رواية عشق (كامله جميع الفصول) بقلم عمرو علي

– إن وقوفك بأكاذيبك أمام الحاسة السادسة للنساء، أشبه بوجودك مقيدًا في منتصف السكة الحديدية.. أين تهرب يا تُرى، القطارات تأتي من كل اتجاه.

رغم أني فقط أرهف لهما السمع، إلا أنني شعرت أن بنيامين لم يفهم كلماتها، وبدورها قالت للتوضيح:

– لو أنقذتها مرة ثانية فستعرف أنها مدبرة، وربما تكتشف كل شيء.

ليجيبها بنيامين، مشكلة تلا معي هي الديانة، فهي تحبني وأنا أعرف ذلك، ربما من الوهلة الأولى، أو بعد أن أظهرت خوفي على أبيها حين ضربناه بحقنة مخدرة.

لم أستطع أن أسمع أكثر من ذلك، أقفلت هاتفي وبداخلي أعرف أن أبي سيأخذنا لمكان آخر هاربين…..

وددت لو أمسكت بجسده ونخرته عن آخره حتى لا يعد هناك منه بقية، تتناثر دماؤه أسفل قدمي لأردد “هذه الدماء كانت يومًا تحرك مقاليد ذاتي، ذلك القلب الذي هتك عرض قلبي واستحله، فأفقده هويته” فها أنا تركت بنيامين غير آسفة عليه، كل ما يؤلمني أني ظلمت أبي، خرجت عن عقيدتي ولو بمجرد التشكك فتجردت مما ولدت عليه وأحببت الحرية الغير مشروطة، تركت لذة الحرمان من الإثم وعشت فقط لأرتشف يوميًا حرية لم تكتب لي، رغم تخوَّف قلبي مما كنت فيه ولكني كنت أظن أن ما ألاقيه من لذه هو مجرد متعة ذنب، وأني سأتعود على العصيان، عصيان غير مشروط، ولكن هذا أبدًا لن سعيدة.. أخبرت أبي بما حدث.. ومن هنا بدأ كل شييء..

(تــلا)

أخرجني من شرودي صوت طرق بالباب، عدت لواقعي كما كنت.. في غرفتي بالمزرعة، كما أنا.. ولكن ذكراي مع بنيامين وأنا في السابعة عشر سرقت بالي، فتهت عن الواقع وبثها عقلي أمام عيني من جديد، وكأني أعيشها مرة ثانية.
لا أعرف من الطارق.. ولكن ربما تكون هي السيدة التي كانت تحدثه ربما تكون أمي، فرغم دراستي للطب إلا إني لم أتخيل أني بمثل هذا الغباء.. الغباء الذي يجعلني أصدق بأنها فقدت النطق.. فلو كان هذا صحيحًا لما احتجنا لمحاورتها بالإشارة، ربما هي تفعل ذلك لنفهمها، ولكن هي ليست من الصم البكم لكي لا تسمعنا.. هناك خائنٌ بالبيت ولم يكن سوى الخائن أمي..

انتبهت أن الباب يطرق منذ وقتٍ طويل، فتحت الباب فوجدتها أمي، ببضع إشارات من يدها أخبرتني بأنها تحاول أن توقظني منذ وقت وأنا لا أجيب.
لم أخبرها بأنها باتت مكشوفة أمامي، حدثتها كما حدثتني وأخبرتها أني متعبة قليلًا، جلسنا معًا على سريري حتى تأكذت بأني بالفعل كنت نائمة ولم أسمعها، تثاءبت لتعرفي أني ربما أحتاج أن أنام لوقت أكثر، ربتت على كتفي وهمت لتخرج من الغرفة، وما إن أدارت ظهرها حتى صرخت بصوتٍ عالٍ، قائلة:
– أنجديني يا أمي.

بلهفة أدارت ظهرها لي وهي مرتعبة عليَّ، تلاقت أنظارها، لقد أوقعتها في شركي، كشفتها وأنا أنظر لها بابتسامة انتصار، تبدلت نظراتي بعدها للحزن، أيعقل أن تحرمني من سماع صوتها، أن تحتضنني وتخبرني أني ابنتها المدللة، وقعت أرضًا من فرط ألمي، وددت لو انشقت وبلعتني لربما أموت ويرتاح عقلي وبالي، شعرت بأن رماح الخذلات ألقي بين رئتي ليقطع نياط قلبي، بكيت حتى تبلل وجهي، دموع قادرة أن تغرق بلد بأكمله. جلست أمامي، حاولت أن تحتضنني ولكني أبعدتها عني، قلت بصوتٍ باكٍ:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top