: رابعه يا عشجى
اتوحشتك !؟
أدارت رابعه وجهها مرة أخرى حتى رأت طيفه من بعيد؛ لتقف رابعه وتخطو بعض الخطوات المرتعشة من شدة الخوف والجهل بهوية ذلك الطيف الغريب
تقربت أكثر وكلما تقربت رابعه كلما اندثر الطيف عن عينيها وكأنها لم تراه حتى أطلقت كلمات بصوت مرتفع : جولى أنت مين يا جدع أنت؟!
وكيف تجولى أكده !؟
أنت مين !؟
اطلع لو أنت راجل بدل ما كل شوية تطلعلى وتتخبى كيف الحريم !؟
نفضت ذلك الطيف اللعين الذي يهجم فكرها من حين لآخر……
صارت فى طريقها إلى البيت بعدما ودعت أبيها بدموع وحسرة حتى أن الليل أت عليها وهى جالسه معه وتتفوه بكلمات تنُم عن الوجع القابع فى خلجات صدرها بعد فراقه
فى منزل العائلة الكبير الأشبه بقصور الملوك من شدة الرونق والبهاء .
فقد طلب عم رابعه من والدتها أن يقيموا فى بيت العائلة الكبير وقد وافقت أم رابعه على طلبه رغم أنها تعلم أن شقيق الحج سالم لم يحبه قط حتى هى وابنتها يكرههم وبشده
إلى أن أتت رابعه بوهن إلى بيت أبيها ولم ترى والدتها، وظلت تبحث عنها كثيراً حتى تعبت ونامت على سرير أبيها وهى تحتضن ملابسه العالق فيها رائحته إلى الآن نامت فى ثبات عميق وكأنها لم تنم منذ دهر …
حتى أتى إليها أبيها فى المنام وهو جالس على الكرسى الخاص به، وبجواره طيف رجُل تراه رابعه وهى جالسه أمام أبيها حتى تقرب منه ذلك الطيف ولمس وجنتِها بخفة
أما رابعه فقد نظرت لأبيها بخوف من ذلك الطيف الشفاف الغير مرئي لعينيها ولكنها تشعر به وبلمساته وصوته العذب والذي لم تسمع فى شجنه ولا حنان صوته من قبل .
نظر لها أبيها فى المنام بحب كعادته : الليلة كتب كتابك على طيف يا رابعه يا بتى !؟
نظرت رابعه لأبيها بتوهان ثم شعرت بذلك الطيف الدافئ بلمساته الساحرة والتى أحست بها وهى لم تراه أبدا ولكنها نفضت كل تلك الأحاسيس وتقربت لأبيها : كيف يا أبوى اتجوز راجل مش شايفه!؟
ده كيف الروح يا أبوى !؟
تقرب منها والدها بوهن وهو يبكى : خليكى كيف ظله يا رابعه !؟
أمشى مع طيف، وهملى وجع القلب ده
خليكى معه هو اللى هيجولك على الحجيجة ويريح جلبك يا بت جلبى !؟
فاقت رابعه من ذلك المنام الغير معهود، وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة وكأنها كانت على وشك الإعدام
ظلت تأخذ أنفاسها حتى هدأت وتذكرت الطيف الذى لمحته فى المقابر وذلك المنام المشئوم بالنسبة لرابعه حتى نظرت لملابس والدها وأخذت تقربهم إليها بعشق دفين وردفت بألم وعيون مدفونه فى بركة دموع : حاضر يا أبوى هخلينى كيف ظله وهعرف اللى ملحجتش تجولوهولى يا جلب رابعه !؟
.
.
وبمجرد أن خرجت رابعه من المرحاض بعدما توضأت حتى سمعت تلك النبرة التى تعرفها عن كثب
: تتجوزينى يا رابعه
رواية رابعة الفصل الرابع
: تتجوزينى يا رابعه
نظرت خلفها ببعض الخوف بعدما علمت بهوية ذلك المتحدث فهو أبن عمها زين الذي تقدم لخطبتها كثيرًا، ولكن الحج سالم ظل يرفض طلبه مرارًا و تكرارًا لانه لم يكن يحبه ولا يحب خصاله الملعونه فهو منفلت رغم خوف الناس وأهل الصعيد منه إلا أنه سكير لا يعرف عن الدنيا سوا الخمر، والنساء
.
.
نظرت له رابعه بشدة وقسوة : أنت كيف تتجرأ تخش دار الحج سالم مرة تانية يا ولد عمى بعد اللى حُصل منِك أنت وابوك !؟
مكفكمش حديت على شرف الحج سالم وبته !؟
تقرب إليها زين بوقاحه : ما تجوليش أكده يا بت عمى ده واجبنا بردك !؟
تقربت رابعه إليه بنفس الوقاحة : صُح يا ولد عمى أنتوا ما يطلعش منيكم غير كل واجب، وواجبكم وصل، وكل اهل البلد صدقوا أنى معيوبه بجد باروه عليكم !؟
والحجيجه ده اقل حاجه تطلع من ولد العابدين !؟
.
.
التقط يديها ولفها بقوة خلف ضهرها إلى أن أصدرت رابعه صوت أهات : هملنى يا زين أحسن لك بتوجعنى يا ولد الحرام أنت !؟
نفض زين يديها بقسوة حتى أنها وقعت على الأرض بضعف، وقوة : أجهزى يا عروسة دخلتك على زين العابدين النهاردة ماشي يا رابعه يا بت سالم !؟
.
.
خرج زين من البيت بقوة وجبروت وبمجرد أن خرج حتى سمعت رابعه صوت ذلك الطيف مرة أخرى وهو يردف بأطمينان : ما تخافيش يا رابعه أنا جارك يا معشوجة قلبي !؟
ظلت تبحث عن أثر الصوت بضعف وهى تبكى : أنت مين جولى بس
سقطت على الأرض بضعف : أنا تعبت هعمل أى دلوجتى، أنا عمرى ما تجوز الشخص اللى رفضه أبوى، وزين أخلاقه عفشه بس اعمل أى أهل البلد كلاته هينهشوا فى لحمى لو موفجتش وهيجولوا عليا كلام عفش اكتر ما اللى بيتجلى وبسمعه !؟
.
.
فى منزل العائلة حيث تقبع أم رابعه و عم رابعه، وزوجته، وأولاده ومن بينهم ذلك الزين
: مجبتش رابعه معك ليه يا ولدى
كان عم رابعه يتحدث مع زين ابنه الأكبر
نظر له زين بلامبالاة : زمانها جايه عروسة وبتتحضر لليلة فرحها يا أبوى
و كأن الكلام لم يمر على مسمعها ولكن قلبها كان ينصت حتى استوعبت الحديث وردفت ام رابعه بقوة : جواز أى !؟
ومين اللى هيتجوز عاد !؟
أياك يا ولد العابدين تكون جصدك على بتى رابعه !؟
وربى واللى خلق الخلق لو قربت منيها أو خطبتها بالكلام لكون دفنه جثتك جار ابوك فى الثريه دى عشان كل ما يلمح جبرك يفتكر هو أذنب في أى إلا رابعه يا ولد العابدين سامع !؟
وقف أمامها زين بقوة والتقط يديها بقسوة ونظر فى عينيها بحدة مبالغ فيها : رابعه بتاعتى ومن زمان جوى يا مرأة عمى وهتجوزها يعنى هتجوزها ولا تحبى أعمل فيها حاجات عفشه تخليكى تلعنى اليوم، والساعة اللى جبتي فيها بت اسمها رابعه على الدنيا هخرجها من بيت أبوها بزفة فضايح وأنتى عارفه أنى قدها !؟
أحست ام رابعه بالخوف من تهديداته فهو قاسى لا يبالي بأحد حتى والده لا يبالي به أبدا
فهو كبير نفسه ولا لأحد أى ولاية عليها أو قوة حمحمت ام رابعه باتزان حتى لا يفعل أى شىء مؤذي لأبنتها : استهدى بالله يا ولدى وكل حاجه بالأصول
ردف زين فى وجهها بقوة وشهوة
: مفيش أصول دخلتى الليلة على رابعه
هتبجى على أسمى اليوم يا مرأة عمى
هيبجى إسمها رابعة زين العابدين الليلة
وقد كانت وبعد ساعات قليلة أتت رابعه لقصر العائلة بقلة حيلة وخيبة أمل ورأت أمها تبكى على حالها، رابعه علمت قطعاً أن أمها علمت بالأمر وردفت بقوة مصطنعه
: أى إياك مش فرحانه لبتك رابعه يا أمه ولا أى
نظرت لها أمها بدموع ولم تنطق بأى حرف فقط دموع تسقط واحدة تلو الأخرى
حتى أت عم رابعه وشدها من يديها : جومى يلا يا رابعه يا بتى مشان كتب كتابك هيبقى على الضيق أكده مشان الحج سالم لسه دم ما بردش
نظرت له رابعه بعداوة دفينه : والله لسه فيك الخير يا عمى ولسه فاكر أن أبوى لسه ميت مفيش ساعات وأنتوا عايزين تجوزونى وكمان غصب
تقرب منها عمها وردف فى أذنها بشدة وبصوت يشبه فحيح الأفاعي : غصب أى يا بايره الصعيد
مش كفاية هنسترك !؟
لم يقوى قلب رابعه على تلك الكلمات ولا حتى على الرد عليها فقط سقطت دمعة من عينيها سريعة وحذرة حتى لا تنتبه أمها بتلك القنابل التى أطلقها عمها فى أذنها منذ برهه
صعدت رابعه إلى غرفة أشار إليها عمها دون رد منها فقط خناجر تطعن فى قلبها من حديث عمها دخلت رابعه الغرفة فهى أصبحت غرفتها فى ذلك البيت هى وزين لم تدرى رابعه آهى غرفة ام سجن كانت أشبه بعصفور موصُد
استعدت لتلك الليلة المغصوبه والملعونه وارتدت رابعه فستان بسيط باللون الابيض كان يزينها كنجمة أو ملاك سقط من السماء إلى الأرض وارتدت حجابها من نفس لون الفستان، ووضعت بعض الحمره على شفتياها؛ حتى توارى ذلك الوجه العابس والموجوع
وبمجرد أن لمحها زين حتى وقف إكراماً لجمالها الأخذ، والتقط يديها واجلسها بجواره حتى تتم مراسم الزواج وبمجرد أن حضر الشهود وبدأت الزيجة فى الاتمام وردف المأذون لزين : جول ورايا يا عريس
حتى جاء صوت أحد قطع كل ذلك حتى أنه قطع أوصال رابعه : كيف رابعه تتجوز وجوزها لسته عايش يا زين العابدين !؟؟؟!!
.
.
.
.