بعدم فهم قلت:
– هذا معناه إنهم إذا تم كشفهم فسوف يفجرون أنفسهم وبذلك ينجحون أيضًا في تأمير كل ما فوق السطح!
– أنتَ لم ترَ بالأسفل سوى مبنى صغير مصمم وكأنه معمل تحاليل، ولكن هناك طرق طويلة قد تمتد لبلدان العالم، وهم يفكرون بالهروب سالكين الممرات السرية هربًا خارج البلاد. وسيجتمعون خلال ساعة في نقطة ما سنراها معًا.
وما إن أنهى كلماته حتى سمعت صوت طرق بالباب، قال بنيامين بقلقٍ:
– هل تنتظر قدوم أحد؟
قلت: لا.
فتحت الباب فوجدت تلا والطبيب يقفان أمامي بابتسامة، أشرت لهما بالدخول، وناديت لبنيامين فخرج من مخبئه ليجد تلا أمامه، شعرت بتوتره وهو ينظر لعينيها، نظراته ظلت تنتقل بيننا، شعرت بالغيرة فقط لتفكيري بأنها شعرت بالحب تجاهه ذات يوم، جلبت لهما مقعدين فجلسنا نحن الأربعة، كنت قد أخبرت الطبيب بما حدث مع بنيامين ليخبر تلا بكل شيء، فأخبرها وجاء معها، خاصة وأنه عرف أن نجلا زوجته ستكون معهم وقت القصاص، فقد اختارت أن تراهم يعذبون فتقتص منهم قبل أن تموت، طلبت من بنيامين تشغيل حاسبه، فتحه وبدأ في مراقبة الممرات السرية ومداخلها وغرفها لكي يصل للمكان الذي يختبئون به، حتى وجدهم، قلت بغلٍ:
– كيف سيمكنك قتلهم وهم أسفل هذه البلاد ويبعدون كثيرًا عن السرداب؟
أخرج من جيبه جهاز تحكم عن بعض، قال بثقة:
– بعد قليل سيجتمعون جميعًا، ولكن سأنتظر حتى يصلوا لنقطة ما بالصحراء ليس بها حياة وأفعل اللازم.. مرت بضع ساعات ونحن نتابعهم عن كثب، الملل لم يدخل البيت تلك الليلة، فنحن نتظر الوقت والمكان المناسب لتحقيق الهدف، تراءت أمام عيني صورة لأمي وهي جالسة على المقعد الخشبي واسطوانة الغاز تنفجر بها لتحرقها، حتى أمسك بنيامين بالجهاز، وضغط على ذر به لينفجر بهم الممر المارين به..
بعدة عدة أيام، كانت كل وسائل الأخبار تتحدث عن الزلزال الذى حدث بالصحراء، فقد اعتبره البعض هزة طبيعية للأرض، والبعض الآخر أكدوا أنها تجارب نووية يقوم بها الغرب في البلاد العربية وبلا شك هم من تسببوا بسوء الأحوال الجوية، كنت وتلا نجلس معًا في ذلك المكان الذي احتضن لقاءاتي مع نجلا، لا أنسى نظرتها حين قرأت الرسالة التي يطلبون مني فيها قتلها، ولكننا أتفقنا أن نكون يدا واحدة لنرجع حق أمي وننقذ باقي البشر، نظراتها بدت مبهورة بي، لم تنظر لي أحد بهكذا نظرة من قبل، كانت تشبك يديها ببعضهما فعرفت أنها تشعر بالخجل هذه المرة، لم يعد هناك حرب، تم إزالة حرف الراء ليأتي الحب، قالت وهي تنظر لي بابتسامة ساحرة:
– وماذا بعد؟
– سنتزوج بالتأكيد، لكن ليس قبل أن أحقق ذاتي بعيدا عن أموال عائلتك.
ضيقت بين عينيها وقالت بعدم استيعاب:
– أي ذات وأنت بالفعل الوريث الشرعي لأبيك وهذا معناه أن لك نصيب في إرث عائلتي.. لقد حققت ذاتك حين انتقمت لأمك، حققته حين ساعدتني على أن أحيا بعد أن حاول أهلي قتلي.
خرجت دمعة ساخنة على وجنتي لتحرقني، قلت بنبرة مهتزة:
– ولكن أظل ابن زنا..
– وماذا فعل أصحاب الدم النقي؟! قتلوا أبناءهم وحاولوا تدمير البشرية، هم أخطأوا في حق أمك ولكنهم أصلحوا خطأهم أصبحت الوريث لكل شيء بل رمانة الميزان.
– هل كلامك معناه أنك موافقة على الزواج مني؟
على استحياء قالت بصوتٍ خافت:
– لقد تزوجنا بالفعل، قبلت الزواج مني، ولم توافق على التعامل معهم من أجل أمك ومن أجلي، أخبرني أين سأحد رجلا مثلك؟
تأكدت بأنها ستكون بجانبي مدى الحياة، العبد العاص آن له يرحل من مدن الجحيم ليلوذ بالنعيم، بدأنا نتحدث عن أنفسنا، حكت لي ما تحب وتكره، سمعت مخاوفي عرفت كثيرًا عن شخوصي، واتفقنا على السفر لقضاء ما يسمونه شهر العسل… ونحن في الطريق لمحافظة الغردقة جاءت رسالة مشفرة على الهاتف الذي سلموني إياه، فتحتها فوجدت مكتوب بها:
“مخططك أعجبنا، نحن نحب الأذكياء خاصة لو كانوا من أبنائنا، عدم قتلك لها والزواج لها عقاب ستعرفه قريبًا.. ولكن نحن ما زلنا مستمرون”.
تمت