رواية ام البنات الجزء التاسع

اقتربت تحية من جدتها فى الفترة الأخيرة ، شعرت بعاطفة جامحة نحوها، كانت تتذكر آلام والدتها بجدتها ، هناك ميزة واحدة للطفولة هى القدرة على النسيان والصفح،
كانت تنام بجوارها وتخدمها على قدر استطاعتها ، كانت تنتاب جدتها نوبات هلوسة ، تحكي لحفيدتها عن أيام طفولتها ، عملها بالحقول ، زواجها ، الأيام الماضية ،
عندما كانت تتألم كانت تخبر حفيدتها بأن الله يقتص منها للآثام التي اقترفتها ، مع ذلك لم تذكر تلك الآثام ولا حتى مرة واحدة ، كانت تحفظها بقبو عميق بداخلها ،
تدهورت حالتها أكثر التهمتها الأمراض ، تضاريس الحياة،
تحية كانت تستمتع بقصص جدتها عن أيام شبابها ، لا تمل منها لأنها تذكرها بايام طفولتها المجحفة ،
حل الشتاء ببرده وعواصفه ، كانت تتكور تحية بجوار جدتها لتشعر بالدفء ، يشعر الانسان بقرب أجله أكثر من غيره ، تتملكه رغبة قوية للاعتراف بجرائمه ، أخطائه ، رغبة متأخرة لنيل الصفح والغفران ،
سامحني يا عواد ، لقد اضطررت لذلك ، كانت ثروتك ستذهب لاخوتك ، ثم انك كنت ضعيف ، كانت نزوة وحيدة انجبت من خلالها وريثك صابر ، نعم هو ابنى لكنة وريثك ،
تحية الطفلة لم تدرك معنى تلك الكلمات ، كل ما تعرفة ان عواد جدها ، تلك الاعترافات المقيتة هل تريح الانسان قبل موتة ، نحن لا نعلم ذلك الا عندما تداهمنا سكرات الموت عندما نتعرض لنفس الموقف ، بعض الاسرار تذهب معنا لقبورنا ربما كانت تلك احداها ،
ماتت جدتها باحد ا ليالى الشتاء العاصفة ،
تجمدت اطرافها وسكنت حركتها ، تحية حاولت فى الصباح ايقاظها لكنها كانت قد رحلت ،
صراخ وهلع لا يغنى من شيء ، لم يدفن صابر والدتة بالمنزل ، بل طلب صهرة لنقلها للمدافن ،
عندما حضر صهرة كان منهك ومتعب ، وجهه متورم ، وجسدة يرتعش ، عندما سألة عن السبب قال سقطت من فوق حمارى ،
الرجال لا يعترفون ابدا بسيطرت نسائهم عليهم ، يعتبرونة سلوك شاذ وعار ، ام عندما يضربون زوجاتهم ، اخواتهم فأنة فعل رجولى يستوجب المدح ،
كأن قدر المرأة ان تكون تابعة ، تكتفى برد الفعل ، اى شيء غير ذلك يعتبر خروج عن نظام الحياة ،
دفنوها قبل الغروب ، صلى عليها امام المسجد وبكت تحية عليها كثيرا .
تدور الدائرة دائما ، الزمن يكرر نفسة بكل دقة ،
حملت زوجة صابر الجديدة ، انتابتة سعادة مثل تلك التى انتابت والده عواد من قبل ، فرح بحمل زوجتة وعمل على راحتها ،
كان يدللها ولا يسمح لها بالعمل.
البنت الكبرى مضت ايامها الاولى بعد تلك الحادثة بسلام ، لم يضايقها زوجها وشعرت نحوة بالآمان ، لكن الثعبان لا ينتج رحيق ، بل كل ما بداخلة سم قاتل ، انة يكمن وينتظر لحظات ضعف فريستة ،
بعد شهر استيقظت البنت الكبرى لتجد نفسها مقيدة بالاغلا ل بسريرها ، ايقظها زوجها ، حاولت التملص دون جدوى ،
تركها وخرج ثم عاد بعد قليل تتبعة امرأة عجوزة ،
اجبرتها على فتح قد ميها ووضعت اصبعها على موطن عفتها واختر قتة ، شعرت بالآلم مبرحة جعلتها تتقيء ،
رحلت المرأة العجوز وتركتها مع زوجها الماكر المبتسم المتلذذ بعذابها.

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

سارت خلف المواشى تجاه المراعي تتملكها قشعريرة ، كل نظرة كل كلمة من شخص كانت تشعر بأنها هى المقصودة بها ، وارت وجهها خجلا من الأشجار الجمادات الطيور وكأن كل العالم يعلم مصيبتها ،
شردت فاختل صف المواشى وجمح بعضها ، هب شخص لمساعدتها ، ركض خلف المواشى وأعادها للصف ثم سألها كيف حالك ؟
تأملته ، كانت تعرفه ولا تعرفه ، ومضات تتالت بعقلها حتى تذكرته ،
أصابها الخجل وشعرت بوخزات بجسدها ،
لقد كان نفس الشاب الذى رآها عارية مقيدة مع المواشي ،
ذلك الرجل زوجك لن يسعدك .
صمتت ولم ترد ، ولا أى رجل آخر ايضا سيكون قادراً على إسعادك،
لأنه ببساطة قتل كل الرجال بقلبك ،
كانت حذرة وهى تسمع تلك الكلمات مننتظرة للقفزة التالية والتي غالبا ما تفضح الشخص ،
لكنه تركها ببساطة ورحل ، كأنه ألقى حملاً ثقيلاً فوق كتفها وتركها تتأرجح بالسير ،
ماذا بإمكان فتاة ضعيفة أن تفعل أمام كل ذلك القبح ، أمام عالم يقدس الرجل ويعطيه فوق حقوقه ،
لقد سلمت بالأمر ولم يكن ذلك كافياً، تمردت ولم يكن ذلك كاف أيضاً،
تابعت المواشي وهى ترعى وتأكل العشب ، كانت جالسة أسفل شجرة كبيرة من الصفصاف تنمو بجوار المصارف ،
تذكرت ليلتها الماضية ، تلك الأصابع السوداء التى غرزت بها ، النظرة والابتسامة الغامضة ، الدماء التى لطخت ملابسها ، ضحكات زوجها المقيتة ، وخزات الألم التى انتابتها ، قيودها وهى تتلوى بها مثل حيوان بري ،
تسلقت جذع الشجرة وربطت به حبلاً ثم هبطت، ربطت عنقها بالحبل شدت الحبل على عنقها فى محاولة للانت حار ، لكن الحبل كان مرتخي ، غير قاسي ليحدث أثره المعتاد ، بعد عدة محاولات فاشلة انتابها التعب ، سألت نفسها هل كان القيد رحيماً بها أم أن الحياة لازالت تحمل لها المزيد من المآسي ، ثم فكرت للحظة ، إذا كانت هي ستقدم بكل سهولة على قتل نفسها ما المانع ان تقتل شخصاً آخر ، بكل الحالات هى ميتة ، هل ستقتل والدها أم زوجها ؟
شعرت بالراحة لذلك التفكير ، انتابتها نشوة مفاجئة ، عندما نفكر بالشر نشعر بسعادة مثل التي تنتابنا عندما نفكر بالخير إذا اضطرتنا الظروف ، عندما نركل كل أحلامنا جانباً ونفكر بشيء واحد ونضعه قيد التنفيذ ،
تخيلت نفسها مقيدة بالسلاسل ونفر الخيالة يجرها خلفه، حاولت أن تتخيل رد فعلها حينها والجيران وكل القرية تقذفها بالحجارة وتنعتها بالفا جرة ، هل ستتبسم وتخرج لهم لسانها؟
ام ستبكي عندما تتفكر بحياتها القادمة داخل السجن ،
لكنها لم ترد أي من ذلك الاختيارين ، كل ما أرادته أن تعيش بسلام بكنف زوج ومن قبلة رجل يدعى والدها ،
لكن حتى تلك الأماني البسيطة لا تتحقق بمجتمعنا ،
مجتمعنا يحدد لنا طريق ضارباً بكل تطلعاتنا عرض الحائط ويجبرنا على السير فيه وأي خروج عن النص يعتبر تمرد .
هل انت متمردة فعلا أيتها الفتاة الضعيفة الخانعة الغير مالكة من أمرها شيء ، شعرت بنشوة عندما مرت بخاطرها كلمة متمردة ، رعشة مثل تلك التى تتملكنا عندما نضع قدمنا بالماء قبل السباحة لتفقد درجة حرارة الماء ،
نشوة الانتصار وتحقيق الذات حتى بالمعصية.
أفلت الشمس خلف التلال ، شبقها الأحمر ترآى من بعيد ، صرخات أحد جارتها والتى ترعى المواشى أيضاً أخرجتها من شرودها ،
جمعت المواشي وجرتها خلفها ، اهتزت بطون المواشي المملؤة بالعشب وكأنها ترقص طربا لسماع مونلوج قديم .
لا ذلك الرجل ولا اي رجل آخر سيكون قادر على إسعادك ؟
ولا حتى أنت يا من نطقت بتلك الكلمات ؟
لماذا وضعت كل الحقيرين بخندق واحد ، هل أنت أيضاً من ضمنهم ،
خلصت بالنهاية إذا كان كل الرجال لن يمنحوها السعادة فعليها أن تختلق سعادتها الخاصة ،
البعض يجد سعادته بالطبخ ، السباحة ، اللعب ، قتل الحشرات ، بينما سعادتها تمثلت بتلك اللحظة فى ضرب زوجها ضرباً مبرحاً حتى يقر بفعلته الشنعاء والخاطئة،
لكنه لن يعترف ، الرجال لا يعترفون ولا يستسلمون بسهولة ، عليكِ أن ترغميه إذن مرة أخيرة
أن تُحدثي به عاهة تذكره كلما همَّ بإغضابكِ مرةً أخرى ^
دلفت لداخل المنزل قيدت مواشيها بعد أن نظفت الباحة من الجلة ،
لم يصرخ عليها ، لم ينادي باسمها ، كان ذلك فعلاً غريباً منه ،
فعلاً متأدباً جديراً بسيدةٍ محترمة حضرت لتوها من رعي المواشي لنهارٍ كامل دون أن تتناول قطعة خبز ،
دلفت للداخل بحذر ، كان زوجها جالساً على الأرض ظهره للحائط يدخن سيجارة ، دخانها عبق الغرفة ، عندما رآها سحب نفساً كبيراً وكتمه بداخل بلعومه وقفصه الصدري قبل أن ينفثه كغيمة تشكلت فجأة ، انزعي ملابسك يا امرأة ، أريد حقي كزوج لك ، حقي الذى تفرضه شعائرنا ،
نزعت ملابسها ، وأشارت له بالتقدم ، غير مصدق ألقى بجلبابه القذر المتعفن جانباً ، ثم نفث آخر نفسٍ بسيجارته وألقاها بجوار الجدار ،
سار نحوها وتكوم فوقها ، ضمته بكل قوة ثم قضمت أذنه قضمة واحدة انتزعتها وبصقتها ، نفرت الد ماء من أذنه وصرخ مثل حمار اشتد عليه الحمل ، ألقته جانبا واعتلته بين قدميها ،
أربكته المفاجأة ، انهالت عليه بالصفعات على وجهه ، كانت سعيدة وتضحك كأنها مجنونة ، أخذ يتقى الضربات بيديه لكنها كانت هائجة مثل حيوان مفترس كل همه القضاء على فريسته ،
لكمات ، رفسات ، بصقات رطبة أحالت وجهه لمخاط ،
استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى هدأت ،
أنا لن أسمح لك ولا لأي رجل ٍأن يجبرني على فعلٍ لا أرغب بإتيانه ،
جرته من يديه وألقت به بالباحة وأغلقت الباب من الداخل…
يتبــــــــــع…….
رواية ام البنات الجزء العاشر

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .
­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top