فتحت عينيَّ لأجدني في غرفة بيضاء واسعة، وبجانبي أجهزة طبية، فهمت أنهم أدخلوني المستشفى، شعرت بالألم في جسدي، ورأسى أصابه الصداع مما جعلني مشوشة الفكر، لا أعرف هل كل ما حدث كان مجرد حلم ودرب من الخيال أم أنه حدث، ولكن آثار الألم كانت دليلي لأتبين أنني لم أكن أحلم.. نظرت حولي لأتبين المكان ونافذته المطلة على خديقة خضراء واسعة، ولكن كان هناك من ينظر لي خلسة من خلالها، أشرت له لأخبره بأني رأيته، فبعد ما حدث لي أظن أن الموت سيكون مكافأتي بعد شوط كامل من التعذيب.. اقترب أكثر من النافذة فلم أتبين شكله خاصة مع شعاع الشمس المخترق لعيني.
قال بصوتِ هادئ: صباح الخير دكتور تلا، مررت بجانب نافذتك لأتطلع إليك قبل أن أمر عليك، فوجدتك قد استقظتي، دقائق وسأدخل لك.
كانت عقارب الساعة المعلقة على الحائط تشير للعاشرة صباحًا، كنت أشعر بالعطش، رأسى كان مدجج بالصداع وددت لو أعطانهم أحدهم مطرقة لأحطم ما به، وما بين ألمي وجنون أفكاري وجدته يطرق الباب ويدخل وهو مبتسم إليَّ كان فارع الطول، بنيانه القوي جعلني أرتاب كونه طبيب، حين لمس الحيرة في عينيّ اتسعت ابتسامته وقال بصوتٍ هادئ:
– تشعرين بالحيرة، أنا لست الطبيب المسؤول عنك، ولا أعمل بهذه المستشفى، ولكني سأكون زميلك في المعمل..
نظرت له بعدم تصديق، شعرت بالخوف منه، ربما يكون من هؤلاء الذين بدأت الحرب معهم دون أن أبدأ، أفقت على صوته وهو يقول:
– في ماذا سرحتِ، لا تخافي فأنت في مكان تابع للأمن الوطني، كل من هو هنا في أمان…
ضحك وهو يكمل:
– وبالتأكيد لن يستطيع أي شخص خطفك من وكرهم.
صمت برهة أستعيد فيها أفكاري ثم قلت بصوتٍ هادي:
– ولمَ تتحدث عنهم وكأنك لست واحدا منهم، من أنت؟!
سعل وهو يجلس على مقعد بجانب النافذة فتخللت آشعة الشمس وجهه وبدلت لون عينيه السوداوين وقدمتهما إليّ فوق صحنين بلون العسل مما زاد من وسامته مع لون بشرته المشربة بالحمرة، حك أنفه المدببة بأنامله ثم قال وهو يينظر تجاه النافذة:
– أنا مثلك تمامًا، منذ فترة قدمت بعض الأبحاث عن هذا المرض وكنت متعجبًا من ازدياد المرضى بشكل أشرس في الآونة الأخيرة عكس ذي قبل.