_ مراتي بقت مفجوعة رسمي، مفيش عندها هم في الدنيا غير انها تاكل وبس..
كل ما أدخل البيت ألاقيها قاعدة قدام التليفزيون وبتطفح، ووزنها كل يوم بيزيد، ولما أكلمها تقول لي خمسة وخميسة في عينك..
فاكرة إني بحسدها، أو بستكتر عليها الأكل..
حركتها بقت بطيئة خالص، واهتمامها بشغل البيت بقى أضعف من الأول.
دي لسة متصلة بيا من ساعة كده بتقول لي إنها هتطلب دليفري، عايزة تاكل أي حاجة تصبر بيها نفسها لحد ميعاد العشا، وعندي إحساس إني هوصل البيت دلوقتي ألاقيها بتاكل وحاجة تقرف..
(سامي كان حاسس باكتئاب وهو بيحكي لزميلته اللي راكبة جنبه في العربية، ورايح يوصلها البيت)
_ متعملش في نفسك كده يا سامي، وحاول تقنعها إنها تنظم أكلها.
_ أقنع مين بس يا رانيا، دي بتقول لأهلها إننا عاملين دايت إجباري في البيت … مش ناقص غير تاكلني أنا شخصيا، وتقول عاملين دايت إجباري..
(سامي بيوصل زميلته بالعربية قدام بيتهم، وبيرجع بأقصى سرعة على بيته)
كانت الساعة سبعة ونص مساءا، وبنته الوحيدة رؤى، بتاخد درس الانجليش مع الأطفال في شقة جارهم اللي في الدور الأول..
وكانت الصدمة اللي توقعها قدام عينه.
نيفين مراته قاعدة التليفزيون، وبتاكل وجبة الديليفري اللي طلبتها..
عيونها مبرنقة في التليفزيون على المسلسل الهندي، وايديها رايحة جاية في الباكيت، والأسنان زي كسارة دبش المصانع، بتدهس الأكل..
_ أوووووووووووف .. يادي النيلة عليا وعلى الأكل اللي بقى أربعة وعشرين ساعة ده.
(نيفين بتبص له من فوق لتحت، نظرات مستنكرة)
_ هي دي مساء الخير بتاعتك يا سامي؟
_ مساء خير ايه بس يا نيفين، هو انتي مش قادرة تصبري ساعتين وناكل بالمرة انا وانتي وبنتك اللي برة دي
_ ما انا هتعشى معاكم يا سامي، هو انتي شفتنا اتجمعنا ومش باكل معاكم.
(سامي بقى يقول كلام بصوت واطي من الضيقة عليها)
_ ده انتي مش نيفين .. ده انتي تنين .. اه والله انتي التنين.
(سامي داخل جوة، وسابها قدام التليفزيون)
القطة الصغيرة كانت جعانة، ومفيش حد بيهتم بيها ويقدم لها أكل، غير الطفلة رؤى..
بس ريحة الأكل اللي في إيد نيفين، بيفتح الشهية، والقطة الصغيرة نفسها تشارك نيفين في الأكل..
راحت تجري عندها، ووقفت تبص عليها، وكان صوت المواء كان باين إنه طلب إحسان..
مش مواء ألم، أو مواء نداء، كان باين إنه مواء استعطاف..
عايزة حتة أي حاجة م اللي في إيد الديناصور نيفين في اللحظة دي.
(نيفين مركزة مع المسلسل الهندي، ومفيش فايدة، والقطة الصغيرة بدأت تقرب منها)
القطة راحت لها، وبدأت تملس بوشها على إيد نيفين، علشان تفهم، وتقدم لها حتة، لكن مفيش فايدة..
القطة بدأت تحط بؤها في ناحية الأكل، كأنها بتشاور لها، أنا عايزة من دي.
نيفين اتضايقت عليها، ودفعتها بكل قوة بعيد عن الأكل.
(القطة وقعت ع الأرض، وهي بتصدر مواء الحزن والألم من الدفعة القوية دي)
نيفين بتاكل بلهفة، وبؤها مليان أكل، وخدودها منفوخة على الناحيتين، والأسنان شغالة في مهمة الدهس..
القطة بتتابعها من بعيد، بكل حسرة، وأسى، وهي بتبص لها، وعينها في الأكل.
نيفين بتاكل ولا تبالي بالقطة، ولا بنظرات القطة المتحسرة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيفين خلصت الأكل اللي في ايدها، وقامت على المطبخ، علشان تبدأ تجهز العشا، لحد ما جوزها ياخد الشاور بتاعه..
والطفلة رؤى رجعت من الدرس، ولقت القطة زعلانة، بدأت تشيلها وتلاعبها.
_ مالك يا كوكي .. زعلانة ليه؟ انتي جعانة؟
(راحت رؤى جابت لها الأكل بتاعها، وقعدت بيها، قدام التليفزيون تأكلها)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيفين في المطبخ، بتحضر الأكل، وفجأة حست بدوخة، وقعدت ترجع مكانها..
كانت تعمل صوت عالي وهي بترجع..
سامي والطفلة ورؤى دخلوا على المطبخ جري، لقوها قاعدة على ركبتها في الأرض، وجسمها بيفرز عرق، ولونها مخطوف وبتترعش.
_ في ايه يا نيفين؟
(نيفين بتبص له بنظرات زي نظرات الوداع)
_ أنا بموت يا سامي
(رؤى بتعيط)
_ لا يا ماما متموتيش يا ماما..
(سامي بيساعد نيفين علشان تقوم)
_ متخافيش يا رؤى .. ماما كويسة يا حبيبتي
_ أنا بموت يا سامي .. بموت
_ ما بلاش الكلام ده يا نيفين قدام البنت
(سامي بيخرج نيفين برة المطبخ، وبيمسح لها هدومها، وبيطلع الفون)
_ هتعمل ايه؟
_ هتصل بالاسعاف
_ لا ملهاش لزوم الإسعاف
_ لازم تروحي المستشفى، يمكن تكون اتسممتي في الأكل اللي كنتي تاكليه ده..
_ لا مفيش تسمم .. بس أنا أكلت كتير النهاردة..
(القطة بتماوي، ورؤ ى بتسمعها)
_ استني يا كوكي جاية لك .. بس هطمن على ماما
_ متخافيش يا رؤى. ماما بقت كويسة .. روحي شوفي القطة عايزة ايه
_ كوكي جعانة وعايزاني ءأكلها
(الأم بتشاور على ناحية القطة)
_ اهو كوكي دي هي السبب في اللي حصل لي
_ يا سلاااااام .. هي اللي قالت لك انتقمي من معدتك بالأكل الكتير
(نيفين وهي بتحاول تسترد أنفاسها)
_ حطت بؤها في الأكل، وأكيد اتنفست فيه
_ يا سلام، وهي كوكي من امتى بتتنفس في أكل مش بتاعها، دي البنت مربياها أحسن تربية.
_ كانت عايزة تطفح من الأكل اللي في ايدي، وانا شخصت فيها
_ يخرب بيتك يا مفجوعة، مش هاين عليكي تسيبي لها حاجة م اللي بتاكليه؟
(سامي متضايق، وبيبص عليها، ومتحسر ع الحالة دي)
_ دي مش بعيد تكون اتحسرت المسكينة
_ مسكينة! هو انت بتتكلم عن القطة، ولا بتتكلم عن بني آدمة؟
_ وايه الفرق بين قطة و بني آدمة؟ الجوع مش بيفرق يا نيفين، حرام عليكي
(نيفين بتبص له من فوق لتحت، مستغربة ثورته دي بسبب القطة)
_ طيب روح يا اخويا كمل تجهيز العشا ده..
_ عشا ايه؟؟ هو احنا هناكل حاجة م اللي في المطبخ، بعد الترجيع بتاعك
_ ماله الترجيع بتاعي يا سامي؟
_ ملوش يا نيفين .. أنا هطلب ديليفري ليا ولبنتي، وهنتعشى أكل جاهز وأمرنا لله
_ هتطلب ليك ولبنتك بس؟؟ هو انا مش عايشة معاكم في البيت ده ولا ايه؟
_ يا لهووووي .. هو انتي مش اتعشيتي من ساعة؟
_ هو انت اتعميت؟ مش شايفني وانا بستفرغ كل العشا..
(سامي بيقلب عينيه، وبيحمر وشه، وبيندب حظه)
بيتصل بالديليفري، بيطلب منه تلات وجبات..
_ خليهم اربعة يا سامي؟
_ أربعة ليه؟ هو احنا هنعمل حساب القطة معانا ولا ايه؟
_ عايزة أخليه وجبة استبن .. يمكن أجوع بالليل
_ يا حفيظ يا رب .. اللهم لا اعتراض على حكمك يارب
(سامي طلب أربع وجبات وقفل)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد نص الليل..
الكل كان نايم، ونيفين بتتألم من بطنها، والوجع زايد عليها..
_ يا سامي .. الحقني يا سامي ..
(سامي قام مفزوع، وبيبص عليها، لقاها ماسكة بطنها)
_ مالك يا نيفين؟
_ بطني واجعاني أوي .. مش قادرة أتنفس.
_ وهتتنفسي ازاي؟ أكيد معدتك ضاغطة على جهازك التنفسي
_ من غير تريقة يا سامي، اتصل لي بالصيدلية تجيب لي أي حاجة بسرعة
(سامي كان متنرفذ، وقام بسرعة، واتصل بالصدلية، ووصف لهم الحالة)
الصيدلي بيسأله ان كان بيعرف يضرب حقن، وكانت الاجابة لا ..
_ خلاص هنبعت لك حد يكون بيعرف علشان الحقن مفعولها أسرع
_ تمام يا دكتور .. أتمنى ميتأخرش
(سامي قفل الفون، وهو متضايق جدا، وبدأ يزعق)
_ قلت لك مليون مرة، حاسبي على نفسك يا نيفين، اعملي فرملة للجوع اللي كل عشر دقايق ده، لأني أنا اللي بدفع فاتورة كل ده.. لا عارف أنام، ولا عارف ارتاح، ولا عارف آكل أكل بيتي، بسبب كسلك، وخلتيني عايش على أكل برة … وآخرتها كمان اني أطلب صيدلية بعد نص الليل، علشان ينقذونا بحقنة..
(نيفين متأثرة)
_ ايه ده يا سامي .. هو انتي مش مستحمل تعب طاريء ليا وهيروح لحاله..
_ مش حكاية تعب طاريء يا نيفين .. بس انتي اللي جايبة كل ده لنفسك.
_ حاضر يا سامي .. وانا بعد كلامك ده مش هقعد لك في البيت بعد كده .. وهروح بيت بابا، اللي مفيهوش حد بيحسب لي بآكل ايه، وباكل أد ايه؟
(الليلة انتهت بخناقة، وحقنة مسكن، والكل نام)
سامي بيصحى الصبح بدري..
بيتفاجيء إن نيفين بتجمع كل هدومها، وهدوم بنتها رؤى، وبتستعد أنها تروح بيت أهلها..
_ بتعملي ايه يا نيفين؟
_ رايحة بيت بابا يا سامي..
_ ليه كده؟
_ علشان ألاقي حد يراعيني، يلحقني بالدواء لما اتعب .. وميقعدش يحسب لي أكلت كام مرة؟
_ بلاش جنان يا نيفين، وخدي بالك من بنتك
_ مش هقعد ثانية بعد اللحظة دي يا سامي
_ هو انا كفرت علشان بقولك خدي بالك من نفسك؟
_ مفيش مجال للكلام تاني يا سامي .. انا ماشية.
_ تمشي، علشان تقولي لهم بيعد عليا الأكل والشرب، ومقصر في العلاج، والكلام الأهبل بتاعك ده .. وتعملي لي فضيحة أنا بريء منها.
.
.
(نيفين بتخرج بالشنطة لبرة، وبتمسك ايد بنتها)
_ لو خرجت من الباب ده، يبقى بتسدي كل الأبواب اللي لسة مفتوحة ما بينا يا نيفين.
_ يعني ايه؟
_ يعني هتخليني أفكر جديا في قرار الانفصال.
_ هتطلقني؟
(سامي بيبص لها من فوق لتحت .. وبيسيبها وبيمسك الفوطة، ويدخل يغسل وشه)
نيفين بتسحب شنطتها، ومعاها الطفلة، وبتفتح باب الشقة وتخرج..
نيفين بتوصل بيت أهلها، وبتبكي، وتشكي لهم على كل حاجة حصلت مع جوزها..
الأب ثورة عارمة، وعايز يتصل بسامي يعاتبه على تصرفاته..
الأم بتحاول تهديها..
_ بيت أبوكي موجود يا نيفين، وأبوكي لسة عايش .. ومش هيسمح لسامي ولا أي مخلوق انه يعاملك كده
(نيفين بتتوسل لأبوها، انه بلاش يتصل بسامي ويحكي له حاجة)
نقاش ساخن بين الأب ونيفين
والأم في النص..
(نيفين بدأت تتوجع .. تمسك بطنها .. الألم بيحاصرها، مش قادرة ترفع إيدها من على بطنها)
بتفتح شنطتها، وبتطلع حقنة مسكن م اللي أخدت منها بالليل … وخلت أبوها يضربها لها علشان تسكنها..
(الأب بيضرب لها الحقنة .. وبيتصل بالدكتور راشد جارهم في العمارة، قبل ما ينزل شغله)
دكتور في الأربعينات من العمر، علاقته بالأسرة كويسة خالص..
دخل يكشف عليها، ويشوف فيها ايه، وبيخليها تحكي له اللي حصل..
_ وانا أشك يا القطة هي السبب يا راشد..
_ قطة ايه يا نيفين اللي هتعمل لك كل ده، انتي هتوهمي نفسك
_ أومال ايه يا راشد، ده أنا أول مرة أشتكي كده..
(الطفلة رؤى بتتدخل في الحوار)
_ ماما ضربت القطة ومرضيتش تأكلها معاها .. والقطة زعلت أوي .. علشان كده ماما بطنها بتوجعها
(الكل بيبص عليها، ونيفين بتشخط فيها)
_ بس يا بنت .. محدش طلب شهادتك
(راشد بيبص لنيفين)
_ هو انتي ضربتي القطة بجد يا نيفين؟
_ انت هتصدق العيلة دي، دي كانت في الدرس ساعتها أصلا
_ اومال حصل ايه؟
_ القطة كانت عايزة تحط بؤها في الأكل، وانا منعتها
_ عدي عليا في العيادة النهاردة العصر يا نيفين نشوف الموضوع ده
_ عيادة ايه انت كمان .. ما اهو انت كشفت لي وخلاص
_ لالالالا .. كشف هنا مش هينفع خالص .. لازم تعدي عليا في العيادة .. ولو حسيتي بأي ألم لحد العصر، خدي حقنة م اللي معاكي دول، لحد ما نشوف العلة ايه؟
الدكتور بيخرج من الشقة، والأب بيوصله وهو بيشكره.. وبيرجع، يبص على نيفين وهو مستغرب..
_ يعني كل المشاكل دي حصلت بعد حكاية القطة دي؟
_ أيوة يا بابا .. وانا مصرة انها السبب
_ يعني استفرغتي الأكل .. وقمتي بالليل تعبانة .. واتخانقتي مع جوزك .. وبيهددك بالطلاق . كل ده بعد حكاية القطة
_ وايه علاقة القطة بخناقتي مع سامي، ولا حتى انه هددني بالطلاق يا بابا
_ مش بعيد تكون القطة كانت جعانة وحسدتك
_ حسدتني! ايه يا بابا؟ هو انت بتتفرج على مسلسلات هندي اليومين دول ولا ايه؟
_ ما تحترمي نفسك يا بنت .. بلا هندي بلا صيني، أنا بتكلم جد
_ جد ايه يا بابا .. هو في قطط بتحسد أصلا.
_ طبعا يا بنتي .. الحيوانات بتحسد..
_ يعني أنا حسدتني القطة؟
.
.
_ وهي السبب في كل اللي عندك .. سواء تعبك .. أو خناقتك مع جوزك اللي جات فجأة وبدون مقدمات
_ يا نهار اسود يا بابا .. انت هتوغوشني كده ليه؟
_ متخافيش يا بنتي .. انا هتصرف
_ هتعمل ايه يعني؟
_ هننتظر رأي الطب والعلم الأول .. ونشوف الدكتور راشد هيقول لك ايه وهيشخص لك سبب الألم اللي عندك ايه .. ولو مفيش سبب طبي للتعب اللي عندك .. أو السبب غامض .. أنا هتصرف
_ هتتصرف ازاي بردو؟
_ ساعتها هتأكد إن القطة حسدتك .. ودي ليها علاج عندي..
(الأم ونيفين بيبصوا في بعض .. ونيفين بدأت تخاف)
تأليف/ سيد داود المطعني
قصة القطة الحاسدة. الجزء الثاني
.
.
.
.
.
.
