رواية عشق (كامله جميع الفصول) بقلم عمرو علي

شعرت بإثر كلماتي على وجهها الذي تلون بالأحمر، كأنها فوجئت بما قلت، ربما لم أزين حروفي التي خرجت وهي تحرق قلبي فحنجرتي قبل أن تحرقها، ولكن لا أحب حياة الأحلام، الأمل الذائف، فالفقير سيظل فقيرًا ويأتي دور الغني فقط حين يقرر مساعدته أمام الشاشات، فتتعالى هتافات الناس “عاش الغني الرحيم” ثم يزداد الغنى ثراءً ويظل الفقير فقيرًا، كانت يدي ترتعشان أمام عينيها، لاحظت هي مدى تأثري، لم تعقب على ما قلت ربما تقديرًا لحالتي، قلت بصوت مختنق:

– أعتذر على فظاظتي، ربما يأخذك ظنك بأن الأدار ساقتك لتجلسين أمام شاب مجنون، ولكني أخاف الوعود، أخاف الحب، لقد كانت أمنيتي أنا أواعد فتاة مثلك، ولكن ماذا بعد؟!

ترقرقت الدموع بعينيها، حاولت كبح جماحها ولكن محاولاتها باءت بالفشل، فأمطرت العيون بوابل حارق، جعلها تضع يديها على وجهها في محاولة بائسة منها لإخفاء الدمع الدفين، وبيدي أفسدت اللقاء الأول بيننا، لأثبت أني وحظي كنا العقبة الوحيدة في طريق سعادتي، أمسكت يدها وقلت بحزن:

– أعتذر ثانية، فلم أكن أعلم أني سأجعلك تبكين، ومتى! في لقائنا الأول، ما رأيك لو خرجنا قليلًا، أنا أحب النيل، دعينا ننسى هذا المطعم، ونحذف ما حدث من ذاكرتنا.. ما رأيك؟

وقفت وأنا ما رلت أتشبث بيديها، تنهدت هي وطلبت الإذن في دخول المرحاض لكي تصلح وجهها ما أفسدته الدموع.

كانت علاقتي بنجلا هادئة وأيضًا مثيرة للمتاعب، أحدثها وأخرج من بؤرة العوَّز لضي الأحلام، حبيبة تملك المال ولا تملك الحب، وشاب يراها كنزه وملاذه، يكن لها حبًا لو وزعوه على نساء الأرض لكفاهن، ولنثروا بقاياه فوق رؤوس الجبال ليعلم الناس أن لا أحب يفتقد الحب في بلاد بها نجلا.. ذات العينان الخضروان.. ساحلية القلب عميقة الحب.
أغدقتها بحب ليس له مثيل، لم يكن فقري عائقًا في نيل قلبها كما حدثتني، لكنها سرعان ما رحلت عني، دون كلام، اختفت، ليوم واثنان، هل عاقبوها فحرموها الحياة، هل تخلصت من حياتها من كثرة ما رأت من ظلم وقمع وقيود.. لتظهر من جديد بعد عام من البحث والعس عليها، ولكنها تلك المرة كانت فتاة أخرى، فاتصال منها كان كافيًا لتحرقني ببضعة كلمات:

“لقد كان كلامك صادقًا، فالغني لا يسعه التزوج من الفقراء، وأنت لم تكن فقيرًا فحسب، بل كنت يائسًا وغبيًا، كان بإمكانك أن تغير حياتك للأفضل مثلما فعلت أنا، لقد تخلصت من قيود أبي وتزوجت، حاول أن تساعد نفسك وتخرج عن هوة اليأس التي تملكتك”.

كلماتها كانت قاسية، كفيلة أن تجعلني أتخلص من حياتي، لم أحزن على سنةٍ قضيتها في البحث عنها، لم آبه لجامعتي التي نسيتها ودراستي التي تخليت عنها بإرادتي، فما فائدة السعي ما دام طريق الوصول مقفلًا بالمتاريس!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top