رواية عشق (كامله جميع الفصول) بقلم عمرو علي

دون أن أسأله عن اسمه أشرت له بيدي آمرًا له بالدخول، لمحت في يده مفكرة سوداء تشبه تلك التي وجدتها، والتي كانت لائقة جدًا على بدلته الكلاسيكية السوداء والتي جعلته يبدو كأحد أبطال هوليود، جلس على مقعدٍ متهالك ببهو شقتي دون أن آذن له، شقتي غير مرتبة، ولا أتذكر هل كان المقعد نظيفًا أم لا، على كلٍ فإن كان مغبرًا بالتراب فقد تنظفه لي بدلة بنيامين ويكون حينها اللقاء قد أثمر بشيء جيد، أخذت أول مقعد بلاسيتيكي أمامي وجلست في مقابلته، نظراته كافية بأن تخبرني بأنه يشعر بالتوتر، يضع يده اليمنى على ركبته ويضربها بطرف إصبعه، حين تلتقي أنظارنا يهرب بعينيه، بدأت الحديث لأمسك أنا زمام الأمور، بنبرة واثقة مصطحبة لابتسامة مكر قلت:

– أهلا بنيامين، أعرف أنك وصلت منذ وصول تلا، لكن أنتظر أن أسمع منك سبب قدومك لبيتي؟!

بدا على وجهه أمارات التعجب، أعرف أنه يسأل نفسه كيف أني استطعت معرفته دون أن أراه، ولكن ربما يخونني عقلي، فتداركت أنه ليس غبيًا لهذا الحد وبالتأكيد يعرف أن تلا ربما تكون قد أخبرتني عنه، وصفه، لون عينيه، كل ما يخصه، تلاشى أمام عيني توترة، تبدلت نظرته الخائفة لأخرى خبيثة، قال بصوت لا يقل تأثيرًا عن صوتي حين أخرجه بثقة مصطنعة:

– أحب جدًا الأذكياء، ولا أحب أن يموتوا هباء، لو كان في الغابة أسود وحملان فقط فكيف ستولد المتعة؟ أنت الآن بدأت جديًا في التفكير عن سبب زيارتي، وأنا هنا لأشاركك مهمتك..

رغم شهادته لي بالذكاء إلا أني بدوت غبيًا، ربما لجهلي عن سبب زيارته، قلت بضيقٍ:

– هات ما عندك.

لم تتبدل نظرته، ولكنه رفع المفكرة في مقابلتي وهو يعطيني إياها ويردف قائلًا:

– تشبه تلك التي وجدتها يا شعيب، ولكن بالعبرية، هذه المفكرة كتبها أبي بالعبرية، الممرات السرية التي وجدتها تحت إمارتي، لم أنشأها بنفسي بالتأكيد، ولكن مهمتي هي حماية هذه المدينة، إنها مدينة متكاملة مخصصة لإيواء الناجين مما سيحدث.

بابتسامة صفراء قلت:
– وهل ستكون سعيدًا لو دمرنا هذه البلاد، هل تؤمن بمبادئ الأخوية، لن أسألك كيف عرفت بأني توصلت لكل هذا، فربما كانت هناك كاميرات مراقبة أو ما شابه، حتى الجهاز الذي أرسلتموه لي لإتمام المهمة أصبح خربًا فأنا لم ألمسه منذ أن عرفت حل اللغز.. لن أقتل تلا ولن أسمح لكم بتدمير العالم.

دون تفكير قال:

– أي جهاز؟! أنا بالفعل هنا لإيقاف الخراب، مهمتي من أهلي كانت قتل تلا وقتلك أيضًا إذا ما استدعى الأمر هذا، ولكننا ما زلنا هنا أنا وأنت، لو كنت أريد الخراب لقتلتك فور وصولي، وأستطيع فعل ذلك الآن…

صمت وهو يشير إلى صدري بيده، فوجدت بقعة ضوء حمراء ترتكز فوق قلبي، فتح ذر قميصه الأبيض لأجد أنه يضع ميكروفون صغير الحجم، استرسل قائلًا:

– لا تخف إنه مجرد قناص بالخارج، فلنقل أنه حارسي الشخصي، صدفني لو كنت أريد قتلك لفعلتها.

كلامه صادقًا يخرج من حنجرة ثابتة المقام، حركاته بدت لي وكأنه أخذ مني زمام الأمر، شعرت بأنه أصبح المتحكم في سير الحديث، فلديه السلاح الذي يستطيع به أن يخرسني به، وكونه يتحدث معي فهذا معناه أن أمري مهم بالنسبة له، سألته عن تعجبه حين أخبرته بأمر الهاتف، فأجاب قائلًا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top