شاور لي على مدخل العمارة، وقال لي إنه ساكن في الدور الأول، والمدخل من الناحية التانية..
بصيت على مدخل العمارة لاقيت فيه بوابة حديدية، وسور محاوطها واخد من الشارع مساحة كبيرة زارعها شجر..
فتحت الباب ودخلت،
وانا معتقدة أن العمارة فيها سكان كتير زي عندنا، بس عرفت بعدين أنها ملك الراجل ده كلها، وفاتح كل شقق الدور الاول على بعض وعاملهم شــ..ــقــة ليه، وباقي الأدوار مجوز فيها عياله، ومخــ..ــلي الباقي للي مش متجوز..
ضربت جرس الباب، وفتحت لي بنوتة عشر سنين، عرفت إنه ابوها مش جدها، دي حتى مراته مش كبيرة، عمرها في حدود سبعة واربعين سنة، ومع ذلك عندهاا حفيد بيبي صغنون خالص..
الراجل عرفني أول ما شافني، واستقبلني هو ومراته استقبال حلو، وأول حاجة قالها لي، إنه من حقه يعرف ايه حكايتي..
قلت له انا جاية طالبة مساعدتك أصلا، وأكيد لازم أحكي لك مشكلتي..
وحكيت له كل حاجة، وكل شوية وانا بحكيله أبص على مراته، لأنها طبيعي هتقول واحنا مالنا، هنشيل همك ليه؟ هو احنا نعرفك..
فجأة الست دي بقت تبكي، وتقول:
_ يا ضنايا يا بنتي، هو انتي متحمــ..ــلــة كل ده لوحدك
جوزها قال لها:
_ دي كانت عايز تنتحر الصبح، لولا ربنا كشفهالي
هنا عرفت إن العمارة بتاعتهم، لما قالت له:
_ بعد إذنك يا حاج، العروسة دي ضيفتي لحد ما مشكلتها تتحل، وتختار أي شــ..ــقــ.ـة ترتاح فيها..
الحاج قال لها:
_ لو اعرف ان دي مشكلتها، كنت عزمت عليها تقعد معاكي من الصبح
«ايه الفرحة دي؟ هو انا حا أنــ..ــام في بيت؟ هيتقفل عليا باب؟ وكمان هتعشى؟ حا أنـــ..ــام من غير اصوات الحشــ..ــيش دي؟»
سألته:
_ هتساعدني يا عمو؟
_ لما قلت لك في الصبح إن الصبر والرضا بيهونوا المصيبة، كنت عارف إن ربنا هيسخر لك أولاد الحلال .. بس مكنتش أعرف إن ربنا هيسخرني أنا ليكي … احنا عيلتك يا بنتي لحد ما تتحل كل مشاكلك..
الحاج مسك تليفونه، واتصل بابنه اللي واقف في المحل وقال له:
_ اقفل المحل يا بدر يا ولدي وتعالى لي عايزك
«فجأة لاقيت راجل كبير يقول لولده اقفل أنا عايزك»
مفيش عشر دقايق، وجرس الباب ضرب، والباب اتفتح من برة في نفس اللحظة، ودخل الشاب بدر
_ خير يا حاج
_ اقعد الأول خد نفسك..
«قعد بدر، وقعدت كمان روحي اللي واقفة مرعوبة من الصبح»
.
.
تلات حاجات خلوني أطمن العيلة دي..
موقف الراجل الصبح
****دموع مراته دلوقتي
وطاعة ابنه ليه لما قال له تعال عايزك، ومفكرش يسأل عايزني في ايه، لكن حضر على طول
تستأنف مايسة حديثها قائلة:
بدر ده أكبر أولاد الحاج سليم صاحب البيت، وبيدير شركة توريد الحبوب بتاعتهم اللي في السوق، بيتبادل الإدارة مع إخوانه، وبيرجع في الليل يوقف بدل أبوه في المحل الصغير ده علشان يريحه..
الحاج حكى له كل حاجة عني وعن مشكلتي، وبدر ده مش بيسأل ولا يستفسر عن أي حاجة، ولا حتى قاطع أبوه وسأله ايه المطلوب منــ..ــي..
وفي آخر الكلام أبوه قال له:
المطلوب مــنـ.ـك انك تسأل عن مجدي بتاع الكاوتش ده في الحتة اللي ساكن فيها، تشوف لنا نظامه ايه، وكمان تسأل عن خالها أكرم ده
_ ممكن تسيب لي الحوار ده كله من أوله لآخره يا ابويا
.
_ لا .. انت تعمل اللي اقولك عليه بس
_ انت مش ناوي تساعدها يا والدي؟
_ وانت عارف نوع المساعدة اللي هتقدمها لها ايه؟
_ مش عارف بالظبط، بس أكيد ناوي تجيب لها حقها
_ ما انت مش عارف هساعدها ازاي يبقى تنفذ اللي بقول لك عليه وبس
_ اللي تشوفه يا والدي
.
.
«نزل بدر ده للمحل بتاعه من تاني، والحاج شاور لمراته تخرج معايا تفتح لي شــ..ــقة أصغر ولادها اللي متجوزش علشان أعرف مكان نومي وراحتي بعيد من شــ..ــقة العيلة اللي كله بيروحها»
بدر في المحل بيفتح الفون بتاعه، وفتح صفحة الجروب اللي بيجمع كل شباب الحي بالمدن اللي حواليه، ونشر بوست بيسأل فيه عن أحسن ورشة سيارات في منطقتك..
وكل واحد ساكن في منطقة من مناطق الحي فيها ورشة سيارات كان يكتب اسم صاحبها في التعليقات، وبين التعليقات واحد كتب له ورشة مجدي الكاوتش من أحسن الورش اللي شغالة..
وبسرعة عمل له لايك، ودخل يكلمه كأنه بيسأله عن تفاصيلها، بيفتح الساعة كام؟ بيقفل الساعة كام؟ مساحتها كبيرة ولا صغيرة؟ أمان ولا مش أمان لو ركن عربيته قدامها فترة طويلة لحد ما يصلحها..
.
.
الشاب كان متعاون جدا، وقال له معلومات خطيرة عن الورشة بدون ما يقصد..
قال له إن مساحة الورشة من جوة كبيرة، بس بسبب ضغط الشغل واخد مساحة من الشارع، وعامل حواليها سور بكاوتشات العربيات وبقت ملكه، ومجلس الحي مش بيكلمه علشان ليه موظفين أصحابه جوة..
ومن ناحية الأمان هي أمان لأن الصنايعية بتوعه بيعملوا فيها سهرات تظبيط الدد ماغ، ومفيش حد يقدر يدخلها..
طبعا بدر فهم إنها سهرة مخـــــ..ــدرات جوة الورشة..
.
.
شوية معلومات كفيلة أنها تقفل الورشة، وترمي مجدي في السجن، لكن بدر مش مكتفي بالمعلومات دي، وقام عمل جولة بالعربية هناك، وشاف الورشة على طبيعتها، ووقف بعربيته يسألهم عن النظام لو عايز يظبط عربية قديمة، وكان بيتلفت حواليه لحد ما شاف مجدي وعرف شكله..
مش كده بس، ده كمان سأل عن أكرم خال مايسة على أساس إنه صنايعي بيشتغل في الورشة وسمع عنه.
الميكانيـــ.ـكي قال له إنه منزلش الشغل النهاردة..
.
.
رواية ليلة هروب البائسة. الجزء الرابع
.
.
.
.