رواية عشق (كامله جميع الفصول) بقلم عمرو علي

كان يحاول أن يتحدث بهدوء حتى لا يسمع أحد ما يدور في الغرفة، ولكن الباب فتح على مصراعيه، ودخلت امرأة تشبه أمي.. لقد كانت خالتي، اقتربت من سريري والابتسامة ترتسم على شفتيها، اقتربت أكثر مني واحتضنتني بقوة، قالت وأنا بين ذراعيها:

– لطالما رأيتك ولكن اليوم مختلفًا، فأنت ببيتنا الآن، سنتركك لتستريحي ثم نكمل تعارفنا، فثمة الكثير يجب أن تعرفيه.

ربتت على كتفي وهي تقف وتقول:
– بنيامين حين عرف أن له ابنة خالة أصر أن يراكِ، مرة فأخرى أغرم بك ولم يعد يفعل شيئًا سوى تتبعك دون أن يحاول الاقتراب منك.

قلت في نفسي، مغرم صامت كعشاق الأفلام، وعائلة بعيدة المنال اقتربت، كأنني وقعت في فيلم هندي، عقلي لا يستوعب كل ما يحدث، آثار التوتر ظهرت على وجههي حتى أن جسدي ارتعش تحت اللحاف الذي دثروني فيه قبل أن أفيق..

تركوني لسلطان النوم أنعم، نمت كما لو أنه ألف عام، فتحت عيني ونظرت حولي، هل لا زالت الثالثة صباحًا، سأنعم بساعتين على الأقل قبل أن أقوم لمدرستي، نظرت حولي فلم أتبين شيئًا، حاولت تحريك جسدي فلمسني الألم ليذكرني يما حدث من جديد، ما زلت في بيت خالتي وابنها بنيامين، تحاملت على نفسي أكثر وحاولت الوقوف، ولكني وقعت أرضًا، صوت ارتطامي جعلهم يدخلون الغرفة فورًا، وكأنهم كانوا على وصيدها، استندت على يدي بنيامين الذي حمةملني ووضعني على سريري ثانية وهو يقول:

– لماذا وقفتِ، كان من الممكن أن تنادي على أحدنا ونساعدك، ماذا تريدين يا تلا.

قلت بصوتٍ متعب:
– استيقظت وأنا ناسية تماما كل ما حدث لي، اعتقدت أني ما زلت بالبيت، ولكني تذكرت، حاولت الوقوف لأعرف كم الساعة، فعليّ أن أتصل لأخبر أمي بكل ما حدث.

ابتسم بنيامين وهو يقول:
– ما زلت في التاسعة مساءً، أمك وأبوكِ في طريقهما إلى هنا، لقد فكرت أمي أن من الأفضل إخبارهما بكل شيء.

انفرجت أساريري لمعرفتي بحضور أهلي، قلت بفرح:
– هل تمزحا معي؟ أعرفت أمي أني عندكم، هذا معناه أن كل الخلافات القديمة ستفتح من جديد؟

دخل زوج خالتي الغرفة، يشبه بنيامين كثيرًا عدا أن بنيانه كان أقوى، رغم كبر سنه إلا أن الشيب لم يقرب له، حليق الذقن مثل ابنه، قال بابتسامة مرحبة:
– أنا شمعون، تستطيعين ندائي بالخال شمعون، فأنا زوج خالتك وابن خال أمك، عودًا مرحبا به يا صغيرتنا.

شعور ما بين الخوف، الفرح، التشكك والريبة، مشاعر مختلطة لا أفهمها، شاب ينقذني ويخبرني بحبه من أول كلمة بيننا، عائلة وبيت دافئ، أسرتي تقترب من الحضور، ماذا قد يحدث لنا.. سمعت رنين هاتفي، هل ما زال بحقيبتي، نظرت حولي فوجدت بنيامين يعطيني الهاتف وهو يقول:

– أظن أنها مجرد رسالة.

أخذت منه الهاتف وفتحته فوجدت رسالة من أبي مكتوب بها:

“إذا كان هاتفك معك وأنت وحدك، فاتصلي بي.

نظرت للهاتف ورفعت عينيّ بخجل، لا أعرف هل يطلب مني أن أتصل به وأنا وحدي ليحذرني منهم، هل هم بالفعل عائلتي، كانوا ينظرون لي وربما فهموا ما تحويه الرسالة، استطردت خالتي:

– تلون وجهك وتحولت فرحتك للنقيض، هل كانت هذه الرسالة من أبيك؟

ما بين الخوف والفرح تهت، أخبرني أبي أنهم السبب فيما حدث لأمي، ولكنهم أنقذوني.. غبت عن اللحظة وفكرت أيهم كان السبب في التفرقة بيننا، الصمت طال، صمت لا مبرر له سوى التفكير، أو ربما التيه والضياع، أفقت على صوت دقات بباب الشقة، خالتي قطعت الصمت الذي قطعه الطارق وهي تقول:
– بالتأكيد وصلوا، دقيقة وستكونين في أحضان أبويك..

تحمست للقاء كشف الكذب، ولكن اللقاء لم يحدث كما خطط له فقد اقتحم أبي البيت ومعه بعض أفراد الشرطة الفيدرالية محاولا اتهامهم بخطفي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top