لقد مللت القشدة والجبن يا أختي ، ماذا يمكننى أن أصنع غير ذلك يا تحية ؟ أنا أرى أبناء الجيران يأكلون طعاماً كثيراً ومختلفاً ، أخبرتك أكثر من مرة يا تحية أننا لا نستجدي شفقة أحد ، كم مرة علي أن أذكرك أننا أيتام ، لا أحد يهتم بنا ، نحن من علينا أن نصنع خبزنا وطعامنا ، بعد شهور قليلة سنجمع المحصول ثم نبيعه ونشتري ما نريد والآن هيا لم تعودي صغيرة تحية ، ربط كلاً منهما مئزره فوق وسطه وانطلقو خلف المواشي ، قيدوها بالمراعي ثم توجهو تجاه أرضهم ،
بعد شهرين من وفاة والدها تقدم أحد الرجال لخطبة الأخت الكبرى ، لكنها رفضت ، أنا لن أتزوج مرة أخرى ، بعد رحيله
فكرت كثيراً فى ذلك الحاضر بقلبها الغائب عن ناظرها ،ذلك الشاب الذي ما برحت تفكر به ،
هل كان كل ذلك مجرد كلام ، هل حقا المطلقات لا يتزوجون في تلك البلدة ، شعرت بضيق ، امتصت ريقها بطعم التراب ،
لقد رحل ولن يأتي مرة أخرى ، الرجال يخدعوننا دائما ، بمواقف ، بكلمات ، بحركات . ✍مع تحياتي محمد منصور✍
هناك أشياء أخرى أشد قهراً من اليتم ، نظرات الطمع والاغتصاب بأعين الرجال لسيدة مطلقة ، نظرات أخرى موازية من اعين السيدات ، نكران وازدراء ،
أصبحت الفتيات حديث القرية العتيقة ، لقد أصبحن أضحوكة بين القرى ، كيف لسيدة مطلقة ويتيمة لا رجل لها أن تتبختر كل صباح نحو المراعي ، أن تسير منفردة بين حقول الذرة بأغصانها المرتفعة ،
أيه الشيخ نحن نطالبك بإخماد هذه الفضيحة التي وصمتنا بالعار ،
لقد تقدم لخطبتها أكثر من رجل ، لسترها ورعاية أخوتها الأيتام ،لكنها ترفض بتعنت ، منذ طلاقها ونحن نعلم بأن وراء تلك الفتاة سراً ،
إنها تستغفلنا ، تسير على حل شعرها ، نحن لن نسمح بذلك ،
ردهم الشيخ بلطف على وعد بإيجاد حل مرضي ، أنا أعرف أولئك الفتيات ، إنهن ملتزمات ، يصلون ، يدعون الله ،
مالك شاردة يا أختي ؟
مابك ؟
لا شيء ، هموم.
لا هناك شيء.
تحية ليس هناك شيء.
سأدعو الله من أجلك ولن يتركنا.
شهور ولم يظهر الشاب ، هل رحل ؟هل تزوج ؟
لماذا يجب أن يكون قدر المرأة مرتبط برجل ،
لماذا لا يتركونا لحالنا نضبط أمورنا ونعيش بسلام ؟
قدم الشيخ لمنازلهم؛ أثنى عليهم فى البداية ، ثم أفضى لهم بالشكوك التي نقلها له أهل القرية.
أنا لن أسمح لأي رجل كان أن يغتصبني كل ليلة حتى لو بميثاق الزوجية ، لن أربط حياتى برجل مرة أخرى ،
إذن عليك أن تختاري رجلاً يناسبك لكن بكل سرعة ، أعلم بأن ذلك الرجل موجود. ✍مع تحياتي محمد منصور✍
يتبع
أم البنات
الأخيرة
أحدثت كلمات الشيخ جلبة بداخلها ، هل حقا هذا الرجل مبارك ، هل كان يقصد ماقاله ،
رقدت على سريرها بعد رحيله تفكر فى الأيام القادمة ، هل ستستطيع المقاومة، هل ترغب حقا في قضاء باقي حياتها دون رجل ؟
أيقظتها طرقات على الباب كانت متكاسلة قابلت الطرقات بلا مبالاة ، فجأة ركضت تحية تجاه الباب بسرعة ، أوقفتها أختها لماذا تركضين ؟
انه هو ؟
هو من ؟
عريسك الذي كنت تنظرينه.
هبت من مكانها فزعة ، نظرت لهندامها القديم الممزق ، ثم استدركت نفسها ، كيف تعلمين أصلا بأنه الرجل الذى كنت أنتظره ، ✍مع تحياتي محمد منصور✍
لم ترد الفتاة ، ركضت نحو الباب وفتحته ،
كان ذلك الشاب بباب منزلهم بصحبته عائلته ، حيتهم تحية ودعتهم للدخول ،
بينما توارت الأخت الكبرى بغرفتها تبحث عن لباس جديد ،
وجدت أخيرا بعد بحث عبأة ملائمة ، ارتدتها وخرجت ،
رحبت بهم ، صنعت تحية الشربات وطافت بالأكواب حتى قبل أن يفتح الشاب ولا والده فمه بطلب شيء؛ ثم تمتمت في أذن أختها ، والدتي أخبرتني .
لم ينقضي وقت كبير حتى طلب الوالد يدها لابنه ،
زغردت تحية زغرودة طفولية ،
وافقت الفتاة على الزواج بالشاب ثم طلبت محادثته على انفراد ،
سأطلب منك شيء واحد ؟
أنا مصغي ،
زوجة أبي وطفلها ؟
مالها ؟
لن أطردها ، سأتركها هنا لتضع الطفل ثم سأتكفل بتربيته،
لن أفضحها .
تبسم الشاب ، استحسن صنيعها ، أنا أوافق ،
توردت خجلا وسعادة ، ولم تنطق بكلمة اخرى ،
قبل خروجه تمتمت بأذنه أنا لن أترك إخوتي ،
عبس وجهه ، أنا لست بالشخص الذى كنت تعتقدين ،
أخوتك هم أخوتي وعائلتي.
تم تحديد موعد العرس بعد أسبوع ، تكفل الشاب بتكاليف الزواج ،
عاشت الأخت الكبرى مع زوجها الجديد ، رزقا بأطفال ، ولم تتخلى عن ابن زوجة أبيها .
تمت بحمد الله .
اقرأ أيضاً…. رواية اغرب صدفه. الجزء الأول
.
.
.
.