الجزء الثاني من هنا?????
غابت شمس ذلك اليوم مع ألحانِ الموسيقى البرازيلية التي وضعتها ريتا على مكبرات الصوت وبدأنا نتراقص على تلك الألحان كعصفورين يملؤهما الحب..
في تمام الساعة العاشرة مساءاً استأذنت من ريتا المنغمسة في مشاهدة الأفلام في غرفة المعيشة وصعدت الى غرفتي لأنال قسطاً من الراحة..
كنت متعباً جداً تلك الليلة فما أن استلقيت على السرير حتى أغمضت عيني وخلدت في نومٍ عميق..
في منتصف الليل وتحديداً حين دقّت ساعة الصفر سمعت ذلك الصوت يناديني من الأسفل ولكنه لم يكن حلماً هذه المرة..، كان الصوت يشبه صوت صديقتي ريتا ولكنه عميق جداً وكأنه صادرٌ من كهفٍ ما..
نهظت من الفراش متتبعا النداء الذي يقول: انزل الى القبو يا جون.. أسرع يا جون.. انقذني يا جون..
كنت أنزل عن الدرج وجسدي يرتعش خوفاً وكانت عيناي تكادان تنبثقان من شدة التحديق حولي وكم كنت أتمنى بأن ريتا تمازحني لا أكثر..
وصلت الى غرفة المعيشة حيث كانت ريتا تشاهد التلفاز لكني لم أرَها هناك..، ثم تابعت سيري نحو مصدر الصوت حتى وصلت الى مدخل ذلك القبو المخيف..
في البداية لم أجرؤ على النزول نحو القبو بل كنت أكتفي بالنظر إلى بابه الذي كان مفتوحاً بعض الشيء ولكني تغلبت على خوفي حين سمعت ريتا تناديني من خلف ذلك الباب وتقول: انزل يا جون.. أسرع يا جون..
استجمعت ما أحمله من شجاعة ونزلت الى ذلك القبو ويا ليتني لم أفعل..
فتحت باب القبو بهدوء تام في حينِ كان قلبي يخفق بسرعة كبيرة ثم دخلت باحثاً بعيني عن صديقتي ريتا ولكني لم أرَها أمامي إطلاقاً وبعدما يئست من العثور عليها هممت بالخروح من ذلك المكان المخيف إلا أنني لم أصل عتبة الباب حتى سمعت صوتها يناديني من الأعلى وكم كان مشهداً مرعباً حين رأيتها معلّقةً بسقف القبو وكأنها خفاش أو ما شابه..
كانت أطرافها ملتصقة بسقف الغرفة كالعنكبوت عدا أن رأسها كان متجهاً نحو الأسفل وكأنه منفصل عن عنقها..
بعد رؤيتي لريتا بتلك الوضعية المخيفة خرجت أركض خارج المنزل وأنا أصرخ بهستيرية مطلقة كالمجانين..
توجهت الى مركز الشرطة الواقع في منتصف المدينة وأخذت أسرد لهم ما حدث بصوتٍ مرتبك وخوفٍ شديد..
وبعد أن هدأت بعض الشيء طلب مني ضابط الشرطة أن أذهب برفقة العناصر حتى أرشدهم الى المنزل..
وبعد وصولي الى المنزل برفقة عناصر الشرطة قام أحد العناصر بقرع جرس المنزل حيث كان كل شيء هادئاً في الداخل وبعد ثوانٍ معدودة فتحت صديقتي ريتا الباب وكانت طبيعيةً جداً حيثُ قالت لي باستغراب أين كنتَ يا جون لقد قلقت عليكَ جداً..
قام رجال الشرطة باستئذان صديقتي ريتا للدخول وتفتيش المنزل وكان كل شيء طبيعياً حتى أن باب القبو كان مقفلاً كما كان..، وعندما سألني عناصر الشرطة عن مفتاح باب القبو قلت لهم بأن المفتاح مع والدي في مقاطعة هيوستن..، استغرق رجال الشرطة حوالي نصف ساعة حتى استطاعوا خلع ذلك الباب وقاموا بتفتيش القبو بدقّة ولكنهم لم يعثروا على أي شيء يبرهن لهم ما كنت أتفوه به..
ظنّت الشرطة أنني أعاني من مشاكلَ نفسيّة ولم يصدقوا ما قلته لهم ثم طلبوا من صديقتي ريتا أن تأخذني الى طبيب نفسي كي أتعالج من تلك المشاكل وخرجوا من المنزل تاركيني في صدمة من كلّ ما يحدث..
أما ريتا فأخذت تضمني وتقول لا تخف يا جون سأصحبك الى أمهر الأطباء في صباح الغد..
قال لي الطبيب النفسي:
الخوف من اللا شيء هو إحدى الأمراض الناتجة عن خلل في بعض الخلايا العصبية في الدماغ..
التفكير في الماضي.. الإرهاق.. المشاكل العائلية.. كل هذا يؤثر سلباً على تلك الخلايا العصبية..
طلب مني الطبيب الاسترخاء وعدم التفكير في الماضي وكتب لي بعض الأدوية المهدئة وأنا كنت في حال يرثى لها وكأنني بدأت أقتنع أن ما حدث في ليلة الأمس كانت مجرد أحلام اليقظة كما سمّاها لي الطبيب..
عدت للمنزل بصحبة ريتا وأنا شبه مقتنع بكلام ذلك الطبيب..، وفي ليلِ ذلك اليوم نامت ريتا في حوالي الساعة العاشرة والنصف مساءً..، نامت وهي تضمني بكلتا يديها وكأنها طفلة صغيرة..، ولا أنكر أنها كانت تبدو كالملائكة وهي نائمة..
أما أنا فلم أجرؤ على إغلاق جفناي خوفاً من تلك الكوابيس التي تلاحقني أو ربما
كنت أنتظر قدوم منتصف الليل حتى أبرهن لنفسي بأن كل ما حدث في الليالي السابقة كانت فعلاً “أحلام اليقظة”
مرّ الوقت ببطءٍ وهو يعانق هدوءَ الليل المظلم حتى سمعت صوت الساعة الجدارية التي أعلنت انتهاء ذلك اليوم وكان كل شيء طبيعاً حتى ذلك الحين..
نظرت إلى ريتا نظرةً أخيرة ثم قررت النوم في أحضانها الدافئة وليتني لم أفعل..
لم أكن نائماً هذه المرة حين سمعت ذلك الصوت الذي يناديني من القبو.. حتى ريتا التي كانت تنام كالأطفال في أحضاني اختفت وكأنها لم تكن..
نهظت من فراشي الدافئ وتوجهت الى الأسفل هنالك حيث رأيت ريتا تمشي ببطىء نحو مدخل القبو..، صرخت أناديها باسمها لكنها لم تلتفت لي وكأنها جثة ميتة يتم تحريكها عن بعد..
وما كان مني إلا اللحاق بها من بعيد حتى أرى بنفسي ما يحدث..
يتبع……..
لمتابعة الجزء الثالث والاخير من هنااااااااا ????