بعد قليل ….
كانت تجلس على الأريكة وهي ترتجف بقوة ودموعها لا تكف عن الإنهمار…تشعر أنها سوف تفقد عقلها بكل تأكيد أن أستمر والدها في معاملتها بهذا الشكل …لقد ابتعدت عنه …تجنبته نهائيا فلماذا يصر على اذيتها…أغمضت عينيها ونشيجها يرتفع بينما تشعر بالإختناق …كل ما إرادته أن يحبها والدها …أرادت العيش في سلام ولكن ابسط الاحلام مستحيلة بالنسبة اليها
-لسه بتعيطي ؟!
قالها فؤاد بلوم وهو يقدم لها عصير الليمون بالنعناع الذي تحبه ….
نظرت إليه بعينين حمرا كالدماء وقالت:
-مش قادرة يا فؤاد ..حاسة اني هموت …ليه بيحصل معايا انا كده …ليه بابا بيكرهني بالشكل ده يا فؤاد …ليه أنا …
كانت تتكلم وهي تبكي …..جلس هو بجوارها وأمسك كفها وشد عليه لتنظر إليه وتقول :
-انا عشان ميحصلش مشاكل بيننا بقيت ابعد خالص عنه…مبقتش حتى أكلمه …قولي يا فؤاد اعمل ايه تاني ؟!اعمل ايه تاني
عشان ميعاملنيش المعاملة دي …
ربت فؤاد على كتفها وهو يشعر بالغيظ من والدها …لا يفهم كيف يفعل أب هذا بإبنته…كيف يوصلها لتلك المرحلة …كان الغضب يعصف بفؤاد….لقد تجاوز كريم حده …وان استمر هكذا ستسوء حالة نسرين النفسية …لا هو لن يسمح له أن يؤذيها بعد الآن ….
-نسرين ممكن تبصيلي ؟!
قالها فؤاد بلطف لتنظر إليه نسرين …كانت عينيها الجميلة بلون الدماء بسبب كثرة البكاء وتوجع قلبه عليه …مسح دموعها وقال :
-مش هسمح لأي حد تاني انه يأذيكي يا نسرين …مش هخلي.حد يلمس شعرة منك حتى لو كان أبوكي عشان كده محتاج موافقتك على حاجة .
نظرت إليه بحيرة وقالت :
-عايز موافقتي على ايه ؟!.
شد على كفها وقال :
-انا عايز اقدم ميعاد الفرح….
حاولت سحب كفها بينما التوتر يزداد داخلها ولكنه لم يسمح لها أن تبتعد وشد على كفها بقوة وهو يقول :
-وافقي يا نسرين …وافقي نقدم الجواز…خلينا نتجوز وتبقي في بيتي وتحت حمايتي ..
-بابا …
قالتها بخوف …ما زال الأمر صادم لها …ان تتزوج فجأة وتتحمل مسؤولية منزل كان الموضوع صعب عليها …ولكنها تفتقد الآمان الذي تشعره مع فؤاد….هي تريد أن تبقى معه …وجودها معه يسعدها بشدة…
ابتسم فؤاد وهو يرى الخوف بعينيها وقال مطمئناً :
-متخافيش من أبوكي يا نسرين أنا هقدر اقنعه وزي ما قولتلك لما تبقي مراتي محدش هيقدر يأذيكي …هحميكي دائما …ومش هخليكي تعيطي أبداً…
الوعد في كلماته جعلها ترتاح …هي تتمنى ان يكون أمانها …انها تفتقد الآمان…تريد أن تشعر به …تريد أن تمحي الخوف من
حياتها …تريد أن تزداد ثقتها بنفسها….
كادت أن ترد عليه إلا أن رنين جرس المنزل جعلها تقفز من مكانها …
-متخافيش.انا هنا …
ثم.نهض ليفتح الباب …تحمد وجهه تماماً وهو يرى كريم ووالدته …ولجت نهى الى المنزل بلهفة واقتربت من نسرين ثم ضمتها وقالت:
-ايه يا حبيبتي اللي أنتِ عملتيه.ده …أنا كنت هموت من الرعب عليكي ….متعمليش كده تاني !
هزت نسرين رأسها وهي تمسح باقي الدموع من عينيها بينما تتجنب النظر لعيني والدها …
-تعالى يالا عشان نروح البيت !
قالها كريم بنبرة متصلبة الا أن نسرين وقفت خلف فؤاد وجسدها يرتجف بخوف …
-نسرين هتبقى هنا !