوجته “سلسبيل” و “بخيتة” والدته تجلس بجانبه ، ملتف بذراعيه حول خصر زوجته، محاوطها بحماية غير عابئ لنظرات “بخيتة” المتوهجة بنيران الغضب

التي ترمق بها “سلسبيل” التي تشبثت بل اقتربت من زوجها حد الإلتصاق دافنه وجهها بصدره العريض،

انفجرت بأوردته “عبد الجبار” حمم بركانية من قربها هذا المدمر لجميع حصونه المانيعه، مما دفعه لضمها له أكثر حتي أصبحت بمثابة ضلع من ضلوعه، و كم تمنى في هذه اللحظة لو أن والدته تتحلى بقليل من الذوق و تغادر غرفتهما غالقة الباب خلفها حينها لن يفكر مرتين

و سينقض بكل تأكيد على معشوقته الصغيرة يلتهمها دفعه وحده لعلها تخمد تلك النيران المتآججة بقلبه بفضلها..

“مَراتك الخبيثة وافجت

على چوازك منِها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك”..

كانت هذه جملة قالتها “بخيتة” أعادت بها “سلسبيل” إلى واقعها المرير، تصلب جسدها فجأة تحت يد زوجها بعدما كانت شبه منصهرة أثر لمساته الجريئة مستغل وجود الغطاء فوقهما،

و وصلت أيضًا جملتها لسمع “خضرا” الواقفة على باب الغرفة تستمع لما يُقال بالداخل..

شهقت بصوتٍ خفيض، و لطمت خديها بقوة و قد تأكدت ظنونها و علمت أن حماتها استمعت لحديثها مع الطبيب المعالج لسلسبيل، وهمست محدثة نفسها بخفوت..

” منك لله يا بخيتة..ربنا ينتقم مِنك يا وليه يا قادرة”..

.. فلاش باااااااااااك..

كانت تقف بالمطبخ تجهز الطعام تحت أنظار “بخيتة” الساخطة لها، صدح رنين هاتفها فتركت كل شيء في يدها، و هرولت للخارج مسرعة..

“وه وه رايحة فين يا واكلة ناسك.. هتهملي الوكل على النار إياك لأجل ما تردي على المحروق اللي في يدك!! “..

“هبابه و راچعالك طوالي يا أمه”..

أردفت بها و هي تضغط زر الفتح و تتحدث بلهفة قائلة..
“أيوه.. أني معاك اتحدد قوام”..

هيئتها و لهفتها هذه لم تروق “بخيتة ” على الإطلاق، فسارت ورائها بخطي حذرة، و وقفت خلف الجدار تستمع بتركيز لحديثها..

أتى صوت الطبيب المشرف على حالة “سلسبيل” يتحدث بعملية قائلاً..
” للأسف يا مدام خضرا نتيجة الفحوصات أكدت أن حالة مدام سلسبيل صعبة جدًا، و قلبها ضعيف ميقدرش يستحمل لا حمل و لا ولادة”..

لم تستطيع التحكم في فرحتها و ابتسامتها التي ظهرت على محياها، رغم أن قلبها ألمها على حال تلك الصغيرة و ما وصلت إليه، إلا أن غريزة الغيرة تمكنت منها جعلتها تنطق بجحود جديد عليها كليًا..

” أنت متوكد يا دكتور من حديتك عاد يعني البنته متقدرش على الحمل واصل؟؟”..

“يؤسفني أقولك أنها مش بس متقدرش على الحمل.. دي متقدرش على العلاقة الزوجية اصلاً.. تعتبر إجهاد على قلبها في الوقت الحالي”..

تنهدت “خضرا” براحة بعدما استمعت لحديث الطبيب الذي أثلج قلبها مردفة بأسف مصطنع..
” يا عيني عليها.. يعني أكده يبقي ملهاش في الجواز من أساسه يا دكتور مش أكده “..

“بالظبط كده يا مدام.. وأنا هبلغ عبد الجبار بيه بحالتها لما يجي انهاردة”..

قالت” خضرا ” بندفاع و قد ارتفع صوتها قليلاً دون إرادتها.. “لع لع متجبش سيرة لعبد الچبار بحديتك ده إلا هو متزرز قوي انهاردة و مش طايق خلجاته و لو قولتله أن البنتة حالتها خطرة أكده مش بعيد يطبق في زمارة رقبتك..

فلو سألك قوله لسه نتيجة الفحوصات مطلعتش وإني هبقي أخبره بطريقتي بعد ما نيچي نطمن عليها و نعاود للدار”..

“اححم حيث كده حضرتك بلغيه بمعرفتك في أقرب وقت إذا سمحتي لأن الباشا خلقه ضيق جداً و مبتكلمش غير بأيده زي ما حضرتك عارفه”..

“متشلش هم يا دكتور.. أني هقوله بنفسي.. مع السلامة “.. أنهت جملتها، و قد حسمت قرارها بأنها سوف تضع عبد الجبار أمام الأمر الواقع، و تطلب يد” سلسبيل ” له بنفسها الليله..

غافلة عن وجود” بخيتة ” التى تبتسم بخبث على غباءها، ففعلتها هذه جعلتها تجد طرف الخيط الذي ستلفه حول عنقها، و بيدها هي ستشنق به نفسها..

…. نهاية الفلاش بااااك..

أصطك “عبد الجبار” على أسنانه بعنف كاد أن يهشمها من شدة غضبه بعدما كلمات والدته الجارة لزوجته، فتح فمه و هم بالرد عليها إلا أنه اطبقه ثانيةً حين اعتدلت “سلسبيل” بجلستها مبتعدة عنه ببعض العنف

رغم وهن و ضعف جسدها الهزيل، و نظرت ل “بخيتة” بابتسامة مصطنعة مرددة بقوة ذائفة..

“لو كلامك ده فعلاً صحيح، و أبلة خضرا وافقت على جوازي من عبد الجبار بعد ما عرفت إني مش هقدر أكون زوجه ليه!!”..

صمتت قليلاً تلتقط أنفاسها المجهدة، بينما تأهبت جميع حواس “عبد الجبار” الذي يتطلع لها بنظراته العاشقة، و الخوف و اللهفة عليها تمليء قسماته العابسة من حديث والدته..

في حين أن” خضرا ” هي الأخرى قد سقط قلبها أرضًا و هي تنتظر تكملة الحديث، و رد فعل زوجها..

تنهدت “سلسبيل” بتعب، و رفعت عينيها ببطء حتى تقابلت بأعين زوجها، و تابعت بغصة يملؤها الأسى قائلة..
“هيبقي من حقها و مش هلومها على اللي عملته”..

تعمقت النظر داخل عينيه، و تأملت ملامحه الوسيمة رغم صلابتها مكملة..

“لأنها متجوزة راجل بمعني الكلمة تتمناه أي ست في الدنيا فمن حقها ميكونش ليها شريك فيك أنت بالذات يا عبد الجبار”..

أطبقت “خضرا” جفنيها بعنف لتنهمر عبراتها على وجنتيها بغزارة، كلمات غريمتها أشعلت نيران قلبها أكثر، تتغزل بزوجها على العلن و تعترف أنها تتمناه يكن رجُلها..

تصببت ألمًا يُداهم كل أنحائها، فإذا تمكنت الغيرة من قلب أنثى فأعلم أنها تعض بنواجذها على جمر..

بينما “عبد الجبار” رفرف قلبه بين ضلوعه بفرحة غامرة بعدما استمع لحديث معشوقته، و رأي نظرتها الهائمة به، فضرب بكل شيء عرض الحائط،

و بلحظة كان جذبها عليه من خصرها أجلسها على فخذيه أمام أعين “بخيتة” التي اتسعت على أخرها من شدة صدمتها من جراءة ابنها أمامها..

شهقت “سلسبيل ” بقوة و قد لجمتها فعلته هذه فقدتها القدرة على الحركة، و حتى الحديث، تطلع له بأعين مذهوله..

ليرفع هو يده و يحتضن وجهها بين كفيه مغمغمًا أمام شفتيها المرتعشة بصوته الأجش..
“و إني بتمناكي أنتي”..

تنقل بعينيه بين عينيها و شفتيها مكملاً و هو يبتلع لعابه بصعوبة..

“بحياتي كلها ما تمنيتش قرب حد زي ما تمنيت قربك أنتي يا سلسبيل”..

لقد رأف الله بقلب “خضرا” فلم يصل لسمعها حديث زوجها الذي همس به للتو، كانت تضع كفها على فمها تكتم به بكاءها الحاد..

الفصل ال18..
جبر السلسبيل..
✍️نسمة مالك✍️..

“بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم “..

مر اليوم بسلام و عاد “عبد الجبار” يباشر عمله، و للعجب لم يتحدث مع “خضرا” على ما قالته له والدته عن فعلتها بحقه و حق من تعتبرها في مقام والدتها التي حُرمت منها،

لم يلمح لها عن الموضوع على الإطلاق، متفهم لأقصى حد مشاعرها و غيرتها العمياء عليه التي دفعتها إلى تلك الحيلة حتى تتأكد أنه لن يكن في يوم لأمراءة غيرها..

و لكن إذا ذاد الشيء عن الحد ينقلب للنقيض على الفور، غيرتها عليه تتصاعد و تجبرها على التفكير في فعل أشياء لم تخطر على بالها بيومٍ خاصةً بعدما قرأت ما يدور بذهن زوجها الذي ينوي تقسيم الأيام بينهما بالعدل..

هذا يعني أنه يريد قضاء الليل بأكمله مع غريمتها داخل غرفة مغلقة عليهما!!!

يا الله لقد جن جنونها من مجرد التخيل فقط، هي لم تنعم بنومٍ أمن إلا داخل ذراعيه،

منذ زواجهما و لم تبتعد عنه و لو ليلة واحدة، و إذا تأخر بعمله ذات مرة تظل مستيقظة حتى عودته..

الآن أدركت أن قرار موافقتها على زواج زوجها نبض قلبها هو أسوء بل أبشع قرار أتخذته بحياتها، حتي بعد حديثها مع الطبيب المسؤل عن حالة “سلسبيل” و ثقتها أنها ستظل زوجة علي الورق إلا أنها تشعر بلهفة زوجها عليها رغم براعته في إخفاء مشاعره حفاظًا على شعورها،

فهل سيظل محتويها هكذا و متفهم لغيرتها الزائدة عليه أم سينفذ صبره عليها و ينتصر شوقه لمعشوقته الصغيرة؟!..

…………………… لا إله إلا الله……
“سلسبيل”..

كانت تجلس داخل شرفة غرفتها، تتابع بنات زوجها الجالستان أمامها مشغولين بكتابة دروسهما، انبلجت شبه ابتسامة حزينة على ملامحها الجميلة الذابلة عندما لمحت أدوات الرسم بحقيبة أحدهما..

“ممكن أشوف كراسة الرسم و الألوان بتاعتك يا فاطمة”.. نطقت بها”سلسبيل ” بصوتٍ متحشرج بالبكاء، فأسرعت الصغيرة بالرد عليها و هي تخرج الكراس من حقيبتها برفقة علبة الألوان، و مدت يدها لها بهما مرددة..
“ممكن طبعًا يا خالة.. اتفضلي”..

مدت “سلسبيل” يدها المرتجفه، و أمسكتهما منها و هي تقول..
” ينفع أرسم لك حاجة في الكراسة، و لا المدرسة بتاعتك ممكن تزعل منك”..

“لا اطمني مافيش حد يقدر يزعلني واصل.. المدرسة كلها خابرة زين إني أبوي عبد الجبار المنياوي اللى بيخاف علينا ياما و زعله واعر قوي قوي”..

أردفت بها الفتاة بفخر و اعتزاز بوالدها، جعلت إبتسامة”سلسبيل ” تتسع حين ذكرت إسم زوجها الذي يحاوط الجميع بأهتمامه و خوفه عليهم،

و كم تمنت لو كان والدها يكن لها السند و الأمان لكنه كان هو من يتسبب دومًا في خذلها و طعن قلبها بسكينٍ بارد..

أطلقت زفرة نزقة من صدرها، و أمسكت الكراس و الألوان بلهفة طفلة صغيرة حصلت على لعبتها المفضلة، و بدأت تستعيد موهبتها المدفونة التي فصلتها عن العالم بأكمله و عن كل ما مرت به طيلة عمرها،

ظلت ترسم ببراعة رسامة محترفة رغم إنها توقفت عن الرسم تمامًا منذ سنوات طويلة،

“الله أنتي رسمك حلو قوي!!”..
قالتها “فاطمة” بانبهار و هي تطلع لرسمة “سلسبيل”..

“يله يا خيتي الوكل چاهز”..
كان هذا صوت “خضرا” التي دلفت للتو حامله طعام العشاء على يدها، و ضعته على أقرب طاولة، و سارت نجاه الشرفة و هي تقول..
“لازم تتغذي زين لأجل ما أعطيكِ دواكي “..

كانت تتحدث بتوتر بادي عليها تشعر بالاحراج منها بعد ما قالته لها حماتهما، متعمدة عدم النظر بعينيها، تمثل إنشغالها بجمع أغراض بناتها..

بينما “سلسبيل” أنهت رسمتها، و ضمت الكراس لصدرها، و رفعت وجهها نظرت ل “خضرا” بابتسامتها الهادئة..
“يا أمه خالة سلسبيل رسمها كيف الحقيقة بالتمام”..

تبادلت ملامح “خضرا” الحنون لأخرى غاضبة، و نظرت تجاه “سلسبيل” بابتسامة مصطنعة مدمدمة..
“امممم.. و يا ترى بترسمي على أية يا خيتي؟”..

قالت جملتها هذه و صوبت نظرها تجاه الكراس المستقر داخل حضن “سلسبيل”، و قد ظنت إنها رسمت زوجها، و بدأت تستعد لعراك شديد معاها لو تأكدت من ظنها بها..

بينما “سلسبيل” تتابع تعابير وجهها التي لا تبشر بالخير أبدًا، و لا تنكر إنها و لأول مرة تشعر بالخوف منها بعدما كانت الإنسانة الوحيدة التى تشعرها بإن مازال بشر بقلوبهم رحمة على ضعفها..

رمقتها “سلسبيل” بنظرة عاتبة، و من ثم أعطت لها الكراس،لتجذبها “خضرا” منها بعنف و تطلعت عليها مسرعة لتجحظ أعينها على أخرها حين رأت صورة مطابقة بالمثل، كأنها تنظر لانعكاس صورتها بالمرآه، لوهلة شعرت بأن دلو من الماء البارد سقط فوق رأسها،

“دي إني!!!”.. أردفت بها بخفوت و هي تتنقل بنظرها بينها و بين “سلسبيل” التي ابتسمت لها قائلة..
“قولت أعملك حاجة بسيطة أفرحك بيها يا أبلة خضرا”..

ترقرقت أعين “خضرا” بالعبرات، و سارت نحوها حتى توقفت أمامها مباشرةً، نظرت لها بصمت قليلاً و من ثم تحدثت بأسف قائلة بصوتٍ خفيض..

“مش بيدي.. مش بيدي يا سلسبيل.. مكنتش خابرة إن وچع الغيرة واعر قوي قوي أكدة”..

صمتت لبرهةً تحاول السيطرة على دموعها التي تخونها وتنهمر علي وجنتيها، و تابعت بنبرة راجية..
“أوعكِ تزعلي مني يا خيتي..أنتي غالية عندي يا سلسبيل”..

رفعت قبضة يدها و ضربت على موضع قلبها بعنف مكملة..
” بس مش أغلى من رچلي.. نبض جلبي”..

أسرعت” سلسبيل ” بأمساك يدها تمنعها من لكم نفسها مرددة بتأكيد..
“أنا عارفة يا أبلة خضرا.. و عذراكي والله.. و عايزاكي تطمني أنا لو فضلت عايشة و ربنا كتبلي عمر مش هفضل هنا معاكوا و لا هفضل على ذمة عبد الجبار أول ما أعرف مكان أهل أمي همشي من هنا “..

” عبد الچبار عرف مكانهم”.. نطقت بها “خضرا” بندفاع بعدما فشلت في إخفاء فرحتها بعد ما قالته لها” سلسبيل ” التي كانت تتوقع رد أخر كما تعودت منها، إلا أن نيران الغيرة قد لغت تفكير”خضرا ” بأي أحد أخر سوي نفسها..

” عبد الجبار وصل لأهل أمي!!!! “..
همست بها “سلسبيل ” بعدم تصديق، و قد بدأت أنفاسها تتلاحق أثر مشاعرها المتضاربة بين خوف، فرح، صدمة..

انتصبت واقفة بوهن، و جسد يرتجف بوضوح و هرولت تجاه خزانتها تبحث عن شيء ترتديه فوق منامتها مرددة بلهفة..
“عايزة اروحلهم يا أبلة خضرا.. ودوني ليهم”..

كانت تتحدث ببكاء يتزايد بشكل أثار الريبة بقلب “خضرا” التي استوعبت أنها أخطأت خطأ فادح حين أبلغتها بمكان عائلتها دون علم زوجها..

لتتدهور حالة “سلسبيل” التي دخلت بنوبة بكاء حادة وصلت لحد الصراخ مرددة من بين شهقاتها المتقطعة..
“عايزة اروحلهم.. عايزة اسألهم لييييييه مسألوش عني كل السنين دي.. لييييييه وافقوا أن بنتهم تتجوز راجل قلبه قاسي بالشكل ده”..

صرخت بانهيار أكبر و هي تلقى جميع الثياب أرضًا، و تحطم كل ما يقع تحت يدها..
“لاااا ده معندوش قلب أصلاً.. و أكيد موت أمي في عز شبابها بقسوته عليها زي ما قتلني ألف مرة و مرة”..

ضربت” خضرا ” على صدرها بكلتا يدها، و دب الرعب و الفزع بأوصالها و هي تراها بتلك الحالة، حتي أنها أصبحت غير قادرة على السيطرة عليها نهائياً..

“عايزه اسألهم عملوا في أمي و فيا كده لييييييه..الأهل لازم يختاروا لبنتهم راجل يحميها و يبقي أمانها و سندها من بعدهم.. مش راجل يبهدلها هي و عيالها..

عايزة أعرف سابوا بنتهم على ذمة واحد لحد ما جاب أجلها لييييييه.. و بعد ما بنتهم ماتت سابوني أنا حفيدتهم معاه إزاي و هما أكيد عارفين إن مصيري على إيده هيكون زي بنتهم!!!”..

“يا مري يا مري أهدي يا خيتي لأجل خاطر اللي خلقك .. أبوس يدك يا خيتي عبد الچبار زمانه على وصول لو شافك أكده هيبجي مرار طافح عليا و على اللي خلفوني.. كفياكِ عاد ليچرالك حاچة”..

غمغمت بها” خضرا ” و هي تحاول ضمها بشتى الطرق، لكن” سلسبيل” كانت وصلت لمرحلة تهدد بالخطر، و بدأت تصرخ صرخات متتالية بلا توقف مرددة جملة واحدة..
” رموني أنا و أمي لييييييه”..

………………… سبحان الله وبحمده…..

” جابر “..

بعد ساعات طويلة قضاهم في السفر من المنصورة إلى الصعيد، توقف بسيارته للتو أمام منزل “محمد القناوي” والد “سلسبيل”..

ترجل منها خلفه اثنان من أصدقاءه رفضوا تركه يذهب بمفرده..
” متأكدين إن هو ده البيت يا رجاله؟”..

“أيوه متأكدين.. هو يا جابر البيت “..

هرول “جابر” بخطي راكضة نحو باب المنزل، و قام بالطرق عليه بقبضة يده عدة مرات..

“ككخابط يلي بترزع على الباب”..
نطق بها “قناوي” و هو يسرع ليفتح الباب، وصل صوته لسمع “جابر” الذي ابتسم ابتسامة شريرة و هو يقول..
“ده صوت قناوي.. عمري ما نسيته”..

فتح الباب و هم بتوبيخ الطارق إلا أنه تلقى لكمة قوية دون سابق إنظار أسقطته بعنف على الأرض الصلبه، و قبل أن يستوعب ما يحدث معه كان انقض عليه “جابر” و جلس فوقه، و بدأ يكيل له اللكمات مرددًا بغضب عارم..
“سنين و أنا بحلم باللحظة اللي تقع فيها تحت أيدى يا قناوي الكلب”..

حاولوا أصدقاءه أبعاده عنه لكنه كان كالوحش الثائر، صب جم غضبه الذي حمله بقلبه لسنوات عليه حتى انفجرت الدماء من وجهه “قناوي” بأكمله..

“هتموتني يا ولد الفرطوس”..

قالها “قناوي” بصعوبة بالغة بعدما قبض” جابر ” على عنقه بقبضته الفولاذية و رفعه قليلاً حتى تقابلت أعينهما..
“أنت مين و عايز مني أيه يا چدع أنت”..

“أنا عملك الأسود اللي جالك عشان يخلص حق سندس، و سلسبيل بنتها من اللي عملته فيهم”..
قالها” جابر ” بفحيح مخيف جعل الخوف يزحف لقلب “قناوي” الذي تمعن النظر لملامحه المألوفة له، ليتذكره على الفور،

إبن شقيق زوجته المتوفيه الذي كان دائم التصدي له كلما تعارك مع خالته، لكن حينها كان مجرد شاب مراهق لا يملك كل تلك القوة و العضلات..

جف حلقه و هو يحملق فيه مذهولاً مرددًا اسمه بصوتٍ مرتجف..
“جابر!!!”..

بملامح مرعبة حرك “جابر” رأسه له بالايجاب قبل أن يضربه بكل قوته بجبهته كسر له أنفه في الحال صارخًا بوجهه..
“سلسبيل فيييين”..

…………………. لا إله إلا الله…..

“عبد الجبار”..

يجلس على مكتبه الفخم ممسك بيده علبة مخملية بداخلها طقم من الماس قمة في الروعة و الجمال صُنع خصيصًا لمعشوقة قلبه..

“الطقم ألماس حر زي ما طلبت يا عبد الجبار بيه”..
قالها الجواهرجي و هو يقدم له علبة أخرى مكملاً..
“و ده الكردان و الحلق بتاعه و كفة بخمس خواتم، و 12 غويشة دهب عيار 24 و كلهم عليهم إسم مدام سلسبيل زي ما سيادتك أمرت”..

أخذها منه “عبد الجبار” و تأمل ما بداخلها يتأكد من وجود إسمها عليهم،

“شغلك عال العال تسلم يدك”..
قالها “عبد الجبار” و هو يغلق العلب، و نظر له مكملاً..
” اتفضل أنت و فوت على الحسابات في طريقك خد حسابك منِهم”..

انصرف الرجل على الفور، فنظر” عبد الجبار” لمساعده الخاص” حسان” الذي لا يفارقه أبدًا..
” أيه الأخبار يا حسان”..

” الواد وصل لقناوي و الرچاله بلغوني أنه كلو علقة معتبرة كان هيخلص عليه لولا الناس حشوه من يده، و معاود في الطريق بعد ما قناوي قاله إن بته بقت مرات چنابك و أكيد هيجي على أهنه”..

يستمع له “عبد الجبار ” بهدوء مريب، و تحدث برزانته المعهودة قائلاً..
” حلق عليه بمعرفتك يا حسان.. مش رايده يوصل عندي دلوجيت واصل.. فاهمني زين”..

” فاهمك يا كبير”..
قالها” حسان” و هو يتقدم منه و يعطيه ملف محكم الغلق..

” اتفضل يا كبير.. ده عقد و ورق البيت الچديد اللي طلبت مني أچهزه بأسم الست سلسبيل.. بقي چاهز من مجميعه و مفتاحه أهو!!”..

صدح رنين هاتف” عبد الجبار ” قطع حديثهم، فأسرع بالرد حين رأي رقم والدته و قد انقبض قلبه فجأة ..
” خير يا أمه؟؟”..

“ألحق مَرتك سلسبيل يا عبد الچبار من يد خضرا هتموتها يا ولدي”..

قالتها” بخيتة ” تزامنًا مع صرخات” سلسبيل ” التي وصلت لسمعه كادت أن تجعل قلبه يتوقف من شدة فزعه عليها، انتصب واقفًا في الحال و غادر المكان راكضًا و هو يصرخ بأسم معذبة قلبه..
” سلسبيل “..
رواية جبر السلسبيل. الجزء التاسع عشر و العشرون

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .
­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top