.
.
.
.
ما حكم من أتلف شيئًا من ممتلكات الآخرين بغير قصد ؟
السؤال: كنتُ واقفةً خارج مطعم ، وكانتْ معي عربة مشترياتي، وكانت الأرضيَّة خارجَ المطعم من النَّوع الذي تنزلِقُ عليه الأشياء. تدحرجتْ عربتي واصطدمتْ بسيَّارة، ونظرتُ إلى السَّيارة، فوجدتُ بها خدشًا، وصاحب السيَّارة كان غير موجود.
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الأمرُ كما ذكرتِ: “أنَّ العربةَ تدحرجتْ واصطدمت بالسَّيَّارة، دون قصدٍ منكِ” – فلا إثْمَ عليك -إن شاء الله تعالى- ولكنْ يلزَمُك تعويضُ صاحبِ السَّيَّارة عما لحقه من أضرار، سواءٌ بترْميم ما حدَث للسَّيَّارة، أم بدفع قِيمته؛ إلا أن يتسامحَ صاحبُ الحقِّ ويعفو.
وقد دلَّت على ذلك النُّصوص من الكتاب والسنَّة؛ فأمَّا الكتاب فقولُه تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]، وقولُه تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126].
وأمَّا السنَّة، فمنْها ما رواه البخاري وغيرُه، عن أنسٍ رضي الله عنْه قال: أهدتْ بعض أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إليْه طعامًا في قَصْعة، فضربتْ عائشةُ القصْعة بيدِها فكسرتْها، وألْقت ما فيها، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم: “طعامٌ بطعامٍ، وإناءٌ بإناءٍ”، وفي لفظ: فقالتْ عائشة: يا رسولَ الله، ما كفَّارته؟ فقال الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم: “إناءٌ كإناءٍ، وطعامٌ كطعامٍ”.
قال الإمام ابنُ أبي زيدٍ المالكي: “ومن استهلك عرَضًا أو أتلفه، فعليْه قيمتُه أو مثلُه في الموضعِ الذي استهْلكه فيه أو أتْلفه، سواءٌ كان عمدًا أو خطأً؛ إذ العمد والخطأ في أمْوال الناس سواءٌ، وسواء كان بالغًا أو غيرَ بالغٍ، وسواءٌ باشرَ أو تسبَّب على المشْهور”.
قال الإمام ابنُ القيِّم رحِمه الله: “اقتضتِ السُّنَّة التَّعويض بالمثْل”.
وقال: “الأصل الثاني: أنَّ جميع المتلفات تُضْمن بالجِنْس -بحسب الإمكان- مع مُراعاة القيمة، حتَّى الحيوانَ، فإنَّه إذا اقترضه، ردَّ مثلَه…. وإذا كانت المُماثلة من كلِّ وجهٍ متعذِّرة -حتَّى في المَكِيل والموْزون- فما كان أقربَ إلى المُماثلة، فهو أوْلى بالصَّواب، ولا ريبَ أنَّ الجنْس إلى الجنْس أقربُ مُماثلةً من الجنْس إلى القيمة؛ فهذا هو القياس وموجِبُ النصوص، وبالله التوفيق”. اهـ. “إعلام الموقعين” (2/20)،، والله أعلم.
– موقع طريق الإسلام
اذا اتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
.
.