أنا خرجت من المستشفى، وكان بابا وعادل اتفقوا على مواعيد الفرح، وأهله كانوا موافقين غصب عنهم، بالرغم أن عادل كان قال لباباه أنه مسامح في نسبة ال ٢٥٪ بتاعته اللي في أبراج الست الألمانية، والاب بغير رضا قال له يعني انت فكرك أنهم بيعملوا كام في الشهر، ومع إنهم ميعرفوش حاجة عن المليون يورو،
إلا إن باباه مفكرش يصرف له مبلغ للفرح والشقة والجواز، وكل ده علشان العروسة هي فرح..
لكن كل ده اتطربق فوق دماغنا…
أهل الست الألمانية بعتوا خطاب للسفارة الألمانية في القاهرة، يبلغوهم إن شاب مصري كان متجوز بنتهم، وهي ماتت بالسطن، وأنها ليها خمس أبراج منفصلين والأرض باسم حد في أسرته، وأنه موقع على شيكات بقيمتها، والأسرة بتطالب السفارة انها ترجع كل ده من الشاب عادل..
السفارة الألمانية طبعا رشحت محامي مصري عنها يروح يتفاوض مع عادل وأهله، وهنا كانت صدمة كبيرة جدا..
المحامي راح البيت عند عادل، وقابله وكان معاه باباه، والمحامي قال له:
_ السفارة بتطالبك بتسليم الابراج بأوراق ملكية الأرض، بأوراق نسبة ال ٢٥٪ للأسرة الألمانية، لأنك موقع على أوراق تثبت إن مراتك هي اللي دفعت فلوس كل ده
عادل سألهم إن ما سلمتهم هيحصل ايه؟
المحامي قال له هنرفع قضية قدام المحاكم المصرية بالاوراق اللي وقعتهم، وممكن تتحبس، وبردو هتتسحب منك كل الحاجات دي..
عادل طلب من أبوه يسلمهم الأوراق، ويرجعوا يبدأوا حياتهم من الأول..
وقام بابا عادل يصرخ ويزعق ويقول:
_ الأرض دي أرضي أنا، وباسمي أنا، والمباني حق الأسرة الألمانية بنسبة شراكة ٢٥٪ ليا، والأوراق بتاعتي مش هسلمها لحد..
المحامي قال له:
_ بس الست حصلت على توقيع ابنك على أوراق تثبت أنها مالكة كل شيء وأنه واخد منها فلوس للغرض ده
بابا عادل قال:
_ انا مليش علاقة بابني، أنا المالك..
ومشى المحامي، رجع السفارة ناوية على ايه، وكانت صدمته في باباه كبيرة …
عادل كان منهار جدا، وجالي البيت وكان بيبكي، واعتذر لي عن تأجيل الفرح، وإنه مضطر ياخد الورق من أهل مراته مقابل المليون يورو اللي خدها منها، علشان يجنب نفسه القضايا والحبس..
وانا قلت له بيع الشقة وخد أي فلوس، والفرح يتأجل مليون سنة، المهم سلامتك..
عادل حس نفسه قوي بكلامي وأخد الثقة، وراح يتواصل معاهم يقول لهم أنه مستعد يدفع لهم مليون يورو مقابل الاوراق..
.
.
وكانت المفاجأة أنهم رفعوا قضية عليها في المانيا والمحكمة جمدت رصيده في البنك، بدعوى إنه خدع بنتهم في مرضها الاخير وخلاها توقع له على شيك بمليون يورو، والمحكمة الألمانية جمدت رصيده لحين مثوله أمامها..
صد مة هزت عادل، وهزتني، وكان يا عيني منها، وقلت ياريته ما حدد ميعاد تاني للفرح النحس اللي كل ما نحدده تحصل مصيبة..
وللأسف الحل الوحيد دلوقتي في ايد بابا عادل، لو سلم أوراقه للسفارة كل شيء هيخلص، لكن الطمع خلاه متمسك، وفي ستين داهية سلامة ابنه وحريته
يا ترى هتتصرف في الورطة دي ازاي يا عادل
عادل فكر فعلا يبيع الشقة، لكن للأسف سعرها مش هيوفي المبالغ اللي موقع عليها، ومفيش حل غير إنه يسلمهم اللي عايزينه حتى لو هيسرق الورق من باباه..
وخد عادل القرار من غير حتى ما يقول لي وقتها، وخد يوم كامل في البيت يراقب باباه علشان يشوفه شايل الورق فين، والمفاتيح فين، ويخطط هيتعامل ازاي..
ونوى المجنون فعلا إنه يعمل مصيبة، وعرف كل تحركات باباه وشافه وهو بيشيل المفاتيح في جيب الجاكيت اللي خرج بيه الصبح..
ودخل في نص الليل أخد المفاتيح، ونزل عمل نسخة منه في المحل، ومن حسن حظه إن المحلات في القاهرة بتفضل فاتحة للصبح..
.
.
عمل النسخة ورجع حط كل حاجة في مكانها، ودخل أوضته ونام وكأن شيئا لم يكن.
بابا عادل صحي الصبح وشاف المفتاح، واستغرب لما لقى عليه زيت ميعرفش جاله منين..
مفاتيحه دايما في جيب الچاكيت، يبقى الزيت ده جاي منين..
وهنا بدأ يشك إن عادل عمل حاجة زي كده، وقال لمراته وبنته عادل عايز يسرقني وبتحريض من خطيبته فرح..
جات أخته بدل ما تعاتبه، جات لي البيت تشرشح لي، وتتهمني اتهامات حقيرة زي وشها ووش باباها ومامتها، واني بحرض أخوها على سرقة باباه..
.
.
اتصلت يعادل واتأكدت أنه فعلا ناوي يعمل كده، وكان باباه بيتصنت عليه، ودخل عليه فجأة بعد ما سمعه، وزعق له ..
_ انت ولد عديم التربية، عايز تسرقني علشان البنت دي، أمشي أخرج من بيتي يا حقير،
وكانت النهاية أن عادل صاحب كل الأملاك دي انطرد من البيت..
اتصلت بيه ونزلت قابلته في كافيه، وكان منهار خالص، وفي وسط الكلام قال حتة لفتت انتباهي كانت تايهة مننا كلنا مع زخم الأحداث، جملة استوقفتني وهو بيقول:
.
.
_ أنا ضيعت فترة من عمري مع ست مريضة كانسر، يوم كويسة وشهر بتصارع الموت، يومين لطيفة وشهر متعصبة ومقرفة، وكل دي انا صابر ومتحمل واقول بكرة تموت وأورث أنا شركتها ومكاتبها في المانيا، ورصيدها في البنك يبقى بتاعي، لكن كنت غبي، وبوقع على اي حاجة آخدها منها، واقول وماله، ما انا فعلا أخدت منها كذا ..
أنا وقفته هنا:
_ عادل .. هو انت من حقك تورث مراتك الألمانية حتى لو مش كاتبة لك تنازل؟
_ اه طبعا، ما انا جوزها، وأشارك أسرتها في ميراثها
.
.
_ كل ده يا عادل وانت خايف من كام ورقة طالبوك بيها
_ ما هم اتهموني اني استغليت مرضها الاخير ودي تهمة مش سهلة
_ سهلة ايه وصعبة يا عادل، انت بتستهبل، تعبت اعصابنا معاك وانت ناسي ميراثك، انت تبلغ المحامي يقول للسفارة انك بتطالب بميراثك في مراتك هناك في ميونيخ، وفي مصر، وبعدها نشوف حوار الورق والرصيد اللي اتجمد في البنك.
عادل كان فرحان خالص بالفكرة، وروحنا مع بعض لعنوان المحامي،
بس مكانش موجود في مكتبه وقافل كل تليفوناته..
طلعت مفاتيح الشقة اللي اشتراها عادل واديتهاله
_ عادل، دي مفاتيح الشقة اللي انت اشتريتهالي، وفيها الورق اللي يثبت ملكيتي ليها، خليه معاك ربما تحب تلغي الملكية أو تعمل أي حاجة، وفيها كمان الفلوس اللي خليتهالي، مش خدت منها غير ٣٠٠ يورو علشان اشتري سكوت بابا عن سفرك بعد كتب الكتاب، عيش في شقتك وبفلوسك لحد ما الموضوع ده ينتهي يا عادل
_ انتي عظيمة أوي يا فرح، وجدعة ومحل ثقة
_ مفيش عظمة أكتر من أنك تكون راجل معايا وتفكر في مصلحتي في عز ما كنت عايش في خطر،
وتعمل حاجة تغضب أهلك عشاني، الشقة بتاعتك والفلوس فلوسك يا عادل
_ تؤتؤ، لا شقتي ولا فلوسي يا فرح، انا هعتبر نفسي حد لجألك وانتي آويتيه
_ متقولش كده يا حبيبي، مفيش لاجئ في موطنه
كلام كبير خرج مني معرفش ازاي، مع أن عادل مش جديد عليا، وحسيت اني فعلا لازم اقف جنبه، خصوصا بعد ما أهله عملوا فيه كل ده..
افترقنا كام ساعة كده لحد المغرب، واتصل عادل بالمحامي وخدني ميعاد وبلغني بيه، وروحنا مع بعض..
المحامي كان راجل ذكي خالص، وبيحب أولاد بلده، وكان متعاطف جدا مع عادل خصوصا لما عرف أنه شاب كويس، وفي بداية كلامه قال لعادل أنه لقى فكرة يخلص بيها عادل من الورطة دي
_ ايه هي؟
المحامي قال لعادل أن أبوه امتلك الأرض دي والنسبة دي بعقد من عادل نفسه، وبما إن عادل لا يملك الأرض ولا الشركة علشان يتنازل عنها بسبب الأوراق اللي وقعها هناك، يبقى كده ابو عادل لا يملك هو كمان حاجة، لأن فاقد الشئ لا يعطيه، وعادل يعتبر فاقد الشئ، وكده والد عادل يولع في الورق اللي معاه ده ملوش لزوم، وعادل يطلع سليم.
أنا تدخلت وسألت المحامي:
_ طيب بالنسبة لميراث عادل في مراته، يضيع بالقضية اللي رفعوها عليه هناك؟
_ لا طبعا، هما طالبوا بتجميد رصيده اللي حصل عليه منها دفعة واحدة، لكن ميراثه في ألمانيا ومصر محفوظ..
وهنا عادل طار من الفرحة، وطلب من المحامي يساعده ويدعمه في موقفه ده..
والمحامي طلع راجل عطوف بجد، ووعد عادل أنه يخلص له كل الأوراق ده..
رجعت البيت، لاقيت أخت عادل لسة داخلة البيت عندنا، ومتضايقة ومقهورة وبتسألني:
_ اخويا عادل فين؟ وقافل موبايله ليه؟
_ وانا هعرف منين؟ هو انا اللي طفشته؟
_ يا فرح الدنيا بايظة في البيت وعايزين عادل ضروري
رواية صد. مة فرح. الجزء السابع
.
.
.
.