يطغى فقدان الثقة والحذر على تفاعل الجمهور المغربي مع أداء منتخبه في منافسات كأس أمم إفريقيا المقامة بالكاميرون، وذلك على الرغم من تأهله إلى دور ثمن النهائي.
وعلى عكس “الثقة المبالغ فيها” التي وضعها المغاربة في”أسود الاطلس” في السنوات الماضية، يبدو الأمر هذه المرة، مختلفا تماما، حيث ينهج الجمهور أسلوب الانتقاد مع عدم المبالغة في التوقعات بالفوز، قبل اللقاء، ولا في الفرح بعد الانتصار.
وكانت بداية المنتخب المغربي موفقة في أمم إفريقيا بعد فوزه في أول مباراة على منتخب غانا بهدف نظيف، قبل أن يضمن التأهل إلى ثمن النهائي، من اللقاء الثاني، بعد فوز بهدفين دون رد على منتخب جزر القمر، وبذلك تصدر المجموعة الأولى برصيد 6 نقاط.
ويعود اللقب الوحيد للمغرب في هذه المنافسة القارية إلى عام 1976.
وبخلاف الأجواء الحماسية المعتادة، لا يعج الشارع المغربي، خلال هذه المنافسات، بالأحاديث الكروية، كما أن التفاعل الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتسم بنوع من الفتور، حيث إن معظم التوقعات التي تستبق مقابلات النخبة المغربية، ترجح الخسارة. وعلاوة على ذلك فإن خطاب انتقاد الأداء، يطغى على الفرح والإشادة بالنتائج.
طرد سوء الطالع
وفي تحليله لهذا السلوك الجماهيري، يرى محسن بنزاكور المتخصص في علم النفس الإجتماعي، أن الجمهور المغربي، الذي ظل لأكثر من 40 عاما يؤمن بفوز منتخبه باللقب، نهج هذه السنة أسلوبا غريبا، يقوم على التشاؤم والنكران المتعمدين.
ويختزل هذا الأسلوب في الترويج لفشل المنتخب وعدم الثقة في قدراته، على أمل أن يقع العكس.
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” يعتبر الأستاذ الجامعي أن هذه الفكرة التي روجت لها بعض وسائل الإعلام الرياضية، وأصبحت تطغى على الرأي العام، تنبثق من الثقافة الشعبية، في إطار ما يسمى بطرد العين الشريرة أو إبعاد سواء الطالع عن اللاعبين.
.
.
وبالنسبة لمحمد، وهو أحد المشجعين فإن هذا “التكتيك” أثبت نجاعته، حتى الآن، في انتظار ما ستسفر عنه المباراة الثالثة التي ستجمع، الإثنين، أسود الأطلس بمنتخب الغابون.
ويقول الشاب الثلاثيني لموقع “سكاي نيوز عربية” إن منسوب الثقة في المنتخب المغربي كان مبالغا فيه حد الغرور أحيانا. ويؤكد أن هذا الإحساس هو الذي كان يجعل وقع الخسارة قاسيا في نفوس الجماهير.
توالي الخيبات
من جهته، يرى الحسن الجابري الصحفي الرياضي، أن الجمهور المغربي عندما لا يرفع سقف التوقعات، تأتي النتائج مرضية.
ويشير في هذا السياق إلى أنه لا أحد كان يراهن على مجموعة المدرب المغربي السابق بادو الزاكي، للذهاب بعيدا في المنافسات في نسخة 2004، لكن التشكيلة أحدثت المفاجأة وتأهلت إلى النهائي.
.
.
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” يعتبر الجابري أن تاريخ المنتخب المغربي في منافسات أمم إفريقيا مليئ بالخيبات، خاصة على مستوى النتائج، مشيرا إلى أن الخروج من الأدوار المتقدمة، رغم الأداء الجيد أحيانا، هو الذي يجعل المتابعة الجماهيرية مشوبة بالحذر.
ويستحضر الصحفي المغربي الهزائم التي مني بها أسود الأطلس في السنوات القليلة الماضية، مشيرا إلى الخروج من النسخة السابقة التي احتضنتها مصر في 2019 أمام منتخب بنين “المتواضع جدا” والخروج من دور الربع أمام المنتخب المصري في نسخة 2017.
.
.
ويؤكد أن سجل الفريق المغربي في الـ”كان” ليس فيه الكثير من الإنجازات، بإستثناء لقب وحيد عام 1976 وتأهل للنهائيات عام 2004، قبل الخروج أمام منتخب تونس.
وبالعودة إلى المنافسات المقامة حاليا في الكاميرون، يرى الحسن الجابري أن النتائج مرضية، لحد الآن، لكن الفريق ليس مقنعا على مستوى الأداء، خاصة في مباراته أمام منتخب جزر القمر، حيث ضيع الكثير من فرص التسجيل.
.
.
وحسب الصحفي الرياضي، فإن ضعف الأداء يغذي بدوره شعور الريبة والحذر لدى الجمهور المغربي المعروف بتعطشه للنتائج ولكن أيضا للأداء الجيد.
وفي هذا السياق، يوضح الصحفي أن الأهم بالنسبة للمنتخب المغربي الآن قد تحقق، وهو التأهل لدور ثمن النهائي، مؤكدا أن الأهم في المنافسات الكبرى هو النتائج وليس الأداء.
.
.
شكوك حول التشكيلة
وقبل انطلاق منافسات العرس الكروي القاري، تفاجئ المغاربة بعدم استدعاء المدرب وحيد خاليلوزيتش للدولي المغربي حكيم زياش، وهو ما أثار موجة من الغضب تضاعفت مع اعتذار عبد الصمد زلزلولي، لاعب برشلونة الإسباني، عن الانضمام للنخبة المغربية في الوقت الراهن.
وقد أرخى غياب زياش والزلزولي بظلال من الشك خاصة مع تقاعد عدد من “النجوم” كعميد المنتخب مهدي بنعطية ونور الدين أمرابط والاعتماد على لاعبين شباب سيخوضون لأول مرة منافسات كأس أمم إفريقيا وعددهم يزيد على 10 لاعبين، كما أن هناك أسماء تشارك للمرة الأولى في المنتخب الأول.
وبحسب الحسن الجابري، فإن التشكيلة تضم في صفوفها كذلك لاعبين يتمتعون بالخبرة كأشرف حكيمي ورومان سايس والحارس ياسين بونو، وهي أسماء يراهن عليها الناخب وحيد هاليلوزيتش.
ورغم أجواء الفتور السائدة، فقد عاد وسم ديما مغرب أو المغرب دائما، ليتصدر التدوينات. ويرفع جزء كبير من المغاربة شعار “ديما مغرب” ويؤكدون أنهم يناصرون المنتخب غالبا أو مغلوبا.
وبحسب محسن بنزاكور المتخصص في علم النفس الإجتماعي فإن مشاهد مباريات المنتخب الوطني يعتبر في كثير من الأحيان “واجبا وطنيا” يتعدى مسألة الفرجة الكروية.
ويشير الخبير في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن سماع النشيد الوطني إيذانا بإنطلاق اللقاء، يعطي للمشاهد إحساسا بالانتماء الوطني، يرغمه “لا إراديا” على مشاهدة المباريات.
.
.
.
.