وقوله: ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ )يقول تعالى ذكره: إنا خلقنا ذرّية آدم من نطفة، يعني: من ماء الرجل وماء المرأة، والنطفة: كلّ ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة، أو غير لك، كما قال عبد الله بن رواحة:
هَلْ أنْتِ إلا نُطْفَةٌ في شَنَّه (2)
وقوله: ( أمْشاجٍ ) يعني: أخلاط، واحدها: مشج ومشيج، مثل خدن وخدين؛ ومنه قول رؤبة بن العجاج:
.
.
.
.
يَطْرَحْــنَ كُــلَّ مُعْجَــلٍ نَشَّـاج
لَــمْ يُكْـسَ جِـلْدًا فـي دَمٍ أمْشـاجِ (3)
&; 24-89 &;
يقال منه: مشجت هذا بهذا: إذا خلطته به، وهو ممشوج به ومشيج: أي مخلوط به، كما قال أبو ذؤيب:
كــأنَّ الــرّيشَ والفُــوقَيْن مِنْـه
خِــلالَ النَّصْـل سِـيطَ بِـهِ مَشِـيجُ (4)
واختلف أهل التأويل في معنى الأمشاج الذي عني بها في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب وأبو هشام الرفاعي قالا ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرِمة ( أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ ) قال: ماء الرجل وماء المرأة يمشج أحدهما بالآخر.
حدثنا أبو هشام، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرِمة قال: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان.
قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا زكريا، عن عطية، عن ابن عباس، قال: ماء المرأة وماء الرجل يمشجان.
قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن السديّ،
عمن حدّثه، عن ابن عباس، قال: ماء المرأة وماء الرجل يختلطان.
قال: ثنا عبد الله، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج.