اول مافتحت التليفون لقيت امى منهارة وبتصوت وبتقولى
= الحقنى ياابنى ، الحقنى
سبت كل اللى فى ايدى وروحت على بيت خالى سعيد بسرعة ، معرفش كنت ماشي ازاى فى الشارع ولا وصلت
ازاى ، لكن كل اللى كان بيتردد فى ودنى صوت امى وهي بتقولى الحقنى وكأن قلبي حاسس انى هشوف مشهد مأساوى مكرر اعتدت عليه فى الايام اللى فاتت .
خالى ساكن فى حارة ضيقة ، يادوب عديت من عربية الاسعاف واللى كان وراها عربية الشرطة ، ومن غير ماادخل عرفت ان اكيد فى مصيبة فى بيت خالى ، واكيد حد منهم حصلوا حاجة ، البوليس منعنى انى اطلع العمارة فى الاول لحد امى ما قعدت تصوت من البلكونة
= سيبوه
برضو كانوا رافضين انى اطلع ، لحد ماالظابط اللى بيحقق فى قضية شريفة اختى لمحنى وشاورلهم انى
اطلع وكان على وشه تعاطف كبير معايا ومع اللى بشوفه فى الايام الاخيرة ، ولما شوفته ملامحه عرفت ان فيه مصيبة كبيرة فوق ، طلعت جرى على السلم واول مادخلت الشقة ” البوليس فى كل مكان ، جثث
خالى ومراته وعياله على الارض متغطيين بملايات بيضا على وشهم ، رفعت الغطا من على وش خالى ، لقيت وشه ازرق وعينه طالعة لبره وفيه ريم ابيض خارج من بقه ، العيال ولاده ، زى الملايكة وكأنهم نايمين بالظبط ، انهرت وبدأت الدموع تنزل من عينى ، بصيت للظابط وقولتله
= ايه اللى حصل؟
.. الغاز خنقهم وهما نايمين وماتوا
= يعنى لو الغاز مفتوح مش المفروض يحسوا بيه حتى وهما نايمين
.
.
.. مش كل الاجهزة العصبية فى جسم الانسان بتتنبه لده ، وطبيعي ان مع اقل جرعة يحصل اغماء وطبعًا مع زيادة الجرعة بيحصل الاختناق والوفاة
بصيت على ماما ومن غير ما أسأل الظابط ، فهم اللى عايز اقوله ، وقالى:
= لو هتسأل ازاى الحاجة والدتك الحمد لله سليمة ،
فده لان بعد الفحص المبدئى غرفتها فيها شباك مفتوح والسرير بتاعها جنبه مباشرة ، يعنى تقدر تستوعب ريحة الغاز وطبعًا تميزها والهواء اللى داخل من الشباك هيساعدها على التنفس، لكن لما والدتك فاقت ، للاسف كان الموضوع انتهى وكانوا ماتوا ، البقاء لله
قعدت اخبط على راسي ونزلت على ركبي وقعدت اسأل ربنا
.
.
= ليه يارب بيحصل فيا كل ده ؟!! ليه؟
استغفرت ربنا وروحت بوست ايد امى المنهارة فى العياط ، وطبعًا انا مبقتش حاسس بنفسي ولا عارف هلاحق على اللى بيحصلى منين ولا منين .
.
.
اول مرة من سنين طويلة ، احتاج انى اكلم خالى عادل اللى مسافر بره ، مبقاش فيه حد يقف جنبي فى الدفنة غير الجيران كتر خيرهم ، معرفش ايه اللى خلانى عملت كده وكلمته ، ومش بس كلمته ، اول مارد عليا فى التليفون قولتله:
= انا ابن اختك ياخالى ، كان نفسي تحس بينا وتكون وسطينا والعيلة بتنقص واحد ورا التانى ، ليه ياخالى تبقى جاحد علينا ، الخال والد ياخالى ، كان نفسي تكون مكان ابويا اللى مات وتقف جنبي وتسندنى وتكون سند للعيلة
.
.
.. انتوا مش عايزين غير الفلوس
= فلوس اييييييه؟ حرام عليك مش عايزين منك حاجة ، انا هقولك على الكلمتين اللى مكلمك علشانهم ، انا مراتى ماتت وابنى مش لاقيه وغالبا هو كمان مات ، واختى شريفة اتقتلت والنهاردة خالى سعيد ومراته وعياله ماتوا مخنوقين من الغاز ومتبقاش فى العيلة غيرى انا وامى وانت ، وكلمة اخيرة لو فاكر ياخالى انك هتاخد الفلوس معاك فى قبرك ، يبقى خليك مسافر ومتجيش
قفلت السكة ومكملتش كلام معاه واترجيت الظابط انه يطلعلى تصريح دفن بسرعة وكتر خيره قدر الموقف ووفرلى الورق اللى محتاجه علشان استلم خالى ومراته وعياله من المشرحة وادفنهم ، الفلوس اللى معايا تقريبًا شبه خلصت ومتبقاش حاجة منها ، واستلفت كتير من الشغل والجيران الايام اللى فاتت
.
.
، مكنتش قادر اتكلم مع حد واقوله يسلفنى فلوس علشان ادفن خالى وعياله ، امى كان فى ايديها الدبلة اللى كانت سايباها ذكرى فى ايديها من ايام
المرحوم ابويا ، اديتهالى علشان ابيعها وطبعًا مقدرتش اقولها لأ ، الحوجة وحشة واحنا خلاص مبقاش حيلتنا حاجة ، يادوب بعت الدبلة وروحت جرى على المشرحة علشان استلم خالى وعياله واتفق مع العربيات على نقل الجث،، ث ، لقيت ……
رواية دماغ ثعبان. الجزء السادس
.
.
.
.