تكملة الجزء الثاني من هنا ????
وفي الليلة التالية عاد العجوز ليلتقي بالفتاة مرةً أخرى لكنها أحضرت إليه هذه المرة كوب قهوة ساخن قدمته إليه..
فتناوله العجوز منها دون أن ينطق ثم قام باحتسائه..
بقيت الفتاة واقفة تنظر إليه لكنه كان يسند ظهره على الحائط كالعادة ينظر للأمام ولا ينظر إليها بانتظار أن تنصرف
فلما وجد أنها لا تزال واقفة فكر أن أسرع طريقة لجعلها تختفي هي أن يغلق عينيه..
وفعلا فعندما كان العجوز يغمض عينيه ثم يفتحهما يجد أن الفتاة قد اختفت ولا تعاود الظهور أمامه لباقي الليلة..
وهكذا تكررت زيارات الفتاة للمتشرد العجوز كل ليلة وفي كل مرة كانت تحضر له كوب قهوة ساخن فيأخذه منها ولا يشكرها كعادته مع الجميع..
ثم تقف عنده لا تتكلم ولا تنصرف حتى يغمض عينيه
وفي إحدى الليالي وكانت ليلة جمعة أحضرت له الفتاة الكوب كعادتها فأخذه وتطلّع إليه فإذا هو شاي وليس قهوة فقال بسخرية :ماذا حدث؟؟ هل تعطلت ماكنة القهوة؟؟
هنا أومأت الفتاة رأسها بالإيجاب
فاستغرب العجوز وقال :
لكن من أين كنتي تأتين بالقهوة؟؟ فلا توجد هنا مكائن قريبة للقهوة أشارت الفتاة الى مبنى بعيد مكون من أربعة طوابق فقال العجوز :لكن هذا المبنى بعيد ومستحيل أن تظل القهوة ساخنة طوال طريق جلبك لها..
لم تتكلم الفتاة كعادتها.. فاستلقى العجوز وانصرف للنوم..
وفي الليلة التالية. كان العجوز محتاراً في بطانيته فهي اليوم ممزقة ولن تقيه من البرد
وهنا حضرت الفتاة وإذا هي تحمل معها بطانية جديدة قدمتها للعجوز بدأ مندهشا وكيف عرفته انه يريد البطانية
فأخذها وتغطى بها فشعر براحة أكبر بكثير مما كان يشعر به مع بطانيته السابقة..
أراد شكر الفتاة لكنه أحجم عن قراره وبدلا من ذلك فقد تمدد وغط في النوم مهملاً الفتاة كعادته..
في الليلة التالية وبينما كان العجوز ينتظر ظهور الفتاة ومعها كوب القهوة وإذا بشاب يقترب منه ويحقق النظر فيه ثم يقول :أيها العجوز أهذا أنت؟؟ إنه أنت فعلا لقد كنت أبحث عنك طوال الايام السابقة
رفع العجوز رأسه إليه وقال :من أنت؟ وماذا تريد مني يا فتى؟
رد الشاب :أنا زوج ابنتك هل تذكرها؟ أم إنك قد نسيتها ؟
أشاح العجوز بنظره عن الشاب وقال :إتركني وارحل يا فتى
قال الشاب :إنها مريضة للغاية وهي ترقد حاليا في المستشفى
قاطعه العجوز صارخا :دعوني وشأني إتركوني لحالي ألا تفهمون؟؟
رد الشاب :ألا تريد أن تعرف اسم المستشفى إنها تريد أن تراك
هنا نهض العجوز بعصبية ودفع الشاب عن طريقه وهو يصرخ به أن يرحل فابتعد الشاب لكنه قبل أن يرحل التفت الى العجوز وقال إذ كنتَ ترغب بالموت فلماذا لا تُلقي بنفسك من عمارة أو جسر خير لك من أن تدفن نفسك في الحياة هكذا
ثم انصرف ….
فجلس العجوز وهو في حالة مضطربة
وبعد قليل حضرت الفتاة الصغيرة وهي تحمل كوب قهوة ساخن قدمته للعجوز مع ابتسامة فما كان من العجوز إلا أن حمل الكوب وألقاه بعيدا ثم التفت الى
الفتاة وصرخ عليها بغضب :أتركيني لحالي لماذا لا تتركيني كي أموت بمفردي لماذا؟
فبكت الفتاة وتراجعت وهي مذعورة ثم ركضت مبتعدةً حتى اختفت
فعاد العجوز للجلوس وتدثر بالبطانية التي احضرتها الفتاة ثم نظر الى كوب القهوة الفارغ وهو ملقى على الارض فلام نفسه على تصرفه الفظ مع الطفلة والتفت الى الجهة التي اختفت فيها وكأنه يتمنى أن تعود لكنها لم تعد
وهكذا مضت الليلة دون عودة الفتاة
وفي الليلة التالية انتظر العجوز طويلاً رؤية الفتاة
لكنها لم تحضر ولم يرها فطال انتظاره حتى تأخر الوقت فاستسلم العجوز للنوم اخيرا..
وفي عالم الرؤيا شاهدها هناك تقف بالقرب منه في مكانها المعتاد لكنها كانت هذه المرة سعيدة أسعد من أي وقت مضى
أراد أن يعتذر إليها عما بدر منه لكنها فاجئته بأن فتحت فمها وقالت :يا عجوز..
لقد أصبحتُ الآن حرة
الوداع أيها الرجل الطيب لن اُضايقك بعد الآن
إستيقظ العجوز من نومه وهو يشعر بشيئ من الحسرة والذنب بسبب ما رأى
فماذا تعني الفتاة بأنها قد أصبحت حرة ؟
وماذا تعني بالوداع ؟
هل حقاً لن يراها ثانيةً ؟
هل يتركها ترحل هكذا دون أن تعرف أنه آسف ونادم ؟
فلما حل الصباح قرر العجوز أن ينهض ويسير نحو المبنى البعيد ذي الطوابق الاربعة الذي أشارت إليه الفتاة والذي تجلب له منه القهوة كل ليلة لعله يراها هناك أو يعرف من يدله عليها..
وصل العجوز الى المبنى فاكتشف وبذهول أنه لم يكن سوى مستشفى وهناك على سياج المستشفى شاهد صورتها
صورة الفتاة الصغيرة التي كانت تزوره كل ليلة لكن الصورة كانت موضوعة في إطار من الورود
حارس المستشفى كان رجلاً كبيراً في السن أيضا وعندما شاهد المتشرد العجوز ينظر الى صورة الفتاة إقترب منه وقال :لقد توفيت هذه الفتاة المسكينة الليلة الماضية
إلتفت العجوز نحو الحارس وقال متأثراً مما سمع ماذا تقول أوه كلا يا إلهي ثم أطرق العجوز أرضاً وقال :لقد كانت تأتيني بالقهوة كل ليلة الى حيث أجلس في محطة القطار
هنا قاطعه الحارس قائلا لكن ما تقوله مستحيل فهذه الفتاة كانت في غيبوبة وهي ترقد هنا في المستشفى منذ شهر وجسدها موصول بأجهزة التنفس الحيوية لغرض إبقائها على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة ولو حدث وتم نزعها عنها لكانت قد ماتت على الفور
فكيف تدعي أنت أنها كانت تخرج لتوافيك هناك في المحطة؟؟ لابد أنك قد
اشتبهت بفتاة أخرى يا رجل
آنذاك تذكر العجوز أمراً فقال :هل لديكم ماكينة لتحضير القهوة في بهو المستشفى؟؟
رد الحارس :نعم لدينا
أردف العجوز :فهل تعطلت ليلة الجمعة الماضية؟؟
أجاب الحارس :نعم قد حدث ذلك وقد قمنا بتوزيع الشاي بديلاً عن القهوة
هنا تنهد العجوز وقال :إذن فأنا لستُ بمخطئ أبدا إنها هي والله نفس الفتاة التي كانت تأتيني وتحضر لي المساعدات
يتبع….
لمتابعة الجزء الثالث والاخير من هنااااااا???