.
.
.
.
وعندما فتح أبي باب الغرفة كي يخرج..
حدثت المصيبة الأخرى..
كانت والدتي تنصت وراء الباب لكل حديث أبي مع الأسف.. وكانت دموعها كشلال لا يتوقف ..
و عندما التقيت عيونهم.. هجمت عليه على الفور وهي تبكي وتقول.. لماذا فعلت بي هذا؟ وضربته بكل قوتها.. ثم انهارت في الأرض.. وهي تنتحب.. فحاول أبي احتضانها..
ولكنها دفعته بعيداً عنها وخرجت من الغرفة.. ثم ذهبت الى المطبخ
وبدأت بتكسير كل الزجاج الذي يقع تحت يدها من صحون وكاسات.. ولَم تهدأ حتى عندما
حاولت أن أكلمها.. كانت غاضبة جداً.. بل كانت كالمجنونة.. وكانت تردد يا ليتني لم أعرف ..
ثم ذهبت إلى غرفة الضيوف وبدأت بتكسير القطع الكريستالية الموجودة في الغرفة.. حيث كانت في حالة هيستيرية غير مسبوقة.. أسرعت اليها واحتضنتها.. وحاول أبي التكلم معها.. ولكن لم يعد هنالك جدوى لكي تنصت لنا.. أبعدتني عنها.. وذهبت إلى غرفتها وأخرجت معطفها ولبسته وخرجت من المنزل وهي تبكي.. كان بيتنا في الطابق الخامس
وخرجت تركض على الدرج
وعندما أسرع والدي وراءها كي يلحق بها.. وصل للطابق الثالث فوجد أمي مرمية على السلم وكانت مغمى عليها.. وعلى الفور
صاح لي قائلاً.. أحضري منشفة ومفتاح سيارتي
.. وعندما أحضرت له المنشفة كانت أمي غارقة في دماء رأسها.. وضع المنشفة على رأسها وحملها وذهبنا إلى المشفى..
كنت أبكي طوال الطريق وأدعو لها أن تكون بخير فقد كنت أشعر أنني السبب وراء ما حصل ..
وعندما وصلنا إلى المشفى دخلنا من باب الطوارئ وأسرع المسعفين لنجدة أمي الحبيبة..
ورغم كل المحن احتضنني أبي وقال:
مريم إنها ليست غلطتك يا حبيبتي .. كان يجب أن أخبركم من قبل عن زوجتي الثانية وأولادي
ولكنني كنت أعلم أن أمك لن تقبل..
وصرت أبكي وأقول له ماذا سوف يحصل لأمي..
وهنا خرج الدكتور من غرفة الإسعاف وقال لأبي..
مع الاسف الإصابة التي تعرضت لها زوجتك خطيرة جداً.. لديها نزيف داخلي وارتجاج في الدماغ.. هي الآن في غيبوبة..
و إذا كتب الله لها أن تستعيد وعيها.. سوف يحصل لها فقدان حاد في الذاكرة..
لقد فعلنا كل ما نستطيع عليه وسوف نبقيها في غرفة العناية المشددة.. أرجوكم أكثروا من الدعاء لها وربت على كتف والدي ومشى ..
انهارت اعصابي من سماع الخبر تماماً.. كانت دموعي لا تتوقف من القهر والحسرة على أمي الحبيبة..
وبعد ست ساعات من الانتظار.. سمحوا لنا بالدخول إلى غرفة العناية المركزة..
فأمسكت يدها وصرت أبكي وأقول لها..
ألا تريدين أن تريني دكتورة..
ألم تقسمي لي أنكِ سوف تقيسي فستان عرسي المستقبلي قبلي كي تثبتي لي أنكِ دائماً ستبقين أرشق مني.. ألم
تعديني أنكِ سوف تحملين أول طفل لي لمدة يومين بدون توقف بين يديكِ؟
ارجوكِ استيقظي..
ولكن لم تجبني ولم تستيقظ..
أخبرني والدي أنه سوف يذهب إلى المنزل كي يحضر لي ملابس ويرتاح قليلاً ويعود في الصباح
( أردت أن أخبره.. لا تذهب.. أمي بحاجتك.. أمسك يدها واعتذر منها .. أخبرها بأنك سوف تطلق تلك الملعونة ..ولكن لساني لجم )
وبعد ذلك أغمضت عيني قليلاً لكي أحظى ببعض الراحة
والنوم ولكن بدون جدوى..
كان صوت جهاز تنظيم دقات القلب يعمل في حركة منتظمة.. وكنت كلما تخيلت الموقف السابق في المنزل.. وكيف كانت أمي غاضبة
.. أسرع الى يدها واقبلها واطلب منها أن تستيقظ من أجلي.. وفي لحظة ما لم أردي كيف تغلب علي النعاس والنوم وأنا أمسك يدها
.. ولَم استيقظ إلا على صوت والدي يوقظني كي أغير ملابسي..
كانت الساعة التاسعة صباحاً..
وبعد قليل أتى الدكتور كي يكشف على وضع أمي واكتفى بقول أن حالتها مستقرة و رغم غيابها عن الوعي طمئننا عليها وخرج..
ومر اليوم بسرعة فأعطاني أبي النقود وقال لي إذا احتجت أي شيئ اذهبي خارج المشفى واشتريه ثم غادر..
وعدت وحيدة مع أمي الحبيبة..
كانت أمي لا تتحرك اطلاقآ..
وفي منتصف الليل عندما كانت الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق غفلت قرب أمي وما هي إلا ثوانٍ وبدأ
جهاز دقات القلب يصدر رنينآ متواترآ وعاليآ.. بعدها أصبح صامتاً.. وعم السكون.. كنت مذهولة لحظتها.. بعدها سمعت وقع أقدام الممرضات وهن يسرعن نحو غرفتنا و
فتحت الممرضة باب الغرفة بسرعة وابعدتني عن امي واخرجتني من الغرفة..
كنت اسمعها من الخارج تقول.. إن قلبها قد توقف..
أعطني جهاز الصدمات الكهربائية وبدأوا يفعلونه.. ثم سمعت الدكتور يقول احقنيها بإبرة أدرينالين ..
اتصلت بأبي ولكن كان جواله مغلقاً..
اتصلت على رقم المنزل الأرضي ولم يرد عليه أحد..
جلست على الارض خارج الغرفة انتظر ماذا سوف يخبرني به الدكتور.. كنت أبكي وأدعو الله
كي يشفيها..
.
.
وبعد ما يزيد عن الربع ساعة فتح الدكتور باب الغرفة وكان وجهه عابس..
فقال لي.. عظم الله أجرك يا صغيرتي.. فانفجرت بالصراخ..
لااااااااا أمي وأسرعت إليها..
فاحتضنتي الممرضة وبقيت بجواري لتهدئتي..
وأعطتني بأمر من الدكتور أبرة مهدئ..
فنمت وعيني غارقة بالدموع..
وفِي الصباح عندما أتى أبي
كانت الطامة الكبرى في حياتي…يتبع