بعد أن أكملت الحكاية قلت محاولة الفهم أكثر:
– لكن ما قاله لي أنكم السبب فيما حدث وأنه أصيب في حادثة منفصلة تمامًا غير تلك.
لم يظهر على خالتي أي حالة من التوتر، فقد قالت بثبات:
– هو يعرف كل شيء ولكنه يحاول إبعادك عننا، فلديه مخططه الخاص.
لم أفهم ما ترمي إليه، قلت بعدم استيعاب:
– أي مخطط هذا الذي بفضله يحرم ابنة من أهلها كذلك الحفيدة.
تبادلت النظرات مع أني التي بدى عليها أنها تقرأ حركة الشفاة من خلال حديثنا، ذمت أمي شفتيها بامتعاض وكأنها تريد ألا تتذكر ما ستحكيه خالتي، انفجرت خالتي كالقنبلة الموقوتة وهي تقول:
– مسكينة أنتِ يا صغيرتي، أنت مشروع أبيك الأروع على الإطلاق، أعدك بدين غير دين أهلك فقط لينفذ مشروعه…
استطردت مقاطعة إياها:
– أي مشروع هذا؟
استرسلت هي في حديثها قائلة:
– في ديننا تتزوج اليهودية من أي ديانة في العالم، فالابن يتبع أمه حيث أنها هي الراعية له، أما في الإسلام فالابن يتبع أبوه.
كنت أفهم ما قالت، فقلت:
– وبالطبع تم رفض الزيجة لهذا السبب، والذي تسبب في مولدي على دينه هو ليس أمي، لكن أظن يا خالتي أن المرء يستطيع أن يتبين الحقيقة، فكل صاحب عقيدة يظن أنها الصواب ومن يفكرون فقط هم من يعرفون حقيقة الأمر…
لتقاطعني بإجابة لم أتوقعها أبدًا:
– تخلق العلاقات هنا وتستمر لسنوات كثر دون زواج وهذا يحدث للأغلبية، فالزواج طوال العمر يشبه السجن الأبدي، فينجب الحبيب من رفيقته الأبناء وهو يخشى على نفسه من القيود وحين يجن جنونهما ويتزوجا، يموت أحدهما فجأة ويترك الثاني ليقص على الجميع كم أنه الزوج الطيب الذي لامثيل له، لأتساءل متى سميت هذه العلاقة بالزواج!
التقطت أنفاسها قليلًا ثم أكملت:
– أما عن المشرق فالأمر يختلف بشكلٍ غريب
الزواج عندهم هو الفكرة الاحتيالية الأكثر قذارة على الإطلاق يأتي الرضيع فيغمره أبويه بالعطف لفترة وجيزة ثم يكبر ليكتشفا مؤخرًا بأنهما قد رزقا بخادمٍ فلبيني، ويعيش الابن وهو لا يعرف هل هما أهله بالفعل أم أنه عبد تم شراءه فقط للإعالة!
ازدادت الألغاز وكاد رأسي أن ينفجر من الصداع، فقل ما قيل لا يستطيع عقلي إدراكه، ما علاقة تغيير الدين بالزواج بأبي بالعبيد! نظرت لي خالتي وهي تعرف يقينا أني لم أفهم، فقالت بصوتٍ هادئ:
– لقد اعترف أبوك لأمك قبل الزواج أنه من أصول يهودية، وقد بلد أهله دينهم فترة الحرب مع اليهود بإسرائـ،ـيل، ومن حينها وهو مسلم، كل همه أن ينشئك وتتشربي دينك غير دينك ليجهزك للعودة لمصر ويحقق ما تمناه..
– وما الذي يتمناه؟
– إبادة العالم.
أنهت كلماتها فلم أتحمل كل ما قيل.. سقطت مكاني مغشيًا عليّ.
————————————————————–