حركت رجليها في مياه الدش وهي بتبص للون الإسود اللي نازل من جسمها ، رمشت بعيونها تحت المياه كذا مرة وهي بتاخد نفسها بالعافية
لفت نفسها بالمنشفة وخرجت من الحمام عشان تنشف شعرها
بعد ما لبست هدوم البيت شمت ريحة حاجة محروقة
هي بعصبية : يوووه شكلي نسيت الاكل على النار
جريت على المطبخ عشان تشوف البوتوجاز والفرن كان كله مطفي ، وهي شخصياً أفتكرت إن مفيش أكل في البيت
وقفت لثلاث ثواني تستوعب اللي حصل ، وإفتكرت إن الطابق الثاني في المبنى الغريب كان فيه ريحة حاجة محروقة
حاولت تتعامل طبيعي وقالت يمكن مُصادفة ، كل اللي كان في عقلها إنها لازم تنام بالقدر الكافي لأن واضح إن مفيش طريقة غير إنها تقبل بالشغل دا
حطت راسها على المخدة وغمضت عنيها
” بتحلمي بحجات مش مفهومة ؟ بتحلمي بكوابيس ؟ ”
في حلمها شافت البنت الصغيرة ، لابسة فستان رمادي وبتمشي في الممر الطويل
وبتغني بهمس
الواحد دايماً لوحده أتنين بابا وماما تلاتة لبست وشوشهم
كنت واقفه وراها وهي بتمشي وبتلمس الحيطة بإيديها وبتغني بهمس ، بصيت على إيديها اللي بتلمس الحيطة
صوت تكسير عضم وصوابع إيديها بتطول ، الأظافر باللون الاصفر البهتان ، وحسمها كان بيطول شوية
لفت راسها بحركة سريعة لحد ما وشها بقى في ظهرها
وطت
جريت على إيديها ورجليها ناحيتي
جريت أنا ودخلت أوضة وقفلت على نفسي ، كان في عيون منورة في الضلمة
مرة واحدة لقيت ميلينا قدامي وبتقول بصوتها الغريب : إنتي قولتي مش هتنامي !
أتنفضت من نومي وأنا باخد نفسي بالعافية ، وجسمي كله عرق رغم إني إستحميت ، الشقة كانت هادية والضلمة إبتدت تظهر ، غروب الشمس
ريقي كان نشف من الكابوس دا ف قومت المطبخ عشان اشرب مياه وكنت بموت من الجوع لدرجة بطني طلعت صوت
وانا بشرب وفي جيب بنطلوني الموبايل رن !
رديت وجالي صوت الراجل الغريب بيقول : نتمنى منكونش بنزعجك ؟
منكرش إني خوفت بس رديت بهدوء إن مفيش إزعاج او أي شيء وإني كدا كدا كنت هتصل عشان قبلت الشغل
قالي إن هما عاملين حفلة عشاء في البيت كمان ساعة يعني بداية العشا وإنتهاء المغرب ، وإن لو انا فعلاً قبلت اقدر اجي حفلة العشاء دي عشان يبقى عشاء الإتفاق
وافقت ! الجوع مكانش مديني حل تاني ، بس الغريب قالي لو عندي فستان إسود هلبسه هيكون لطيف ولايق على الحفلة وكمان عشان هقابل الراجل المسؤول عن موضوع الشغل دا واللي المفروض هيقبضني
مش فاكرة اصلاً إذا كان عندي فساتين ولا لا دا انا ظروفي زي الزفت
قفلت معاه وروحت للدولاب ، فتحته وفضلت أبص فيه ، كان عندي فستان اسود بالفعل بس قصير شوية
لبسته وظبطت شعري ولبست فوقيه بالطو طويل عشان اقدر اخرج من المنكقة من غير ماحد يعاكسني
وقفت تاكسي وعمالة ألعن شغلهم اللي بيخليني كل شوية ادفع فلوس للتاكسي
وصلت للبيت ، كان باهت زي ما شوفته أول مرة
دخلت وكان في ناس لابسين فساتين سودا فضفاضة قاعدين ع الكراسي جمب بعض زي ما يكونوا متعاقبين
لقيت الراجل القزم الأصلع بيشاورلي بإيده على مدخل أوضة السفرة الكبيرة
أنوار حمرا كتيرة مختلطة بأنوار بيضا ، والاوضة حرفياا كانت تلج .. برد أوي لدرجة إني قفلت البالطو على جسمي
كان في راجل مترأس الترابيزة بيبصلي ببرود وقال : عادة مش بنلبس .. بالطوهات ، تقدري تقلعيه عشان نتأكد من لون فستانك
الناس على الترابيزة كانوا مختلفين بس كلهم لابسين إسود ، وبشرتهم بيضا .. بيضا اوي والاوضة كل ما اقربلهم تزيد البرودة
قعدت على الكرسي بعد ما قلعت البالطو وجسمي دا كان بيتنفض من البرد
الغريب إن لبسهم عريان ومش تقيل مع ذلك كانوا قاعدين براحة غريبة
قال صاحب الشغل بصوت غريب : وصلني إنك وافقتي على الشغل دا ، هل إنتي بالفعل عندك إستعداد متناميش لمدة إسبوعين ؟
مسكت الكاسه الطويلة اللي حاطينها قدامي وشميت الساىل اللي جواها ، كان لونه أصفر بس ريحته دم ، غالباً دا نبيت أو خنرة لإني عمري ما جربته أو شربته ف محبيتش شكله وريحته
بصيت للراجل وجاوبته : أنا وافقت عشان محتاجة فعلاً الفلوس ، أنا اخر فلوس كانت معايا صرفتها في التاكسي
بس أنا برضو مش فاهمة إنتوا مسميين إني منامش لمدة إسبوعين شغل ليه ؟ وهتستفادوا إيه لما اعمل كدا يخليكم تدفعوا الفلوس دي
مسك هو الكاسة ، وشرب منها وقال وهو بيبصلي : أنا عرضت عليكي شغل ، ولو عملتيه هتاخدي فلوسك .. يهمك ف إيه هنستفاد إيه
هي : فضول
هو بنبرة غريبة جداً : الفضول دايماً بيقتل
بدأت واحدة تيجي وترفع أغطية الأكل ، كان في لحم متقطع شرايح ومستوي نص سوا
ولونه وردي
حطت لكل واحد ف طبقه شريحه ، حطيت الشوكه بتاعتي في اللحمة وقربتها من وشي عشان أشمها
ريحة اللحمة زفره جداً
رميت الشوكة بقرف وقولت : معلش بس دي لحمة إيه ؟
كانوا بياكلوا ومحدش رد ، لحد ما صاحب الشغل قال : خنزير بري
حطيت إيدي على بوقي وكنت هموت وأرجع
ف قال هو بنبرة صوته اللي بتخوفني : أنسة ريما ، إنتي هتعيشي هنا إسبوعين وهتتعودي على أكلنا
طلعت من تحت الترابيزة البنت اللي شعرها إسود . حطت إيديها على الترابيزة ووشها ظهر بالراحة
ف هو برر وقال : هي مبتاكلش غير تحت السفرة ، بتحترم إننا بنتقرف من طريقة أكلها
قولت ف سري : قال يعني أكلكم حلو اوي ويفتح النفس
البنت كان على بوقها صلصة تقريباً او حاجة حمرا مسحتها بالفوطة ووقفت وراه بتبصلي ، عماله تبتسم إبتسامات صفرا سخيفة
الجو العام مكانش مريح نهائي خصوصاً الجو التلج ، وريحة الأكل قلبت معدتي بعد ما كنت هموت من الجوع
فجأة كل اللي على السفرة قاموا وخرجوا ، بلعت ريقي وأنا ببصله والنور عمال يمر على وشه ويختفي
قالي هو : لو حابة ممكن نطهزلك أوضتك عشان تباتي هنا ، انا أعرف إنك مش على وفاق مع صاحبة البيت عشان الإيجار
برقت عيني وقولتله بصدمه : عرفت إزاي ؟
مردش
.
.
بصيتله كتير على أمل يجاوب مجاوبش ، بس كان بيشرب من الكاسة بتاعته والغريب إنها مخلصتش
حبيت افتح معاه موضوع ف قولتله : هي فين مدام ميلينا ؟
ضحك بصوت عالي لدرجة أني إتخضيت بعدين سكت وقال : وراها شغل ، هتشوفيها بكرا الصبح ، هي الوحيدة اللي عندها قدرة تفضل في الشمس
قولتله بإستفسار : أفندم ؟
هو : رأيي تباتي هنا من أنهاردة وتبدأي الإسبوعين ، عينيكي بتلمع ودا واضح إنك نمتي ، أهلاً بيكي في أول يوم من شغلك
وقتك هيتحسب من دلوقتي
طرقع صوابعه ف ظهرت وراه ساعة كبيرة ، عقاربها أتحكت بسرعه لحد ما ثبتت على الساعة ١٢
إبتسم وقالي : الوقت المتبقي ليكي 336 ساعة
الوقت إبتدى من دلوقتي
انا وشي بهتت من الرعب من اللي حصل ، وفضلت اخد نفسي بالعافية وأنا بحاول ابص لملامحه المختفية ومعرفتش
والرعب زاد جوايا أنه حطني قدام الأمر الواقع وبدأ أول يوم في عدم النوم !!
رواية الوقت المتبقي لي. الجزء الثالث
.
.
.
.