في طريقنا للقصر الذي يبعد عن العاصمة بثلاث ساعات، هالنا ما رأينا من طرق متعرجة غير صالحة للسير عليها، كنا محاطين بخضرة من الجانبين، كنت أنظر لها وأحاسيسي مختلطة تارة فرحة بريح الريف، وأخرى متعجبة من سوء حال طريقنا ولكن أبي قال بابتسامة:
– هذا الطريق الزراعي، هو هكذا من سنوات عدة، سنخرج عنه قريبا وقتما نقترب من مزرعتنا.. لا تقلقي.
– لكن يا أبي ما الذي قد نجنيه من زيارتنا لبلد كان استقبالها لنا مأساويًا، أتعرف؟ أريد العودة من جديد.
ابتسم ابتسامة صفراء وهو يقول:
– على عاتقي وعود أريد الوفاء بها، أخي عاش عمره ماكث بداخل سنابل يابسات، فقط أريد أن ينال ولو مرة من خضر سنابلي.. وأيضًا المستشفى التي سننشأها سويًا، كل ما أعرفه أن بلدي في خطر، تحملي فالذي سنراه قريبا سيكون الجحيم ذاته.
حين وصلنا للمزرعة كان الجو رائقًا، وقصرنا منيرًا في منتصفها، توقفت السيارة عند البوابة ونزلنا معًا لنشاهد خضرة مصر.. الشيء الوحيد المتبقي من عظمتها، استقبلنا العاملون بالمزرعة بترحاب شديد، حتى أن أحدهم أصر على أن نتناول معه وجبة الغداء، كان أبي فرحا باستقبالهم ووافق على الفور..
ولكن ولأن الفرحة لم تكتب لنا في هذه الأرض وجدنا…