نظرت للطبيب نظرة مطولة دون أي تعابير، قلت بعد أن ابتسمت له بسماجة:
– افعل ما تريد، يمكنك إبلاغ الشرطة كما تشاء، والآن كما تعرف هذه أمور عائلية لا شأن لك بها، فاتركنا وحدنا من فضلك.
تجاهلني الطبيب تمامًا لا أعرف أخائف من بطشي أم أنه تلافى التصادم معي، نظر لأبي وقال بهدوء:
– أريد فقط التقرير القديم الذي يفيد تعرضها للاغتصاب ليطمئ قلبي، ولن أقوم بالاتصال بالشرطة فأنا طبيب أخت في مثل عمرها، ولا أرتضي أبدًا أن يحدث لأختي هذا.
بلهفة تائه في الصحراء عثر صدفة على بركة ماء قال أبي:
– حسنا بني، سيكون التقرير معك بعد قليل.. شكرا لتفهمك وضعنا.
نظر لي الطبيب وأنا متعجب من تغير موقفه، عجيب أمر الأطباء قد يظهرون قسوة عكس ما بداخل قلوبهم من لين ورحمة، قال وهو يربت على كتفي:
– أعتذر لك على سماجتي، فهذا من واجباتي كطبيب، كما أن أختي صديقة زوجتك.. فكان لا بد أن أساعدها، لن أخبر أحدا حتى أختي لن تعرف، اطمئن…
– صمت برهة ثم أكمل: أتمنى أن تعتبرني أخوك ونتعاون سويًا على جلب حقها.
لم أتفوه ببنت شفة، انحصرت كلماتي بين حنجرتي ولساني الذي أصابه البكم إثر تحجرها، استدار الطبيب ورحل دون أن ينتظر جوابي.
لم يمهلني أبي الوقت لمحاورته، بل تركني أتخبط في ضجيج الأفكار.. ولأن دائمًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد جاء صوت خافت من بعيد يقول: “لقد فقدنا الحالة”.