– كيف عرفت بأن الشرطة تنتظر مني تسليم المفكرة؟
بثقة قال:
– الكاميرات والميكروفونات ليست فقط في السرداب، ولكن في كل مكان قد تكون فيه، وإن لم نستطع تركيب كاميرا بمكان أنت فيه، ربما يمكننا القرصنة على أقرب كاميرا موضوعة بالمكان، ولكن الأسهل هو إعطاء رشوى لأصغر عسكري بالأمن الوطني فيخبرنا بما سمعه من البشوات الكبار.
رغم كل ما يخبرني ما خطر إلا أني لم أفكر إلا في نجلا، هل سيتثنى لي رؤيتها مرة أخرى، قلت بعد تفكير طويل:
– ما أتعجب منه هو تصرف نجلا مع الطبيب، لماذا أخبرته بأنها مصابة بالإيدز ولما فضحت المنظومة؟
ابتسم وكأنه يعرف سبب السؤال، فأنا رغم ما فعلته أريد أن أسمع عنها أكثر، عن دورها في تنظيم الأخوية، سعل وهو يقول:
– نجلا تحبك، هذا ما قالته بعد أن فعلت ما فعلته، كانت تحبك ولكنهم أجبروها على تركك والزواج من الطبيب، لأنه يعمل بمؤسسة الجيش، ومن هنا أصيبت بصدمة عمرها لأنهم بالفعل تسببوا بإصابتها بالإيدز، واعتبروا هذا انتقام منها أو ربما يكون تأديبًا لرفضها بالماضي تركك…
غصة شعرت بها، بكيت وأنا أسمع ما يقول، لم تكن نظراتها كاذبة، دائمًا ما كانت مقلتيها مترقرقة بالدموع كلما أغدقتها بالحب، تسرح فأظن بأنها غير منتبهة لي، فقط لأنها أحبتني أصابوها بالمرض، لأنها لم ترد تركي حكموا عليها بالموت.. حين طال صمتي تنحنح لأنتبه له، ثم أكمل قائلًا:
– إن إصابة أحد الضباط بالمؤسسة العسكرية يعتبر انتصار، فحين يقال أن ضابطًا بالجيش مصاب الإيدز فسيقال البدع عنهم، وأنه بالتأكيد قد مارس الجنس المحرم أو مدمن للمخدرات واستعمل الإبر مكان مدمن آخر، ورغم أن تبادل إبر الحقن لا يحدث أبدًا إلا أنها ستنتشر وربما تعم الفوضى.
وكأني أعرف ما حدث قلت:
– الطبيب غير مصاب بالمرض، هذا معناه أن نجلا رفضت مطارحته الفراش بعد أن علمت بمرضها، وفضحت الموضوع أمامه قبل أن تدعي موتها، ثم رجعت ثانية واتصلت به فقط ليشعر بالغضب فيحاول كشف كل شيء.
صفق بنيامين بيده وهو يقول بضحك:
– اليوم الذي قضيته في الأمن الوطني جعل رأسك كالمفتش كرومبو، أصبحت تحل الألغاز، بالفعل هذا ما فكرت فيه نجلا، وبالمناسبة نجلا تريد الانتقام منهم معنا، ولكن طلبت منها عدم الحضور.
– لمَ؟!
خرجت مني دون إرادتي، فأطبقت لساني في فمي، ليجيبني قائلًا:
– بالطبع لن تقابلك، لا تريد أن تدمر حياتك مرة ثانية، وأيضًا هي تعرف بأنك الآن زوج تلا، حتى وإن كان الزواج فقط على الورق، ولكنها الآن مصابة بالإيدز..
– بالتأكيد تلا ستساعدها في العلاج، ما عرفته أن العلاج فعالا، وأنها ما دام رجعت ما كانت ستفعله فتستحق فرصة ثانية، أما عن حياتي، فصدقني.. أنا أحب تلا، لا أنكر أني أتذكر نجلا كثيرا في صحوي حتى في الأحلام تأتيني ولكن تلا شيئًا مختلفًا، الفرق بينهما في التفكير أن نجلا دمرتني فتذكرني دائمًا بالفشل، أما تلا فهي من رممت حطامي وجمعت فِتاتي.
بعد ستة أيام استقبلت بنيامين ببيتي مرة ثانية، كان في يده جهاز (لاب توب) أدخلته البيت وقد كانت الساعة الحادية عشر ليلا، سألني عن المفكرة، فأخبرته بأني قد سلمتها للشرطة وهم الآن يعرفون بأمر الأخوية وما يخططون له، فقال بثقة:
– وبعد ساعة واحدة ستكون العائلة بالكامل بالأسفل، هذا المكان تم تصميمه بحيث يكرن معزولًا عن السطح، ترى لو انفجر، هل يستسبب بكارثة بالخارج؟!