فتاه منتصف الليل بقلم احمد محمود شرقاوى

على نص الليل تقريبا لقيت باب البيت بيخبط بإصرار غريب، قمت من نومي وانا متخدر شوية وفتحت الباب لقيت بنت شابة واقفة قدام باب البيت وبتترعش من البرد..
“انتي مين”
رددت الكلمة دي وانا اثر النوم لسة باين عليا, مين دي اللي بتخبط عليا في نص الليل, بصيت لها بتعجب وانا مش عارف اقول ايه:
– انتي مين

– انا طالبة مساعدتك أرجوك
– اؤمريني
– عايزة ابات عندك انهاردة
– بس, بس انا قاعد هنا لوحدي و و
بصيت برة لقيت المطرة نازلة زي السيول والجو برد, قولتلها:
– طيب اتفضلي

close

دخلت البيت وهي عمالة تحك ايديها في بعض عشان تحس ببعض الدفى, بصيت لها بشفقة وانا مش عارف انا ممكن اعمل ايه, كانت بنت في منتصف العشرينات تقريبا, جميلة بطريقة مبالغ فيها, لابسة فستان شبيه بالفساتين اللي كانت بتلبسه الستات في الستينات, فستان ابيض عليه ورد وواسع..
دخلت الصالة وقعدت وهي خجولة, دخلت المطبخ بسرعة طلعت الأكل اللي لقيته من التلاجة وسخنته, عملت كوباية ينسون وحطيتهم على صنية وطلعتهم ليها..
بصتلي بخجل شديد فابتسمت لها وقولتلها:

بصتلي بخجل شديد فابتسمت لها وقولتلها:

– انا اسف الأكل مش اوي بس اللي لقيته بقا واشربي الينسون ده هيدفيكي شوية
ابتسمت وبصت في الأرض, دخلت البيت جبت المفتاح وخرجت اقولها:
– انا هسيبك الليلة لوحدك في البيت واروح ابات عند أي حد من معارفي والصبح هبقا اجيلك, وهستأذنك اقفل عليكي بالمفتاح من برة وهجيلك بكرة على الساعة 11 الصبح عشان تكوني جاهزة
وبصوت هادئ رصين جاوبتني:

 

– انا مش جاية عشان انت تخرج من بيتك ولو خرجت انا كمان هخرج, انا ممكن ادخل أي اوضة واقفل على نفسي من جوة والصبح همشي على طول
ابتسمت وقولتلها :
– طيب اتفضلي كلي وانا موافق
بصت لاوضة والدتي الله يرحمها وقالتلي:
– هو انا ممكن انام في الاوضة دي
بصيت لها بتردد وانزعاج, حسيت بضيق اول ما جابت سيرة الاوضة دي بالذات, خلتني افتكر احداث معداش عليها اسبوعين بس, اهات وصرخات, بكاء ودم, غصب عني لقيت دموعي هتنزل, بصيت الناحية التانية وقولتلها:
– اتفضلي زي ما تحبي

شالت الاكل ودخلت بيه على الاوضة وقفلت الباب بالمفتاح بعد ما خدته مني, وقعدت انا في صالة البيت اتفرج على الاوضة المقفولة, الاوضة اللي نورت من تاني, الاوضة اللي نفسي مفتكرش أي حاجة حصلت فيها خالص..
وغصب عني دموعي نزلت من تاني, كتمت صوتي عشان متسمعش مني حاجة, وسبت دموعي تنزل في صمت, صمت تام, ااااااااااااه

حسيت بقلبي بيئن من تاني, بيوجعني, الدنيا بدأت تضيق بيا من تاني, تضيق, نفس الأحساس بيرجع من تاني, سامع صوت اهاتها, استغاثاتها من تاني..
لقيت نفسي بخرج من البيت كله واقف تحت المطر, قفلت باب البيت بالمفتاح, ومشيت في البلد, البلد اللي كانت عاملة زي قرية الأموات, مفيش غير صوت المطر, المطر اللي اختلط بدموعي اللي عمالة تنزل..
وغصب عني روحت من تاني للمقابر, ووقفت قدام قبر امي, حطيت ايدي على المقبرة وبكيت من تاني, وكأن جسمي كله عبارة عن دموع, دموع ألم وقهر ووجع..
“سامحيني يا أمي”

“سامحيني والله ما كنت قادر اساعدك”
وبدأ قلبي يوجعني من تاني, صدري يضيق وأنفاسي تتسارع, حاسس اني هموت من الوجع, قعدت قدام التربة وجسمي بدأ ينهار, مبتمناش اكتر من اني اموت دلوقتي وادفن جمبها, يمكن اعرف اقولها اني مقدرتش اساعدها..
وفي عز ضعفي والغيبوبة اللي بدأت اقع فيها سمعت صوت خطوات غريبة, بدأت افوء نوعا ما وبصيت ورايا, ووقع قلبي في رجليا..

كان فيه واحدة لابسة اسود واقفة في اخر الحارة بتاعت المقابر, وقفت وانا جسمي بيترعش, مكنتش شايف منها غير السواد, وقفت ابصلها بحذر واتكلمت بخوف:
– انتي مين

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top