رواية عشق (كامله جميع الفصول) بقلم عمرو علي

– هل تتذكر ما حدث، مكتوب في التقارير أنها حرقت وهي مقيدة على مقعدٍ حديدي بغرفة المعيشة ببيت جدك القديم، خاصة أنه كان يبعد قليلا عن العمار، وبه حديقة صغيرة، ولكن رغم فقر البيت، ظن اللص بأن به ما يريد ودخله خلسة بالليل لسرقته ولكن أمك كانت وحدها بداخله، مما دفعه لتقييدها حتى تخبره بمكان المال، وحين دخل أبوك وحاول إنقاذها ولكنه لم يستطع لأن الجاني أغرق البيت بالكيروسين وفجر بهما البيت ونجا أبوك بصعوبة…

ابتسمت بسخرية وأنا أقول:
– في الحقيقة أظن أن ضباط التحريات كانوا نبلاء جدا، فلم يحققوا بشكل سلبي، هناك جثة مقيدة في شقة، وزوجها حي يرزق ولا يوجد جاني.. فمن هو الجاني بنظرك؟

ضحك الضابط وهو يصفق لي بيديه، هو يعرف أني أخشاه وأخشي المكوث هنا، لقد حضروني جيدًا للتحدث دون أن أصاب بخدش واحد في إصبعي، نظرت له وسألته قائلًا:

– أتعرف؟ حتى الآن لا أعرف السبب الحقيقي في وجودي هنا، موضوع حوادث تلا غير مقنع أبدًا لجلبي هذا المكان وإهانتي هكذا، هل يمكنك إخباري بما أننا سنتعاون معًا.

قال بحماس مفتعل:
– الآن أصبح من حقك المعرفة، بعد الحادثة الأولى لتلا قررنا فتح ملفات العائلة بالكامل، فهي غريبة النشأة، أب مسلم، أم يهودية، زيارتهم في مصر كانت سريعة، ومن المستفيد من موت عائلتها، ربما العم.. ولكن بعد زواجك منها أصبحت شكوكنا نحوكم أكبر…

صمت قليلًا وأنا أصغى لصوت أنفاسه، ثم أكمل بنفس الحماس:
– زيجة سريعة من فتى معدم مات عمه فصار ثريًا، ولكن الإرث به عائق صغير لتكتمل بذرته بداخل جيوبكم، تتزوج القعيدة فتحصل على كل شيء.. التحقيق في الحادثة الأولى ما زال مفتوحًا، وأنت هنا معنا لتخبرنا بكل شيء..

أشعر بالألم كلما تذكرت أمي، أستشعر الحزن لتذكري حياتي معها، السنوات القليلة التي قضيتها في رحابها، كأطلنطس المفقودة، تلاشى أثرها ولكنها تظل جنة وقد زالت، قلت بشرود:

– أتعرف أنه لا يوجد ما يسمى بالجريمة الكاملة؟

– لكن هناك من يقتلون ويسرقون ويحرقون ويزج بأناس غيرهم بالسجون. لا هناك من جريمة كاملة ولكن الفرق فيمن يحقق العدالة، هل كان منظوره صحيحا أم لا..

– حين ماتت لم أكن بالبيت، لقد قال أبي أنها رحلت، عند الله موجودة وحاضرة، سترانا من الأعلى، لقد كنت يوميا أنظر للسماء وأناديها.. لكن تساءلت هل لقاء الله يحتم علينا أن نحرق؟

صمت وساد السكون حتى من صوت الأنفاس، صنعت حول نفسي هالة من النور لأرى فالظلام الذي أراه يرجعني إلى يوم الحادث، كنت في حديقة البيت، سمعت صوت انفجار هائل، رأيت أبي وهو يندفع من النافذة، وكأن أحد ما قد دفعه أو ربما من إثر الانفجار ولكني حينها صدقت حيلة السارق، رغم أن أحدا لم يدخل بيتنا… قررت أن أكمل حديثي، بصوتٍ مختنق قلت:

– أتعرف أن لأبي رواية قد قصة بخط يده، أبي لم يكتب سواها، لقد سرد عبر وريقاته تفاصيل جريمته، لقد كان يخبئها فوق خزانة ملابسه، ولكنه نسى أن يأخذها معه حين ترك البيت، لا هناك من جريمة كاملة، المفكرة معي بالبيت أستطيع أن أخبركم عن مكانها حالًا..

استطرد قائلًا:
– نسمع منك، ثم نقرأ..

بصوت متحشرج قلت:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top