“لقد فقدنا الحالة”
أثر هذه الجملة قد يكون عاديًا على مسمعيّ شخص قد أصيب بالتبلد من عدة مواقف في وقت بسيط، لكن لمَ ارتعدت، لمَ شعرت بأن قوتي قد خارت، أبمجرد نظرة إعجاب لوجهها وربما رأفة لما حدث بها من عجز قد يخر قلبي ويقع في حبها لتلك الدرجة التي تجعلني أسامحها على ما قالت وأشعر بالحزن على موتها.. مسكينة هي، أخذت منها الحياة كل شيء قبل أن تموت فلا استطاعت أن تحقق ما تمنت ولا لاذت بلحظة واحدة من الفرح..
شعرت بأني قد أفقد عقلي إن لم أرها الآن، اتجهت للغرفة وقلبي يكاد أن ينخلع عن صدري، حاولت الدخول لغرفة العناية ولكنهم منعوني عن رؤيتها، بكيت.. وجلست أرضًا متمنيا أن أكون قد جننت وما سمعته كله كان مجرد أكذوبة صورها لي عقلي.. حاولت مجددا دخول الغرفة ولكن الطبيب سبقني بالدخول وهو لا ينظر لي ولا يكترث لوجودي.. بعد عدة محاولات مني وجدته يخرج وعلى شفتيه ابتسامة انتصار، ربت على كتفي وقال:
– اطمئن، الآن أصبحت بخير، نعتذر على إخافتك هكذا، الآن اطمئن قلبي بأن لا دخل لك بكل ما حدث.
لا أعرف بماذا أجيبه على ترهاته هذه، كل ما كان يهمني هو أنها على قيد الحياة وأني ما زلت على قيد الأمل.. استطرد قائلًا:
– حسنا، من الغبي الذي قال بأن تلا فارقت الحياة.
– أعتذر لك، فقد توقف قلبها ولكننا فعلنا ما يتوجب علينا حتى عاد القلب ينبض من جديد، مثلما قلت لك ستظل تحت الملاحظة حتى الصباح وستكون بخير بإذن الله.
لم يكن هناك من صوت بالمستشفى غير صوت دبيب قدم تقترب، لم تصدر هذه القرعات سوى من قدمي أبي، الذي جاء وهو يحمل كل التقارير عن الحادثة القديمة…