رواية عشق (كامله جميع الفصول) بقلم عمرو علي

لكن ما الفائدة لو عشنا هنا حياة الفقراء وتخلينا عن كل ما هو يهودي، هل ستعاد لنا الأرض؟ بدأت التواصل مع بعض العائلات التي أبت أن تهرب للدولة الأم “إسرائيل” واتفقنا على تحرير البلاد منهم، ولكنها خطة بعيدة الأمد، فكان عليّ أن أتزوج لأخلق ترسًا آخر، ولكني اكتشفت أني عقيم، وراح مخططي أدراج الرياح، حتى قابلتها.. حورية جارتي في مسكني الجديد، وعاد أملي من جديد حين سمعت صرخاتها وهي تستنجد بأي أحد من الناس لينقذها من أبيها.. استطعت أن أعرف سبب الخلاف، فهي حبلى والفاعل مجهول، تركت ما في يدي وأسرعت إلى باب بيتهم، طرقت الباب ليفتح لي أبوها، كانت معالم الغضب بادية على وجهه، وأيضًا شعر بخطورة موقفه، طارق بالباب في وقت متأخر من الليل، جاء بعد سماع صوت الصرخات.. هكذا افتضح أمره، قبل أن يقول أي شيء قلت بثقة وأنا أتابع تعبيرات وجهه:

– لقد سمعت كل شيء، مستعد أن أساعدك في هذا.

هم بإغلاق الباب في وجهي ولكني اعترضت يده وقلت بلهفة:

– لا تسيء فهمي، أنا لن أستغل الموقف، أنا جارك هنا منذ أكثر من شهرين، عاشرتكم وعرفتموني، أعرف أخلاقكم، وخطأ ابنتكم سأتجاوز عنه.

وكأنه وجد ضالته، أدخلني بيته وأجلسني أمامه في غرفة الأنتريه، رغم ما يظهر به من فقرٍ إلا أنه كان كريمًا معي، قال بحسرة:

– لقد افتضح أمري وما حدث قد حدث، أنت ستساعدني كما تقول ولكن ما المقابل؟

تنحنحت وأنا أقول:
– الدفء، لقد مات أبويّ في صباي، واكتشفت مؤخرًا أني عقيم، فقط أريد أن أكون بينكم ابنًا وتكون حورية زوجتي، وما تحمله في بطنها سيكون ابنا لي ولن يعرف أحد”.

أغلقت المفكرة بعد قراءتي فقط للصفحة الأولى، كنت متعجبة مما أقرأ، انتبه شعيب أنني أتطلع إليه بعد إغلاقي للمفكرة، قال بحزن:

– نعم، أنا ابن حورية.. وقد أحرق أمي في بيتنا القديم حتى لا تخبرني بأي شيء يخصه

“إذا أوصلتني كل الدروب لحافة الموت، لتمنيت أن أموت في دربك”.

كان لديَّ تخوّف شديد تجاه شعيب، من هو؟ ما حكاه مع البداية الغريبة لكتاب الأخوية جعلتني أصاب بالريبة من كل شيء. هذا الكتاب لم يكتبه أفراد العائلة، إنه يشبه الدستور، وضعوه ليسيروا على نهجه.. شككت في أنه لم يكن مجرد مفكرة لعمي، فتحت الكتاب ثانية وشعيب يراقبني بعينيه، نظراته تخترقني كشعاع الشمس، بدأت في تصفح وريقاته الصفراء. وكأنه قد كتب منذ أمد بعيد.. رفعت عيني لأجده ما زال ينظر إليَّ، هل يتأمل ملامحي، أم أنه سرح في اللاشي، تنحنحت لينتبه معي، بدوره ابتسم، أخفضت صوتي وأنا أطلب منه الاقتراب أكثر، قلت بصوتٍ خفيض:

– لست متحيرة في أمرك، أنت رجل كل ما تفكر فيه هو انتقامك لأمك وهذا حقك، والمكتوب هنا يؤكد أن لك حق، ولكن هذا الكتاب لم يكتب بواسطة عمي.

هب واقفًا حين قلبت الكتاب وأريته الخطوط، قال وهو يتفحصها:
– كيف لم أنتبه لهذا من قبل؟

قلت بحزن:
– عذرا فيما سأقول، ولكنهم يعتبرونا بيادق في حربهم، كل ما يحدث حتى هذه اللحظة مرتب من قبلهم، منذ عشرات السنين وهم يرتبون لهكذا أمر، أعجب على انتقائهم لأسمائنا، العجيب في الأمر هي جملتهم الأخير”
“سيتلاشى من هنا ويبعث حاكم جدير، تسير الأرض على نهجه فيتبعه المخلصون، كل من يخالفه سيقتل.. ستكون قدميه فوق الأعناق، فقط عنقه ستكون أسفلنا، نحكم ونحكم، حين يبعث سيكون اسمه شعيب، له معنا ثماني حجج، فإن أتمهن فسيكون المختار الحقيقي فيخرج التابوت ويبعث الأوحد من بين الركام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top