سمعت صرخة مدوية مع صوت ارتطام شيء ما بالأرض، بكل ما أوتيت من لهفة اتجهت تجاه الصوت وفتحت باب الغرفة لأجدها ملقاة على الأرض لا تتنفس وفي يدها زجاجة صغيرة فارغة، لم أمهل نفسي أي وقت للتفكير، حملتها بين يدي وأنا أجري بها، لم تكن قد خلعت فستانها بعد، وكأني أحمل ريشة مبتلة من إثر الدموع، أهكذا ريشة تدمع وتلقي بنفسها لحافة للجحيم.. تذكرت كلماتها القاتلة التي نحرت قلبي ولكني نفضت أفكاري واتجهت بها للمستشفى بعد أن اتصلت بأبي لأخبره بما حدث.
بندول الساعة يتحرك يمينا ويسارا، تداعبني عقاربها وأنا أنتظر خروج الطبيب من العناية ليخبرني ما حدث لها، كنت أعرف أنها ابتلعت واحدة من حبوب حفظ الغلال.. حبوب قاتلة ومعالجتها ليست بالشيء السهل، فمن يتناولها قد يكون في عداد الموتى لو لم يتم إنقاذه في الوقت المناسب، بعد قليل خرج الطبيب وعلى وجهة نظرة غير مبشرة بالمرة ليقول لي بعد برهة من السعال مرت عليَّ بألفِ عام:
– هل كان زفافها اليوم؟ هل أنت زوجها؟
بدى لي سؤاله غريبًا، فبدلا من أن يطمئنني على حالتها يتطفل ويسألني، قلت له بصوتٍ صارم:
– نعم وزفافنا كما ترى كان اليوم، أخبرني عن حالتها، هل ستكون بخير؟
قال بنفس نبرته غير المحببة لي:
– ستكون بخير لا تقلق فقط إذا مرت عليها هذه الليلة بسلام، أما عن حالتهافستظل تحت الملاحظة حتى الصباح، لكن.. هل لي أن أسألك بضع أسئلة؟
كاد أن يقتلني بفضوله، ومن فرط غضبي كادت أسناني أن تتحطم وهي تصطك ببعضها، ليخرجني أبي من تلك الحالة وهو يقول:
– أنا عمها وهذا ابني.. زوجها، فلا هناك من أسرار بيننا، ماذا تريد أن تعرف.