4=رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل الرابع
مرت الايام وعلاقة رائد وشمس لم تتغير…
فشمس فشلت في جذبه اليها وفهمت بان الموضوع اصعب مما تظن خصوصا بخبرتها الضيئلة وسنها الصغير…
ورائد كما هو ما زال يراها كما هي مجرد طفلة صغيرة وامانة لديه يجب ان يحافظ عليها…
كان اليوم هو الجمعةة…
استيقظت شمس به مبكرا على غير العادة…
كان الحماس يسيطر عليها فاليوم الجميع موجود ولن تشعر بالملل لوحدها…
هبطت الى الطابق السفلي واتجهت الى المطبخ لتجد سميحة تعد طعام الغداء…
ما ان رأتها سميحة والدة رائد حتى طلبت منها ان تتناول فطورها الا انها لم تكن جائعة ففضلت انتظار الغداء…
خرجت من المطبخ واخذت تسير في المنزل بلا وجهة محددة…
حينما توقفت فجأة امام الباب الخارجي لصالة الجلوس لتستمع الى عمها ورائد يتهامسان سويا وقد استنتجت بأنهما يتحدثان بشأن امر ما يخص والدها وحالته الصحية…
حاولت سماع شيء من حديثهما لكن بلا فائدة ففهمت بأنهما لا يريدان لها ان تسمع شيئا…
ادمعت عيناها بقوة وهي تتخيل ان والدها قد جرى له شيئا سيئا او تدهورت حالته الصحية لكنها توقفت عن التفكير بهذه الطريقة حينما لمحت ابتسامة عمها الاخيرة لتزفر انفاسها بارتياح فيبدو ان الوضع على ما يرام…
همت بالتحرك مبتعدة عن المكان حتى لا يراها احد وهي تتلصص عليهما الا انها اصطدمت بنهى امامها والتي قالت بسخرية:
الصغيرة تتلصص على حديث زوجها ووالده الخاص بهما..!
عقدت شمس حاجبيها قائلة بحدة خفيفة:
انتبهي على كلامك يا نهى…انا لا اتلصص على احد…
طبعا طبعا…
قالتها بتهكم قبل ان تردف بلطف مصطنع:
انا امزح معك يا فتاة… اعرف ان اخلاقك لن تصل الى هذا المستوى…
جيد… عن اذنك…
.
.
قالتها شمس بلهجة رسمية وهي تتحرك مبتعدة عنها لتزفر نهى انفاسها بغيظ فهي الى الان لم تحقق ايا من مخططاتها واهمها انتقالها مع شمس ورائد الى فيلا والد شمس…
جاء وقت الطعام وجلست شمس مع العائلة على مائدة الطعام مع العائلة…
كان الجميع يتحدث سويا وشمس صامتة تراقب انفعالات رائد التي تدل على انه سعيد ومرتاح على غير العادة…
كانت تتمنى ان يخبرها بشيء… اي شيء يخص والدها لكنه لم يفعل…
نهضت شمس من مكانها بعدما شعرت بالملل الشديد وعدم الرغبة في البقاء بينهم اكثر…
سألها عمها:
لماذا نهضت يا شمس…؟! انت لم تتناولي طعامك بعد…
اجابته شمس:
لا شهية لدي ياعمي… سوف اذهب الى غرفتي لارتاح هناك قليلا…
هز العم رأسه بتفهم بينما نهض رائد من مكانه متسائلا باستغراب وهو يتقدم نحوها:
هل حدث شيئا ما…؟! تبدين حزينة..
هزت رأسها نفيا وتحركت مبتعدة عنه بشكل جعل رائد يدرك بأنه احزنها بامر ما..
رواية عروسي الصغيرة. الجزء الخامس
تحرك رائد خلفها متجها الى غرفتها..
دلفت شمس الى غرفتها يتبعها رائد والذي قال بدوره:
والان اخبريني… ماذا حدث…؟!
.
.
اجابته شمس بضيق:
انت من يجب ان تخبرني بما حدث…
لا افهم…
كان رائد صادقا في حديثه فهو لم يفهم ما تريده لترد شمس:
ماذا حدث بشأن والدي…؟! ولما كنتما تتحدثان بهمس انت وعمي في غرفة الجلوس…؟
صاح اياد مستنكرا:
هل كنت تتلصصين علينا يا شمس…؟!
.
.
هزت رأسها نفيا بسرعة وقالت مدافعة عن نفسها:
لم اتلصص عليكما… ولكنني ادركت من حديثكما الخافت ان الامر يخص والدي
وانتظرتك ان تخبرني دون ان اسألك لكنك لم تفعل…
زفر رائد انفاسه وقال بجدية:
لأنك عديمة الصبر… لو انتظرت قليلا لكنت اخبرتك…
ماذا حدث…؟! اخبرني…
.
.
سألته بلهفة ليجيبها بنفس الجدية:
والدك بخيرر… وضعه يتحسن كثيرا…
كيف يعني…؟! اخبرني بالتفاصيل كاملة…
وضح رائد لها حديثه:
جسده بدء يستجيب للعلاج الجديد… وهذا يجعل امل الشفاء من مرضه كبيرا…
الحمد لله… الحمد لله يارب…
قالتها شمس بامتنان وهي تكاد تقفز من فرط السعادة…
.
.
ابتسم رائد اثرا لسعادتها لكن سرعان ما اختفت ابتسامته وهو يلاحظ تغير اختفاء السعادة من فوق ملامح وجهها ثم بدت وكأنها تفكر في امر ما…
لحظات قليلة وطغى الحزن على ملامحها بشكل صدمه لتقول بنبرة خافتة:
الان فهمت سبب سعادتك… والابتسامة التي كانت تشق وجهك حينما كنت تتحدث مع والدك…
لا افهم..
كان رائد لا يفهم حقا ما تعنيه…
لترد شمس:
انت سعيد لان تخلصك مني بات قريبا… أليس كذلك…؟!
فرغ رائد فاهه بدهشةبينما اكملت شمس بحزن وهي تجلس على السرير:
حينما يشفى والدي سوف تستطيع التخلص منى وتطليقي…
رفع رائد حاجبه مندهشا من سوء تفكيرها:
هل هذا كل ما خطر على بالك…؟!
لم تكن تسمعه وهي تنهض من مكانها وتتقدم ناحيته تقول بلهجة عدوانيةة:
لكن لا… لن اسمح لك بهذا… انتم لا يحق لكم تزويجي وتطليقي متى ما اردتم…
زفر رائد انفاسه بملل وقال:
اسمعيني يا شمس…
ضغطت شمس على فمها بقوة حتى لا تتحدث بينما اكمل رائد بصرامة:
اهدئي اولا… ما تقولينه خطأ… انا لا افكر في التخلي عنك والتخلص من مسؤوليتك كما تظنين…
وانما اشعر بالارتياح لاني شفاء عمي لم يعد امرا صعبا او مستحيلا…وانت يجب ان تسعدي لوالدك بدلا من هذه الافكار الطفولية السخيفة التي لا تنفك ان تعود اليك بين الحينة والاخرى…
ابتلعت شمس غصتها وقالت بالم:
هل انا سخيفة…؟!
زفر رائد انفاسه بنفاذ صبر و قال:
شمس يكفي… لا تجعلينني اندم لاني اتحدث معك بعقلانية وأحاول نصحك…
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت بعناد:
هكذا اذا…وانا لم اطلب نصائح سيادتك…
الحديث معك بات لا يطاق… سأخرج من هنا فهذا افضل لي…
قالها وهو يندفع هاربا منها ومن احاديثها السخيفة في نظره لتضرب شمس الارض بقدميها وهي تتمتم بغيظ:
غبي.. غبي ولا يفهم علي اطلاقا…
مرت ايام اخرى…
لم يحدث بها شيء جديد…
كان قد تبقى اقل من اسبوع على قدوم المدارس…
اصرت شمس على رائد ان يخرج معها لتنتقي الملابس الخاصة بمدرستها اضافةالى شراء جميع احتياجاتها…
كانت شمس تتحمس كثيرا لقدوم المدراس فهي تحب جدا التسوق بتلك الحاجيات الخاصة بالمدرسة من دفاتر واقلام وملونات وغيرها…
كانت تتحرك في السوق وهي متعلقة بيد رائد كطفلة صغيرة تتعلق بوالدها…
تتطلع بعيون متحمسة الى الاغراض وتشير الى هذه وتلك بلهفة لشرائها…
كان رائد يشاركها في اختيار كل شيء بناء على طلبها…
ورغم انه لم يكن من محبي التسوق الا انه كان يسعد لسعادتها…
مرت الوقت بسرعة واشترت شمس جميع الاغراض التي تحتاجها…
وفي طريق العودة ترجت رائد ان يتعشيا سويا في احد المطاعم القريبة…
وبالفعل وافق على طلبها وذهبا سويا الى احد مطاعم الوجبات السريعة…
جلس الاثنان على تحكى الطاولات وجاء النادل ليأخذ طلباتهما…
ما ان انتهى النادل من تسجيل طلبات كليهمل وذهب حتى استندت شمس على الطاولة واخذت تنقل نظرها في ارجاء المكان بحماس قبل ان تهمس متسائلة فجأة:
اخبرني يا رائد…متى تزوجت من نهى…؟!
استغرب رائد من سؤالها لكنه اجابها عليه:
من خمس سنوات…
وكم عمرها…؟!
ثمانية وعشرون عاما…
هزت رأسها بتفهم وعادت وسألته:
هل كان زواجا تقليديا أم…؟!
وقبل ان تكمل قاطعها بسرعة دون ان يفهم مغزى سؤالها:
تقليديا…
ابتسمت لا اراديا وهي تزيح خصلات شعرها خلف اذنها بينما سألها رائد بجدية:
ولكن لما كل هذه الاسئلة…؟!
اجابته وهي تهز كتفيها:
فضول لا اكثرر…
اخذا بعدها يتحدثا سويا في مختلف المواضيع…
حدثته شمس عن صديقاتها…
وعن رغبتها في دراسة الهندسة…
وغيرها من الاشياء…
انتهيا من تناول طعامهما ورحلا عائدين الى المنزل…
ما ان دخلت شمس الى المنزل حتى ركضت ناحية سميحة واخذت تعرض امامها ما اشترته…
كان نهى تتابع ما يحدث بغيرة خاصة حينما تتحظث شمس عما فعله رائد وكيف اشترى لها ما تريده ونفذ لها جميع ما طلبته…
ظلت شمس تنثر الاغراض امام الجميع الذي شاركها سعادتها…
بينما نهضت نهى من مكانها واتجهت الى غرفتها دون ان تنطق بكلمة واحدة…
دلف رائد الى الداخل ليجد شمس تتوسط الصالة وهي تعرض اغراضها امام اهله…
قال موجها حديثه لشمس:
هل ارتحت الان يا صغيرة…؟! لقد اشتريتي جميع ما تريدين…
ابتسمت شمس بسعادة وقالت:
شكرا يا رائد… واسفة لانني اتعبتك معي…
قال رائد بدوره موجها حديثه لوالديه:
سوف اذهب لانام فانا متعب للغاية…
تحركت شمس اتجاهه تنوي الذهاب معه:
سأتي معك حالا..
الا انه قاطعها بما جعلها تتسمر في مكانها وجعل الدموع تملأ عينيها لا اراديا:
لا داعي لان تأتي يا شمس… سوف ابيت الليلة مع نهى… ليلة سعيدة مقدما…
رواية عروسي الصغيرة. الجزء الخامس
.
.
.
.