2=رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني
اوقف رائد سيارته امام منزله والتفت الى شمس القابعة بجانبه والتي اخذت تجفف دموعها فسألها بقلق:
هل اصبحت افضل الان…؟!
اومأت شمس برأسها دون ان ترد فقبض رائد على كف يدها بدعم حقيقي منه جعل شمس تتأمل كف يده الضخم وهو يضم يدها فشعرت بالامان يغمرها لا اراديا وابتسمت ببعض الارتياح…
هيا بنا لندلف الى الداخل فالجميع بانتظارنا…
قالها وهو يحرر كف يدها من قبضته بينما ودت شمس لو يمسك يدها الى الابد…
هبطت من السيارة وقد عاد الشعور بالخوف والقلق اليها…
لا تصدق انها تركت منزلها الامن وستعيش في منزل غريب عنها مع ناس لم تلتق بهم الا نادرا…
عاد رائد ومسك يدها مرة اخرى وسار بها متجها الى داخل المنزل…
استقبلها الجميع بحفاوة شديدة بدءا من عمها وزوجته ورنا اخت رائد الصغرى…
جلس الجميع في صالة الجلوس وظلت شمس ملتصقة برائد مما استغربه الجميع فهي لم تلتق بها سوى مرتين…!!!
في هذه الاثناء هبطت نهى من غرفتها لتتأملها شمس بتمعن…
لقد رأتها مسبقا حيث كانت جميلة للغاية خاصة بشعرها الاسود الطويل…
وضعت شمس يدها على اطراف شعرها القصير لا اراديا وهي تتأمل شعر نهى الطويل جدا…
القت نهى التحية عليهم ثم اقتربت من شمس وحيتها قائلة:
اهلا حبيبتي…أنرت المنزل بوجودك…
نقلت شمس بصرها بين الموجودين حيث بان التعجب على ملامحهم لتهز رأسها وتجيبها ببرود مقصود دون ان تنهض من مكانها:
اهلا بك…
تغاضت نهى عن برود شمس الواضح معها وجلست بجانب رائد من الجهة الاخرى واخذت تتحدث مع الموجودين بلباقة حسدتها شمس عليها…
اخذ الجميع يتحدث في شتى المواضيع بينما شمس صامتة تراقبهم فقط وعيناها لا تترك رائد والتي لاحظت اندماجه الشديد مع نهى بشكل لن تصل هي اليه بالتاكيد…
.
.
انتبه عمها لنظراتها التائه وصمتها المؤلم فسألها بنبرة حنون:
شمس يا صغيرتي…لماذا انت صامته…؟!
اجابته شمس وقد افاقت من افكارها اخيرا:
ابدا يا عمي…انا متعبة قليلا…
تطلعت اليها سميحة والدة رائد بنظرات يملؤها الحنان قبل ان تقول:
ما رأيك ان تذهبي حبيبتي الى غرفتك لترتاحي هناك….؟
حسنا…
قالتها شمس وهي تنهض من مكانها ثم التفتت الى رائد تسأله:
ألن تأتي معي…؟!
شعر رائد بالاحراج لااراديا من الموجودين وقبل ان يتحدث قالت نهى بابتسامة مفتعلة:
بالطبع سياتي معك حبيبتي… رائد اذهب مع الفتاة ولا تتركها لوحدها… انها زوجتك الان…
وشددت على حروف كلماتها الاخيرة ليذهب رائد مع شمس الى غرفتهما…
دلف الاثنان الى الداخل لتتأمل شمس الغرفة باعجاب شديد…سألها رائد بدوره:
هل اعجبتك الغرفة…؟!
اجابته وهي تتطلع الى تفاصيلها:
إنها جميلة للغاية….
تحدث رائد بنبرة جادة:
.
.
سوف أتركك تنامين هنا وتأخذين راحتك…
إلى اين…؟!
توقف رائد في مكانه وقال مجيبا اياها:
الى غرفتي…
عقدت شمس ذراعيها امام صدرها وقالت:
تريد ان تتركني هنا لوحدي في اول يوم بعد زفافنا… ماذا سيقول اهلك عني…؟!
اجابها بجدية:
لن يقولوا شيئا فهم سيتفهمون وضعنا…
.
.
قوست فمها الى الاسفل وقالت ببكاء مصطنع:
ولكنني اخاف النوم لوحدي… فانا لست معتادة على شيء كهذا..خصوصا وانني جديدة هنا واشعر بالوحدة…
تأملها رائد بشفقة ثم قال بسرعة:
حسنا لا تبكي….سوف اذهب لاجلب بيجامتي وأاتي لانام هنا معك….
حقا…؟!
قالتها شمس وهي تجفف دموعها بحركة مصطنعة ليبتسم رائد على مظهرها الطفولي ويقول:
حقا…
ثم تحرك خارج الغرفة تاركا اياها تبتسم براحة فهي قد نجحت في اولى مهماتها…
عاد رائد وهو يرتدي بيجامته ليجد الغرفة خالية لا يوجد بها احد…
.
.
هم بالخروج منها بحثا عن شمس لكنها دخلت في نفس الوقت وهي ترتدي بيجامة مكونة من شورت قصير للغاية وتيشرت ذو حمالات رفيعة قصير هو الاخر….
ابتلع رائد ريقه وسألها:
أين كنت…؟!
اجابته:
كنت في المطبخ…اتناول القليل من الماء…لقد ارادت ماما سميحة ان تعد لي الطعام لكنني رفضت فانا لست جائعة…
هز رائد رأسه بتفهم ثم قال:
اسمعيني يا شمس…لا يجوز ان تخرجي من غرفتنا بهذه البيجامة… انها قصيرة للغاية وبيتنا دائم الاكتظاظ بالضيوف… قد يراك احد ما وانت هكذا…
.
.
مطت شمس شفتيها وقالت بلا مبالاة
حسنا كما تريد..
ثم اتجهت ناحية السرير وتمددت عليه ليقف رائد يتابعها بصمت فسألته بسرعة:
ألن تنام بجانبي….
سأنام…
قالها رائد بنبرة خشنة وهو يتجه نحوها لينام في الطرف الاخير من السرير محاولا قدر الامكان الابتعاد عنها…
الا انها رمت بجسدها بين احضان جسده بشكل صدمه بقوة وقالت وهي تبتسم بشقاوة:
سوف انام بين احضانك االليلة كما اعتدت ان انام بين احضان والدي…
هز رائد رأسه دون ان يحرك جسده المتشنج بالكامل بين اغمضت شمس عينيها وهي تضع رأسها على صدره لتغرق في سبات عميق لم يذق رائد منه شيئا…
استيقظت شمس في صباح اليوم التالي لتجد الفراش خاليا بجانبها…
نهضت من فراشها واتجهت مسرعة خارج الغرفة لكنها تراجعت في اخر لحظة وقررت تغيير بيجامتها بعدما تذكرت حديث رائد معها في الامس…
ارتدت شمس بنطال جينز ضيق مع تيشرت ذو حمالات عريضة لكنه قصير من الاسفل حيث يبرز الجانب السفلي من بطنها بسخاء…
خرجت من غرفتها واتجهت الى المطبخ لتجده خاليا…
كادت ان تخرج من المطبخ بحثا عنهم الا ان نهى تقدمت الى الداخل وهي تقول بنبرة ودودة:
صباح الخير يا عروس…
اجابتها شمس باقتضاب:
صباح النور….
هل انت جائعة…؟! سوف اعد لك الفطور….
قالتها نهى وهي تتجه الى الثلاجة لتفتحها وتخرج منها بعض الأجبان والبيض…
تقدمت شمس ناحيتها ووقفت بجانبها متسائلة بتردد:
أين رائد…؟!
اجابتها نهى وهي تخفق البيض:
انه في عمله….
عادت شمس وسألتها:
وأين الباقون…؟!
اجابتها نهى بجدية:
جميعهم في العمل… ما عدا رنا غي جامعتها….
صمتت شمس ولم تعقب بينما اخذت نهى تكمل اعداد طعام الافطار حتى انتهت منه…
تأملت شمس الطعام الذي اعدته نهى بتردد…كان يبدو شهيا لكنها لم ترغب في ان تتناول شيئا من صنع يديها…
لا تقلقي… انه لذيذ…
قالتها نهى التي بدأت في تناول الطعام لتقول شمس:
نعم يبدو كذلك ولكنني لست جائعة…
لا تخجلي يا عزيزتي… هذا اصبح منزلك…وانا اصبحت بمثابة اخت لك…
هيا تعالي واجلسي بجانبي لنتناول فطورنا سويا…
لعقت شمس شفتيها فهي جائعة للغاية ثم اومأت برأسها وتقدمت ناحية نهى وبدأت تتناول طعامها بنهم شديد…
توقفت نهى عن تناول الطعام وسألت شمس:
اخبريني يا شمس…هل اعجبك منزلنا المتواضع…؟! وهل انت سعيدة هنا…؟!
اجابتها شمس بجدية:
نعم اعجبني للغاية… انه صغير نوعا ما لكنه جميل..
ثم اردفت وهي تمط شفتيها بحزن شديد:
لكنني لست سعيدة بالتأكيد وانا بعيدة عن منزلي…!
لماذا تركت منزلك اذا…؟!
سألتها نهى بفضول لتجيبها شمس:
رائد من طلب مني هذا… فهو لا يستطيع تركك لوحدك هنا…
رفعت نهى حاجبها وقالت بعدم تصديق:
يعني هذه المشكلة… ان رائد لا يستطيع تركي لوحدي هنا…
اومأت شمس برأسها وهي مستمرة في تناول طعامها بشهية مفتوحة لتقول نهى بسرعة:
ولكن انا لا مانع لدي… بامكانه ان يتركني هنا…
قالت شمس بجدية:
ولكنه لن يقبل… هو لا يريد ان ينقسم وجوده بين منزلين…يفضل ان نعيش جميعنا في منزل واحد….
انها مشكلة فعلا…
قالتها نهى بتفكير مصطنع لتهمس لها بعد فترة قصيرة:
وجدتها….
سألتها شمس بعدم فهم:
ماهي…؟!
اجابتها نهى بجدية:
هناك حل واحد لهذه المشكلة… هو ان نسكن جميعنا في الفيلا…
من تقصدين بجميعنا…؟!
اجابتها نهى:
انا وانت ورائد…حينها لن ينقسم رائد بيننا…
ثم اردفت بمكر:
انا لا مانع لدي… بالرغم من انني لا افضل ان اترك منزلي هنا…ولكن من اجل راحتك سأفعل هذا….
تطلعت اليها شمس بحيرة لتردف نهى:
ما رأيك ان تخبري رائد باقتراحي….؟! لكن على لسانك انت… يعني لا تقولي بأنني انا صاحبة الاقتراح… وهو حينما يسألني سأوافق…
حسنا سأجرب….
قالتها شمس بايجاز واخذت رغما عنها تفكر فيما قالته نهى واقتراحها الغريب…
ماذا…؟! تعيشان كأخوين…؟!
قالتها علا صديقة شمس بعدم تصديق لتقول شمس بحنق:
نعم… يريد ان نعيش سويا كأخوة حتى اصل سن البلوغ فنتطلق بعدها….
صدح صوت علا عبر الهاتف قائلة:
ولكن هذا ظلم لك…
اردفت شمس بملل:
اعلم… ولكن لا يوجد حل امامي سوى القبول…
شمس لا تثيري جنوني…اغريه… افعلي اي شيء..
ماذا سأفعل مثلا…؟!
سألتها شمس بعدم فهم لتقول علا بجدية:
اسمعيني عزيزتي… انت ما زلت صغيرة ولا تفهمي في هذه الامور… لكنك الان اصبحت متزوجة ويجب ان تفهمي في هكذا امور جيدا…
علا انا لا افهم اي شيء من كلامك…ثانيا انا لست مستعجلة على الزواج كما تظنين… انا فقط متضايقة لان ما قاله ازعجني بشدة…
ولماذا ازعجك..؟!
سألتها علا لتجيبها شمس بصراحة:
لأنني شعرت بأنه يراني طفلة صغيرة…طفلة لا تعجبه ولا ترضيه..
وهذا المطلوب…. ان ترضي رجولته….
كيف…؟! هيا اخبريني كيف…؟!
صرخت شمس بنفاذ صبر لتجيبها علا بجدية:
شمس اهدئي اولا… ثانيا انا اشعر بتناقض في حديثك… فانت من جهة تريدين جذبه اليك.. ومن جهة تقولين انا لست مستعجلة على الزواج… والاسوأ من هذا كله ان كلانا لا يمتلك معلومات كافية عن الزواج وما يحدث فيه….
ابتلعت شمس ريقها واجابت ببراءة:
نعم انا لا اعلم شيئا عنه سوى القبلات التي اراها بالافلام…
لهذا يجب ان نعلم ونفهم…حتى تستطيعن جذبه اليك…وتجعلين زواجك حقيقيا… هذا اذا كنتي ترغبين بهذا…
ارغب بشدة ولكن كيف…
سألتها شمس بلهفة لتجيبها علا:
اسمعيني جيدا وسوف اخبرك بكل شيء…
رواية عروسي الصغيرة. الجزء الثالث
.
.
.
.