12=رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني عشر
دلفت شمس مع اياد الى شركة رياض الصباغ واتجها مباشرة الى مكتب رياض نفسه…
اخبرتهم السكرتيرة ما ان رأتهما بأن رياض ومجموعة من موظفيه في انتظارهما في الداخل…
ولج الاثنان الى داخل المكتب ليجدا الجميع هناك…
ابتلعت شمس ريقها وتلاقت عيناها لا اراديا مع عيني رائد الذي رماها بنظرات باردة قبل ان يشيح بوجهه بعيدا عنها..
جلست شمس على يمين رياض في المكان المخصص لها وجلس اياد بجانبها…
بدأ الاجتماع واخذ جميع الاطراف يتحدثون بشأن بعض الامور التي تخص المشروع…
استمر الاجتماع لاكثر من ثلاث ساعات…شعرت خلالها شمس بالارهاق الشديد خاصة انها لم تتناول طعامها منذ وقت طويل…
انتهى الاجتماع اخيرا لتنهض شمس من مكانها وتحيي رياض… همت بالتحرك خارجة من المكتب وكذلك فعل رائد فكليهما يريدان الهرب من بعضيهما باسرع فرصة…
في اثناء تحركها خارج المكتب شعرت بدوار خفيف يسيطر عليها فكادت ان تقع على الارض الا ان رائد لحق بها ومسكها…ركض كلا من رياض واياد وبقية الموظفين نحويهما بينما بالكاد استطاعت هي التماسك…
واخيرا استعادت توازنها لتجد رياض يسألها بلهفة غريبة:
هل انت بخيرر…؟!
اومأت برأسها دون ان تجيب ثم ما لبثتان نظرت الى رائد وهي تريد شكره لكنها منحها ابتسامة ساخرة قبل ان يهمس لها بجانب اذنها بصوت لا يسمعه احد:
يبدو ان ادعاء المرض والتعب باتت عادة لديك… حركاتك مفضوحة يا مدام…
ابتلعت شمس غصتها داخل حلقها ثم تحركت بسرعة وخطوات راكضة خارج المكتب غير ابهة برياض او اي احد من الموجودين بينما اخذ رائد يتابعها بنظرات حزينة…
كان اياد يركض وراءها وهو ينادي باسمها لتتوقف اخيرا امام مدخل الشركةوهي تقول بنبرة غاضبة:
اتركني لوحدي يا اياد…من فضلك…
كلا لن اتركك حتى افهم ما بك…
التفتت نحوه وعيناها تلمعان بنيران الغضب قبل ان تقول بعصبية:
لماذا لا تفهم علي…؟! اريد البقاء لوحدي…انا مرتاحة هكذا…
شمس اهدئي قليلا…
.
.
قالها اياد محاولا تهدئتها لتأخذ شمس نفسا عميقا قبل ان تزفره ببطأ…
احتقن وجهها كليا ما ان رأت رائد يسير امامها وبجانبه ميسون وهما مندمجان في الحديث…
اشاحت بوجهها بعيدا عنهما بينما تخذ اياد يبتسم بمكر وهو يقول:
كل هذا لاجله…
اياد…
صرخت به باستنكار ليرد اياد:
حسنا اهدئي اهدئي…
ثم اردف قائلا بنبرة مستكينة:
شمس…ألست انا بمثابة اخوك…؟! ألم نتفق يوما على ان نكون اخوة واصدقاء…؟!
اومأت شمس برأسها وهي تتذكر ذلك اليوم الذي طلبها بها اياد للزواج والذي اخبرته حينها بأنها تراه كأخ كبير وربما صديق وانها لا تريد خسارته…
وبالفعل اقتنع اياد بعد فترة بأنها لا تحبه سوى كأخ وصديق ليقرر ان يصبح اخا وداعما لها…
ومنذ ذلك الوقت قوت علاقتهما كثيرا واصبحا شريكين في كثير من الاعمال… اضافة ان اياد هو من ساعد شمس بعد طلاقها من رائد ودعمها وقدم لها الكثير من الدعم والاسناد وشرح لها اهم اعمال الشركة…
ماذا تريد يا اياد بالضبط…؟!
قالتهاشمس بعدما افاقت من ذكرياتها ليرد اياد بجدية
دعينا نذهب الى احد المطاعم القريبة ونتحدث…
شعرت شمس بالحيرة…فهي تريد الذهاب معه وفي نفس الوقت تشعر برغبة شديدة في الانعزال قليلا والبقاء وحيدة…
لن اخذ من وقتك الكثير…
تنهدت شمس ثم قالت بجدية:
حسنا لنذهب…
ابتسم اياد وسحبها من يديها متجها بها الى احد المطاعم القريبة واضطرت الشمس الى الاذعان له ومسايرته…
جلس كلا من شمس ورائد على احدى الطاولات الموجوده في احد المطاعم الراقية…
تحدث اياد بنبرة جادة:
.
.
والان اخبريني… لماذا تبدين مكتئبة ومتعبة للغاية…؟
تنهدت شمس بتعب ثم ما لبثت ان قالت بعيون مدمعة:
انا بالفعل متعبة يا اياد… متعبة للغاية..
انحنى اياد نحوها متسائلا بقلق:
ما بك يا شمس اخبريني…
الا ان شمس التزمت الصمت ورفضت ان تتحدث…
ربما خوفا من ان تفشي سرا لا يجوز افشاءه او رغبة منها في الحفاظ على بعض الخصوصية…
بسبب رائد…أليس كذلك…؟!
لم تجبه وانما اكتفت بهز رأسها…
.
.
ماذا فعل هذه المرة…؟!
اجابته بتعب:
هو لم يفعل…انا من فعلت…
ماذا فعلت…؟!
انتقمت لنفسي وثأرت لكرامتي…
شمس…انا لا افهم شيئا مما تقولينه…
اشاحت وجهها بعيدا عنها تتطلع الى الشوارع خارج النافذة… شردت في الماضي البعيد وفي ذلك اليوم الذي انتهى به كل شيء…
.
.
( كانت جالسة على سريرها تحتضن جسدها بكلتي يديها وهي تفكر بما حدث…
تشهق باكية بقوة كلما تتذكر كيف وقعت نهى وغرقت بدمائها…
اغمضت عيناها واخذت تهز جسدها بقوة…
سمعت صوت الباب يفتح ففتحت عيناها لتجد رائد يدلف الى الداخل فنهضت من مكانها بسرعة وتقدمت نحوه متسائلة:
نهى كيف حالها…؟! اخبرنيى…
رماها بنظرات جامدة ثقيلة قبل ان يهمس بكره:
وتسألين بكل وقاحة عن وضعها…
ماذا تقصد..؟!
.
.
سألته بعدم استيعاب ليهمس بجنون وهو يقبض على ذراعها:
لقد خسرت ابني بسببك… وكدت ان اخسر زوجتي ايضا… كله بسببك…انت دمرتِ حياتي… خربتِ كل شيء…
رائد انا لم اقصد… اقسم لك بأنها هي من دفعتني…
اخرسي…
هدر بها بعنف لتنهار باكية وهي تتوسله:
رائد اسمعني… هي من حاولت خنقي اولا…
الا انه لم يستمع لها بل اتجه بجنون نحو خزانة ملابسها واخذ يرمي اغراضها ارضا وهو يصرخ بها:
من الان فصاعدا لا اريد ان اراك في هذا المنزل… اخرجي منه حالا…
ثم لمعت عيناه بقوة وهو يكمل:
وانت طالق…طالق.. هل فهمت…؟!
رائد…
كادت ان تركض وراءه وهو يخرج من الغرفة الا انها تعثرت باحد الاغراض ووقعت ارضا لتنهار باكية بقوة…
رواية عروسي الصغيرة. الجزء الثالث عشر
.
.
.
.