– يقول بأنك أنجبتني لأساعدك في كارثة.. ولم أفهم غير ذلك.
ابتسم بسخرية وهو يقول:
– في الحقيقة أنني سافرت من أجل هذا، لا أعرف هل حبًا في الفكرة الجنونية أم لأن عائلتي اتفقت معي على ذلك..
فغرت فاهي، هل يقصد أنهم صدقوا فيما قالوه، بتر كلماته وهو يمسك بيدي، ابتسم بحنو وقال بثقة:
– قلت أني سافرت لأجل هذا، ولكن شيء ما بداخلي كان يرفض هذه الفكرة، حين قابلت أمك أخبرتها بكل شيء عني، وأخبرتها أني هربت من الفكرة وأنها تساعدني..
أخذ نفسًا عميقًا ارتسمت على وجهه تعابير الحزن، وضع أصابعه على شفتيه، بدأ في قرقدة أظافره، بنبرة مرتعشة قال:
– ولكنها أخبرت أهلها بكل شيء، تشبثوا في الفكرة الأولى، ورفضوا إيماني بعقيدتي.. وبعدها توالت الحوادث فأخذتكما وهربت، ثم عادوا للظهور الآن، سيحاولون أن يبعدونا عن بعضنا البعض، لن أقول لكِ صدقي، ولكن عليكِ بالصبر والتركيز وستعرفين الحقيقة كاملة مع الوقت.
آمنت به وبما يقول، لم أعهده كاذبًا هو أبي رغم كل شيء، الإيمان أو التشكك بالعقيدة له علاقة بما يفعله المؤمنون بها، فماذا ذنب ما أؤمن به لو كان الراهب سارقًا، بالتأكيد إيماني غير مرتبط بما يفعله التابعين مثلي، قررت أن أساير الأمور وفقًا للقواعد، سمع كثير.. لا أقوال..
رجع كل شيء كما كان ولكن بنيامين أصبح جزءًا لا يتجزأ من كياني، هو يهودي وأنا مسلمة.. والقلب يعشق ما يريد، ازدادت اتصالاته ومع كل مكالمة منه كنت أقترب منه، أصبحت ألمس كلماته، أرهف السمع لها، ولكنه بدأ يطلب المزيد، موعد عشاء نكون فيه وحدنا، على ضي الشموع نقيم ليلتنا الأول
تأثيره أصبح يأسر وحداني، يستطيع أن يتلاعب بالحروف يظهر عشقه ببضع كلمات..
أحلم بكِ.
ألمس عطرك..
أتخيلك ساكنة ودافئة، مستكينة بين رئتي..
حينها تأكدت بأني كنت صائبة حين رفضت إقامة العلاقات.. فالحب في الغرب مكتوب عليه أن يظل في المخيلة.. حيث عشق بلا قيود، مشاعر بلا إتيان، زواج بلا مأذون.. وهذا ما قد يرفضه عقلي قبل أن تنهره عقيدتي..
تعودت ألا أظهر ضعفي، حتى وإن أذاقتني الحياة المر بملعقة، سأبتسم وأشكرها على مذاقه اللذيذ.. فالضعف عورة.. وأنا لا أبيح عوراتي. هكذا علمني أبي، سأبتعد فنحن كقطارين فوق قضيبين متباعدين.. لكل منا وجهته الخاصة.. ولن يسعني السير خلفه نحو الجحيم.
غيت عنه أسبوعًا ويومان وبضع وعشرون ساعة كانوا الأكثر صعوبة على الإطلاق، فقد كنت أدمنته وللهجران أعراض انساحبية لا يسلم منها أحد.
رن هاتفي ونطق باسمه (بنيامين) مائة وخمسون مكالمة فائتة، رق قلبي وحن، عدت أدراجي ما أحلاه من إدمان وما أحلى من متعة ذنب! لكن فجأة خطر على بالي خدعة، أمسكت هاتفي الآخر، فتحت ملف الموسيقى، قمت بالضغط على مقطع صوتي “الهاتف المطلوب مرفوع مؤقتا من الخدمة”، كنت أعرف أن بنيامين لن ينظر لشاشة هاتفه لو سمع أنه مغلق، رن مرة ثانية، أجبت عليه انا أضغط على ذر التشغيل، سمع صوت الرسالة بالتأكيد، أغلفت ميكرفون هاتفي وبدأت أسترق السمع، ولم يخب ظني فقد بدأ بنيامين في التحدث مع شخص ما، لقد كانت خالتي، استطعت تمييز كلماته وهو يقول لها:
– لقد مللت، هل سأظل أهاتفها كثيرًا وهي لا تجيب، أرى أن نتجاهلها، ثم بعد فترة أصنع صدفة جديدة، وبدلا من تأجير بعض الشباب لسرقتها وإنقاذها مثل المرة الماضية، أستطيع أن أنقذها من حدث سير، أو أي شيء النساء تحب شخصية البطل.
تبدلت نبرة خالتي الرقيقة لأخرى، جاء صوتها قويًا رغم خفوته استشعرت غلظته وهي تقول: