واخيرا توقفنا عن الشجار….وفي اليوم التالي صباحا ، وبعد ان انهينا فطورنا ، وبينما نشاهد التلفاز ، اذ بجرس الباب يدق ، فتح احمد الباب ووجد الطارق بسمة…لقد أرسلت لنا حماتي مرسالا معها ، وبعدما دخلت بسمة وجلست معنا واحسنا ضيافتها ، اذ بها تكشف عن رسالة والدتها قائلة…. “ماما بتقولكوا متنسيوش تيجوا علي الغدا….” كانت الساعة العاشرة صباحا ، وعندما سمع احمد ذلك طلب مني ان نذهب حيث توجد والدته ، وبالفعل ذهبنا جميعا…انا ، واحمد وبسمة………
.
كانت حماتي قد اعدت كل شئ ، االا اشياء بسيطة قمت بها انا وبسمة ، وبعد صلاة الظهر وضعنا الطعام علي السفرة………وبعدما انهينا الغداء جلسنا نشرب الشاي في الهواء الطلق….ظللنا نتحدث الي آذان العصر ، وهنا هممت انا واحمد لنصعد الي شقتنا…ولكن تفاجأت بحماتي تستوقف احمد قائلة “تعالي ي احمد عيزاك”
.
لم اعتري للامر ، وانتظرت احمد الي حين ان ينهي الحديث مع والدته ، وما ان انهي حديثه ذهبنا سويا لشقتنا ، لم اسأل احمد عن ذاك الموضوع الذي حدثته فيه والدته ، لاني بالفعل رأيته يعطيها مبلغا ليس قليل من المال ……..ظل احمد يشاهد التلفاز بينما انشغلت انا بترتيب المنزل…واخيرا انتهيت مع آذان المغرب….
وفي هذه اللحظة ترك احمد مشاهدة التلفاز ملتفتا لي قائلا…
_خلصتي خلاص….طب يلا ننزل….عشان العشا…
_حاضر…يلا بينا
وهكذا اعتدت علي الذهاب حيثما توجد حماتي وبسمة ، واصبحنا ناكل ونشرب معنا ،..اصبحت لا ازور شقتي الا في حالتين ؛ ترتيبها و النوم فيها…
.لقد اعتاد احمد الوضع ، بينما انا فقد سبقته علي الاعتياد ، لم اصبح كالزوجات اللاتي يطهين العديد من الاصناف اللذيذة في منازلهم ، لقد تناسيت الامر …اتذكر اني فعلت ذلك لمدة اسبوعين فقط…..اول اسبوعين لي في بيت زوجي ، بينما تولت امي امري في ذاك الاسبوع الذي مرضت فيه ، اما عن الاسبوع الرابع فقد صدر فيه قراري ان لا اترك حماتي ، واعتزل في شقتي……وكيف افعل ذلك فيمن تربطني معها صلة قرابة قوية؟!”……..كيف افعل ذلك في امراة عمي !!!…..نعم حماتي تقربني وهي امراه عمي …..اما احمد فهو ابن عمي …..لم استطع ترك حماتي ، واعتزل شقتي ، حتي لا يسوء فهم الجيران لها ……..ماذا يقول الناس اذا علموا باني اعتزل حماتي…اعتزل امراة عمي ؟!….ربما يظننوها شريرة ، او متسلطة…………..
كنت لازال عروس جديدة ، لم اكن افهم ان الزواج لا يقتصر فقط علي زوجي ، بل وعائلته…لذلك هذا كان قراري ، نعم انا من قررت وبكامل قواي العقلية وبدون ضغط من احد ان اختلط معهم ، واصبح واحدة منهم………وعندما اصدرت هذا القرار ، ما كان من زوجي احمد الا نصيحة يترجاني فيها بان اراجع قراري قبل فوات الاوان…وها قد فااااااااااااااااااااااااااااااااات
.
.
بقراري هذا ، اعتادت حماتي ان يقدم احمد راتبه الشهري لها ، مما جعله يستاء مني اذا طلبت منه اغراضا للمنزل ، مرت الايام وظهر الضعف عليّ ، لقد تناسيت اللبن ، والعصائر ، والوجبات الصغيرة ، اصبحت فقط ااكل وجبتين يوميا..الغداء والعشاء ، بينما علي ان اجاهد نفسي فيما بينهما…..
ناجيت ربي ، ان يريحني مما تفعله بي حماتي ، كانت تسمعني كلمات تقتلني داخليا دائما ما كانت تردد……”ي شيخة دا لو واحدة غيرك كان زمانها راحت بيت ابوها شوية ، مستنية تموتي…..لا لا..انتي اكيد خايفة تروحي تزوريهم نبعتلك ورقة طلاقك…انتي طبعا ساكتة رغم كل ده عشان معاكي اخوات بنات ، دانتي لو فكرتي تزعلي امك هتقفلك وهترجعك تاني ، دانا بنتي منبها عليها لو بس طريقة كلام امه واخواته معجبتكش تيجي علي طول…بس انا بنتي جوزها بيحبها ميستحملش الهواء عليها … ” كانت بسمة تؤكد كلام والدتها وتقول…
_ايوة ي ماما اصلها فاكرة احمد بيحبها ومش هيقدر يستغني عنها…
ثم وجهت بسمة حديثها لي قائلة “انتي عارفة لو كنتي اخر واحدة في العالم وقولناله يسيبك هيسيبك علي طول…دانا اخته ودي امه ”
لم تكن تلك المرة الاولي التي اسمع فيها مثل هذا الكلام ، دائما ما كنت افضل السكوت ، وكنت الجأ لربي ليخفف عني ما قد بلاني به ، ولم ينساني ربي ومنّّ عليّ من فضله وعدت لعملي سريعا ،ولكن في المقابل توقف زوجي عن العمل هذا الشهر لاسباب مؤقتة ، ولكن لا بأس ، سيعود قريبا ان شاء الله
.
.
اول ما فكرت فيه بعد ان حصلت علي اول راتب لي ان املأ الثلاجة التي لوكانت تنظق لاشتكت من جفافها….وعندما رأتني حماتي وبسمة ، اسرعت حماتي نحوي واخذت ما احمله من الاكياس قائلة…”كويس اهو نظبخهم علي الغدا بكرة ” ، حملت بسمة الاكياس عن والدتها ووضعتهم في الثلاجة ، بينما نظر لي احمد نظرة يحثني فيها الا احزن…..
.
وفي اليوم التالي احضرت بعض الفاكهة ، وكنت علي وشك ان اصعد بهم الي شقتي ،فلم يكن هناك من يراني ، ويبدو اني ظننت ذلك ، لقد ناداتني حماتي قائلة…
.
.
_اية..مش تيجي تسلمي..تعالي
وماان ذهبت اليها ، حتي مدت يدها واخذت الفاكهة ، ولكنها لم تنساني اعطتني اثنتين واحدة لي والاخري لاحمد….صعدت الي شقتي وايقظت احمد من نومه لنتناول الغداء….، وبعدما انهينا الطعام ، رتبت كل شئ ومن ثم ذهبت بصحبة احمد لشقتنا ، وعندما رأي احمد الفاكهة علم القصة بمفرده ، لان امه تبخلنا ، وتملكه الغضب حينها….
.
.
.
كان يتملكني الغضب من افعال والدته ، ولكني لم ابالي لها ولم افكر ان اردها يوما ، لان امي علمتني احترام من هم اكبر مني حتي وان اخطأوا في حقي…..، ولكن احمد لم يكن سلبيا مثلي وقرر ان يضع حد لوالدته وافعالها حدثها أمامنا جميعا قائلا….
_احمد :ي ماما ارجوكي ، متعمليش كدة ، دي فلوسها هي وكتر خيرها انها هتشيل مسؤلية البيت عشان ظروفي
.
.
_حماتي :لا..اسكت خالص انت متعرفش حاجة ، دي احنا هنمشيها وهنجوزك واحدة غيرها…
.
_بسمة : ايوة ، انت فاكرها مستحملة ظروفك ومقدراك..لا دي هي عارفة انها لو مشيت يومين تلاتة عند أمها ، هنبعتلها ورقة طلاقها ، وهي مترداش كدة ولازم تستحمل حتي لو عملنا اكتر من كدة عشان اخواتها البنات…دي مضطرة مش اكتر…
_احمد : بس…اية رأيكوا انا مش عايز غير دي ، بصي ي ست الكل انامقدر انك امي وكل حاحة بس برضو دي مراتي ، دي خلاص بقيت نصي التاني اللي لا يمكن استغني عنه ابدا……
.
وهنا اصطحبني احمد وصعدنا الي شقتنا وقال ممازحا اياي :
_ يلا بقي اظبخيلي حاجة من ايديكي..انا اتوحشت اكلك جداا
نظرة الية نظرة مفداها “اني تحملت كل ذلك من اجلك انت ، هل اجاهد نفسي واتحمل ام انك لا تستحق ” ، وبدوره نظر لي نظرة فهمت منها اني اعني له العابم باكمله ، وبسرعة اقترب مني هامسا في اذني “احبك كثيرا ” ، وفي هذه اللحظة دمعت عيناي ليس لاني تذكرت قساوة حماتي معي ولكن لان احمد يستحق ما تحملته من اجله ، وما اكثر ما تحملته!! ..
وبعدما قرر احمد ان يضع حدا لوالدته حدث والدته في ذلك ودار بينهما الحوار التالي :
_ي ماما احنا مش هناكل هنا عشان منتقلش عليكي ، احنا هنعرف ندبر نفسنا بمرتبها
_طب ما هي بتقبض
_اهوة كتر خيرها ، واحدة غيرها كان لمحت..بس ان شاء الله هبقي اعوضها
_تعوضها اية…دا كله كتر عليها ، انت تحاسبني من مراتبها ومتنساش ليك فواتير كهربا وميه هنا كمان
_بس انا مش هاخد من فلوسها ، كفاية انها هي اللي بتصرف ، وبعدين ي ماما ياريت متخديش منها الحاجة اللي حيباها ، دي مش هتكلها لوحدها ،انا هاكل معاها
_لا….انت بعد ما مبرتك وربيتك هتفضلها عليّ ، لا لااا قلبي غضبان عليك ياولدي ليوم الدين…
_بس ي ماما..بس..
وهنا وقف احمد حائرا لا يعرف ماذا يفعل ، عقله وقلبه يحثانه علي الوقوف بجانب زوجته
.
قلبه ايضا يحثه انها والدته ، والجنة تحت اقدامها ، وقف احمد حائرا ، حاول ان يجد حلا وسيطا ، ولكن والدته كانت قاسية وشريرة……
مرت الايام وبعد معاناة التزم احمد وزوجته شقتهما ،يأكلان ويشربان فيها ، ولكن بسمة كانت دائما ما تعزم نفسها لقضاء يوم كامل معهم ، وتنصرف قبل الواحدة صباحا لان شاشة تلفازنا واضخة وكبيرة ، تمنيت لو اعطيته لها هدية.
مرت الايام والشهور ومعاملة حماتي وبسمة تزداد قسوة علي قساوتها ، وبعد خمسة اشهر عاد زوجي لعمله ، واصبحت حماتي تنال الجزء الاكبر من راتبه ، فكيف لنا ان نعيش براتبين ؟!!
مرت الشهور ، وشارفت علي اتمام سنة في بيت زوجي ، وتسائل الجميع ، لماذا لم انجب حتي الآن ،وكان رد حماتي جاهزا دائما “انها ارض بور ، سأجعلها علي زمته الي حين ان اجد له العروس ”
بينما لم ابالي انا وزوحي لذلك ، فنحن لم يمر علينا سوي سنة ، ومع مرور الشهور كثرت الاحاديث ، مما جعل والدي ان يتدخل ويذهب بي بدون اخبار زوجي الي اشهر الاطباء ، كان جميعهم يؤكد انني بصحة جيدة ، ربما القلق هو السبب…مرت السنه تلو الاخري ، لم انجب علي الرغم اني متزوجة منذ ثلاث سنوات ، ذهبت مرات عديدة بصحبة والدي الي اكبر الاطباء ، الذين لم يتغير رأيهم ، واكدوا اني بحالة جيدة
مرت السنوات ، اتمتت خمس سنوات في بيت زوجي ، ولم يشاء الله ان يرزقني فيها بطفل صغير احمله بين يديي..لم تتوقف حماتي طيلة هذه السنوات من توبيخي ووصفي بالارض البور التي لا تجدي نفعا ، ليس هذا فحسب بل كانت تعايرني بابنتها التي تزوجت منذ عامين ونصف وها هم اطفالها يتحركون علي الارض ، غير الجنين الذي تحمله في بطنها
اصبحت لا اقوي علي تحمل كلمات حماتي ، عانيت التوتر وتعب الاعصاب مما اضطرني الي ان اذهب لبيت والدي ، اقضي فيه الفترة التي يقضيها زوجي في عمله
لم تكف حماتي عن معايرتي امام الجميع ،وكلما مر الوقت تزداد قساوة ، وها هي تعايرني بابناء اخوة الاصغر ، فها هو لم يتم علي زواجه سوي سنتان ويملك بنتين…..لم استطع التحمل اجبرته علي زيارة الطبيب ، وبعد تناوله الادوية والعلاج…شعرت باعراض الحمل ، لقد اتممت ست سنوات صابرة ذهبت للطبيب والفرحة تملأني ليأكد لي شكوكي ، ولكنه حول فرحتي لحزنا…انت حامل بس…….
قصة بيت زوجي. الجزء السادس الأخير
.
.
.
.