.
.
.
.
ذات يوم، عدت إلى المنزل فجاءت إلي سلمى و هي ت ب الوثائق في يديها و هي تقول بعصبية:_إذن كل الكلام الذي قلته ذلك اليوم كان كذب، أنت تأكدت بنفسك لهذا أصريت على عودتي و لا أعلم حتى كيف قمت بفعل ذلك؟
.
توترت بعد كلامها فقد عرفت ما أخفيه للأسف فقلت :_لا أنا لم أكذب عليك ذلك اليوم، أنا قمت بالتحاليل بعد عودتك، فقط اسمعيني، في الحقيقة……
.
فيتلك اللحظة سمعت كأن شيئا وقع في المطبخ فذهبت مسرعافي اتجاه الصوت و لحقتني سلمى فإذا بها أمي قد أغمي عليها، أرسلنا في طلب الطبيب و أخبرنا أن الأمر ليس خطيرا و أنه يمكننا الاعتناء بها في المنزل ليس بالضرورة أخذها للمستشفى، مرت أيام و أمي مريضة و الطبيب كان يعيد نفس كلامه بل أضاف أن المرض قد يكون نفسي، أخذت سلمى إجازة من عملها قد تقابلها، أما أمي فكانت تفتح عينيها أحيانا تنظر إلينا ثم تغلقهما و تمتم بكلام غير مفهوم و لم تكن تأكل إلا الشيء اليسر، لم أستطع إخفاء الأمر على أبي أكثر من ذلك فأخبرته و جاء مسرعا.
.
في أحد الأيام أذن المغرب و أنا في الطريق إلى المنزل، وقفت قرب أحد المساجد و أنا لا أدري ما أفعل، كانت بالدين كباقي الناس، أصلي أحيانا و أحيانا لا، ربما هذه كانت النقطة السوداء في حياتي، كان الفارق بيني و بين سلمى التي منذ زواجنا و هي تحثني على الصلاة،توضأت و صليت، دعوت الله بشيء واحد و هو تشفى أمي و تحل مشاكلنا.
.
.
.
لأول مرة أعود سعيدا من العمل من فترة، وجدت سلمى تحضر طعام الجهاز، فقلت بابتسامة:_هل أساعدك؟
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
قالت و هي تضحك:_لا بد أنك تمزح.
.
.
.
قلت:_لا دعيني، انظري أنا سأحضر العصير إذن.
بدأت العمل في تحضير العصير و سلمى تنظر لي و تضحك، في تلك اللحظات دخلت أمي المطبخ، نظرت لها و أنا في دهشة و قلت:_أمي، أتحتاجين شيئا، لماذا خرجتي من غرفتك و أنت مريضة؟
أجلستها سلمى أحد المقاعد، ثم نظرت لي أمي و قالت:_لا يا بني، أشعر بأنني بخير الآن.
.
بدأت أمي تتحسن شيئا فشيئا، أحيانا تقابلها سلمى أو أبي أو أنا، الغريب أنها لم تعد ت على سلمى بل أصبحت هادئة، ذلك اليوم كنت سأدخل غرفتها لكنها سمعتها تقول لسلمى :_سامحيني تي على ما فعلته لك، أنا لم أعتقد يوما أنك ستكونين فتاة طيبة و بأخلاق عالية.
قالت لها سلمى :_لا بأس، أعلم أنك تحبين ابنك كثيرا و أردت أن تختاري له أنت من يناسبه.
.
دخلت الغرفة و قلت:_أمي ألا يجب أن تعتذري منها أيضا لأنك طلبت منها أن تطلب الطلاق.
نظرت لي أمي في دهشة و قالت سلمى :_عن أي شيء تتحدث، هي…….
هنالك ها أبي قائلا و دخل الغرفة:_لا يا أحمد، ليست أمك، إنه أنا من طلبت منها ذلك، أنا رغم حضوري حفل الزفاف و زياراتي المتكررة، كنت متشبتا برأي أمك، خاصة بعد حزنها الدائم نتيجة فقدانك، أعتذر يا أحمد،. فنظر لسلمى و قال:_اعذريني يا سلمى لقد أظهرت لجميعنا أنك زوجة صالحة.
قالت سلمى بابتسامة :_لا بأس يا عمي.
لكنني أنا قلت بعصبية:_هل حقا ما فعلته يا أبي، أكنت تريد أن تر أسرتي، كيف استطعت فعل هذا، أنا حقا لا أفهمكما.
.
خرجت مسرعا و أنا غاضب، لحقتني سلمى و هي تقول:_أبوك كان يريد…….
قاطعتها و قلت:_سلمى كيف تقبلين بشيء كهذا؟
قالت:_أباك جاء إلي يرجوني بذلك، من أجل أن تعود ال بينك و بين أمك لسابق عهدها، أنت لم تخبرني أن أمك رفضتني و إلا لما وافقت عليك من البداية، ثم كيف تريديني أن لا أوافق و أنا عشت بلا أب و أم، لا أريد أن تصبح مثلي.
منذ ذلك اليوم أصبحت مع أبي لكن في الأخير صفحت عنه بعد كثرة اعتذاراته،أصبحت سلمى مع والدي جيدة لحد كبير و أصبح يزوراننا كل أسبوع أما عن بها فقد أخبرتها ذات يوم:_أفعل أي شيء لتسامحني، أرجوك فقط سامحيني.
.
.
.
.
قالت ببرود:_اذهب لأعلى جبل، و ألقي نفسك من فوقه
و سأسامحك.
قلت بدهشة:_أتريدين ي لتسامحيني.
قالت:_أرأيت، أنت لا تستطيع أن تفعل أي شيء، هذا مثال بسيط عن الأشياء التي لا يمكنك فعلها.
علمت منذ ذلك اليوم أنها لن تسامحني إلا بم الأنفس
و لا أدري حتى ماذا أفعل؟
مرت أشهر و ولد ابني الأول، ولد لي ولد سميناه هيثم،فرحت جدا فأخيرا أصبحت أبا لكنني حزنت لأن مسألة الطلاق ستعود للواجهة، قلت لها يوما بعد أنا هيثم:_ماذا بشأن الطلاق؟
.
قالت:_سيتم كما اتفقنا.
قلت :_أرجوك يا سلمى، أعطيني فرصة واحدة و سأتبث لك أنني تغيرت.
قاات بحزن :_أنا لا أريد خيبة أمل أخرى في حياتي.
قلت لها:_أرجوك فرصة واحدة.
قالت:_سأفكر.
مرت أيام و وافقت على الأمر، و أنا قد كنت عزمت على أن أعاملها بشكل جيد.
هاهي الآن تمر خمس سنوات، بحلوها و مرها، ما زلت عند وعدي لها، كانت مشاكلنا قليلة و اتنا ظئيلة، فقد تعلمنا أن أتحاور بدل الصراعات التي لا تنتهي،رغم كل ذلك لا أدري إن سامحتني أم لا فهي لم تبح لي بذلك يوما، اليوم عدت من العمل، رأيت سلمى و هيثم يلعبان، نظرت لهيثم و قلت :_ابني الحبيب، انظر لا بد أن جدتك قامت بتحضير الأكلة التي تعجبك، أخبرتني أنها ستفعل.
ذهب مسرعا و أنا قلت لسلمى :_اجلسي، أريد التحدث معك في أمر هام.
.
قالت:_ماذا هناك.
قلت بعا تردد:_عرفت أخبارا عن عائلتك.
قالت بدهشة:_حقا؟
قلت بحزن:_في الحقيقة خبر جيد و آخر سيء.
قالت:_تحدث.
قلت لها:_أمك ت و هي تلدك، أبوك قبل أشهر من ولادتك في ة سير، من وضعك في الم هو عمك، و ذلك طمعا في الإرث لأن أباك ترك ثروة كان يريدها له وحده لأنك إن بقيت ستكونين الوريثة الشرعية، كل هذا عرفته من خالتك، ما أخبرتني به أنها لم تكن تعرف شيئا فقد كانت وقتها في كندا و أخبرها عمك أنك مت فور ولادتك.
قالت:_و كيف تأكدت أنها خالتي؟
قلت:_التحاليل الطبية.
قالت:_و كيف فعلت كل ذلك؟
قلت بابتسامة :_منذ أربع سنوات و أنا أبحث في الموضوع، لم أخبرك حتى لا أعطيك أملا كاذبا.
قالت بسعادة:_أتقصد أنه أصبحت لي عائلة الآن، هل فعلت هذا من أجلي؟
.
.
.
.
قلت بابتسامة:_و من أجل من إذن.
حزنت سلمى على والديها لكنها فرحت بلقاء خالتها، كان لخالتها ولد و بنت، ابنها كان يدرس في كندا أما الفتاة فقد كانت تدعى ليلى و متقاربة في السن مع سلمى مما جعلهما صديقتين و لا أروع حتى أن مها أصبحت تغار، أما خالة سلمى أصبحت صديقة أمي، حتى أن أبي كاد يتذمر بسبب أحاديثهما التي تطول.
ذات يوم جاءت إلي سلمى و قالت:_أتظن أنني لم أسامحك.
قلت بدهشة:_أنا لا أعلم بصراحة.
.
قالت بابتسامة:_لا تعلم لأنك مغ-فل، أنا سامحتك منذ زمن طويل.
ابتسمت لها و قد سعدت جدا بكلامها.
“الآن عنا أنظر لابني، أراه شابا في المستقبل، لن أخطئ خطأ والداي، لن أجبره على أن يتزوج من امرأة لا يحبها، فليختار هو بنفسه، المهم أن تكون الفتاة ذات أخلاق و دين، لا يهم عائلتها أو أي شيء آخر”.
تمت بحمد الله