عبدالله بن أم مكتوم صحابي نزلت فيه سورة “عبس” في القرآن الكريم، وهو الذي قال له النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي”.
هو عبدالله بن قيس بن زائدة بن الأصم، واختلفت المصادر التاريخية في اسمه فقيل: عمر وعمرو والحصين، وإن النبي هو من سماه عبدالله بدلًا من الحصين، وعُرف في كتب التاريخ وبينَ الصحابةِ باسم أُمّه أم مكتوم،
واسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة من بني مخزوم، وهو ابن خال أم المؤن خديجة بنت خويلد زوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كان ابن أم مكتوم أحد السابقين إلى الإسلام وواحدا من أوائل المهاجرين إلى يثرب، ولم تقف إعاقته البصرية حائلا دون تعلُّمه وحفظه القرآن الكريم وأمور الدين، إذ عُرف عنه قوة الحفظ وكرم الخُلق والرأي السديد وجمال الصوت، مّا دفع بالنبي لجعله مؤذنًا للصلاة مع بلال بن رباح.
أنزل الله في الصحابي الجليل آيات سورة “عبس” في واقعة شهيرة، عنا جاء إلى الرسولِ طالبا منه تعلم القرآن، فأعرض النبي عن ابن أم مكتوم بوجهه و منه لإلحاحه وهو منشغل بدعوة سادات قريش إلى الإسلام،
فنزلت الآيات العشر الأولى من سورة “عبس” عتابًا لطيفًا للنبي لإعراضه عن الأعمى، كما وصفته الآيات الكريمة، للتعريف بأنه فاقدًا لحاسة البصر.
وبعد معاتبة الله لسيدنا محمد في سورة “عبس”، حرص النبي على إكرام ابن أم مكتوم وإظهار الحب له بالترحيب به، واستخلافه على المدينة المنورة أثناء خروجه للغزوات والحروب، إذ استخلفه النبي 13 مرّةً، إلى جانب استخلافه عليها في حجة الوداع.
طال بعبدالله العمر حتى شهد معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص، فشارك فيها وكان له دور فاعل في حث المسلمين على الثبات، واستشهد فيها سنة 14 من الة.
شاهدت ما ورد في تفسير عبس وتولى في تفسير سورة عبس وتولى أنها نزلت على رسول الله وأن رسول الله هو الذي عبس وتولى وهذا كلام غير صحيح وإنما الذي عبس وتولى هو عمر بن الخطاب والدليل كالتالي:
.
.
1- الوحي كان ينزل على رسول الله وكان يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام إذا المفروض تأتي الآية التي نزلت على الرسول كالتالي (عبست وتوليت) وليس عبس وتولى هذا إذا كانت الآيه نزلت على الرسول ون ب الأمثله على الآيات التي كانت تخاطب الرسول (يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) (أنا أعطيناك الكوثر)
.
الكاف هو ضمير يعود إلى الرسول.
2- الله سبحانه وتعالى يقول: (وإنك لعلى خلق عظيم) كيف يكون على خلق عظيم إذا كان يعبس في وجه الغير
3- كذلك الله سبحانه وتعالى يقول: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثير)، إذاً رسول الله أفضل الخلق والأخلاق فكيف يعبس هذا؟ وجزاكم الله كل خير.
.
فإن ما شاهدته في هذا الموقع هو ما اتفق عليه المفسرون عن بكرة أبيهم وهو ما جاء في دواوين السنة ومراجع السيرة النبوية الشريفة، ولم نقف على من قال إنها نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإليك التفصيل..
قال الشوكاني في فتح القدير: وقد أجمع المفسرون على أن سبب نزول الآية أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ي عليه ابن أم مكتوم كلامه، فأعرض عنه فنزلت. انتهى.
.
.
وقال ابن كثير بعا ساق الأحاديث الواردة في سبب النزول وأنها في ابن أم مكتوم: وهكذا ذكر غير واحد من السلف والخلف أنها نزلت في ابن أم مكتوم، والمشهور أن اسمه عبد الله ويقال عمرو. والله أعلم. انتهى.
.
وقال صاحب كتاب محمد رسول الله: أجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى هو الرسول عليه الصلاة والسلام وأجمعوا على أن الأعمى هو ابن أم مكتوم.. أتى رسول الله ابن أم مكتوم وعنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم أقرئني وعل مما علمك الله وكرر ذلك فكره رسول الله ه لكلامه وأعرض عنه فنزلت هذه الآية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه يقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، ويقول هل لك من حاجة ولا شك أن في استخلافه للمدينة إكراماً له. انتهى.
.
.
.
وأما توجيه الكلام إليه صلى الله عليه وسلم بأسلوب الغيبة فإنه لحكم ونكت بلاغية ربما تغيب عن ذهن من لم يتذوق أساليب اللغة العربية وبلاغتها… فقوله تعالى (عبس وتولى) بأسلوب الإخبار عن الغائب فيه تعظيم له وتكريم فكأن الكلام موجه لغيره… ثم يلتفت ويأتي بأسلوب الخطاب (وما يدريك لعله يزكى..) تأنيساً له صلى الله عليه وسلم، قال صاحب روح المعاني: وضمير عبس وما بعده للنبي صلى الله عليه وسلم وفي التعبير عنه عليه الصلاة والسلام بضمير الغيبة إجلال له صلى الله عليه وسلم لإيهام أن من صدر عنه ذلك غيره لأنه لا يصدر عنه صلى الله عليه وسلم كما أن في التعبير عنه صلى الله عليه وسلم بضمير الخطاب في قوله سبحانه وما يدريك لعله يزكى ذلك لما فيه من الإيناس بعد الإيحاش والإقبال بعد الإعراض والتعبير عن ابن أم مكتوم بالأعمى للإشعار بعذره في الإقدام على كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتشاغله بالقوم. انتهى.
وقال ابن عاشور: ولما كان صدور ذلك من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لم يشأ الله أن يفاتحه بما يتبادر منه أنه المقصود بالكلام فوجهه إليه على أسلوب الغيبة ليكون أول ما يقرع سمعه باعثاً على أن يترقب المعنى من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب وهذا تلطف من الله برسوله صلى الله عليه وسلم ليقع العتاب في نفسه مدرجاً وذلك أهون وقعاً… ثم جيء بضمائر الخطاب على طريقة الالتفات. ثم ذكر رحمه الله بحثاً طويلاً في هذا الموضوع غاية في الأهمية بالنسبة للدعاة وطلبة العلم، نرجو منك أن تطلع عليه، ثم قال في آخره: والحاصل أن الله تعالى أعلم رسوله صلى الله عليه وسلم أن ذلك المشرك الذي محضه نصحه لا يرجى منه صلاح وأن ذلك المؤمن الذي استبقى العناية به إلى وقت آخر يزداد صلاحاً تفيد المبادرة به لأنه في حالة تلهفه على التلقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد استعداداً منه في حين آخر…
.
.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويكرمه ويقول له مرحباً بمن عاتبني فيه ربي وقد استخلفه على المدينة في خروجه إلى الغزوات ثلاث عشرة مرة وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم هو وبلال بن رباح. انتهى.
.
ثم إن ع وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب هذه الة أو غيرها لا يتنافى مع ما جاء في حسن خلقه والأمر بالاقتداء به، فهو صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وهو وحده الأسوة الحسنة، لكنه بشر يعتريه ما يعتري البشر من الأعراض كال والسرور والمرض والصحة… ويظهر ذلك على جسده وملامح وجهه، فكان صلى الله عليه وسلم يتغير وجهه عنا يرى ما يكره… ويظهر عليه السرور عنا يرى ما يحب..
.
.
وقد ورد ذلك في أحاديث كثيرة صحيحة، وسبب ع وجهه صلى الله عليه وسلم إلحاح ابن أم مكتوم وهو معذور -طبعاً- لأنه لا يرى حال النبي صلى الله عليه وسلم وانشغاله عنه، فهذه الة وما نزل فيها من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودليل على صدقه وأنه -كما قال ب السلف-: لو كتم محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً مما أوحي إليه لكتم هذه الآيات. وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 66269، والفتوى رقم: 38915 وما أحيل عليه فيهما.
هذا وننبه إلى التحذير الأكيد ود الشديد لمن تكلم في القرآن بغير علم فقد أخرج الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمداً فليتبؤا مقعده من ال، ومن قال في القرآن برأيه فليتبؤا مقعده من ال. وفي رواية: من قال في القرآن بغير علم…
والله أعلم.
.
.
.
.