رذاذ منعش لفح وجنتيها فجعلها تتنهد بعمق وكأنها تبحث عن الملاذ في خلوتها…
شعرت به
يشاركها إياها بمنتهى التطفل منه…
جالساً بجوارها ينظر الى ماتنظر بيده فنجان من القهوة يرتشف منه بهدوء ووجه حجري صلب
«عارفه يا نور…. كان عندي خمستاشر سنه مكنتش اول مرة اشوف ابويا بيضرب امي….. زيدان باشا بكل الهلمه اللي حواليه ممكن اي واحدة تقدر تضحك عليه و تنسيه بيته و مراته و اولاده……»
رفعت عينيها باهتمام و ارتياب من وجهه الصلاب الحاد و هو يرتشف من كوب القهوة بينما يكمل حديثه
«هي وافقت تكمل معه علشان انا و زينه.. كانت فاكره انه لما يكون في أطفال هيتغير لكن هو متغيرش…. كان بياذيها نفسيا بعلاقاته لكن هي للأسف استحملت علشان انا و اختي….و لما حاولت اتمرد على الحياة دي و أقف قصاده كنت صغير سبعتاشر سنه وقتها كنت هموت فيها»
ضحك بسخرية وهو يكمل حديثه
«وقتها ضربني و دون ما يقصد وقعت من على السلم و اتصابت في دماغي و فضلت وقت طويل في المستشفى…
لكن قومت منها و بعد كدا اخدت ثانويه و قررت اخد كليه في مكان بعيد عنهم و عن مشاكلهم….. و فعلا رغم ان جالي اني اخدها في اسكندريه لكن انا قررت ابعد… لأبعد محافظة…. كنت لوحدي اربع سنين لكن اتعلمت افصل مشاعر عن شكلي او مظهري….. تماما يا نور…
حتى لو بموت من الوجع مش لازم أظهر ضعفي لأي حد
لدرجة اني احيانا بعتقد اني بطلت احس او اتوجع…………»
نور بحدة وهي تنظر الأمواج المتمرده
«مش مبرر يا باسل…. انت يمكن محتاج تتعالج بس مش مبرر انك تجرح اللي حواليك مالهمش ذنب في عقدتك….
انا ماليش ذنب توجعني و لا تقل من كرامتي…. كان ممكن متدخلش حياتي وقتها يمكن مكنتش هتتحمل ذنبي كمان….»
ثم تابعت بشرود
«او تتجوز اللي بتحبها…. يمكن وقتها تتعافي و تقدر تعمل بيت هادي بعيد عن عُقد والدك اللي اتزرعت جواك….»