“إذا أردت أن تهزم الظلام، فابحث عن ذاتك.. حينها ستجد جنين النور متمخضًا في رحم الظلمة”
لطالما سألت نفسي عن السبب في وجودي هنا، لا أقصد في هذا البيت الذي يأوي ثلاثتي، طفولتي وهي تغتصب، زهرة تفتحي وهي تذبل، ومستقبلي وهو في أيادٍ غير يدي..
كلما دخلت إلى هنا يصحبني ثلاثتي وأقف بين أيديهم في محكمةٍ كنت أنا الجاني فيها والمجني عليه، ولم يكن هناك حل سوى الحكم.. بقتل نفسي الخربة، لكن تلا كانت دائمًا هي المنقذة دون أن أراها أو أسمعها، حتى قبل مجيئها من الخارج، وسماعي لخطة عمها كاملة..
أثناء تواجدي في هذا البيت اكتشفت سردابا سريا أسفل غرفة أبي، قررت استكشافه، خاصة وأني قد عرفت بأني لست ابنه ووجودي معه فقط لكي يستغلني في تنفيذ مخططه، أثناء دخولي للسرداب وجدتني داخل نفقٍ مظلم، ولكني أخرجت هاتفي وفتحت الكشاف كي أرى الطريق، ورأسي يؤلمني من شدة التفكير، إلى ماذا يأخذني هذا النفق، بدايته سرداب في غرفة أبي -يهودي الديانة- والذي يخطط لإبادة العالم ويرسخ كل جهده لتدمير البلد أولًا، حتى بدأ يظهر لي في الممر أبوابٍ لغرف بنيت تحت الأرض، وكأنها مساكن للشياطين مصنوعة بأيادٍ بشرية،
عبارات بالعبرية مكتوبة عليها، لم أفهم أية كلمة مما رأيتها، ولكنه يبدو نموذجا مصغرا من الموساد، أكملت سيري بخطوات هادئة خوفًا من أن أصدر أي صوت ويكون هناك أحدهم فيفتضح أمري كوني اكتشفتهم، في نهاية النفق وجدت جدارا في وجهي، ولكنه لم يكن نهايته، فعلى يميني ويساري وجدت نفقين، وهذا معناه أن البيت ليس المدخل الوحيد للمكان، وربما بداخل هذه الأنفاق ممرات سرية تقودنا لألف نفق، رهذا معناه أنهم يسكنون معنا منذ سنوات، يعيشون بيننا، ربما يكون منهم من يعمل لدى النظام بل وربما يكونوا قد وصلوا للحكم وهذا غير مستبعد..
بعد محاولات بائسة لاكتشاف نهاية تلك الممرات السرية قررت العودة لبيتي، أنا وتلا وبينامين كنا بيادق حربهم المنتظرة، فانتظرت حتى رأيتها للمرة الأولى، لم تكن مقابلة نموذجية، فباقة الزهور التي يجلبها الحبيب لحبيبته جلبته لها ولكن في زيارتي لها بالمستشفى حين مات أبويها.. فأخبرتها بكل شيء رأيته ورتبنا للزواج للإيقاع بهم.
كنت في مكاني أتابع بداخلي كيف يجلد أحدهم ذاته، كيف يؤنب ضميره على ما اقترفه في حق نفسه، طرق خفيف بالباب أخرجني من شرودي وأنساني ما جئت لأجله، فقد كان لا بد أن أجلب مفكرة أبي وأعطيها للضابط كما أخبرته، ازداد صوت الطرقات، تعجبت.. خاصة وأني في العادة لا يأتيني أي زائر، فلم يكن لي يومًا صداقات، ولم تربطني بأحدٍ أي علاقة وهذا منذ أن تركتني نجلا، فتحت الباب لأحد شابًا ربما يكون من عمري، تقابلت أعيننا، كانت نظراته باردة رغم عذوبة عينيه الزرقاوين، كونه أشقر أيضًا جعلني أعتقد أنه بنيامين، فقد وصفته لي تلا في آخر لقاءٍ جمعنا،