رواية وانقطعت الخيوط

حورية في قلب الليل

قد يكون الحب اقرب ما يكون للكائن الحى ، فهو ينمو و يتغذى على الاهتمام و المشاعر المتبادلة ، و لكنه فى بعض الاوقات قد يتحول الى قيود بعضها من فولاذ و الاخر كخيوط العنكبوت و نحن من نتخذ القرار فى تركها ، او التشبث بها
وانقطعت الخيوط بداية من الغد ان شاء الله فى تمام التاسعة مساءا .. انتظرونى .. بحبكم فى الله
و ده اقتباس عشان خاطر ريوان @ريوان علي سلام
اقتباس
الغفير بتصميم : يا سعادة البية احلفلك انها ماخرجتش ابدا من السراية ، انا ما اتنقلتش من مكانى الا اما سعادتك ندهتنى دلوقتى ، و لا يمكن تكون خرجت ابدا من غير ما اشوفها
مدكور بحدة : امشى غور من قدامى و تقلبوا عليها البلد كلها لحد اما تلاقوها
ليأتيه صوت ناعم من وراءه يقول بقلق : فيه ايه يا بابا ، ايه اللى مخلى حضرتك عصبى كده
ليلتفت مدكور بحدة ليرى ابنته و هى تهبط الدرج و تتجه اليه ليقول بانفعال : انا عاوز افهم انتى كنتى فين و الكل قالب عليكى الدنيا و مش لاقيكى
رهف بتردد : انا كنت فى الروف بذاكر
مدكور بغضب : و ماسمعتيش كل اللى بيدوروا عليكى من ساعة ماوصلت
رهف بشحوب : اول ماسمعت صوت حضرتك بتزعق نزلت على طول
مدكور بحزم : تانى مرة مافيش قعاد فى الروف .. مفهوم
رهف بحزن : حضرتك عارف انى بحب اقعد اذاكر فوق
مدكور بحدة : اللى اقوله يتنفذ .. مفهوم و اللا لأ
رهف بوجل حزين : مفهوم
مدكور و هو يحاول ان يهدئ من انفاسه : مراد ابن عمك هيوصل من السفر بكرة بعد الضهر … عاوز البيت جاهز لاستقباله ، و تفهمى الشغالين يوضبوا له اوضته ازاى ، و خليهم يعملوا له الاكل اللى بيحبه ، و انتى ..
لتنظر له رهف بحزن تنتظر ان يكمل حديثه فيقول بايعاز : عاوزك تهتمى بنفسك شوية ، خصوصا انه المرة دى هيبقى معاه ضيوف
رهف بعدم فهم : ضيوف مين
مدكور : معاه تالا بنت سليمان الأنصارى .. هتقعد عندنا شهرين على مانخلص الصفقة الجديدة مع ابوها ، عاوزك تجهزيلها اوضة جنبك و عاوزك تتلحلحى شوية … انتو مكتوب كتابكم من سنتين و من ساعتها عمره مالمحلى انه عاوز يتم الجواز
رهف بحزن : ماتنساش ان حضرتك اللى طلبت منه يتجوزنى ، و لولا كده كان عمره ما هيفكر فيا ابدا

مدكور بقسوة : اومال اسيبك لحد غريب ييجى يلف عليكى و يطمع فيكى و فى فلوسى ، لو كده كده فلوسى لحد مش من صلبى يبقى مراد ابن أخويا اولى بخيرى
رهف بتردد : بس انا بخاف منه
مدكور بسخرية : و انتى من امتى ما بتخافيش .. روحى اعملى اللى قلتلك عليه و مش عاوز صداع كتير ، و كلمى الكوافير يبعتلك حد الصبح يظبطك بدل ما انتى دايما حاطة نفسك فى اسطمبة واحدة مابتغيريهاش بالشكل ده ، اتعلمى تهتمى بروحك و البسيلك فستان عدل من اللى بجيمهوملك ، بدل ماتبصى تلاقيه بص لغيرك و اللا اتجوز عليكى

close

قبل البداية ، اود ان انوه بان الرواية و برغم ان ابطالها من الصعيد الا ان الحوار بعيدا تماما عن اللكنة الصعيدية التى خشيت ان اتحدث بها دون اتقان ، و هذا ليس من عادتى ، و ايضا لعلمى بان هناك الكثير من سكان الصعيد الذين يتحدثون العامية تماما كسكان القاهرة .. و لذلك .. لزم التنوية .
بسم الله الرحمن الرحيم .. و نبدأ البارت
داخل قصر عريق كقصور العصور الوسطى يحوطه الكثير من الاشجار و المزارع العريقة ايضا بقلب الصعيد ، كان صوته يهز الارجاء و هو يقول بغضب محدثا احد الغفراء : يعنى ايه ماحدش شافها ، ايه … واقفين نايمين مانتوش دريانين باللى داخل و لا اللى خارج
الغفير بقلق : يا مدكور بية دى الناموسة مابتعديش من غير ما بنشوفها
مدكور بغضب : اومال ازاى خرجت من غير ماحد فيكم يلمحها من اصله
الغفير بتصميم : يا سعادة البية احلفلك انها ماخرجتش ابدا من السراية ، انا ما اتنقلتش من مكانى الا اما سعادتك ندهتنى دلوقتى ، و لا يمكن تكون خرجت ابدا من غير ما اشوفها
مدكور بحدة : امشى غور من قدامى و تقلبوا عليها البلد كلها لحد اما تلاقوها
ليأتيه صوت ناعم من وراءه يقول بقلق : فيه ايه بابا ، ايه اللى مخلى حضرتك عصبى كده
ليلتفت مدكور بحدة ليرى ابنته و هى تهبط الدرج و تتجه اليه ليقول بانفعال : انا عاوز افهم انتى كنتى فين و الكل قالب عليكى الدنيا و مش لاقيكى
رهف بتردد : انا كنت فى الروف بذاكر
مدكور بغضب : و ماسمعتيش كل اللى بيدوروا عليكى من ساعة ماوصلت
رهف بشحوب : اول ماسمعت صوت حضرتك بتزعق نزلت على طول
مدكور بحزم : تانى مرة مافيش قعاد فى الروف .. مفهوم
رهف بحزن : حضرتك عارف انى بحب اقعد اذاكر فوق
مدكور بحدة : اللى اقوله يتنفذ .. مفهوم و اللا لأ
رهف بوجل حزين : مفهوم
مدكور و هو يحاول ان يهدئ من انفاسه : مراد ابن عمك هيوصل من السفر بكرة بعد الضهر … عاوز البيت جاهز لاستقباله ، و تفهمى الشغالين يوضبوا له اوضته ازاى ، و خليهم يعملوا له الاكل اللى بيحبه ، و انتى ..
لتنظر له رهف بحزن تنتظر ان يكمل حديثه فيقول بايعاز : عاوزك تهتمى بنفسك شوية ، خصوصا انه المرة دى هيبقى معاه ضيوف
رهف بعدم فهم : ضيوف مين
مدكور : معاه تالا بنت سليمان الأنصارى .. هتقعد عندنا شهرين على مانخلص المشروع الجديدة مع ابوها ، عاوزك تجهزيلها اوضة جنبك و عاوزك تتلحلحى شوية … انتو مكتوب كتابكم من سنتين و من ساعتها عمره مالمحلى انه عاوز يتم الجواز
رهف بحزن : ماتنساش ان حضرتك اللى طلبت منه يتجوزنى ، و لولا كده كان عمره ما هيفكر فيا ابدا
مدكور بقسوة : اومال اسيبك لحد غريب ييجى يلف عليكى و يطمع فيكى و فى فلوسى ، لو كده كده فلوسى لحد مش من صلبى يبقى مراد ابن أخويا اولى بخيرى
رهف بتردد : بس انا بخاف منه
مدكور بسخرية : و انتى من امتى ما بتخافيش .. روحى اعملى اللى قلتلك عليه و مش عاوز صداع كتير ، و كلمى الكوافير يبعتلك حد الصبح يظبطك بدل ما انتى دايما حاطة نفسك فى اسطمبة واحدة مابتغيريهاش بالشكل ده ، اتعلمى تهتمى بروحك و البسيلك فستان عدل من اللى بجيمهوملك ، بدل ماتبصى تلاقيه بص لغيرك و اللا اتجوز عليكى ، طول عمر سليمان الانصارى بيحرجم و عاوز ياخده لبنته و لو مراد مال لها ساعتها مش هقدر الومه لانها واخدة بالها من روحها على الاخر و شاطرة و حركة مش زيك حاطة كل همها فى الكتب و المذاكرة ، و اديكى خدتى الليسانس و الماجيستير عاوزة ايه تانى .. خلاص بكفاية لحد كده
رهف بخفوت : خلاص يا بابا ، دى مناقشة الدكتوراه مافاضلش عليها غير كام شهر
مدكور بحزم : و انا قلت خلاص .. انا مش عاوز دلوقتى غير انك تلتفتى لمراد و بس .. انتى فاهمة
لتنصرف رهف من امامه بعد ان امائت له رأسها بخضوع و هى بداخلها حزن كبير بسبب طريقة معاملته الجافة لها ، فمنذ ماتت امها و هى فقدت كل معالم الحنان فى الدنيا من حولها ، الا من لحظات مسروقة تقضيها مع مربيتها الحنونة زينب و التى اشتركت فى تربيتها منذ نعومة اظفارها ، فكانت زينب و مازالت هى الملاذ الوحيد لرهف و التى تختبئ بين احضانها و هى تشكو قسوة ابيها و صلف و غرور المدعو زوجها و الذى يكاد لا يتعامل معها او يتحدث اليها الا قلما و بحضور ابيها
فمراد هو ابن عمها الذى تربى بين جدران قصرهم العامر بصحبة شقيقته هدى و التى كانت تعتبرها رهف صديقتها الوحيدة ، لتتزوج هدى و تبتعد عنها هى الاخرى لتسافر بعيدا مع زوجها احمد و لم تعد تراها الا مرة واحدة كل عام لمدة لا تتعدى ايام قلائل يمروا كحلم جميل ينتهى سريعا تاركا ذكرى عذبة فى قلب رهف و هى تتوق لتكراره من جديد
اما مراد فهو القائم بجميع اعمال مدكور و اعماله فى ذات الوقت ، جاد للغاية ، يتعامل بصلف و حدة مع الجميع كعمه تماما ، لا يكد يلين جانبه الا مع شقيقته و التى تولى رعايتها مع عمه بعد رحيل والديهما منذ سنوات مضت لتصبح مدللته الغالية و الوحيدة
و هو يعيش للعمل و للعمل فقط ، لم يفكر قط فى الزواج و لم يمر باى تجربة عاطفية رغم تهافت الكثير من الفتيات عليه لوسامته و مركزه المالى و الاجتماعى ، الا انه كان يقابل تهافتهم بسخرية و احتقار ، حتى طلب منه عمه الزواج من رهف ، ليوافق على الفور دون ادنى تفكير ، فهو لم يعتد على رفض اى مطلب لعمه لما يكن له من حب و احترام ، و لكنه لم يغير معاملته الجافة العملية بابنة عمه حتى بعد ان اصبحت زوجته ، فنعم لم يتم الزفاف ، و نعم هو عقد قران ليس الا ، و لكنه دائما يتعامل و كأنها شبح غير مرئى ، و رغم ان ذاك كان يساعد رهف على الاختلاء بنفسها بعيدا عن الجميع ، الا انها كانت دائما تعترف بانها تخشاه و ان نفسها تمتلئ رهبة حين يوجه لها اى كلمة حتى و لو سؤال عن احوالها
دخلت رهف الى غرفتها و دموعها تجرى على وجنتيها باسهاب ، لتراها زينب فتقول بحنان : هو انتى يا بنتى دايما دموعك على وشك كده
رهف بحزن : اعمل ايه بس يا دادة ، زى ما اكون انا و الحزن توأم و اللا راضعين على بعض
زينب بتنهيدة : ايه اللى حصل تانى
رهف بحزن : مراد جاى بكرة
زينب باستنكار : طب و هى دى حاجة تزعل برضة ، المفروض تفرحى ان جوزك راجع بالسلامة
رهف بامتعاض : افرح على ايه بس يا دادة ، و هو كل مايشوفنى يا يزعقلى يا يتريق عليا ، يا يقعد يدينى فى أوامر ، يا اما يسيب كل ده و يتعامل معايا اكنى مش قدامه اصلا
زينب بتعاطف : ما انتى عارفة مراد ، طول عمره جد و مافيش فى دماغه غير الشغل و بس
رهف بحزن : لا يا دادة ، هو انتى يعنى مابتشوفيش بيتعامل ازاى مع هدى و تميمة بنتها ، اللى يشوفه معاهم مايقولش ابدا ان هو ده مراد اللى الضحكة مابتزورش وشه طول ماهو هنا ، الله يسامحه بابا ، هو اللى عمل فيا و فيه كده
زينب : بلاش هبل ، و ايه يعنى اللى حصل ، ما ياما بيحصل من ده و خصوصا هنا فى الصعيد
رهف بحزن : و اللى زاد و غطى ان بابا مش عاوزنى اكمل الدكتوراه ، و كل اللى فى دماغه سى مراد و الست تالا
زينب و هى تضرب على صدرها بضجر : مالها زفتة
رهف بامتعاض : هتشرفنا بكرة مع مراد و هو جاى و كمان هتقعد عندنا شهرين بحالهم
زينب باستنكار : هو ابوها البعيد ده ماعندوش دم و لا حيا ، مابيخافش على عرضه و هو رامى علينا بنته بالشكل ده ، و كمان سايبها تروح و تيجى مع مراد بالطريقة دى
رهف باستياء : بابا بيقوللى انه نفسه يجوزها لمراد
زينب باستنكار : و هو عارف انه كاتب كتابك
لترفع رهف كتفيها بحركة تنم عن عدم معرفتها
زينب : و لا يهمك ، سيبيها عليا ، انا هزهقهالك لما تيجى لحد ما تقول حقى برقبتى
رهف بخوف : لا يا دادة و النبى اعملى معروف ، مش ناقصين بابا يعمللنا مشكلة و اللا مراد ، مانتى عارفة ليهم شغل كتير مع باباها
زينب : قطعت و قطع ابوها فى ساعة واحدة
رهف : المهم ، خليهم ينضفوا اوضة مراد و يوضبوها ، و يحضروا اوضة للست تالا
زينب باستسلام : ماشى يا بنتى ، طب و انتى ناوية على ايه
رهف بقلة حيلة : هكلم الكوافير يبعتلى حد بكرة زى ما بابا قال ، و هختار فستان حلو استقبلهم بيه
زينب و هى تربت على كتفها بحنان : مافيهاش حاجة يا بنتى ، الست لازم تبقى دايما حلوة فى عيون جوزها
رهف بسخرية : مش لما يبقى جوزها ده شايفها من اصله يا دادة
زينب بتحفز : يبقى لازم نخليه يشوفها و يموت عليها كمان
رهف : مانتى عارفة انى بترعب منه اصلا
زينب : بلاش هبل .. ده جوزك ، و من قبلها ابن عمك ، و انتى مابقيتيش صغيرة ، ده انتى عندك دلوقتى تمانية و عشرين سنة ، ماشفتيش هدى بتدلع على احمد جوزها ازاى و بيتمنى لها الرضا ترضى
رهف بابتسامة : وحشتنى اوى .. ثم اكملت باستدراك .. ثم انتى بتقارنى مين بمين بس يا دادة ، مانتى عارفة احمد بيحب هدى ازاى و بيموت فيها كمان
زينب باصرار : و انتى مش اقل منها ، انتى كمان لازم جوزك يحبك و يموت فيكى و فى التراب اللى بتمشى عليه كمان
رهف باستنكار : و ده اللى هو ازاى بقى
زينب : لازم تغيرى من نفسك
رهف بامتعاض : انتى هتعملى زى بابا
زينب : رغم انى مابيعجبنيش اللى ابوكى بيعمله ، لكن اوقات بيبقى عنده حق و كلامه كله صح
رهف : يعنى اعمل ايه يا دادة .. بابا عاوزنى على طول متربطة فى خيوط ماسكها بايده و عاوز كل ما يحرك ايده اتحرك معاه من غير ما يفكر ان كنت موافقه على حركته دى و اللا لأ و اللا حتى مريحانى و اللا لأ
زينب : ده لانه عارف انه عاوز مصلحتك
رهف : و افرضى مصلحتى اللى هو شايفها دى مافيهاش سعادتى
زينب باستنكار : هى ايه دى اللى مافيهاش سعادتك ، لاهو انتى فاكرة انى مش واخدة بالى و لا حاسة انتى بتحبي مراد اد ايه
رهف بتنهيدة : ساعات بحس ان خوفى منه اكبر يا دادة
زينب باصرار : يبقى لازم تتلحلحى شوية ، و لما البية يقول لك على حاجة انتى مش عاوزاها قوليله بالراحة و فهميه
رهف برفض : انتى بتهزرى يا دادة ، اقول ايه و لمين ، من امتى بابا بيسمع لى و اللا حتى بيدينى فرصة انى اعبر عن اللى جوايا
زينب : اسمعى يا بنتى ، انا مش بعصيكى على ابوكى ، لكن انا عاوزاكى تعرفيهم انك مش بالضعف اللى هم شايفينه ده ، تعرفيهم انك بتعرفى تفكرى و بتعرفى تعملى حاجات كتير و ان هم بس اللى مش مديين نفسهم فرصة انهم يشوفوا ده
رهف : مش لما يدوا نفسهم فرصة انهم يشوفونى انا من الاساس
زينب بتفكير : طب ما تقوليلهم على المشغل
رهف بذعر : شششششششش ، بس يا دادة .. انتى بتقولى ايه ، ده كان بابا راح ولع فيه
زينب : ليه يعنى ، ماهو ماشاء الله شغال كويس اوى ، ده انتى لو بس تقعدى مع امينة و تحاسبيها هتلاقى ماشاء الله الدنيا عال العال ، و اى حد بيشوفك و انتى لابسه فستان من المشغل بتاعك بيقعد يقول فيه اشعار و يفكره من بلاد بره
رهف بابتسامة حزينة : لولا أمينة ماكنتش قدرت ابدا احقق حلمى ده و لا انفذه ، حد يقول انى حتى مش قادرة ازور المشروع بتاعى اللى طول عمرى كنت بحلم بيه
زينب : لازم تفكرى فى طريقة تعرفيهم انك بتعرفى تفكرى و تدبرى ، و تعرفيهم انك اعتمدتى على نفسك و قدرتى تعملى حاجة لروحك بعيد عنهم ، و من غير حتى ما تحتاجيلهم ، دى أمينة بتحكيلى على الناس اللى بيتعاملوا معاكم انهم طايرين بالشغل بتاعك ، و انتى طول عمر ذوقك حلو ، ورينا بقى و وريهم هم كمان
رهف : نفسي يا دادة ، نفسى
زينب : انا هقول لامينة تبعتلك من كل الحاجات اللى اتعملت الوان كتير ، و هخليها تركز مع الاحمر و الازرق .. الالوان اللى مراد بيحبهم ، و عاوزاكى اى حد يسالك على حاجتك من هنا و رايح تعرفيهم ان انتى اللى مصممة الشغل ده و منقية كمان الاقمشة .. و اهى تبقى حتى بداية اكنك بتمهديلهم لموضوع المشغل ده بعد كده
رهف بابتسامة تنم عن حماس و بداية اقتناع : ربنا يخليكى ليا دادة و مايحرمنيش منك و لا من أمينة أبدا أبدا
………………..
فى اليوم التالى كان المنزل يعج بالحركة الدءوبة ، فالجميع لديه ما ينجزه و الجميع يعمل بتركيز و صمت ، و كانت رهف بغرفتها بعد انصراف عاملة مركز التجميل ، و كان بصحبتها أمينة ابنة زينب و كاتمة اسرار رهف ، فهى من ساعدتها فى انشاء المشغل الخاص بها و هى من تتولى ادارته و العمل على توسعته كلما سنحت لها الفرصة
رهف و هى تقوم بتجربة ثوب ما : ايه رأيك يا أمينة
أمينة باعجاب : رأيى فى ايه يا بنتى ، ده انتى تخبلى ، الأحمر دايما بيجنن عليكى ، و مكياچك رقيق اوى و تسريحتك تجنن
رهف بتردد : بجد يا أمينة ، مش عارفة ليه مستغربة روحى و شكلى فيها
أمينة : طبعا بجد .. انتى بس عشان على طول لماه ديل حصان مع ان شعرك يجنن و الفستان كمان هياكل منك حتة
رهف بحيرة : يعنى افضل بيه و اللا البس الازرق
أمينة : حبيبتى كلهم يجننوا عليكى ، اقول لك .. خليكى بده ، و بالليل ابقى غيرى و البسى الازرق
رهف و هى تمسك باحد الاثواب بيدها و تفحصه من الداخل : واضح ان ماكينة الأوفر الجديدة ماشية تمام
أمينة بلهفة : فكرتينى ، انا اتفقت على مكنتين تطريز جداد … هيوفروا علينا جامد
رهف بحيرة : طب و مين هيشتغل عليهم
أمينة بطمأنة : و انتى تفتكرى انى هاخد خطوة زى دى من غير ما ابقى عاملة حسابى
لتدنو منها رهف و تقبلها برقة على وجنتها قائلة : ربنا ما يحرمني منك ابدا يا قلبى
أمينة : و لا منك يا حبيبتى ، و خدى بالك انا مستنياكى تنفذى وعدك ليا بخصوص الاكسسوارات
رهف و هى تنظر لصورتها فى المرآة : حاضر يا أمينة .. ادعيلى انتى بس الفترة دى تخلص على خير
ليجدوا زينب تدخل عليهم و هى تهتف و تقول : انتو لسه قاعدين هنا بتتسايروا ، مراد وصل و قاعد تحت من بدرى
رهف باضطراب : ططط طب هى تالا معاه يا دادة
زينب : قطعت و قطعت سيرتها ، اهى متلقحة تحت و عاملة زى فرقع لوز و لزقاله اكنها قراضة
رهف بتنهيدة حزينة : انا مش عارفة اعمل ايه ، حاسة انى خايفة و تايهة
لتدفعها أمينة الى الخارج برفق و هى تقول : توزنى الامور بعقلك و تردى بتقل على اى كلمة تتوجه لك ، و اى حد يقول لك على اى حاجة .. تبينى لهم انك بتفكرى و بتاخدى و بتدى مع نفسك ، و لو قدرتى قوليلهم هفكر و ارد عليكم ، و اوعى تخليهم يحسوا انك خايفة و اللا قلقانة يا رهف ، حسسيهم انك قوية و ان عندك حاجات كتير شغلاكى و شاغلة تفكيرك و اوعى تسمحى للعق..ربة اللى تحت دى انها تضايقك بلسانها اللى زى لسان الحية ده
كانت رهف تستمع لكل حرف نطقت به أمينة و هى تحاول تسجيله بذاكرتها حتى وصلت الى اعلى الدرج لتوقفها أمينة فجأة و تحتضنها قائلة : انتى رهف بنت مدكور بية العزيزى .. يعنى انتى مش قليلة ابدا … فاهمة يا رهف
لتومئ رهف برأسها و تسمى الله و هى تهبط اولى درجات الدرج ، و كانت مع كل درجة تستعيذ و تحوقل و هى تدعو الله ان يمر اليوم بسلام ، لتقع عيناها على مراد و هو يجلس باريحية امام عمها على الاريكة و تجلس تالا بجواره و هى تكاد تلتصق به بملابسها المكشوفة و مكياچها الصارج ليملأها الغضب الداخلى و لكنها استطاعت ان تدفنه بداخلها و رسمت ابتسامة ملأت وجهها و ظلت هكذا حتى وصلت اليهم لتقول بترحاب : اهلا يا مراد … حمدالله على السلامة
مراد دون ان يتحرك من مجلسه : اهلا يا رهف .. ازيك
رهف باحباط داخلى : انا بخير الحمدلله ، ثم نظرت لتالا و قالت : ازيك يا تالا .. نورتى
لتنهض تالا من مجلسها و هى تحيى رهف قائلة : اهلا يا رهف .. ازيك ، هو انتى يا بنتى مابتزهقيش من قاعدة العزبة دى ابدا
رهف و هى تذهب للجلوس بجوار ابيها : حد برضة يزهق من الجمال ده
تالا : ايوة … بس برضة الجو ده محتاج يومين تلاتة بالكتير ، مش عمرك كله بالشكل ده ، ده انتى قربتى تبقى زى الفلاحين من كتر الفراغ اللى انتى فيه و شوية شوية هتروحى تضمى معاهم المحصول
كانت رهف تستمع اليها و الغضب يجتاح جنباتها و لكنها تذكرت حديث امينة لها فقررت العمل به على الفور فقالت و هى تدعى الثقة و الابتسامة ملئ شفتيها : رغم ان ده لو حصل فهيبقى شرف ليا انى ابقى منهم ، لكن انا مش بالفراغ ده ابدا ، و بعدين انا رسالة الدكتوراه بتاعتى فاضل عليها كام شهر و اناقشها
تالا بسخرية : و هتعملى ايه بقى بالدكتوراة دى هنا فى الصعيد و الفلاحين
رهف و هى تنظر لابيها برجاء : بابا نفسه يشوفنى دكتورة فى الجامعة
لينظر اليها مدكور و هو يحاول مداراة ذهوله من حديثها ، و لكنه ابتسم و قال : ها يا رهف .. هتغدونا ايه النهاردة
رهف : انا قولتلهم على كل الاصناف اللى مراد بيحبها … ثوانى هشوفهم خلصوا و اللا لسه
لتتركهم و تذهب بعيدا و جسدها يرتجف من الانفعال حتى توارت عن انظارهم فوقفت لتلتقط انفاسها و هى تستند على الجدار لتتفاجئ بأمينة و هى تجذبها و تحتضنها و تقول بهمس : ايوة كده برافو عليكى .. اوعى تسكتيلها الحر.. باية دى
رهف برجفة : بس انا خايفة اوى لا بابا يحرجنى قدامهم
أمينة بتشجيع : اوعى تخافى .. واضح ان عمى عجبه اللى عملتبه و الا ماكانش هيسكت
رهف : طب وسعيلى اما اروح اشوفهم كده خلصوا و اللا ايه
أمينة : ااه خلصوا و السفرة جاهزة كمان ، ياللا يا حلوة روحى لهم و اهتمى بمراد شوية ، لاغيه كده و خليه ينطق بدل ماهو عامل زى ابو الهول كده
رهف بامتعاض : يعنى هسحب لسانه و اخليه يتكلم بالعافية
أمينة : انا هقول لك تعملى ايه
و بعد دقائق تعود رهف اليهم و هى تدعوهم لتناول الغداء .. ثم تتقدمهم الى مائدة الطعام و هى تقوم بدورها كسيدة المنزل لتشير بيدها الى مقعد بعينه و هى تقول لتالا : اتفضلى يا تالا … واعتبرى البيت بيتك ، ثم نظرت الى مراد و قالت بابتسامة هادئة و هى تشير الى مقعد بجوارها و هى تقول لمراد .. اتفضل يا مراد
و كان الغداء عبارة عن احاديث متبادلة فى العمل بين مدكور و مراد و تالا و لم تستطع رهف المشاركة به و لكنها لمحت أمينة على بعد و هى تشير لها لفعل شئ ما ، فمدت يدها بوجل و وضعت بعض الطعام التى تعرف حب مراد له بصحنه لتجده مد يده و تناوله دون حتى النظر اليها لتشير اليها امينة لمعاودة الكرة مرة اخرى ، لتكرر فعلتها و لكنها تلك المرة تتفاجئ بمراد يمسك يدها قبل ان تكمل ماتفعله و هو يقول لها دون ان ينظر اليها : كفاية يا رهف … مش هقدر آكل اكتر من كده
رهف باضطراب : ط طب تحب اجهز لك القهوة بتاعتك
مراد : لا شكرا … انا محتاج اطلع انام شوية ، لما اصحى بقى
لينهض من مكانه قائلا باعتذار : معلش يا جماعة ، هحتاج استأذن منكم ساعة و اللا اتنين
مدكور و هو يشير بعينيه لرهف : ااه طبعا يا حبيبى … مع جوزك يا رهف
لتنهض رهف و تسير خلف مراد حتى وصل الى غرفته فقالت : انا خليتهم طلعوا لك الشنطة بتاعتك .. بس ما رضيتش اخلى حد يفضيهالك ، تحب افضيهالك انا
مراد و هو يدلف الى غرفته : لا متشكر ، انا هاخد غيار على السريع عشان اخد دش و اناملى شوية .. ارجعيلهم انتى ماتعطليش نفسك
لتستدير رهف للعودة و لكنها توقفت مرة اخرى والتفتت له قائلة : مراد
مراد و هو يقوم بفتح الحقيبة : هممم
رهف : لما تستريح … محتاجة اتكلم معاك فى موضوع يخصنى
مراد : طب ماقلتيش لعمى ليه
رهف و هى تزدرد لعابها بصعوبة : لان الموضوع ده يخصنى انا و انت و بس ، بابا مالوش علاقة بيه

يتبع…

اعتدل مراد فى وقفته و نظر لرهف باستغراب و هو يتأملها بفضول و كأنه يراها للمرة الاولى و قال : و يا ترى موضوع ايه ده اللى يخصنى انا و انتى و مايخصش عمى
رهف بوجل و هى تبدل بين قدميها باضطراب : ما ااانا قلتلك لما تصحى عشاااان نتكلم براحتنا

مراد و هو يظهر بعض الامتعاض على وجهه : ماشى يا رهف ، نبقى نتكلم بالليل
لتستدير رهف بسرعة و كأنها تهرب من امامه بعد ان قالت : ااه .. ماشى كده افضل .. بعد اذنك
ليشيعها مراد بنظراته و هو لا يدرى ما الامر ، فهناك شيئا غير عاديا برهف و لكنه لم يحاول التفكير كثيرا و اتجه لينجز ما اراد انجازه
لتعود رهف مرة اخرى الى الاسفل ، و لكنها بدلا من ان تتجه الى مجلس ابيها مع تالا ، اتجهت للبحث عن أمينة حتى وجدتها اخيرا بصحبة زينب فقالت لها برهبة : الله يسامحك يا امينة ، انا مش عارفة سمعت كلامك ازاى
امينة بفضول : هااا .. طمنينى عملتى ايه
رهف بامتعاض : ادينى عملت زى ماقلتيلى .. تقدرى تقوليلى دلوقتى هتكلم معاه اقول له ايه … انتى دبستينى و انا ماعنديش مواضيع اكلمه فيها اصلا
امينة بتوبيخ : يعنى ايه يبقى مكتوب كتابكم من سنتين دلوقتى و ماعندكيش حاجة تكلميه عنها ، يا رهف يا حبيبتى لازم يبقى فى مابينكم و مابين بعض حوار مشترك
رهف : و هو بقى حتى لو عندى حاجة اكلمه فيها هيقعد يسمعنى

زينب بفضول : و مايقعدش يسمعك ليه .. هو قال لك ايه لما اتكلمتى معاه
رهف و قد بدأ الهدوء يتسلل الى اوصالها : كان عاوزنى اقول له على اللى انا عاوزاه ، بس انا هربت منه ، و قلت له اما يصحى عشان نتكلم براحتنا
امينة : طب اهو الراجل ماصدكيش و لا حاجة اهو ، شوفى بقى عاوزة تتكلمى معاه فى ابه و قوليله
رهف بغضب : لا و الله !! ، ده على اساس ان انا كنت محضرة حاجة اصلا عاوزة اكلمه فيها ، ماهى شورتك اللى زى الطين
امينة و هى تربت على كتف رهف و تقبل وجنتها بمرح : طب خلاص معلش .. ماتقفشيش بس كده ، انا هقول لك يا ستى تقوليله ايه … بس عدى الجمايل بقى
………………
كانت تالا بغرفتها بعد ان انهت غدائها و بعد ان ابدلت ملابسها ، فامسكت هاتفها و قامت بمهاتفة ابيها الذى قال لها : تالا .. حمدالله على السلامه يا بيبى
تالا : الله يسلمك يا دادى .. وحشتنى
سليمان : طمنينى … ايه الاخبار
تالا بامتعاض : كالعادة يا دادى ، مافيش جديد
سليمان : ايه .. مافيش اى رجا من مراد برضة
تالا بتأفف : انا مش فاهمة هو معجون من ايه .. عليه كمية برود مش معقولة … فريجيدير متحرك
سليمان ضاحكا : طول عمره تقيل ، بس انا متأكد انك برضة هتقدرى عليه

تالا : انا مش عارفة انت ليه مصمم على الحكاية دى ، و كمان عارف انه كاتب كتابه على الفلاحة اللى اسمها رهف دى
سليمان بمرح : هنكدب من اولها بقى .. بقى رهف فلاحة .. دى صاروخ
تالا : و لما هى صاروخ ، عشمان ان مراد يسيبها و يبصلى انا ليه

سليمان : لان حبيبة دادى تقدر تنطق الحجر ، انما رهف .. رهف دى غلبانة و مافيش منها اى خوف
تالا : رغم انى حاساها المرة دى متغيرة و غير كل مرة
سليمان بفضول : متغيرة ازاى يعنى
تالا : يعنى يا دادى .. مش عارفة ، بس برضة فهمنى سر اصرارك على التلاجة اللى اسمه مراد ده
سليمان : لان مراد يا بيبى هيبقى هو المتحكم فى كل الياغمة دى … مدكور سايبله كل حاجة لانه يعتبر الوريث الاكبر ليه بما انه ماعندهوش ولاد شباب
تالا بمكر : طب بقول لك ايه يا دادى
سليمان : قولى يا بيبى .. سامعك
و بعد فترة من الحديث مع ابيها .. يقول سليمان بانشداه : و انتى تقدرى تعملى كده
تالا بغرور : طبعا اقدر
سليمان : لو قدرتى عليه هكافئك مكافأة كبيرة اوى
تالا بابتسامة شيطانية : يبقى تقل جيوبك من دلوقتى يا دادى ، و اوعدك انه هيطلبنى منك قبل ما المشروع ده يخلص
……………………
مساءا كانت رهف هى الاخرى قد بدلت ثيابها و جلست بحديقة القصر و بيدها كتاب ما و هى تطالعه بشغف ، حتى سمعت صوت تالا يقول بسخرية : يا بنتى ارحمى عينيكى ، قربنا نعمللك نضارة كعب كوباية
لتزيح رهف الكتاب من امام عينيها و تنظر لتالا و لمظهرها الخارج عن الاصول و قالت ببعض الضيق : اهلا يا تالا .. صح النوم
تالا : ميرسى ، اومال فين مراد و مدكور بية
رهف : مراد لسه ماصحيش ، و بابا فى اوضة المكتب
لتنهض تالا من مجلسها مرة اخرى قائلة : طب انا هروح اتكلم مع باباكى شوية فى الشغل على ما مراد يصحى و يفوق
و بعد ان تركتها و مضت باتجاه الداخل التفتت اليها مرة اخرى قائلة بكبر : ااه .. و ياريت تبعتيلى قهوتى على المكتب

لتبتسم لها رهف بسماجة ، ثم تنهض لتذهب الى الداخل كى تطلب لها القهوة ، لتصطدم بمراد فى طريقها حتى كادت ان ترتد ساقطة على الارض لولا ان تماسكت فى اللحظة الاخيرة ليقول مراد بجدية : ابقى خدى بالك و انتى ماشية
رهف و هى تزدرد لعابها : حاضر
مراد : اومال عمى و تالا فين
رهف : فى المكتب ، و كنت رايحة ابعتلهم قهوة ، تحب اطلب لك القهوة بتاعتك بالمرة
مراد : ااه ياريت
و تركها و ذهب باتجاه غرفة المكتب ، و لكن رهف استحضرت شجاعتها و هتفت باسمه ليتوقف فى طريقه و يلتفت اليها متسائلا : خير .. فى حاجة
رهف : طلبت منك نتكلم سوا
مراد متذكرا : ااه .. فعلا .. بس يعنى لازم دلوقتى
لتنظر له رهف بتردد و تقول : لأ .. خلاص .. مش لازم
ليمتعض مراد و يقول : طب خلاص … تعالى نقعد برة فى الهوا و قوليلى على اللى انتى عاوزاه على ما اشرب القهوة
رهف بوجل : طب هطلب القهوة و احصلك
لتلحق به بعد دقائق قليلة و هى تقدم ساق و تؤخر الاخرى حتى جلست امامه فى صمت و هى تركز عينيها على اصابعها المتشابكة على قدميها ، ليقول مراد بفضول : ها … كنتى عاوزانى فى ايه
لترفع رهف وجهها اليه و هى تزدرد لعابها و تقول بتردد : الحقيقة انا كنت عاوزاك فى موضوعين .. مش موضوع واحد ، اااانت ط . طبعا عارف انى فاضل لى حاجة بسيطة و اناقش الدكتوراه
مراد : ااه ، ايه المشكلة
لتمتد يد مراد ليتناول فنجان قهوته الذى احضرته احدى الخادمات ، و بدأ فى رشفها و هو ينظر بجانب عينيه لرهف التى قالت بدون مقدمات : اولا .. انا عاوزة اشتغل
مراد و كأنه لم يستوعب حديثها فقال باستيضاح : مين اللى عاوز يشتغل
رهف : انا يا مراد .. انا عاوزة اشتغل
مراد : و عاوزة تشتغلى ايه
رهف بجدية : انا معايا ليسانس حقوق و كمان ماجيستير فى القانون التجارى ، و مكملة الدكتوراة فى نفس المجال ، لكن عندى هوايتى اللى الكل بيشهدلى بيها من زمان و حابة انى انميها
مراد : انا مش فاهم حاجة … يعنى انتى دلوقتى عاوزة تشتغلى بشهادتك و اللا عاوزة تشتغلى بموهبتك
رهف و هى ترفع اصبعيعا الوسطى و السبابة : الاتنين
مراد : ده اللى هو ازاى بقى ، ده حتى بيقولوا صاحب بالين كداب و صاحب تلاتة منافق ، و انتى غير الشغل اللى بتتكلمى عنه ده لسه عندك كمان الدكتوراة اللى لسه ماخلصتيهاش ، و اللى قلتى على الغدا انك عاوزة لما تاخديها انك تدرسى فى الجامعة
رهف بتردد : ماهو ده الموضوع التانى اللى كنت عاوزة اكلمك فيه
مراد : طب مش لما نخلص من الموضوع الاولانى الاول
رهف : الموضوعين مرتبطبن ببعض
مراد بتنهيدة : ازاى بقى
رهف : بخصوص الدكتوراة … عاوزاك تقنع بابا يسيبنى اكملها
مراد بدهشة : و هو عمى مش عاوزك تكمليها
لتومئ رهف برأسها بحزن ليقول مراد : ازاى و انتى قلتى ….
رهف : انا قلت اللى قلته ده لمجرد انى ارد على سماجة تالا و كمان احنن قلب بابا عليا

مراد بفضول : طب و ايه اللى خلى عمى يفكر فجأة انه يعمل كده
رهف بخفوت : انت
مراد باستنكار : انا … انا عمرى ما اتكلمت لا معاكى و لا معاه فى الحكاية دى
رهف بخجل يخالطه شيئا من العتاب : بابا متهمنى انى مهملة فى تعاملى معاك بسبب الدكتوراة
مراد بامتعاض : مين اللى قال الكلام ده و امتى
رهف بحزن و هى تتلاعب باصابعها : امبارح لما وصل ، و زعق معايا جامد ، انا بحب دراستى و بذلت فيها مجهود كبير ، و عمر ما حد اعترض عليها ، ازاى دلوقتى بعد ماخلاص مافاضلش غير كام شهر ، عاوز يحرمنى انى احقق حلمى اللى تعبت فيه على ماحققت اللى حققته و بعد ما خلاص قربت اوصل لنهايته
مراد بنوع من التعاطف : ماتقلقيش ، بالنسبة لموضوع الدكتوراة .. انا هخليه يسمحلك تكمليها
لترفع رهف رأسها اليه و تبتسم ابتسامة خلابة قائلة بامتنان : شكرا
مراد : بس انا موضوع الشغل مش فاهم حاجة من كل اللى قلتيه ، و بعدين انا ما اعتقدش ابدا انك ممكن تقدرى تشتغلى و تتحملى مسئوليات الشغل و تبعاته
لتمتعض رهف من سماعها رأي مراد المبنى على عدم الثقة في قدراتها ، فما كان منها الا ان اغمضت عينيها برهبة مخلوطة ببعض التحدى و قالت بسرعة : انا عاملة اتيليه من اربع سنين
مراد بعدم فهم : عاملة ايه
لتفتح رهف احدى عينيها بحذر و تقول على مهل : اتيليه
مراد : و بتعملى ايه بقى فى الاتيليه ده
رهف بدهشة : بعمل الحاجة اللى طول عمرى بحبها ، بصمم موديلات
مراد و هو يحاول استيعاب مقصدها : يعنى انتى بترسمى بس ، و اللا بتنفذى كمان
رهف و هى تزدرد لعابها : الاتنين
مراد ببعض السخرية : امممم و يا ترى بقى عاوزة حد يسوقلك الشغل بتاع الاتيلية ده
رهف بكبرياء : الحقيقة لا ، انا محتاجة مكان اكبر انقل فيه ، لان الشغل اتوسع و كبر و اتعرف و محتاجة اعمل فرع فى القاهرة عشان يبقى قريب من العملاء
مراد بريبة و هو يركز بعينيها : رهف … انتى بتتكلمى بجد
لتشعر رهف برجفة تسرى باوصالها ، فتكاد ان تكون تلك المرة الاولى التى يولى مراد حديثه معها ذلك الاهتمام لتبتسم فى شرود دون اجابة ، لتتفاجئ بمراد ينهض و هو يقول بجمود : كنت حاسس من الاول انك بتتكلمى اى كلام

ثم يلتفت استعدادا لتركها و الدلوف الى الداخل و لكنها قالت بحزم ممتلئ بالحزن و الكبرياء فقد احست انه اهان كرامتها : اوعى تكون مفكر ان انت بس اللى وقتك غالى ، انا كمان وقتى غالى ، و اكيد مش هعطل نفسى طول الوقت ده عشان اخترعلك حكاية اتكلم معاك فيها ، و لولا انى محتاجة مساعدتك ماكنتش حكيتلك على حاجة من البداية ، بس عموما … انا بعتذرلك انى ضيعت وقتك الغالى ، و اوعدك انى افضل معتمدة على نفسى زى ما كنت طول عمرى ، بس ياريت ماحدش بعد كده يلومنى انى عايشة مع نفسى و بس ، و ياريت مايبقاش نتيجة غلطتى اللى غلطتها دى لما فكرت انى اطلب مساعدتك ، انى ما الاقيكش روحت حكيت لبابا اللى قلتهولك ، و يبقى بدل ما تساعدنى تخربهالى بزيادة
لتسرع الى الداخل بعنفوان و غضب تاركة اياه و هو لا يدرى من تلك التى كانت تتحدث معه منذ برهة قصيرة ، فتلك لم تكن رهف و التى لسخرية القدر تعد ايضا زوجته ، و لكنه طوال سنوات عمرهما معا لم يتحدث معها لهذا الوقت الطويل جدا و الذى تخطى الخمسة عشر دقيقة 😏
مراد بذهول : مين دى …. و اتيلية ايه ده كمان ، و مين اللى ….. انا مش فاهم حاجة
و بعد ان افاق من ذهوله عاد الى مقعده مرة أخرى ، ثم اخرج هاتفه و قام بمهاتفة شقيقته التى اطلت عليه بابتسامتها فى مكالمة فيديو قائلة : مراد … ازيك يا باشا
مراد متبسما : ازيك انتى يا حبيبتى … عاملة ايه و ازى احمد و تميمة
هدى : الحمدلله . كلنا بخير ، انت عامل ايه وحشتنى اوى و ازى عمو و رهف وحشونى موت
مراد : كلنا بخير ، ايه .. مش ناويين نشوفكم بقى و اللا ايه
هدى : احمد قاللى ننزل على مناقشة الدكتوراة بتاعة رهف ، لاننا لو نزلنا فى معادنا ، ممكن مانعرفش ننزل تانى وقتها ، فقلنا نخليها نزولة واحدة
مراد باستنكار : يعنى اقعد كل ده ما اشوفكيش عشان مناقشة الرسالة بتاعة رهف و اللى لسه كمان معادها ما اتحددش
هدى : معلش بقى يا مراد ، ما انت عارف ، لو انا مش موجودة معاها فى يوم زى ده .. مين هيبقى معاها بس ، لو انا اقدر اثق انك هتبقى معاها و تساندها انت و عمى ماكنتش اهتميت كده ، لكن للاسف رهف دايما لوحدها يا مراد … و ده مافيش بنى ادم طبيعى يقدر يتحمله
مراد بامتعاض : و هو المفروض نعمل ايه يعنى مش فاهم
هدى : يا مراد يا حبيبى .. دى مراتك ، يعنى المفروض اقل حاجة لازم تعملها انك تعرف عنها تفاصيل حياتها و تبقى معاها خطوة بخطوة ، لكن للاسف انت فى وادى و رهف فى وادى تانى خالص
مراد بفضول : انتى تعرفى حاجة عن الاتيلية
هدى بشهقة ذهول : انت عرفت
مراد باستنكار : يعنى انتى عارفة طول المدة دى و ماتقوليليش يا هدى
هدى بدفاع : صدقنى يا مراد .. لو كنت شايفة انك هتهتم بالحكاية دى او حتى هتقف جنبها كنت اكيد قلتلك ، لكن دى حتى المسكينة خايفة تفرح بيه لا انت و اللا عمو تحاربوها و توقفوا مشروعها اللى طول عمرها بتحلم بيه
ثم اكملت هدى بفضول .. بس انت عرفت منين
مراد : هى اللى قالتلى النهاردة ، بس .. مين اللى ساعدها انها تعمل كده
هدى : اعتقد ان هى تحكيلك افضل منى
مراد : يعنى انتى ماعندكيش اى معلومات عن الاتيلية ده
هدى : كل اللى اعرفه انه بيكبر يوم ورا التانى ، و كمان بقى عندها خط تصدير و اسمها مسمع فى محلات ليها اسمها ، انا لسه شارية فستان من الماركة بتاعتها من هنا
مراد بذهول : رهف !!! ، شغلها بيطلع برة مصر
هدى بتأكيد : ايوة رهف ، رهف اللى طول عمرك انت و عمى بتتعاملوا معاها على انها شئ مهمل و مالوش وجود ، قدرت تعمل لنفسها اسم و مكانة بعيد عنكم تماما و بمجهودها الشخصى
مراد بتفكير : اكيد فى حد ساعدها .. مين بقى الحد ده
هدى باصرار : قلتلك الافضل ان هى اللى تحكيلك .. اسالها
مراد بتنهيدة : ماشى .. بس يا ترى بقى الماركة بتاعتها دى اسمها ايه
هدى بابتسامة امتعاض : اسمها بروكن هارت
مراد باستغراب : و ليه الاسم الغريب ده
هدى بتنهيدة : يمكن مناسب صاحبته
ليصمت مراد قليلا ثم قال : طب يعنى انا لو روحت اى محل ملابس حريمى هنا فى الصعيد هلاقى فيه الماركة دى
هدى : اكيد مش كل المحلات طبعا .. لكن كمان موجودة فى محلات كتير فى القاهرة و اسكندرية

مراد بعدم تصديق : انتى عاوزة تفهمينى انها حققت الانتشار ده فى الاربع سنين دول بس
هدى : لا طبعا مش كده … رهف حققت الانتشار ده من سنتين فاتوا
مراد باقتضاب : ماشى … خدى بالك من نفسك و ابقى طمنينى عليكى
هدى : حاضر يا مراد ، و انت كمان بس كنت عاوزة اقول لك على حاجة
مراد : حاجة ايه
هدى : حاول تبص لرهف من زاوية تانية غير اللى طول عمركم حطينها فيها ، رهف انسانة جميلة اوى يا مراد … كفاية تهميش ليها لحد كده
مراد و هو يحاول اغلاق الخط : طب يا حبيبتى انا هسيبك بقى احسن عمى عاوزنى .. ياللا سلام
ليغلق الهاتف و يعيده الى جيبه و هو يزفر بشده ثم ينهض من مجلسه متجها الى مكتب عمه
………………….
كانت تالا قد ذهبت الى مكتب مدكور و قامت بالطرق على الباب برقة و عندما سمعت صوت مدكور يسمح لها بالدخول ، فتحت الباب و دلفت الى الداخل بعد ان اعادت غلق الباب مرة اخرى من وراءها و هى تقول بمرح : بقى كده برضة .. انا بقالى ربع ساعة بحالها بدور عليك
مدكور : اهلا يا تالا يا بنتى .. اتفضلى
تالا و هى تجلس على المقعد امام مكتبه : ميرسى يا مدكور بية
مدكور : ها .. مستريحة فى اوضتك و اللا تحبى اخليهم ينقلوكى فى اوضة تانية
تالا : ميرسى خالص ، رغم انى كنت اتمنى ان اوضتى تبقى جنب اوضتك انت ، لكن مش مشكلة ابدا ، اى اوضة تحت سقف بيتك جنة
مدكور بمرح : يا سيدى على الكلام الحلو ، الله يحفظك يا بنتى
تالا بتبرم : ليه دايما كلمة بنتى دى على لسانك ، انت عاوز تكبر روحك بالعافية
مدكور : بس انا كبير فعلا
تالا و هى تحدثه من تحت اهدابها بنعومة : انت فعلا كبير بس بقيمتك و بمقامك و بحب اللى حواليك مش بسنك ابدا
مدكور بابتسامة بلهاء : الله بجازيكى … اللى يسمعك يفكرك بتغازلينى
تالا بابتسامة لعوب : و هو عيب انى اغازلك
مدكور ضاحكا بشدة : لاااااا ، انا مش ادك يا بنت سليمان الانصارى
تالا بهيام : و انت فاكر انك لو كنت ادى كنت عجبتنى كده
مدكور باستنكار : اانا .. عاجبك انتى
تالا و هى تدعى التنهد : ااه لو قدرت اوصفلك ، لو تعرف انت اد ايه حلم لبنات كتير … مش عارفة انت ليه مكبر نفسك كده … انت لسه فى عزك بس انت اللى دافن نفسك فى الشغل و المشاريع و بس ، ليه ماتعيشش حياتك و تتمتع بيها زى كل الناس
مدكور برفض : اتمتع ايه بس و كلام فارغ ايه ، ده انا بنتى مكتوب كتابها من سنتين
تالا بمكر : و بكرة تعيش حياتها هى و مراد بالطول و بالعرض و تفضل انت لوحدك من غير انيس و لا جليس ، فى حين انك تقدر من دلوقتى تدور لك على وليفة تكون بتحبك و بتتمنى لك الرضا و الهنا
مدكور و هو يهذب شاربه باصبعه : و مين بقى اللى بتتمنى لى الرضا دى
تالا و هى تبعد انظارها عنه : بص حواليك و انت اكيد هتعرف من نفسك
مدكور بمرح : اوعى تكونى تقصدى دادة زينب ، ماهى الوحيدة اللى تليق بيا و بسنى
تالا باستنكار : انت تليق لك ست البنات ، انت عاوز اللى تحبك و تدلعك و تعيشك عمرك اللى فات و اللى جاى
مدكور : و مين البنت دى اللى ترضى براجل اد ابوها
تالا باعتراض : بس ماتقولش اد ابوها
مدكور و هو ينظر اليها بفضول : انتى عاوزة تفهمينى ان لو جالك عريس فى سنى .. ممكن تقبلى
تالا باعتراض : لأ طبعا
مدكور باستنكار : الله .. اومال ايه بقى ، ده انتى نفسك ماتقبليش بواحد فى سنى
تالا : لان سؤالك كان غلط ، انا عمرى ما اقبل اى واحد ، انا مش عاوزة غير واحد بس و مش فارق معايا سنه و لا شكلة ، انا اللى فارق معايا طبعه اللى بحبه ، اسلوب تفكيره اللى بموت فيه ، طريقة كلامه اللى بتسحرنى سحر ، نضجه اللى بيخلينى بتمنى انه يخطفنى من الدنيا كلها و يهرب بيا بعيد عن العالم و اللى فيه ، طب تعرف .. انا دادى عمال بيقنعنى من سنة فاتت بواحد فى عمرى و من وسطى و كمان له مصالح شغل كتير مع عيلته بس انا مش موافقة ابدا ، تعرف ليه
مدكور و قد فهم انها تقصد مراد : ليه يا ترى
تالا : لان قلبى و عقلى مشغولين بغيره ، بس للاسف ما اقدرش اصارح دادى بالكلام ده
مدكور : و يا ترى مين سعيد الحظ اللى شغل قلبك
تالا بتنهيدة : للاسف هو و لا هو هنا ، و بيتعامل معايا على انى لسه صغيرة و مايعرفش انى مابصدق يبقى له شغل مع دادى عشان اصمم انى اتابع الشغل بنفسى ، و اقدر افضل قريبة منه اطول فترة ممكنة
ليسود الصمت دقائق قليلة و هما يتبادلان النظرات ، و قبل ان يواصلا الحديث كان مراد اقتحم عليهما الغرفة و هو يقول بتجهم : ما تأخذونيش .. اتأخرت عليكم بس كنت بعمل شوية حاجات مهمة
تالا و هى تنظر لمدكور نظرة توحى بالخجل : ابدا يا مراد براحتك ، انا و مدكور بية لسه ما بدأناش شغل
مراد و هو يقوم بفتح حاسوبه الموجود بمكتب عمه : انا هطبع كل الاوراق اللى محتاجينها حالا ، و هنبتدى على طول

يتبع…

كانت رهف ترقد بفراشها منكبة على وجهها و هى منخرطة فى بكاء مرير ، و تجلس بجانبها امينة و هى تحاول التسرية عنها و معرفة ماحدث و جعلها بهذا الحزن و الالم ، فاخذت تربت على كتفها و هى تقول : طب بس فهمينى ايه اللى حصل خلاكى تتقهرى بالشكل ده ، قاللك ايه هولاكو ده خلاكى تعيطى بالشكل
لتضحك رهف بشدة من وسط بكائها لتردف امينة : ايوة كده اضحكى ، احنا هناخد ايه بس من العياط و الهم ، اتعدلى كده بس و قوليلى قاللك ايه اللى ينشك فى حواجبه ده

رهف و هى تمسح دموعها باصابعها كالاطفال : ماتدعيش عليه يا امينة بالله عليكى
امينة بامتعاض : صحيح يا اولاد .. القط مايحبش الا خناقه ، يعنى بعد ما نكد عليكى كل النكد ده و بتدافعى عنه و خايفة عليه
رهف بتنهيدة حارة : معذور يا امينة
امينة بدهشة : انا مش فاهمة حاجة
رهف بحزن : مش مصدقنى يا امينة … تصورى
امينة بعدم فهم : انتى قلتيله ايه خلاه مايصدقكيش
رهف : قلت له زى ماقلتيلى بالظبط
امينة : ايوة يعنى .. انهى جزئية فى كلامك اللى مصدقهاش
رهف بحزن : جزئية انى قدرت اعتمد على روحى و اعمل مشروعى الخاص و انجح فيه بعيد عنهم .. و انا فاردة جناحاتى اللى على طول مقصقصينها و مربطينها بالخيوط
امينة بغيظ : و هو له عين انه يكدبك ، مش يسال الاول و يعرف و يشوف و بعدين يبقى يتكلم

رهف بسخرية : أللى مخلى بابا على طول متهمنى بالفشل ، و دايما يقارننى بتالا و شايف انها احسن و اشطر منى
امينة بامتعاض : تالا مين دى اللى عاملة زى العروسة الحلاوة دى ، ده انا ساعات بحس انها متركبة على رومان بلى
رهف بضحك : انتى مصيبة ، هو انتى مافيش فايدة فيكى ابدا
لتنهض امينة و هى تقول بامتعاض : الفايدة فى البنك ياختى ، بقولك ايه
رهف بفضول : ايه
امينة و هى تنظر لعينا رهف بنصف عين : هو هولاكو شافك و انتى بتعيطى
رهف : لا
امينة : اومال انتى عملتى ايه لما ماصدقكيش
رهف : قلتله كلمتين كانوا محشورين فى زورى من زمان و سيبته و مشيت
امينة بفرحة : برافو عليكى .. يعنى اديتيله على دماغه
رهف باستغراب : و مالك مبسوطة اوى كده
امينة : لانى عاوزاكى تسمعينى كويس و تنفذى كل اللى هقول لك عليه بالحرف الواحد
رهف بسخرية : انتى تانى ، لا يا ستى .. خلاص شطبنا .. متشكرين

امينة باصرار : اسمعى منى بس ، و انا متأكدة انه المرة دى هو اللى هييجى لحد عندك عشان يتكلم معاكى
رهف بتوجس : اتفضلى اتكلمى … ادينى سامعاكى و اما اشوف اخرتها ايه
😒😒
اما فى الاسفل فظل مراد يقوم بنسخ البيانات و عرضها على كلا من مدكور و تالا التى كانت تراسل مدكور بنظرات الدلال كلما سنحت لها الفرصة ، و كان مدكور يقابلها فى البداية بدهشة و عدم تصديق و لكنه رويدا رويدا كان تركيزه اصبح مشتتا بتلك الفتاة اللعوب التى شغلت تفكيره لينتبه على صوت مراد قائلا : ايه يا عمى ، انا شايف حضرتك مش مركز معايا خالص ، تحب نكمل بكرة
مدكور و هو يضع ما بيده جانبا : ياريت يا مراد ، احسن حاسس انى تعبان شوية
تالا بلهفة مصطنعة : مالك يا حبيبى .. سلامتك
ثم تصنعت الارتباك لتقول و هى تحاول ازدراد لعابها : سلامتك .. سلامتك يا مدكور بية
مراد و هو يراقب ماحدث بانتباه : سلامتك يا عمى ، تحب اطلب لحضرتك دكتور

مدكور و هو ينهض من خلف مكتبه و عيناه ترصد كل لفتات تالا : لا يا ابنى ، انا كويس الحمدلله ، بس محتاج اطلع اناملى شوية
تالا بلهفة : تحب اوصلك اوضتك
مدكور و هو يبتسم بعينيه مع نصف ابتسامة على شفتيه : لا يا تالا ، انا كويس ماتقلقيش
تالا بابتسامة : يارب دايما يا مدكور بية ، انا كمان هطلع انام ، ياللا تعالى نطلع سوا عشان اتطمن عليك
مراد : خلاص يا عمى .. اتفضلوا انتو ، و انا هنظم الاوراق دى و هروح انام انا كمان ، عشان المفروض ننزل الشركة من بدرى أن شاء الله
لتتجه تالا مع مدكور الى الاعلى دون اى حديث ، حتى وصلا الى باب غرفتها الذى بجوار غرفة رهف فقالت بدلال من تحت اهدابها : تصبح على خير .. متاكد انك كويس و مش محتاج اى حاجة
مدكور بابتسامة ماكرة : انا كويس جدا ، تصبحى على خير
تالا بابتسامة لعوب : و انت من اهله ، بس ياريت تخلى تليفونك جنبك و لو فى اى وقت حسيت انك محتاج اى حاجة .. اوعى تتردد انك تتصل بيا فورا
……………….
فى الصباح ، و فى تمام السابعة و النصف ، كان الجميع يلتف حول مائدة الافطار ، و كانت رهف تقوم بدورها كسيدة المنزل كالعادة و لكن فى صمت شديد ، و اهمال النظر المتعمد الى مراد
اما تالا فكانت تحاول اظهار الاهتمام بمدكور و افطاره بين الفينة و الاخرى ، و عندما لاحظت الصمت الشديد من رهف ، قالت و هى تدعى الاهتمام : ايه يا رهف ، مالك ساكتة كده النهاردة ، فى حاجة مضايقاكى و اللا ايه
رهف : ابدا يا تالا ، بس مصدعة شوية
تالا : حد يبقى مصدع و هو لابس الفستان الحلو ده ، ياترى ذوق مدكور بية برضة
رهف و هى تنظر الى ردائها : عجبك
تالا : ما اقدرش انكر ابدا ، ذوقه يجنن ، و تحسيه مش متكرر
مدكور : انا بشترى لها هدومها من اشهر اتيليهات مصر
تالا : بس الحقيقة ماشفتش زيه قبل كده
رهف : ده لانه مش من الفساتين اللى بابا بيجيبهالى
مدكور : اومال جيبتيه منين
رهف : ماجيبتوش يا بابا .. عملته
مدكور بسخرية : هو انتى لسه فيكى العادة القديمة دى … على طول كده غاوية وجع قلب
تالا : بالعكس يا مدكور بية ، ده ذوقها حلو اوى ، هو ينفع تفصليلى فستان يا رهف

لتنظر لها رهف بتركيز و كأنها توازن شئ ما بمخيلتها ، و عندما طال صمتها قالت تالا : لو ده هيتعبك او يعطلك خلاص انسى
لتنظر رهف الى مراد ، فوجدته ينظر اليها و يبدو عليه انه فى انتظار ردها ، و عندما التفتت الى ابيها وجدته يقول بابتسامة قلما تراها على وجهه : تالا ضيفتنا و رغباتها اوامر يا رهف
رهف بتردد : تقصد انى اعمللها التصميم و افصل لها فستان يا بابا
مدكور و هو يبتسم لتالا : المهم تبقوا انتم الاتنين مبسوطين
و وسط ذهول رهف لتلك النبرة الغريبة على اذنها من ابيها قالت : انا عن نفسى هبقى مبسوطة و اوى كمان ، و بالمناسبة دى … انا عندى لحضرتك مفاجأة اعتقد انها المفروض تبسطك
مدكور بانتباه : مفاجأة ايه دى يا ترى
رهف و هى تزدرد لعابها فى محاولة لمداراة خوفها من رد فعل ابيها : انا قررت اعمل اتيلية خاص بيا … اقدر استثمر فيه موهبتى
تالا و هى تصفق بيديها : برافو يا رهف
كان مراد ينظر اليها بذهول ، فكيف ان تمتلك مشروعها الخاص من اربع سنوات ماضية و تتحدث مع ابيها عن فكرة انشائه ! ، بينما كان مدكور ينظر لرهف و علامات الغضب تتشكل على وجهه ، و لكنه توقف عن ابداء اى رد فعل عندما سمع تهليل تالا فقال و هو يكبت غيظه : و هو انتى تقدرى على حاجة زى دى لوحدك
رهف : ما انا مش هبقى لوحدى
مدكور بتهكم : اومال مين بقى اللى هيبقى معاكى
انا يا عمى
لتلتفت رهف الى مراد الذى انبرى لتأييدها امام ابيها الئى قال بذهول : و هو انت هتقدر تعمل الكلام ده يا مراد و الا بتفهم فيه ، ده انت مابتعرفش تاخد نص ساعة تريح فيهم عدل زى بقية الناس
مراد : الحقيقة يا عمى ، رهف كلمتنى على حكاية الاتيلية دى و الحقيقة الفكرة حلوة و عجبتنى ، و كمان عرفت من هدى ان رهف دماغها حلوة اوى فى التصميم لدرجة كبيرة تخليها فى نفس الصف مع مصممين كبار و معروفين

لتشعر رهف بالم غائر فى صدرها ، اذا فهى هدى ، فهو لم يصدقها الا بعد ان هاتف شقيقته و تأكد من صدقها ، لتشعر رهف بان عينيها تمتلئ بالدموع دون ان تستطيع السيطرة على هطولها ، لتنهض سريعا من مقعدها و هى تتجه عدوا الى الاعلى وسط دهشتهم جميعا ، فيقول مدكور و هو يوجه حديثه لمراد : ياللا بينا يا مراد و اللا ايه ، احنا عندنا اجتماع مهم
مراد و هو مازالت عينيه على الدرج حيث ذهبت رهف : حاضر يا عمى .. ياللا بينا
و اثناء مغادرتهم ، توقف مدكور و التفت موجها حديثه لمراد قائلا : انا نسيت خالص موضوع العشا ، اطلع لرهف و نبه عليها ان فى عشا عمل بالليل ، و انها لازم تبقى موجودة معانا
مراد بدهشة : و من امتى رهف بتحضر معانا مناسبات زى دى يا عمى
مدكور : من هنا و رايح … المناسبات اللى زى دى لازم تبقى معانا فيها ، انا هسبقك انا و تالا ، و انت حصلنا على طول
لينصرف مدكور بصحبة تالا وسط مراقبة رهف لهما من شرفتها و هى تبحث بعينيها عن مراد حتى سمعت صوت طرقات على الباب ، لتجفف عينيها من اثر بكائها و تتجه الى الباب و ما ان فتحته حتى نظرت لمراد بدهشة قائلة : انت ما روحتش معاهم ليه
مراد و هو يجول بعينيه داخل غرفتها الانيقة حتى استقرت عيناه على عينيها التى تكللت باثر بكائها : ابدا .. جيت ابلغك بس بحاجة عمى نسى يقولهالك ، و انتى قومتى فجأة و سيبتينا
رهف بفضول : خير
مراد : فى عشا عمل بالليل ، و عمى عاوزك تحضريه معانا
رهف باستغراب : انا … انا احضر معاكم عشا عمل … ليه و من امتى الكلام ده
مراد : الحقيقة مش عارف ، بس اللى فهمته انه عاوزك تتعودى على الكلام ده بعد كده
رهف باستيعاب : اممممم … فهمت
مراد بفضول : و ياترى ايه اللى فهمتيه
رهف بسخرية : فهمت انه نوع من انواع الالهاء عشان انشغل عن موضوع الاتيلية
مراد بفضول : لما انتى فاتحتيه فى موضوع الاتيلية .. ليه خبيتى عليه انه موجود فعلا

لتعطيه رهف ظهرها و هى تقول : ماتشغلش بالك يا مراد ، و ياريت تنسى اى كلمة دارت بيننا امبارح ، ثم التفتت اليه مرة اخرى قائلة : ااه .. و متشكرة على دعمك ليا قدام بابا بعد اما اتأكدت من هدى انى مش كدابة
مراد بحدة : انا ما اتهمتكيش بالكدب
رهف بامتعاض : مش لازم تقولهالى بصراحة عشان افهم اللى تقصده ، و عموما ، بلغ بابا انى هبقى جاهزة للعشا بالليل
و لم تشعر رهف بنظرات مراد النارية التى رمقها بها قبل انصرافه بغضب ، لتشيعه بنظرات جامدة و هو يستقل سيارته و يبتعد بها
اما مدكور ، فبعد ان استقل سيارته بصحبة تالا و تحرك بها ، قال لها بمواربة و هو يضغط بتعمد على مخارج الحروف : و انتى يا تالا يابنتى ، يا ترى نمتى كويس
تالا باعتراض : انت ليه دايما بتتعمد تكبر نفسك بالشكل ده
مدكور : ده لانى كبير فعلا
تالا بدلال : انت كبير بقيمتك يا مدكور بية ، مش بسنك ابدا
مدكور ضاحكا : ياللا بقى حسن الختام
لتضع تالا يدها على قدمه و هى تقول مدعية الذعر : بعد الشر ، ارجوك ماتقولش كده تانى ، ربنا يخليك ليا
ثم سحبت يدها سريعا و قالت بتلعثم و كأنها تستدرك ما قالته : ااانااا ااقصد يعنى ، ان كلنا بنحبك و بنحترمك و بنتمنى انك تفضل دايما وسطنا بكل خير
و فجأة يضغط مدكور على المكابح بعنف ليلتفت لها و هو ينظر اليها بتركيز و يقول : انتى ايه حكايتك معايا المرة دى يا تالا ، انتى بتخططى لايه بالظبط ، و ياريت تبقى صريحة و واضحة معايا لانى مابحبش اللف و الدوران ، و لازم تفهمى انى مش صغير و ابن سوق ، يعنى مش سهل ابدا ان ينضحك عليا بكلمتين ناعمبن فجأة كده

لتنظر اليه تالا برهبة فى صمت تام حتى فرغ من حديثه تماما ، فقالت له بتردد : عاوزة اتجوزك
مدكور بانشداه : تتجوزينى انا
تالا : ايوة .. اتجوزك انت
مدكور : انتى عارفة انا اكبر منك بكام سنة
تالا : مايهمنيش
مدكور : اومال ايه اللى يهمك
تالا : انت عارف ان بابا نفسه يجوزنى مراد بأى طريقة
مدكور بسخرية : انتى هتقوليلى على دماغ سليمان ، بس برضة ، ايه علاقة ده بده
تالا : طبعا انت عارف بابا عاوز يجوزنى مراد ليه
مدكور : و دى حاجة تستخبى ، طبعا عارف ، عاوز يجوز مجموعتكم لمجموعتنا
تالا : و انا مابحبش مراد
مدكور بسخرية : و بتحبينى انا .. مش كده
تالا و هى تدعى الحزن : يمكن مايكونش الحب اللى بيحكوا عنه ، لكن انا ببقى مبسوطة و انا معاك ، انت عارف دادى .. طول عمره مابيفكرش غير فى الشغل ، دايما كان بعيد عنى ، ماحسيتش بحنانه و اهتمامه كأب ، لكن انت ، انت كنت دايما بتعاملنى باهتمام ، و بتدور على راحتى
مدكور : ده لانك بتبقى ضيفة عندى
تالا : و لو بقيت مراتك اكيد هتعاملنى احسن و احلى ، انت طيب اوى ، رغم شدتك فى الشغل الا ان قلبك كبير و حنين اوى ، و صدقنى انا هقدر اسعدك و انسيك كل السنين العجاف اللى عيشتها لوحدك ، هو انت تكره انك تعيش و تنبسط ، و تنسى الشغل شوية ، تكره انك لما ترجع من شغلك تلاقينى مستنياك بشوق عشان انسيك تعب يومك
لينظر اليها مدكور وكأن كلاماتها تلامس وترا فى نفسه فقال لها فى فضول : و انتى يعنى فاكرة ان حتى لو انا وافقت على كلامك ده ، سليمان هيوافق
تالا بلهفة : وافق انت بس و انا هعرف ازاى اخلي دادى يوافق
و قبل ان يجيبها مدكور سمعوا طرقا على نافذة السيارة ، ليأتيهم صوت مراد قائلا : ايه ياعمى .. هى العربية عطلت و اللا ايه
مدكور و هو يعتدل بجلسته و يدير السيارة مرة اخرى : لا ابدا .. انا بس كان فيه مكالمة مهمة بعملها
مراد : طب ياللا احسن هنتأخر
لينقضى يومهم مابين الاجتماعات و التقارير و المقايسات ، حتى اوشك النهار على الانتهاء ، و كان مراد يجلس بمكتبه ليسمع طرقا على الباب و ما ان سمح للطارق بالدخول ، حتى دلف اليه صديق عمره و زميل دراسته أنور و هو يقول بمرح : انا يا اخى مش عارف ايه اللى مصبرنى عليكم السنين دى كلها
مراد بارهاق : صابر علينا ازاى يعنى مش فاهم
انور : انا مالى انا ان كنتم بتتغدوا بدرى و اللا وخرى و اللا ما بتتغدوش خالص ، اجوع انا معاكم ليه مش فاهم
مراد : و انت مجوع نفسك ليه ، كان حد منعك تاكل
انور : و اكل امتى بقى ان شاء الله و انتو ساحلينا معاكم طول اليوم ، ده انا بفكر اخلى امى تعمللى سندوتشات زى ايام المدرسة احسن انا خسيت النص بسببكم
مراد بسخرية : ااه و خليها تحطلك زمزمية و علبة عصير بالمرة
انور : لا مش لازم الماية ، انا باخدها هنا ببلاش
مراد ضاحكا : اجرى يا انور و روح من قدامى مش ناقصاك هى
انور و هو يضع مغلفا امامه على المكتب : طب خد يا اخويا .. عقبال ما افرح فيك
مراد و هو يفض المغلف : ايه ده ، مين اللى هيتجوز
انور : امجد بتاع الحسابات ، طلب منى اجيبلك الدعوة ، خاف يجيبهالك هو لا تحرجه
مراد : و هحرجه ليه يعنى
انور : هو انت مابتشوفش وشك و انت داخل الشركة الصبح بتبقى عامل ازاى
مراد : ببقى عامل ازاى يعنى مش فاهم
انور : هولاكو على رأى البت امينة
مراد : خليك انت و الست امينة كده اما نشوف اخرتها
انور بمرح : اخرتها فرح و مرح و دبلتين و اتنين عوالم و اتمخطرى يا حلوة يا زينة ، بس هى تحن عليا
مراد : و هى مش عاوزة تحن عليك ليه
انور بامتعاض : كله بسببك ربنا يوقف نموك
مراد بذهول : ليه ان شاء الله ، اكونش ولى امرها و واقف لكم فى الجوازة و انا مش واخد بالى
انور : لا يا سيدى ، مش عاوزة تسيب رهف لوحدها ، كل ما اتكلم تقوللى لما اتطمن على رهف الاول
مراد باستغراب : و ايه اللى قالقها على رهف مش فاهم ، و تسيبها لوحدها فين ، ما انا و عمى معاها
انور و هو يرسم علامات الاشمئزاز على وجهه : ماهى لو شايفة خلقة عدلة قدامها تحسسها انها مهتمة بصاحبتها ماكانتش عملت كده ، و فى الاخر انا اللى كل مصايبك بتصب عندى ، تتغدى متأخر اجوع انا ، تصدر الوش الخشب للغلبانة اللى على ذمتك اترهبن انا .. منك لله يا مراد يا ابن العزيزى على وقف الحال اللى واقفهولى ده
مراد : هتفضل تعدد لى كده كتير زى الولايا و تسيب شغلك
انور بذهول : شغل ايه يا جدع انت ، الساعة عدت خمسة
لينظر مراد الى ساعة معصمه و يقول بدهشة : اومال عمى ماكلمنيش يعنى
انور : و ده تانى سبب لمجيي ليك دلوقتى ، عمك المحترم مشى هو و عروسة المولد اللى ماشية فى ديله دى و قاللى اقوللك تحصله على البيت عشان ماتتأخروش على العشا
مراد و هو ينهض من مكانه و يلملم اوراقه بعناية : ماشى
انور بمرح : الا هو يا مراد يا اخويا العشا ده هيبقى اوبن بوفية
مراد ضاحكا : هو انت على طول كده جعان
انور بامتعاض : مانا ماكلتش طول النهار
مراد و هو يحكم قبضته على ذراع انور و هو ينظر لعينيه بشر : و ريحة الشاورما اللى طالعة من هدومك دى جاية منين اومال
انور بلجلجة : ها … شاورمة .. ابدا و الله ماحصل ، ده هو سندوتش كبدة و سندوتش سجق
ليتركه مراد و هو يقول من بين ضحكاته : مافيش فايدة فيك دايما تعترف من اول قلم
انور بغيظ : بقى كده برضة .. بتعمل لى كمين و بتوقعنى ، ماشى يا مراد
و يذهب ناحية الباب بخطوات كخطوات الاطفال الغاضبة ليقول مراد : هتيجى تحضر معانا العشا
ليتوقف انور فجأة و يلتفت اليه بحذر و هو يقول : هو ينفع
مراد ضاحكا و هو يتعمد اغاظته : لا طبعا ماينفعش ، امشى روح لامك ياللا خليها تأكلك بدل ما انت على طول فاضحنا كده
انور بغيظ : ماشى يا عم هولاكو .. بس خليك فاكرها
………………
مساءا كان مدكور و مراد يجلسون بالاسفل فى انتظار تالا و رهف ، لتهبط تالا و هى بكامل زينتها و عينيها ترتكز على مدكور و نظراته لها ليتأكد لديها بان هدفها اصبح قاب قوسين او ادنى من تحقيقه ، و ما ان وصلت اليهم حتى قالت بابتسامة : انا جاهزة ، ها .. جاهزبن
مراد و هو ينظر الى اعلى الدرج : لسه رهف مانزلتش
لينهض مدكور و هو ينظر لتالا متفرسا اياها قائلا : طب انا هسبقكم مع تالا يا مراد و انت هات رهف و حصلونا عشان مانتأخرش على الناس
و قبل ان يرد مراد لمح رهف و هى تهبط الدرج بكبرياء و هى بابهى صورة ، و على الرغم من ان تالا رائعة الجمال ، الا ان مظهرها به الكثير من التكلف ، اما رهف فكانت تضع القليل من لمسات تجميلية رقيقة اضفت عليها جمالا طاغيا احس بانه يراه للمرة الاولى ، الا انها مع اقترابها منهم لم تنظر إليه بالمرة ، بل نظرت لابيها قائلة فى خفوت : انا جاهزة
لتقترب منها تالا قائلة باعجاب شديد : اوعى تقوليلى ان الفستان ده كمان من تصميمك
تالا بحمحمة : ايوة
تالا : واو .. يجنن ، بجد فنانة
رهف بابتسامة : شكرا
مدكور باستعجال : طب ياللا بينا و تبقوا تكملوا كلامكم ده بعدين
ليتوجهوا جميعا الى السيارات لتتفاجئ رهف بانها ستستقل السيارة بصحبة مراد بمفردهما و لكنها لم تستطع الاعتراض لحظة واحدة ، ليتحرك مراد بالسيارة وسط صمت حالك السواد ، حتى قطعه مراد قائلا : انتى ليه اختارتى الاسم الغريب ده لخط الانتاج بتاع الاتيلية
رهف بفضول : و انت عرفت الاسم منين
مراد : عرفته من هدى
رهف بامتعاض : امممم … هدى
مراد ببعض الحدة : على فكرة هدى دى تبقى اختى الوحيدة و كانت برضة صاحبتك الوحيدة لحد ماسافرت
رهف بتوتر : و انت مالك بتتكلم بعصبية كده ليه
مراد بغضب : اصلك يعنى من ساعة ماعرفتى انى اتكلمت مع هدى على موضوع الاتيلبة و انتى طريقة كلامك معايا غريبة و زى ما يكون مش طايقة تتكلمى معايا
رهف بغضب مماثل : و انت كنت اتكلمت معايا امتى قبل كده عشان تعرف ان كان طريقة كلامى غريبة و اللا مش غريبة
مراد : ليه يعنى و هو انا مابتكلمش معاكى
رهف و هى تدير وجهها الى نافذة السيارة : و هو الطريقة اللى بتتعامل معايا بيها اصلا دى فيها كلام
ثم اكملت بسخرية : حمدالله على السلامة .. الله يسلمك ، صباح الخير .. صباح النور ، مع السلامة … الله يسلمك ، و ساعات كمان مابيبقاش فى رد ، اتكلمت معايا امتى .. تعرف عنى ايه غير انى رهف بنت عمك و اللى بالصدفة تبقى كاتب كتابك عليها
ثم قالت بنوع من الالم … تعرف بحب ايه و اللا بكره ايه ، تعرف عملت ايه بحب و عملت ايه غصب عنى ، تعرف امتى بحس بامان و امتى بخاف و بخاف من ايه
انت ماتعرفنيش يا مراد ، عمرنا كله عايشينه سوا تحت سقف واحد ، بس ماتعرفنيش ، حتى لما كتبنا كتابنا ، كتبناه لان بابا عاوز ده
عمرك سالت نفسك يا ترى البنت اللى شايلة اسمك دى موافقة عليك و اللا اتجوزتك بس لان ابوها عاوز كده
مراد بذهول : انتى ماكنتيش موافقة عليا
رهف بتهكم : سؤالك متأخر اوى يا مراد .. متاخر سنتين بحالهم ، و ما اعتقدش ابدا ان اجابة السؤال ده مهما ان كانت اجابته تبقى ايه انها ممكن تفيدك دلوقتى
😒😒
فى سيارة مدكور ، ما ان ابتعدت السيارة عن المنزل حتى قالت تالا بدلال : ايه رايك فى شكلى و فستانى .. عجبوك
مدكور : طول عمرك بتعرفى توظفى شكلك و لبسك باللى يناسب الوقت و المكان
تالا بابتسامة : يعنى عجبتك
لينظر اليها مدكور بمكر و يعود بعينيه مرة اخرى للطريق و قال : طول عمرك بتعجبينى يا تالا
تالا : اكيد مش زى ما انت بتعجبنى يا مدكور … نفسى تطلبنى من دادى و نتجوز
مدكور : ما قلت لك ، سليمان مش بالساهل ابدا انه يوافق على خطوة زى دى
تالا : بس انا قلت لدادى
مدكور بصدمة : امتى حصل الكلام ده
تالا و هى تدعى الحزن : ما قدرتش اخبى حبى و اعجابى بيك اكتر من كده ، ما قدرتش اسيبه يطلب منى اقرب من مراد اكتر من كده و اسمع و اسكت
مدكور بفضول : و كان رد فعله ايه
تالا : اتنرفز شوية ، و اتخانق معايا ، و قال لى ان عمرك ماتبص لى ، لكن لما لقانى مصرة على موقفى ، قاللى لو مدكور خطبك منى هوافق ، لكن لو ده ما حصلش انا هطلب من مراد انه يتجوزك عشان نحافظ على ارتباط المجموعتين
و لما قلتله ماترخصنيش يا دادى ، قاللى سبق و عملها مدكور مع بنته و برضة عشان المجموعة
مدكور بتفكير : خلاص يا تالا .. انا هطلبك من سليمان 😏

يتبع…

الفصل الرابع
نظرت تالا لمدكور بسعادة شديدة و قالت : بجد يا مدكور
و عندما وجدت مدكور ينظر اليها بتركيز قالت : اكيد اما هتخطبنى من دادى و نتجوز ، مش هفضل اقوللك يا مدكور بية ، ثم اكملت بدلال .. انا هبقى مراتك لوحدك و انت هتبقى جوزى انا .. تالا سليمان الأنصارى … تؤتؤ تالا مدكور العزيزى ، الحلم اللى بحلم بيه من زمان اخيرا هيتحقق … اوعدك انى هخليك اسعد زوج على وش الارض

مدكور بابتسامة و هو يتابع القيادة : و انا كمان اوعدك انك هتشوفى معايا حاجات ماكنتيش تتخيلى ابدا انك هتشوفيها 😏
فى سيارة مراد ، كان الصمت يظللهم ، فى حين كانت رهف تنظر من نافذتها بشرود ، و مراد مشتت بين مراقبتها و مراقبة الطريق و بداخله غضب كامن من حديثها الذى سمعه ، و لا يعلم ان كان عمه قد اجبرها بالفعل على الاقتران به ، ام انها تحاول ان ترد له الصاع بصاع مماثل
و ظلوا على تلك الحالة حتى وصلا الى مكان العشاء ، و عند هبوط رهف من السيارة تقع عينيها على تالا و هى تتأبط ذراع ابيها بثقة و شموخ و هى تتوجه الى الداخل و هى تكاد تلتصق به فى سيرها المتغنج ، لتنظر رهف سريعا الى مراد لتلاحظ انه هو الاخر يتابع المشهد بذهول ، ثم نظر الى رهف ، و عندما تقابلت اعينهما قالت بفضول : هو اللى شفته ده الطبيعى بتاع سهراتكم سوا
بمراد بنفى : الحقيقة لا ، دى اول مرة تحصل
رهف بامتعاض : طب ياللا بينا
ليستوقفها مراد و هو يمد يده اليها قائلا : متهيالى ماينفعش ان هم يدخلوا بالشكل ده و هى حياللا بنت شريكه ، و احنا ندخل كل واحد فى ناحية و الكل عارف اننا كاتبين الكتاب ، هاتى ايدك
لتزدرد رهف لعابها و تعض على وجنتيها من الداخل بامتعاض و هى تتأبط ذراعه و كأنها تساق الى الهاوية ، حتى وصلوا الى الداخل ، حيث قاعة متوسطة الحجم بها مائدة كبيرة تتسع الى مالا يقل عن اثنى عشر فرد ، و كان يوجد بالفعل خمس من الرجال باعمار متفاوتة فى استقبالهم ، و ما ان دلفوا اليهم حتى نهض الجميع بترحاب شديد

جاسر و هو رجل فى العقد الثالث من العمر : اهلا يا مدكور بية
مدكور باعتذار : متأسف ياجماعة ، كان المفروض اكون فى استقبالكم
جاسر بلطف : و لا يهمك يا مدكور بية ، مافيهاش حاجة لما نكون فى استقبالك احنا مرة ، طول عمرك بتبقى فى استقبالنا
مدكور و هو يشير الى تالا : اقدم لكم تالا هانم الانصارى .. بنت سليمان بية الانصارى ، شريكنا فى المشروع بتاعنا
ليهمهم الجميع و تختلط اصوات الترحيب : تشرفنا .. اهلا و سهلا .. فرصة سعيدة
تالا بابتسامة اجتماعية : اهلا بيكم و اتمنى انه مايكونش اخر تعامل ما بيننا ، الحقيقة دادى طول عمره بيتعامل مع مجموعة العزيزى ، ثم نظرت لمدكور و اكملت بثقة : و اعتقد ان التعامل هيفضل بعد كده على طول ، و الحقيقة دايما مجموعة العزيزى بتعرف تنتقى العملاء بتوعها كويس ، و ده اللى مخلى دادى متمسك بالتعامل معاهم

مدكور بدبلوماسية : اتفضلوا يا جماعة استريحوا .. شرفتونا
جاسر و هو ينظر لرهف باعجاب : مش تعرفنا الاول على الضيفة اللى معاكم يا مدكور بية
مدكور : ااه .. دى رهف .. بنتى
جاسر : مش معقول ، و ازاى مخبيها عننا السنين دى كلها يا مدكور بية
كان مراد يلاحظ نبرة الاعجاب فى حديث جاسر فقال و هو يكبت غيظه : الحقيقة من ساعة ما كتبنا الكتاب و هى مشغولة فى رسالة الدكتوراة بتاعتها

ليعود الجميع الى مكانه فى حين قال مؤمن و هو شريك جاسر : و ياترى بقى الدكتوراه بتاعتك فى ايه يا رهف هانم
رهف بارتباك و هى تنقل عينيها بين مراد و ابيها : فى القانون التجارى
مؤمن : بس القانون التجارى ده بحره واسع اوى
رهف : الحقيقة رسالتى عن قوانين الشركات المساهمة
فؤاد و هو احد المدعوين : الحقيقة موضوع صعب و متفرع
جاسر بضحك : ااه طبعا .. لا يفتى و مالك فى المدينة ، ثم اكمل قائلا و هو يشير الى فؤاد : اصل ده بقى يا ستى يبقى المستشار القانونى لمجموعة الجاسر … المجموعة بتاعتنا .. حجة فى القانون التجارى
رهف : تشرفنا
جاسر : و اسمحيلى اقدم لك نفسى … جاسر علم الدين ، انا و مؤمن ولاد عم و نبقى الورثة الشرعيين للمجموعة
كان الغضب هو العنوان الرئيسى لحالة مراد فى تلك اللحظة ، فقد لاحظ اهتمام الجميع برهف و الحديث معها ، حتى انهم لم يهتموا بتالا الشريك الرئيسى لهم هذا الاهتمام ، و لكنه قبل ان يطاوع شيطانه فى الاحتداد بالحديث اليهم وجد ثلاث سيدات غاية فى الاناقة و قد انضممن اليهم فى حين تقول احداهن : ماتأخذوناش يا جماعة … اتأخرنا عليكم
لينهض كل من جاسر و مؤمن و عدى و هو يعد المحاسب القانونى لمجموعة الجاسر لاستقبالهن ، فيقول مؤمن موجها حديثه لتالا و رهف و هو يشير الى السيدات واحدة تلو الاخرى و هو يقدمها اليهما : اسمحوا لى اقدم لكم .. مدام رقية مراتى ، و مدام سميحة تبقى مراة فؤاد بية و دى بقى تبقى مدام بثينة مراة عدى
لترحب بهم رهف و تالا التى نظرت بتساؤل لجاسر و قالت : اومال انت المدام بتاعتك فين يا جاسر بية ، رغم انى شايفة دبلة فى ايدك الشمال

جاسر بابتسامة : الحقيقة المدام عندى مالهاش فى الاجتماعيات دى و كمان معاها بيبى صغير مستحوذ على كل وقتها
لتتبادل النساء التحية مع تالا و رهف و ما ان جلسن حول المائدة و بدأت مراسم العشاء حتى قالت رقية و هى توجه حديثها لرهف برقة : الحقيقة احنا اتجمعنا اكتر من مرة مع والدك يارهف ، مش عارفة ليه كان مخبيكى عننا كل الوقت ده
رهف بابتسامة : الحقيقة انا الدراسة كانت واخدة كل وقتى
بثينة باعجاب : بس ذوقك فى اللبس يجنن يا رهف ، و مش مكرر خالص
تالا : اوعى تقوليلى ان انتى اللى مصممة فستانك ده كمان يا رهف
رهف بارتباك و هى تنظر لمراد : الحقيقة ايوة
النساء فى آن واحد : وااو .. تحفة
رقية : تعرفى … بتفكرينى بماركة لبس بحبها اوى
بثينة بحماس 😆 : اكيد تقصدى بروكن هارت .. مش كده
رقية : بالظبط .. هى
رهف لرقية و هى تنظر لمراد بشئ من التحدى : فستانك ده من خط انتاجهم يا مدام رقية .. مش كده
رقية : فعلا .. الحقيقة من ساعة ما جربت اتعامل معاهم ، و انا بقيت اجيب معظم لبسى من نفس الماركة ، بس اسمحيلى احييكى على فستانك ، ذوقك حلو اوى ، بس ياترى بقى انتى اللى بتنفذى كمان و اللا حد تانى
رهف : الحقيقة مش دايما
ليتدخل مراد قائلا و هو ينظر لرهف بنوع من الثبات : الحقيقة اللى لسه ماحدش يعرفها … ان رهف تبقى صاحبة بروكن هارت
لتختلط اصوات الدهشة و التعجب مع اصوات التهانى و التى لم تعيها رهف او تعطيها انتباهها ، فكان انتباهها بالكامل مع وجه ابيها الذى كان ينظر اليها بجمود بدون اى تعليق و كأن لا شئ يعنيه ، ليتركهم فى مهرجانهم الخاص ، لتقول رقية : بس تعرفى يا رهف .. من ساعة ما ابتديت اتعامل مع الماركة دى و كان دايما فى سؤال بيلح فى دماغى و نفسى اعرف اجابته
رهف بفضول : سؤال ايه ده يا ترى
رقية : الاسم يا رهف ، ليه اختارتى الاسم ده بالذات ، رغم انه اسم جذاب و ما اعتقدش ابدا انه ممكن يتكرر باى شكل من الاشكال ، بس ليه
رهف بحزن : الحقيقة حسيت ان الاسم مناسبنى بعد وفاة والدتى الله يرحمها

رقية باسف : سامحينى انا اسفة ما قصدتش ابدا انى افكرك او اضايقك
رهف بابتسامة ودودة : انا عارفة … ما اتضايقتش صدقينى
و ظلوا يتبادلون الاحاديث العامة ، و التى كانت رهف تحتل النسبة الاكبر منها حتى انتهى الجميع من تناول الطعام ليحرك مدكور الحوار بحنكة شديدة الى حوار عملى بحت لتنفصل احاديث الرجال عن احاديث النساء ، حتى ان النساء جميعهن الا تالا قد سحبوا مقاعدهن الى ركن بعيد حتى يستطيعوا ادارة حوارتهن بعيدا عن حوارات العمل المملة ، بينما قالت تالا لهن بمرح : كده هتسيبونى لوحدى ، ثم قالت لرهف .. اعملى حسابك هتحكيلى على كل حاجة اما نرجع البيت
فى مجلس النساء قالت بثينة لرهف : هى تالا عايشة معاكم يا رهف .. هى تقرب لكم
رهف : لا .. بس باباها يعتبر شريك لبابا و معظم شغلهم مع بعض ، و تالا هى اللى بتبقى دايما مع بابا مكان باباها
سميحة بايعاز : و هى متعودة تتعامل مع مدكور بية بالاريحية دى
لتنظر رهف اليهم لتجد تالا تتمايل على مدكور من فينة لاخرى و هى تهمس اليه بشئ ما يجعله يبتسم تارة و يتجهم اخرى
لتكمل سميحة حديثها قائلة : اسمحيلى يا رهف … رغم ان دى اول مرة اشوفك و اشوفها برضة ، لكن البنت دى ….. لتصمت و هى تحرك رأسها ذات اليمين و ذات اليسار و على وجهها علامات الامتعاض التى تدل على عدم الراحة ، لتقول رقية : المهم انها تبقى بعيدة عن مراد بية … هو ده المهم
لتتذكر رهف حديث ابيها عن رغبة سليمان بتزويجها من مراد لتتنهد بأسى لتسمع شهقة مكتومة من بثينة و عندما نظرت اليها وجدتها تحبس شهقتها بيدها وعيناها مسلطة على تالا التى وجدتها تقترب برأسها و هى تتحدث مع مدكور و احدى يديها تعبث بملابسه و كأنها تزيح شيئا وهميا من عليها ، لتقول سميحة : البنت دى مش سهلة ابدا … ربنا يكفينا شرها
اما تالا فكانت تقول بهمس لمدكور : حبيبى البنود بتاعة الاشراف على المشروع دى ليه سايبنها كلها لمجموعة جاسر بية

مدكور بحمحمة خافتة : اتعدلى فى قعدتك يا تالا ، الستات عينهم علينا و هيعملوا من الحبة قبة
لتبتعد تالا و هى تدعى الحزن قائلة بامتعاض: مش انت قلت هتطلبنى من دادى
مدكور : و انا عند كلمتى ، بس الناس دى لسه ماتعرفش الكلام ده ، و حتى لو يعرفوا .. احنا نعتبر فى مكان عام و مش لوحدنا … فيه اصول ما ينفعش ابدا نتخطاها ، و ماتنسيش اننا دلوقتى فى شغل
لتنتهى سهرة العشاء ، ليعود الجميع الى منزله ، و عند اتجاه رهف ناحية الدرج للوصول لغرفتها سمعت صوت ابيها قائلا بحزم : رهف
لتستدير رهف و تنظر لابيها بحذر فوجدته يقول : متهيألى فى كلام بيننا محتاج اسمعه … حصلينى على المكتب
و دون ان تشعر وجدت نفسها تنظر لمراد و كأنها تستنجد به ، و لكن مدكور يقول فى حدة … ياللا مش هستناكى للصبح
تالا بغنج : محتاجنى معاكم
مدكور بجمود : لا .. اطلعى انتى استريحى
لتتجه تالا الى الاعلى ، بينما ذهبت رهف إليه فى رهبة و كأنها تساق الى حتفها و ما ان دلفت الى حجرة المكتب الا و وجدت مراد خلفها مباشرة و كأنه حائط صد ضد اى هجمة قد تصيبها
ليجلس مدكور قائلا بجمود : اقعدى … و عاوزك تقوليلى بالظبط ايه الكلام اللى سمعته الليلة دى ده ، و اتيلية ايه ده اللى مراد قال ان انتى تبقى صاحبته
رهف و هى تزدرد لعابها 😔 : حضرتك عارف انى ….
مراد مقاطعا اياها : الحقيقة يا عمى احنا كنا مقررين نعمللك الحكاية دى مفاجأة ، لاننا كنا عاوزين نبلغك بالحكاية و رهف واقفة على رجلها .. و ناجحة و محققة سمعة كمان .. زى ماحضرتك سمعت النهاردة كده من الستات اللى كانوا موجودين
مدكور بحدة : مش عذر ابدا يا مراد ، ازاى تبقى بنتى بتشتغل و بتختلط بناس و انا اخر من يعلم
رهف : بس انا مابختلطش بحد يا بابا
مدكور بعدم تصديق : يا سلااام ، اومال الشغل بيمشى ازاى بقى ان شاء الله
رهف بتوتر : انا بعمل التصميمات و بقول على كل اللى انا عاوزاه و عندى اللى بيساعدونى و بينفذولى اللى انا عاوزاه
مدكور بفضول : و مين بقى هم اللى بيساعدوكى دول
رهف و هى تحاول اخفاء رهبتها : امينة بنت دادة زينب
مدكور بغضب : كمااان ، كمان طلعتينى طرطور قدام الخدم و الشغالين
مراد : العفو يا عمى … ليه حضرتك بتقول كده بس
مدكور : اومال عاوزنى اقول ايه يا سى مراد
مراد و هو ينظر لرهف : تقول ان كل اللى بيساعدوها دول فاهمين و عارفين ان كل حاجة بتمشى باوامرك ، و بعدين هو انا ايه و حضرتك ايه يا عمى .. مش واحد
مدكور : و يا ترى بقى الاتيليه ده كان بيتصرف عليه منين طول الوقت اللى قرطستونى فيه
رهف : من فلوسى
مدكور بفضول : فلوسك دى اللى هى ايه بالظبط انا عاوز افهم
رهف : ورثى من ماما الله يرحمها
لينتفض مدكور بغضب قائلا : انتى بعتى ارض امك
رهف برهبة : لأ طبعا .. انا مش ممكن اتصرف تصرف زى ده ابدا ، و كمان من غير ما تعرف
مدكور بحدة : اومال جيبتى فلوس منين ، و اتكلمى على طول و خلى كلامك مفهوم و واضح ، انا مش هقعد اسحب الكلام من على لسانك

رهف بذعر : من ايراد الارض بتاعة ماما ، حضرتك سايبهالى ، و قلتلى اتصرفى فيها زى ما انتى عاوزة ، و انا كنت بحوشها كلها لانى ماكنتش بحتاج حاجة ، لحد ما جه وقتها ، اخدتهم و عملت بيهم الاتيلية ، و شوية شوية الاتيلية بقى يغطى مصاريفه ، و من السنة اللى فاتت بقى كمان فى ارباح ، و بقى فى فائض غطى كل المصاريف اللى اتصرفت قبل كده و بزيادة كمان ، و ده شجعنى انى افكر فى الفرع الجديد اللى عاوزة اعمله فى القاهرة
مدكور و هو ينظر لمراد بتفحص : و انت بقى كان عندك علم من البداية بكل الحكاية دى بتفاصيلها ، و متابعها بنفسك من الاول
مراد بحمحمة : ماينفعش انسب مجهود رهف لروحى يا عمى ، ده تعبها ومجهودها ، انا بس كنت براقب من بعيد عشان ماحدش يضايقها ، لكن هى اللى كانت قايمة بكل حاجة ، دى حتى لسه امبارح كانت بتقوللى انها قررت تعمل فرع فى القاهرة عشان تبقى قريبة من العملاء بتوعها
مدكور : و ياترى بقى الاتيلية ده بقاله كام سنة
رهف بتردد : اربع سنين
مدكور بسخرية : اربع سنين و انتم مخبيين عليا و قال ايه بتحضروا لى مفاجأة ، مفاجأة جملى
مراد : ما انا قلت لحضرتك كنا مستنيين ان الاتيلية يسمع كده ، و امبارح بس عرفت ان بقى لنا خط انتاج للتصدير ، و دى طبعا حاجة تشرف ، فقررت انا و رهف اننا نصارح حضرتك ، ده انا حتى .. كنت ناوى اعمل حفلة بالمناسبة دى 😏 ، بس اللى حصل النهاردة ، خلانى عاوز اعرف الناس دى ان الماركة اللى كانوا بيتكلموا عنها دى .. تبقى ملك رهف مدكور العزيزى ، و اللى خلاص هيبقى لها فرع كمان فى القاهرة
مدكور بخبث : و انت وافقت بقى على الفرع ده
مراد : و ما اوافقش ليه ، المشروع نجح و محتاج يتوسع
مدكور : و ياترى لما تعمل فرع فى القاهرة ، هى هتقدر تديره ازاى من هنا
لتقول رهف بلهفة : ماهو بعد اذن حضرتك ، انا محتاجة انى انزل استقر فى القاهرة
مدكور : و جوزك موافق على الكلام ده
رهف بدهشة : جوزى
مدكور بسخرية : ااه جوزك ، لان معنى كلامكم ده ، انكم عشان تنفذوا الحكاية دى ، انكم لازم تتمموا جوازكم و اللا انتى ناوية تنزلى تعيشى فى القاهرة و تقعدى لوحدك و هو كمان يبقى قاعد لوحده
رهف : و ليه لوحدى ، ما حضرتك …..
مدكور : مش فاضى 😒
رهف : مش فاهمة
مدكور : ايه اللى فى كلامى مش مفهوم … بقول لك ان حضرتى مش فاضى ، ثم انا …. انا قررت اتجوز 😄
قالها و هو ينتقل بعينيه بين رهف و مراد الذى اعتلت الصدمة ملامحهما ، ليغلفهم الصمت و كأن على رؤوسهم الطير ، فاستطرد مدكور قائلا : ايه .. مالكم سكتتم كده ليه اكن القطة كلت لسانكم 😒
مراد : ابدا يا عمى ، بس المفاجأة
مدكور : المفاجأة برضة 😒 .. و اللا الاعتراض
مراد بتردد و هو ينظر لرهف : ماحدش يقدر يعترض يا عمى ، دى حياتك الشخصية و حضرتك حر
مدكور : و انتى يا رهف ، رأيك برضة من رأى جوزك ، و اللا ليكى رأى تانى 😬
رهف بجمود : مين 😒
مدكور : تالا بنت الانصارى
رهف بصدمة 😨 : تالا اللى كان ابوها عاوز يجوزها لمراد
مدكور و على وجهه علامات الزهو : بس هى اختارتنى انا .. ما اختاريتش مراد 😆
رهف بصدمة اكبر : افهم من كده انكم اتكلمتم فعلا فى الموضوع و انها كمان موافقة
مدكور : انا مش صغير عشان اتكلم فى حاجة انا مش مالى ايدى منها
رهف باستنكار : دى عمرها تقريبا زيى ، يعنى فى عمر بنتك 😰
مدكور بحدة : و انا مش عجوز يعنى للدرجة دى ، و لولا انى اتجوزت والدتك و انا صغير ماكاتش بقى عندى بنت فى سنك و انا فى العمر ده
مراد بجمود : ماحدش من حقه ابدا انه يعترض على جوازك يا عمى ، لكن .. ليه تالا ، ما ممكن اى حد تانى مناسب لحضرتك
مدكور بحزم : انا بس اللى احدد ايه اللى يناسبنى و ايه اللى ما يناسبنيش يا مراد
مراد : افهم من كلام حضرتك ان ده قرار نهائى
مدكور : ايوة ، و هطلبها بكرة من ابوها
رهف ببعض الحدة : و انت بقى ضامن انه يوافق عليك بعد ما كان حاطط عينه على مراد
لينهض مدكور من مقعده بغضب قائلا : انتى نسيتى نفسك و اللا ايه ، ازاى تتكلمى معايا بالطريقة دى 😬
مراد و هو يقف حائلا بين مدكور و رهف : بالراحة يا عمى ، هى ماتقصدش ، ده بس بسبب المفاجأة
مدكور بصيغة الامر : اعملوا حسابكم انتم الاتنين ان جوازكم فى خلال اسبوعين تلاتة ، و بعدها تنزلوا تقعدوا فى القاهرة
رهف برفض : ازاى يعنى الكلام ده 😭
مدكور بصلف : زى الناس ، اللى قلته يتنفذ بالحرف الواحد و من غير نقاش ، و اللا انتى ناوية تعترضى على كلامى
رهف باستياء : حضرتك بتتكلم فى جوازى ، ازاى مايبقاليش رأى كده فى اى حاجة و من غير ماتناقشنى فيه كمان
مدكور بأمر : امشى غورى من قدامى ، طول عمرى بقول الكلمة وبتتنفذ من قبل ما اخلص كلامى ، جاية النهاردة بعد كل السنين دى و عاوزة تعصينى و تعدلى على كلامى ، اللى قلته هيتنفذ بالحرف الواحد ، و انتى تدخلى اوضتك ماتطلعيش منها الا بأمرى و على الله المح بس خيالك قبل ما اسافر بعد بكرة .. انتى فاهمة
لتنظر له رهف بالم ، ثم تهرول من امامه و عبراتها تغسل وجهها 😭 😭 😭
ليلتفت مراد و هو يشيعها بنظراته التى تتخلى عن الجمود لاول مرة ليعود بنظره الى عمه قائلا بتخوف : يا عمى … حضرتك كنت قاسى بزيادة على رهف
ليقترب مدكور من مراد و يقول بهمس : عاوزك تطلع الجنينة شوية وبعدين ترجع تانى بعد كده ، ثم قال بصوت جهور : انا خلاص مش عاوز نقاش تانى فى الموضوع ده … انتهينا يا مراد
و عندما نظر اليه مراد بريبة وجد مدكور يشير اليه بعينه الى بقعة بعينها خارج الغرفة ، و عندما نظر مراد الى تلك البقعة لمح ظلا لشخص ما علم صاحبته على الفور …. تالا .. و التى كانت تقف منذ البداية و هى تختلس الاستماع اليهم ، فبعد ان وصلت غرفتها .. خلعت حذاءها و هبطت اليهم مرة اخرى و هى تتخفى خلف الستائر لتستمع الى حديثهم بالكامل
ليومئ مراد الى عمه و يذهب الى الخارج دون ان ينظر وراءه حتى خرج من القصر بالكامل ، و عندما رأته تالا قد غادر المكان باكمله ، اسرعت الى غرفتها حتى لا ينتبه لها احد ، و كان مدكور يراقبها من بعيد و على وجهه ابتسامة سخرية 😏 ، حتى عاد اليه مراد مرة أخرى فأشار اليه مدكور كى يغلق الباب خلفه و يقترب منه ، و ما ان فعل مراد ما امر به عمه ، حتى قال مدكور بهمس ساخر : بيلعبوا بيا الكورة
مراد : ايه الحكاية .. انا مش فاهم حاجة
مدكور : سليمان و بنته … بعد ما يئسوا منك نقلوا العطا عليا ، و فاكرينى بريالة هصدق التمثيلية الهبلة اللى بيعملوها عليا
مراد بذهول و هو يشير باصبعه للاعلى : تقصد ان تالا …..
مدكور بسخرية : متفقة مع ابوها انها تجيب رجلى
مراد : طب ليه
مدكور بغيظ : ما تفوق بقى من الطيبة اللى انت فيها دى ، الدنيا مش كلها شغل و بس ، و لا سالكة كده زى ما انت فاهم يا مراد ، المفروض انك ابن سوق و فاهم كويس الكلام ده ، سليمان هيموت و يحط رجله فى المجموعة عندنا باى شكل
مراد : طب ماهو تلت اربع الصفقات بيبقى معانا
مدكور : بس هو عاوز الصفقات كلها ، و عاوزها رسمى و بالاجبار ، نفسه يحط ايده على جزء من المجموعة ، و لما لقى مافيش فايدة منك ، قال نجرب العجوز اللى اول ما بنته هتشاور له هيجرى عليها زى الاهبل
مراد بذهول : طب و لما حضرتك فاهم كل الكلام ده ، ليه وافقتها
مدكور بخبث : عشان بدل ماهم اللى يحطوا رجليهم فى مجموعة العزيزى ، انا اللى هحط رجلى فى مجموعة الانصارى 😇

يتبع…

مراد بذهول : طب و لما حضرتك فاهم كل الكلام ده ، ليه وافقتها
مدكور بخبث : عشان بدل ماهم اللى يحطوا رجليهم فى مجموعة العزيزى ، انا اللى هحط رجلى فى مجموعة الانصارى 😇 😉 😆
مراد بفضول : تقصد ايه
مدكور بسخرية : اقصد انى هطبق عليهم المثل اللى بيقول تيجى تصيده يصيدك
ليصمت مراد و هو يحاول ثبر اغوار عمه و لكنه يفشل فشل ذريع ، لينتبه على صوت مدكور مرة اخرى و هو يقول بايعاذ : المهم انت و رهف دلوقتى لازم تحضروا روحكم للجواز فى اقصر فترة عشان اقدر افوق و اركز فى اللى جاى

مراد و هو يحمحم بتوتر : انا مش مستريح ابدا للحكاية دى ، مانفضها سيرة ، انا الحقيقة طول السنين دى مش فاهم ليه حضرتك مصمم على شراكة سليمان الانصارى رغم انك عارف و فاهم نيته من زمان
ليلتف مدكور حول مكتبه ليرتمى بجسده على المقعد و هو يقول بامتعاض : انا مش عارف هتتعلم امتى ، طول الوقت ده و ماقدرتش تفهم انا ليه صابر عليه و على طمعه فى المجموعة بتاعتنا
مراد بنفى : الحقيقة لا مافهمتش
مدكور بتتهيدة عميقة : طول عمر سليمان و هو يعتبر المنافس الوحيد لمجموعتنا يا مراد ، و عشان كده بحاول اكسر سمه
مراد بعدم اقتناع : ده بزنس يا عمى ، و المنافسة موجودة منه و من غيره ، يبقى تفرق ايه بقى
مدكور : الشرف يا مراد
مراد باستغراب : مش فاهم
مدكور : من قبل ماتتخرج من الجامعة و انت ايدك بايدى ، عمرك شفتنى بشتغل شغل مش نضيف ، او بضرب من تحت الترابيزة
مراد : لا طبعا ، ده حضرتك بينضرب بيك المثل فى الشرف و الامانة
مدكور : و هو ده اللى سليمان طمعان فيه ، الاسم النضيف
مراد : بس برضة اسم الانصارى مش شوية يا عمى
مدكور : كمركز و نفوذ هو اكبر مننا بكتير ، يمكن بيحاول يتدارى شوية عشان ماحدش يطمع فيه و فى بنته اللى برضة ماعندوش غيرها ، لكن على اد نفوذه و جاهه ده الا انه ماقدرش يكسب ثقة الناس فيه زى ما انا قدرت ، و ده لانه ماعندوش ميزان لاى حاجة غير الفلوس و بس
مراد : بس هو ملتزم بكل الشروط بتاعتنا فى كل الشغل اللى عملناه مع بعض و الحقيقة عمره ما حاول انه يخلف الاتفاق ده

مدكور : لانه عاوز العملاء بتوعنا يثقوا فيه زى ما بيثقوا فينا .. فهمت
مراد : انا فهمت وجهة نظرك فيه ، لكن مافهمتش برضة ليه مستمرين فى شراكتنا معاه
مدكور : لاننا لو ماشاركناهوش بارادتنا هيشاركنا غصب عنا ، الانصارى مابيعرفش يلعب بشرف
مراد بذهول : و هو يقدر يعمل ايه يعنى
مدكور : لاااا ، لو على يقدر يعمل ايه ، فيقدر يعمل كتير ، ده كفايه انه يقلب علينا البنوك بعلاقاته ، او يضرب لنا المشاريع بتاعتنا
مراد: و لما حضرتك عارف كل الكلام ده ، ازاى بتقول انك هتتجوز بنته و كمان هتحط رجلك فى المجموعة بتاعته بدل ما يحصل العكس
ثم اكمل بتردد : و بعدين برضة يا عمى سامحنى ، حضرتك لو عملت كده مش هيبقى حرام .. مهما ان كان دى حاجة مش من حقنا

ليصمت مدكور لعدة لحظات و هو ينظر لمراد بتركيز ثم قال : من الناحية دى ماتقلقش ، اكيد مش هتصرف اى تصرف من غير علمك ، بس قبل اى حاجة عاوزك تكلم المحامى الشخصى بتاعنا ، مش محامى المجموعة
مراد : خير
مدكور بخفوت : بلغه يحضر عقود لنقل ملكية المجموعة مناصفة بينك انت و رهف
مراد برفض: لا طبعا .. ايه الكلام ده ، انا مش عاوز حاجة و لا محتاج الكلام ده ، و حضرتك عارف ان ميراثى من بابا الله يرحمه زى ماهو مالمستش منه مليم
مدكور بحزم : اللى اقوله يتنفذ و مش عاوز اعتراض و لا عاوز حرف من الكلام ده يطلع برانا .. انت فاهم ، انا عاوز اتطمن عليكم و على المجموعة قبل ما اخطى اى خطوة

مراد بقلق : و لازمته ايه بس ، ماحضرتك ترفض الموضوع و خلاص
مدكور بسخرية : اصلك طيب و على نياتك ، سليمان مش هيهداله بال الا لما بنته يبقى ليها صفة هنا فى البيت ده ، و طالما انى اقدر أبعدها عنك انت و رهف ، يبقى كله يهون فى سبيل سعادتكم ، و عشان كده عاوزكم تتجوزوا فى اسرع وقت عشان اقدر افوق و اركز للى جاى
مراد : طب و رهف
مدكور : مالها
مراد بحمحمة : مش المفروض تبقى موافقة على الكلام ده
مدكور بامتعاض : و هى من امتى بتعترض على كلامى
مراد : بمناسبة عدم اعتراضها على كلام حضرتك .. كنت عاوز اسال حضرتك على حاجة كده
مدكور بفضول : حاجة ايه دى يا ترى
مراد بتردد : يعنى .. وقت ماكتبنا الكتاب ، حضرتك سالت رهف عن رايها فى جوازها منى
مدكور بتفكير : مش فاكر
مراد بذهول : يعنى ايه مش فاكر يا عمى .. ده جواز ، و جواز بنتك كمان مش حد غريب ، معقول يعنى تكون مش فاكر اذا كنت اخدت رايها و اللا لا
مدكور : اصل اخد رايها فى ايه انا مش فاهم ، انت ابن عمها و اولى بيها من الغريب ، و طول عمرنا و احنا ده سلونا فى الصعيد ، يعنى انا ما اخترعتلكمش حاجة جديدة
مراد باعتراض خافت : بس على الاقل كان لازم تسالها عن رايها
مدكور : هو انت ليه عاوز تعمل حكاية من مافيش و اشمعنى دلوقتى عاوز تعرف بعد ما عدى سنتين بحالهم على الكلام ده ، و بعدين يعنى .. هى رهف كان ممكن تفكر انها تعترض عليك بعد ما اتواعدتوا لبعض من و انتم لسه عيال صغيرة

كان مراد يتردد فى أذنيه صدى صوت رهف و هى تقول له بحزن : عمرك سالت نفسك يا ترى البنت اللى شايلة اسمك دى موافقة عليك و اللا اتجوزتك بس لان ابوها هو اللى عاوز كده
ليلاحظ مدكور انشغال فكر مراد و شروده عنه فقال : بتفكر فى ايه شاغلك للدرجة دى
لينتبه مراد و يقول : ابدا يا عمى مافيش
لينهض مدكور من مجلسه قائلا : يبقى تطلع تنام و الصبح تكلم المحامى اول ماتوصل مكتبك ، و كلم مكتب الديكور اللى بنتعامل معاه فى القاهرة و حدد معاهم معاد عشان يروحوا الفيلا هناك و شوف ان كنت عاوز تغير حاجة هناك
ليحمحم مراد بصوته و يقول : حاضر يا عمى .. زى ما تحب ، بس .. حضرتك هتفضل حابس رهف فى اوضتها صحيح لحد ما تسافر بعد بكرة زى ماقلتلها
مدكور : مش عاوزها تشوف تالا و لا تحتك بيها .. مش عاوز مشاكل
مراد : طب على الاقل تفهمها
مدكور بتحذير : اوعى .. مش عاوز وجع دماغ دلوقتى ، سيب كل حاجة لوقتها
مراد برجاء : طب على الاقل طيب خاطرها بكلمتين ، اكيد مش هتفضل طول الوقت ده و هى بالشكل ده ، و بعدين ماهى تالا هتفضل هنا حتى بعد ماحضرتك تسافر القاهرة
مدكور بتفكير: عندك حق ، ماشى ، بكرة الصبح …
مراد : الليلة دى
مدكور باستغراب : انت ايه حكايتك الليلة دى ، و ايه الاهتمام المفاجئ برهف ده .. من امتى يعنى
مراد ببعض الضيق : هدى اجلت اجازتها لمعاد مناقشة الدكتوراة بتاعة رهف ، و اما انا اعترضت لانى كده هتحرم منها فترة اطول ، قالتلى انها لو كانت شايفة اهتمام منى او من حضرتك برهف كانت اتطمنت اننا هنبقى جنبها فى يوم زى ده ، لكن عشان هى شايفة ان اهتمامنا كله بالشغل فعارفة انها هتبقى لوحدها

وقتها فكرت فى كلام هدى و حسيت اننا فعلا مقصرين فى حق رهف و ان من حقها انها تلاقى مننا اهتمام اكتر من كده
مدكور : و هى رهف اشتكت لها
مراد بتفكير : ما اعتقدش ، لان هدى لما قالتلى الكلام ده كان وسط كلامنا عادى ، يعنى ما كلمتنيش مخصوص عشان تقولهولى
مدكور : عموما رهف مش صغيرة و اكيد فاهمة و مقدرة كل الكلام ده
مراد : ممكن تفهم و تقدر انشغالنا ، لكن فى حكاية جوازنا ده اللى حضرتك عاوزنا نسرعه من غير حتى ماتبلغها نبقى كده بنهمشها و بنلغيها تماما
لينهض مدكور و هو يقول : خلاص زى ما انت عاوز ، هعدى عليها قبل ما اروح انام ، لكن بقى لو لقيتها نامت اكيد مش هصحيها مخصوص عشان اقول لها الكلام ده
مراد بتفهم : تمام تصبح على خير
مدكور : و انت مش هتطلع تنام
مراد : هراجع بس كام نقطة كده اتكلمنا فيها مع جاسر و هحصل حضرتك على طول
فى غرفة رهف … بعد وصولها لغرفتها ، ظلت لفترة غير قصيرة تبكى بمرارة بسبب قرار اببها بزواجه من تالا ، و تبكى ايضا قسوته عليها ، لتنهض بعد فترة لتغيير ملابسها و الاستعداد لقضاء صلاتها
و بعد ان فرغت من اداء الصلاة .. كانت تجلس على سجادة صلاتها و هى تسبح الله و تشكو إليه حالها فى ذات الوقت ، ثم قامت الى فراشها لتجلس عليه بعد ان جذبت صورة والدتها القابعة بجوار الفراش دائما و قالت من بين دموعها : عمرى ما اتصورت ابدا انه ممكن يعمل كده فى يوم من الايام ، انا عارفة انه حقه و حلال ، بس ليه تالا ، دى تقريبا سنها من سنى ، ازاى يسلم نفسه لانسانة بالتفكير و العقلية دى ، ازاى بجيبلى مراة اب بعد السنين دى كلها ، و مين .. تالا !!
ثم اكملت بسخرية : و اللا تفكير و عقلية ايه بقى … الا ده على طول عاوزنى ابقى زيها ، دايما شايفها احسن منى و سابقانى بخطوات كتير و دايما شايف انى لا يمكن اقدر اعرف اعمل ربع اللى هى بتعمله
لتنتبه من وسط حديثها مع نفسها على طرقات قصيرة على الباب لتعلم على الفور صاحبها ، و قبل ان تتمكن من ان تمسح دموعها وجدت ابيها يقف امامها و هو يراقب يدها الممسكة بصورة زوجته الراحلة ، ليغلق الباب و يتقدم إليها مرة اخرى مادا يده ملتقطا الصورة من بين يديها لينظر إليها لبعض اللحظات فى جمود ثم يعيدها الى مكانها مرة اخرى بجوار الفراش ثم يجلس الى جوار رهف قائلا بجمود : ممكن اعرف الدموع دى لازمتها ايه
رهف بتردد : ااابدا يا بابا ، انا بس افتكرت ماما الله يرحمها
مدكور بصدق رغم جموده : و من امتى حد نسيها .. الله يرحمها

لتسود فترة من الصمت كادت رهف خلالها ان تموت قلقا من محاولة تخمين سبب زيارة ابيها لها بغرفتها و التى لا تحدث الا كل عدة سنوات و لسبب شديد القوة ، اما مدكور فكان يحاول ترجمة بعض الكلمات برأسه لفتح الحوار معها و هو يس/ب مراد مئة مرة على وصعه فى هذا الموقف ، ليسمع رهف و هى تقول فى فضول متردد : هو فى حاجة حضرتك نسيت تقولهالى تحت
مدكور : ايوة .. انا كنت عاوزك تفهمى ان كل حاجة بعملها .. بعملها عشان مصلحتك ، يمكن فى حاجات كتير مش هتقدرى تفهميها دلوقتى ، لكن اكيد هييجى يوم و تفهمى كل حاجة
المهم انا عاوزك تنتبهى لحالك كويس الفترة اللى جاية دى ، وتشوفى ايه اللى ناقصك و تبلغينى عشان اجيبهالك و هسيبلك مبلغ كبير قبل ما اسافر عشان تجيبى كل اللى نفسك فيه ، و انا هخلى زينب تبقى معاكى لحظة بلحظة
و انا موافق انك تنزلى تقعدى فى القاهرة بعد الجواز و تستقرى هناك ، و مراد هيكلم شركة الديكور تظبط الفيلا قبل ماترجعوا من شهر العسل
رهف باستغراب : شهر عسل
مدكور : طبعا شهر عسل .. ده انتى بنت مدكور العزيزى ، يعنى اكبر فرح و افخم شهر عسل ، انتى مش قليلة
بس برضة مش عاوزك تطلعى من اوضتك قبل ما اسافر
رهف بحزن : اللى حضرتك تؤمر بيه
مدكور : اللى اامر بيه ان بعد سفرى مش عاوز مشاكل مع تالا ، لان بغض النظر عن أى حاجة .. مش عاوزك تنسى انها ضيفتنا
رهف بحزن : حضرتك عارف انى مابعملش مشاكل مع حد
مدحور : حاولى تتقبلى الوضع يا رهف ، لان جوازى من تالا امر واقع مامنوش رجوع ، فخليه بمزاجك احسن
لتصمت رهف تماما و لا تغلق على حديث ابيها الذى ينهض من مجلسه و يستدير اليها قائلا قبل مغادرته اياها : و عشان تبقى عارفة .. انا مش هعمل اى حاجة تخص الموضوع ده قبل ما اتطمن عليكى ..تصبحى على خير ، و اكيد هعدى عليكى و هشوفك قبل السفر
ثم يوليها ظهره تاركا اياها و هى لا تستوعب كيف ستكون أيامها القادمة

و فى الصباح ، كان مدكور بصحبة مراد و تالا على مائدة الافطار لتتلفت تالا حولها متصنعة الفضول لتسال مدكور و هى تتصنع البراءة قائلة : اومال رهف فين .. هى لسه ما صحيتش و اللا ايه
مدكور بعدم اهتمام : ما تشغليش بالك ، هى النهاردة مش هتنزل من اوضتها
رهف بشهقة خافتة : ليه مالها ، اوعى تكون تعبانة و اللا حاجة و ماحدش قاللى
مدكور : لا مش تعبانة .. بس متعاقبة
تالا بخبث و هى تتنقل بعينيها مابين مدكور و مراد : متعاقبة !! ، ويا ترى بقى مين فيكم اللى معاقبها
و عندما وجدت مراد متجاهلها تماما و لم يبادلها نظراتها من الأساس .. عادت لعينيها مرة اخرى لمدكور الذى كان يتابعها بتسلية : انا معاقبها يا تالا لانها خبت عنى موضوع الاتيليه بتاعها
تالا : يعنى و لا انت و لا مراد كنتم عارفين
مدكور و هو يكمل افطاره : جوزها كان عارف ، اى نعم كانوا عاوزين يعملوهالى مفاجأة .. لكن مش مبرر انى ما اعرفش طول المدة دى ، انا مابحبش اللى يلف و يدور عليا ، بحب الصراحة و الوصوح فى كل حاجة ، و اللى يتجرأ و يحاول يخبى عليا حاجة او يخدعنى لازم يتعاقب
تالا : ايوووة بس دى مهما ان كان تبقى ……
مدكتور بلا مبالاة : بنتى .. عارف ، بس انا ماعنديش خيار و فاقوس ، و رغم ذلك عشان بنتى اكتفيت بحبسها فى اوضتها و حرمانها من كام حاجة كده هى عارفاها ، ده بس عشان جوازها على الابواب ، لولا كده كان هيبقى لى معاها تصرف تانى
اما بغرفة رهف ، فكانت تجلس بصحبة امينة و زينب و الحزن يكسو ملامح وجهها ، بينما كانت زينب تضرب كفا بكف و هى تقول بغضب كامن : بقى السلعوة الصفرااا دى هتلبدلنا هنا على طول و تبقى ست البيت ، و طبعا ما هتصدق و تبقى الكلمة كلمتها و الشورة شورتها فى كل كبيرة و صغيرة ، لااااا .. يمين الله ما يحصل ابدا و انا موجودة
امينة : و هو انتى فى ايدك ايه بس يا ماما عشان تعمليه
زينب بقلة حيلة : مافيش فى ايدى غير انى امشى من هنا
رهف بجزع : ايه .. تمشى ده ايه يا دادة ، و اهون عليكى تسيبينى فى الوقت ده و انا محتاجالك اكتر من اى وقت تانى ، عاوزة تسيبينى فى اكتر وقت انا محتاجالك فيه
زبنب و هى تربت على ظهر رهف بحنان و مواساة : ماتخافيش يا رهف يا حبيبتى ، انا اقصد اما تتجوزى و تنزلى مصر مش هيبقالى قعاد تانى هنا من غيرك ابدا ، انا كنت قاعدة عشانك انتى ، لكن خلاص مش هيبقى لى لازمة بعد ما تتجوزى و تمشى من هنا 😒
رهف برجاء : ايوة يا دادة .. بس انا مش عاوزاكى تسيبينى ابدا لا هنا و لا هناك ، انا عاوزاكى تيجى معايا القاهرة ، و مكان ما اكون انتى تبقى معايا
زينب باستنكار : اجى معاكى ! ، اجى معاكى ازاى بس يا بنتى ، طب و امينة اسيبها لوحدها ازاى
رهف برجاء يصاحبه بكاء و نشيج : عشان خاطرى يا دادة بالله عليكى اوعى تسيبينى ، تعالى معايا و امينة كمان تيجى معانا ، ثم انا كمان هحتاج امينة معايا هناك عشان الفرع الجديد بتاع الاتيلية ، انا هتكلم مع بابا و هطلب منه انكم تيجوا معايا
امينة : ازاى بس يا رهف ، طب و المشغل هنا مين ياخد باله منه لو انا و انتى نزلنا القاهرة
رهف : انا هنقل كل حاجة هناك
امينة : و تقفلى بيوت الناس اللى نظمت حياتها على شغلها معاكى برضة
رهف ببكاء : طب اعمل ايه بس يا امينة ، مش كفاية اللى بابا بيعمله معايا ده كله و انا خلاص هم كام شهر و هناقش رسالة الدكتوراة بتاعتى .. تقوموا انتو كمان عاوزين تسيبونى لوحدى
بابا عمال يحرك فيا زى عروسة الماريونيت اللى مربطها بشوية خيوط شابكها فى صوابعة و مابيفكرش ابدا ان كنت مبسوطة و موافقة و اللا لا
لتحتضنها امينة بتعاطف معها قائلة : طب بطلى عياط بقى عينك بقت عاملة زى كور الد/م و خلينا نفكر بعقل شوية 🙄
رهف : هنفكر فى ايه بس
امينة : عاوزاكى تنسى اى حاجة دلوقتى ماعدا ان فرحك فاضل عليه اقل من شهر ، انا و انتى و ماما هنراجع كل الحاجة بتاعتك اللى باباكى كان بيجيبهالك ، او اللى ماما جابتهالك ، و نشوف ايه اللى ناقصك
رهف : ماليش نفس لاى حاجة
امينة بتشجبع : مافيش الكلام ده خالص ، ثم لازم تفرحى و تنبسطى ، و كمان لازم نحتفل
رهف بسخرية : نحتفل مرة واحدة
امينة بثقة : طبعا ، انتى ناسية اننا بعد كده مش هنخبى حاجة ، و ان اخيرا عمى و مراد عرفوا كل حاجة عن الاتيلية .. بس تصدقى .. هولاكو طلع جدع و دافع عنك قدام باباكى
رهف : ايوة .. الحقيقة فاجئنى بموقفه معايا
زينب : و ليه يعنى ، ده جوزك اللى لازم تتعلمى و تعرفى انه سندك و ضهرك
رهف : مش عارفة يا دادة ، انا حاسة انى خايفة و تايهة
امينة بعزم و هى تجذبها لتقف على قدميها : لا … انا عاوزاكى تفوقى كده و قومى ياللا معانا نروح نشوف الحاجة بتاعتك .. ياللا بينا
فى مجموعة العزيزى كان يوم عمل شاق للجميع ، وما يكادوا ان ينتهوا من اجتماع ليبدأوا باجتماع جديد ، حتى انتصف النهار ليتركهم مراد متجها الى مكتبه لاصدار الاوامر المتفق عليها للمعنيين بالامر تاركا مدكور و هو يراجع بعض المستندات بصحبة تالا التى ما ان تركهم مراد بمفردهم الا و قالت : هتروح لدادى بكرة تكلمه فى موضوعنا يا مدكور
مدكور ببعض المراوغة : هشوف ظروفى الاول عاملة ايه
تالا و هى تدعى القلق : انا قلت لدادى انك هتروح له عشان تطلبنى منه يا مدكور ، عشان خاطرى يا مدكور اوعى تكسفنى مع دادى ، انت ماتعرفش انا تعبت اد ايه على ما اقنعته
كان مدكور ينظر اليها بابتسامة تسلية لم تفهمها و لكنه عقب على حديثها قائلا : ماتقلقيش يا تالا ، مش هكسفك ابدا قدام دادى ، بس انا معرفش ظروفى بكرة بالذات هتبقى عاملة ازاى ، ماحبكتش بكرة .. خليها بعد بكرة اكون على الاقل دبرت امورى ، و كمان لازم تفهمى انى مش هاخد اى خطوة قبل جواز رهف .. مش عاوز ااثر على نفسيتها فى توقيت زى كده
تالا باعتراض : يعنى ايه الكلام ده ، يعنى حتى مش هنعلن خطوبتنا دلوقتى
مدكور بحزم : لا
تالا بادعاء الحزن : ليه كده ، هو انا غلطت للدرجة دى لما صارحتك بحبى ليك ، للدرجة دى انا تقيلة لانى فرضت روحى عليك
مدكور : بلاش كلام اهبل
تالا : اهبل ايه بقى و انت حتى مش عاوز تعمل لى خاطر فى طلب زى ده
مدكور : اسمعى يا تالا ، من دلوقتى لازم تعرفى انى مابحبش الدلع و انك كل شوية تعمليلك حكاية من غير حكاية
تالا ببعض الرهبة و التردد : يعنى ايه ، تقصد اننا لما نتجوز مش هتدلعنى و تحسسنى بحبك ليا
مدكور : كل شئ و له شئ يا تالا ، بس انا مااحبش انك تضغطى عليا فى حاجة ، انتى عاوزانى اخطبك من سليمان لما انزل القاهرة و انا قلت لك حاضر ، اروح بكرة بقى و اللا بعده و اللا حتى يوم رجوعى .. مالكيش انك تتدخلى ، انتى ليكى ان طلبك يتنفذ و بس ، لكن الحيثيات التانية ماتدخليش نفسك فيها عشان تريحى و تستريحى
تالا باستسلام : ماشى .. اللى تشوفه ، ثم اكملت بخبث : طب و رهف
مدكور : مالها رهف
تالا : مش هتقولها حاجة خالص
مدكور : انا بلغتها امبارح يا تالا ، بس زى ماقلتلك مافيش حاجة هتتم غير بعد جوازها هى و مراد
تالا : طب هى لما عرفت اتضايقت و اللا اتقبلت الموضوع
مدكور بفضول : هى تفرق معاكى
تالا : اكيد هيبقى افضل لو اتجوزنا من غير ما تبقى متضايقة من وجودى
مدكور : طبيعى انها مش هتبقى مبسوطة خصوصا انها عمرها مااتخيلت انى ممكن اتجوز بعد والدتها الله يرحمها
تالا بمكر : عموما يا حبيبى انا مش عاوزاك تقلق على رهف نهائى ، انا هعرف ازاى اخليها تتقبل الحكاية دى .. ماتشيلش هم ابدا

يتبع…

كانت رهف تقف بشرفة غرفتها تراقب اباها و هو فى طريقه الى سيارته التى استقلها و غادر بها متجها الى القاهرة بعد ان رفع عينيه اتجاه شرفتها و القى اليها بنظرة لثوان معدودة لم تفهم معناها ، و ظلت بوقفتها تراقب تالا التى كانت بصحبة ابيها حتى باب السيارة و اخذت تلوح له بدلال حتى غاب عن الاعين ثم استدارت عائدة الى الداخل مرة اخرى

لتتنهد رهف و تبتعد هى الاخرى عن الشرفة لتجلس شاردة فى نظرة ابيها التى شغلت تفكيرها و التى تفسر على انها نظرة دعم ، و لكنها ظلت تكذب ظنها ، فلم يسبق ان نظر لها ابيها بتلك النظرة من قبل ، فلم الآن و هى حبيسة جدران غرفتها و كأنها تعاقب على العص/يان بحبس انفرادى
لتجذبها بعض الطرقات على باب غرفتها من تفكيرها لتلتفت على زينب و هى تقول : ايه يا بنتى مانزلتيش ليه لحد دلوقتى
رهف بتنهيدة صغيرة : ماليش مزاج يا دادة
زينب باستنكار : مالكيش مزاج ده ايه ، ده ماسموش كلام ، و بعدين مش باباكى موصيكى قبل ما يمشى انك تبقى دايما مكانه
رهف بامتعاض : مانا بصراحة مش فاهمة
زينب : و ايه بقى اللى انتى مش فاهماه
رهف : لا فهمت كلامه و لا حتى فهمت بصته ليا قبل ما يمشى يا دادة ، منين منعنى من انى اخرج من اوضتى من ساعة اللى حصل اول امبارح و منين جاى النهاردة يقول لى انه عاوزنى مكانه
زينب : يا عبيطة ، و ليه ماتقوليش انه عاوزك تفهمى تالا بالمحسوس كده انها حتى لما تتجوزه فانتى اللى هتفضلى هنا ست البيت و الرأى رأيك و الشورة شورتك
رهف : و ليه ما يكونش عاوزنى اصاحبها و اتقرب منها زيه

زينب بتفكير : و الله يا بنتى برضة جايز ، بس سواء ده او ده ، لازم تنزلى من اوضتك ماينفعش تسيبيها لوحدها كده مع مراد
رهف بتردد : و هو مراد مش نازل الشغل النهاردة
زينب : اللى فهمته انه هيشتغل فى اوضة المكتب لحد بعد الضهر و بعد كده هيخرجوا سوا عشان عندهم اجتماع مهم ، و عشان كده مراد طلب منى اجيلك و اقول لك تنزلى تقعدى معاهم
رهف باستغراب : مراد اللى طلب منك ده
زينب بتأكيد : ايوة ، ده حتى مقعد امينة معاهم تحت على ما انتى تنزلى ، الظاهر كده مش عاوز يقعد مع اللى ما تتسمى دى لوحده
و عندما صمتت رهف ، ووجدتها زينب لا تبادر باى رد فعل قالت لها بانفعال : هو انتى هتفضلى قاعدة مسهمة كده كتير ، ياللا قومى
رهف بامتعاض : مانا عندى مذاكرة ، ايه اللى هيقعدنى وسطهم انا مش فاهمة

زينب : و ماله ، انزلى و شوفى جوزك عاوزك في ايه و اسمعيله ، و لو لقيتيه عاوزك بس عشان تبقى معاهم .. خدى حاجتك و انزلى ذاكرى تحت وسطهم مافيهاش حاجة
لتنهض رهف على مضض لتتجه الى الاسفل و ما ان دلفت الى حجرة المكتب حتى وجدت مراد يجلس الى مكتب عمه و هو يتابع طابعة الاوراق ويقوم بالتقاط المطبوعات و تنظيمها ، و تالا تجلس و هى تتابع مستندا ما بيدها ، اما أمينة فكانت تجلس بالقرب منهما و هى تتحدث فى الهاتف الى شخص ما قائلة بعد ان أشارت لرهف بيدها كاشارة على الا تتحدث قائلة : انا ما اقدرش ابت فى الكلام ده قبل ما اعرض الامر على رهف هانم ، و بعد كده اكيد هرد على حضرتك .. مع السلامة
وبعد ان اغلقت المكالمة قامت من مجلسها و جذبت رهف الى احضانها بسعادة قائلة ببهجة : الف مبروك يا رهف .. مبروك يا حبيبتى
رهف بدهشة : طب مش تفهمينى بس الاول ايه الحكاية
امينة بفرحة : فى بيت ازياء تركى عاوز يعمللنا خط انتاج عندهم

تالا بانبهار : وااااو … تركيا مرة واحدة ، دى خطوة و نقلة كبيرة فعلا يا رهف .. مبروك
لتنظر رهف الى مراد الذى توقف عن متابعة الطابعة و نظر اليها نظرة مطولة ظنت لوهلة ان بها نظرة فخر و لكن سرعان ما انتبهت مرة اخرى على صوت تالا و هى تقول بمرح : ده يا ترى بقى وشى عليكى و اللا وش مراد عشان حددتم معاد جوازكم
لتلتفت مرة اخرى لمراد حين قال و هو ينهض من مجلسه : مش مهم وش مين ، المهم اننا لازم نحتفل بنجاحها ده .. الف مبروك يا رهف
رهف : الله يبارك فيكم ، ثم التفتت لامينة و قالت بامتنان : الحقيقة امينة هى اللى تستحق التهنئة دى ، لانى من غيرها ماكنتش قدرت احقق حاجة من اللى وصلتله ده
تالا بنبرة لا تخلو من سخرية تحاول إخفائها : ااه طبعا ، مانتو متربيين سوا ، بس ياترى بقى هنحتفل بيها ازاى يا مراد ، احنا كمان لازم نكلم مدكور و نبلغه اكيد هيبقى فخور بيها جدا
كانت تلك المرة الاولى التى تذكر فيها اسم مدكور دون القاب امام رهف و مراد اللذان نظرا اليها بدهشة فهمتها تالا على الفور لتقول و هى تتصنع المرح : ماهو يعنى اكيد مش هفضل اقول مدكور بيه واحنا خلاص هنتخطب و نتجوز احنا كمان
ثم اقتربت من رهف و قالت بود مزيف : رهف .. انا عارفة ان الحكاية مش بسيطة بالنسبة لك عشان خاطر مامتك الله يرحمها ، بس ياريت تفكرى فى باباكى كمان .. باباكى محتاج حد جنبه يحبه و يونسه و خصوصا ان انتى كمان هتنشغلى بجوازك ، و مدكور لو لف الدنيا كلها مش هيلاقى حد يحبه زيى ، فعاوزاكى تاخدى الامور ببساطة اكتر من كده ، ثم اكملت بمكر .. انا لولا انى بحب مدكور و متعلقة بيه من زمان ، كان زمانى سمعت كلام دادى اللى كان عاوز يجوزنى لمراد اللى طول معرفتى بيه و انا بعتبره اخويا مش اكتر

لتذهب رهف بعينيها الى مراد الذى ترتسم علامات الانزعاج على وجهه و لكنها عادت بعينيها لتالا و قالت : شايفاكى بتتكلمى اكن رغبة باباكى متبادلة بينه و بين مراد
لتجلس تالا مرة مكانها اخرى و هى تقول : جواز الاعمال يا رهف مافيهوش الكلام ده ، الكلام ده بيبقى مصالح مشتركة مش اكتر ، دادى طول عمره قلقان عليا و عشان كده عاوز يتطمن عليا مع حد يكون ثقة و محترم و من مستوانا او قريب مننا على الاقل ، و عشان كده اختار مراد ، حتى اما اعترضت بعد كتب كتابك انتى و مراد قاللى ان مدكور مش هيمانع ابدا لا هو و لا مراد انهم يكرروا اللى حصل تانى معايا لان المصلحة متبادلة
لكن الحقيقة انتى كنتى صعبانة عليا ، ليه يبقى ليكى ضرة و انتى فى السن ده ، و كمان كنت حبيت مدكور و اتعلقت بيه ، يبقى ليه اتجوز مراد فى الوقت اللى انا فيه بحب عمه
ليقول مراد و هو يلتقط بعض الاوراق من امامه و يناولها لتالا : يمكن كلامك فيه جزء من الحقيقة يا تالا ، لكن مش الحقيقة كلها
تالا : و ايه بقى باقى الحقيقة يا ترى
مراد : اولا جوازى انا و رهف ماهواش جواز مصلحة
تالا بمرح : انت عاوز تفهمنى انه جواز حب ، ماعتقدش انك تعرف تحب يا مراد

مراد بعدم اهتمام : اعتقد ان اللى يهمك تعرفيه ان جوازنا مش جواز مصلحة
تالا : طب و ثانيا
ليقترب مراد من رهف حتى اصبح بجوارها و قال : ثانيا .. مهما كانت المصالح المتبادلة بين مجموعتنا و مجموعتكم لا انا و لا عمى كنا هنوافق ابدا ان رهف يبقى لها ضرة بارادتنا مهما كانت هى مين
تالا : رغم انى فهمت من دادى ان الموضوع اما اتفتح مع مدكور مالاقاش فى اى ممانعة من حد فيكم
مراد و هو يرفع كتفيه ببعض الاستياء : عن نفسى .. الصراحة فضلت انى اسبب عمى هو اللى يرد على سليمان بية و يتعامل معاه ، لكن ماجاش فى بالى ابدا ان والدك ممكن ياخد سكوتى ده على انه موافقة على كلامه
تالا باحراج : عموما .. انا كده كده برضة كنت رافضة الموضوع ، لانى من البداية ماشفتش حد مناسب بالنسبة لى غير مدكور
كانت رهف تريد ان تنهى الحوار القائم بأى شكل من الاشكال فالتفتت لمراد و قالت : دادة زينب قالتلى انك عاوزنى
مراد : فعلا .. ثم قام بالتقاط بعض الالبومات الضخمة من على المكتب و ناولها اياهم قائلا : كنت عاوزك تبصى على الكاتلوجات دى و تختارى منها اللى يعجبك
رهف بفضول : كتالوجات ايه دى
مراد : دى كتالوجات بعتهالنا مكتب الديكور اللى هيوضبلنا الفيلا فى القاهرة
تالا : طب مش المفروض تقعدوا تختاروها سوا
مراد موجها حديثه لرهف : انا بس عاوزك تتفرجى براحتك و علمى على الحاجات اللى عجبتك و بعدين نبفى نصفيهم مع بعض
امينة بتشجيع لرهف : فكرة حلوة يا رهف و ما تقلقيش انا معاكى
تالا : و انا كمان معاكى اكيد مش هسيبك لوحدك ، و كمان اخد فكرة يمكن الاقى حاجة تعجبنى اغير بيها الديكور هنا

لتنظر إليها رهف قائلة بجدية : ما انصحكيش تحاولى تعملى حاجة زى كده .. بابا بيعتز بكل قطعة اثاث فى البيت ده ، لدرجة ان في حاجات هنا موجودة من ايام جدى الله يرحمه
تالا بعدم اهتمام : نبفى نشوف الموضوع ده بعد كده ، المهم دلوقتى الاحتفال اللى مراد قال عليه … ها هنحتفل ازاى
مراد لرهف : تحبى نتعشا برة
ىهف : لا خلينا هنا احسن
تالا بامتعاض : احتفال ايه ده اللى فى البيت
رهف : عشان اكيد دادة مش هترضى تيجى معانا و انا مش هعرف احتفل من غيرها
مراد و هو ينظر لامينة بخبث : خلاص نتعشى هنا و بالمرة اعزم انور احسن بقالة فترة و هو نفسه يشوف دادة زينب اوى ، و طبعا انتى كمان معزومة يا امينة
رهف : امينة مش محتاجة عزومة دى صاحبة بيت
مراد : طب تحبى امتى
رهف : خلوها يوم رجوع بابا من السفر
…………………
و فى اليوم التالى بالقاهرة .. كان الموعد المرتقب بين سليمان و مدكور الذى كان مدعوا على العشاء بمنزل سليمان

كانا يجلسان سويا لتناول القهوة بعد تناول العشاء ، ليقول سليمان : تالا كلمتنى و بتشكر فى شركة التنفيذ اللى اتعاقدتم معاها
مدكور : دى مش اول مرة نتعامل مع جاسر ، احنا بقالنا سنين بنشتغل سوا
سليمان : طول عمرك بتعرف تختار الناس اللى بتتعامل معاهم يا مدكور
مدكور : طبعا تالا فاتحتك فى الموضوع اللى عاوز اكلمك فيه
سليمان ضاحكا : طول عمرك مابتحبش تضيع وقت و بتدخل فى الجد على طول ، طب يا اخى ادينى فرصة اعمل فيها حما
مدكور بسخرية : الكلام ده للعيال الصغيرين مش لينا يا سليمان
سليمان : الحقيقة انا لولا انى عمرى ما رفضت طلب لتالا قبل كده ماكنتش تصورت ابدا ان ده ممكن يحصل فى يوم من الايام
مدكور : و لا انا
سليمان : مش فاهم
مدكور : طبعا انت عارف ان تالا هى اللى طلبت منى الجواز و ان هى اللى صارحتنى بحبها ليا
سليمان : تقصد ايه من ورا كلامك ده
مدكور : اقصد انك تبقى فاهم انى عمرى مافكرت ابدا فى الحكاية دى ، و لا فى الجواز من اصله ، يعنى ماتجيش فى اى وقت تقول لى انت شاغلت بنتى و اللا ضحكت عليها
سليمان بمرح متعمد ان يتخطى به حديث مدكور : مين بقى اللى يشاغل و يتشاغل ، هو فى حد قدك يا عم مدكور ، هتجوز بنتك و تتجوز انت كمان و تجدد شبابك .. مين ادك يا عم
مدكور باعتداد : والله اللى غيران مننا يعمل زينا
سليمان بخبث : اعمل زيك ازاى بقى ، طب لو حتى انا موافق و تمام .. هلاقى فين بنت حلوة و صغيرة كده تحبنى و ترجعلى شبابى من تانى ، طب ياريت الاقيها و انا كنت اكتبلها نص ثروتى على الاقل
ليبتسم مدكور دون تعليق ثم ينهض قائلا : انا همشى بقى كفاية كده
سليمان باستنكار : تمشى ده ايه ، مش لما نتكلم فى التفاصيل و اللا حتى نقرا الفاتحة
مدكور : تفاصيل ايه اللى نتكلم فيها يا سليمان .. عيب عليك ، هو انا عيل صغير لسه هخش دنيا
سليمان : ايوة .. بس برضة الاصول اصول
مدكور : الاصول هتتعمل .. شبكة و مهر و مؤخر يليقوا بيا و بيك ، لكن مافيش حاجة هتتم غير بعد جواز رهف و مراد
سليمان : و ليه مايبقاش الفرح فرحين
مدكور باستنكار : فرح ايه ده اللى بتتكلم عنه .. انت عاوزنى اعمل فرح و انا فى العمر ده
سليمان : اومال ناوى تتجوز بنتى من غير فرح
مدكور : لا طبعا مافيش افراح ، احنا كل اللى هنعمله اننا هنعمل حفلة بعد الجواز نعزم فيها الناس عشان تباركلنا ، لكن فرح و زفة و الكلام ده لا يمكن يحصل ابدا
سليمان باعتراض : ايوة بس تالا ماتجوزتش قبل كده ، و من حقها تفرح و يتعمل لها اكبر فرح فى البلد ، دى بنت سليمان الانصارى مش شوية ابدا و مينفعش تتجوز بالطريقة دى
مدكور بعدم اهتمام : ياريت تسيبلى انا و تالا الحكاية دى و احنا هنعمل اللى يريحنا و يناسبنا ، و اعتقد ان تالا هتتفهم موقفى
……………….
و فى اليوم التالى .. كانت تالا بغرفتها تتحدث مع سليمان على الهاتف و كان يبدو عليه الانفعال فقال بحدة : انا مش فاهم انتى ازاى توافقيه على الحكاية دى
تالا بمهادنة : كبر دماغك يا دادى ، انا الموضوع ده مش شاغلنى من اساسه
مدكور بحدة : مش شاغلك انك تتجوزى سكيتى من غير لا فرح و لا معازيم ، ده انتى اما بتروحى تتعشى مع اصحابك الميديا كلها بتعرف ، تقومى اما تتجوزى بجد .. تتجوزى من غير فرح
تالا : انا كمان مش عاجبنى انى يوم ما اتجوز بجد و اعمل فرح يبقى فرحى على مدكور
سليمان : اومال هتتجوزى مدكور و تعملى الفرح بعريس غيره
تالا بتأفف : لأ طبعا ، بس ماحبش انى لما اتزف اتزف للعجوز ده
سليمان بذهول : و هو انا اللى غصبتك على جوازك منه و اللا انتى اللى فكرتى و دبرتى
تالا : انا قررت انفذلك اللى نفسك فيه ، بس مش معنى كده ابدا انها هتبقى جوازة العمر
سليمان باستغراب : انتى تقصدى ايه
تالا بتوضيح : اقصد انى فى مهمة محددة
سليمان : انتى هتجننينى .. مهمة ايه دى اللى بتتكلمى عنها
تالا بغرور : زى المهمات اللى قبل كده يا دادى ، انى اضملك مجموعة العزيزى لمجموعة الانصارى ، لكن اول ما ده يحصل … لازم تعتبر ان كل شئ بعد كده هيبقى لاغى
سليمان : انتى كده هتقلقينى عليكى ، اوعى تستهونى بمدكور ، مدكور ده تعلب و مش سهل ابدا زى اللى اتعاملتى معاهم قبل كده ، و برضة مش سهل ابدا انك تقدرى توصلى للى فى دماغه
تالا بخبث : ماتقلقش عليا يا دادى ، ان كان هو تعلب ، فالتعلب رغم مكره تلاقيه يفعد يمكر و يتحايل عشان يخ/طف فرخة و اللا كتكوت ، لكن انا بقى تمساح .. و متهيالى انت عارف التمساح ممكن يعمل ايه كويس
سليمان : طول عمرى فخور بيكى و بتفكيرك و ثقتك فى نفسك ، لكن اوعى ثقتك فى نفسك تنسيكى مين خصمك المرة دى
تالا بمرح : و هى يعنى اول مرة يا دادى
سليمان بجدية : اول مرة اللعب يبقى مع دماغ زى مدكور يا بيبى ، و عشان كده عاوزك تاخدى بالك اوى من كل خطوة تخطيها و بكررهالك تانى .. مدكور مش سهل.. مش سهل ابدا
……………..
لتمر عدة ايام قبل موعد عودة مدكور الى قصره بالصعيد مرة اخرى ، و كان موعد عودته متزامنا مع موعد الاحتفال الذي قرر مراد اقامته احتفالا بخط انتاج رهف الجديد بتركيا
و كان مدكور يجلس ببهو قصره و هو يستمع الى مراد و تالا و هما يقصان عليه اخر تطورات المشروع و ما ان فرغا من حديثهما قال مدكور موجها حديثه لمراد : انا عاوزك بعد اسبوع من دلوقتى تسلم كل حاجة لانور و تتفرغ تماما لفرحك انت و رهف
مراد : مش للدرجة دى يا عمى .. انا ممكن ……
مدكور مقاطعا اياه : اللى اقوله يتنفذ ، و بعدين انت اكيد هتحتاج انك تنزل القاهرة تتابع الشغل فى الفيلا
مراد : انا و رهف اختارنا شوية حاجات و بعتتهالهم يشتغلوا عليها
مدكور : ايوة شفتها لما عديت عليهم قبل ما اجى
رهف : انتو قررتوا تعملوا الفرح هنا و اللا فى القاهرة
مدكور بحزم : هنا طبعا ، كل عائلات الصعيد هيبقوا معزومين ، ماينفعش اروح اعمل الفرح هناك ، و كمان لازم رهف تخرج من بيتها اللى اتربت فيه طول عمرها
تالا لمراد : و قررتوا تعملوا شهر العسل فين يا مراد
مراد : فى تركيا
و وسط حديثهم يتفاجئون جميعا برهف و هى تهبط الدرج بسرعة و مرح شديدين و هى تقول بسعادة طاغية : هدى جاية بكرة هى و تميمة
لينهض مراد قائلا بذهول : هى اللى قالتلك
ىهف : ايوة .. لسه قافلة معاها ، و قالتلى انها كانت عاوزة تعملهالنا مفاجأة بس ماعرفتش تخبى عليا .. هتوصل على طيارة الضهر
مدكور بحب : يوصلوا بالسلامة ان شاء الله ، طب و احمد جاى معاهم و اللا ايه
رهف و هى تتقافز من السعادة : قالتلى هيحصلهم قبل الفرح بيوم او اتنين عشان يقدر ياخد اجازة تانى وقت مناقشة الرسالة بتاعتى و الاحلى بقى انها ناوية تفضل فى مصر لحد ما نرجع من شهر العسل و يمكن كمان ماتسافرش غير بعد مناقشة رسالة الدكتوراة
مراد بسعادة : ايه الاخبار الحلوة دى
مدكور : و الله وحشتنى القردة دى و وحشتنى الكتكوتة الصغيرة
كانت تالا تجلس دون ان تستوعب تفاصيل ما يحدث ، فهى تعلم ان هدى تلك هى شقيقة مراد المقيمة بالخارج و لكنها لا تعلم سر الفرحة الطاغية التى تمالكت الجميع فقالت بفضول : واضح انها بقالها فترة مانزلتش اجازة
مراد : كانت مأجلة اجازتها لمعاد مناقشة الرسالة بتاعة رهف
مدكور بمرح : بس فرحكم اهو جه بفايدة و خلاها تيجى غصب عنها
رهف بسعادة : سيبكم من نزولها ، الاهم انها هتقضى معانا فترة حلوة قبل ما ترجع تانى
تالا : طب مانتو هتسافروا شهر العسل و مش هتبقوا موجودين فى مصر اصلا
رهف : ماهى هتفضل فى مصر عشان تبقى مع بابا ، و كمان تبقى مع امينة لو احتاجت حاجة و انا مش موجودة
لتنظر تالا الى مدكور لتجده يبتسم دون ان ينظر اليها ، فتنهض قائلة : طب انا هستأذنكم شوية .. هطلع اوضتى اخد شاور و اغير هدومى على ما العشا يجهز
وبعد ان تغادرهم يقول مدكور لرهف : اطلعى انتى كمان اجهزى يا رهف على ما انا و مراد نخلص شوية شغل مع بعض
لتتركهم رهف هى الاخرى فى حين يتجه مدكور بصحبة مراد الى غرفة المكتب و ما ان اغلق مراد الباب حتى جلس مدكور و قال و هو ينظر الى مراد : عملت ايه
مراد : المحامى خلص كل الاجراءات و البيع اتسجل فى الشهر العقارى بالتوكيلات اللى معايا
مدكور : عظيم … و السراية
مراد : باسم رهف زى ما امرت هى و فيلا القاهرة
مدكور و هو يدق باصابعه على حافة مقعده : عظيم ، كده الواحد يتحرك و هو متطمن
مراد : و حضرتك قررت ايه
مدكور : هنكتب الكتاب بعد فرحكم بكام يوم و نسافر نقضى يومين فى اى مكان و لما نرجع تكونوا انتم كمان رجعتم من شهر العسل و نعمل حفلة نعزم الناس تباركلنا كلنا
مراد بقلق بالغ : مش ده اللى انا عاوز اعرفه يا عمى
مدكور : ماتسبقش الأحداث يا مراد .. اهم حاجة .. عاوزك تشيل العقود دى فى خزنة البنك ، ماتشيلهاش هنا
مراد : انا كنت هعمل كده ، بس قلت اسيبها لحد ماحضرتك تراجعها الاول
مدكور : مش انت و المحامى راجعتوها كويس قبل ماتوثقوها
مراد : ايوة
مدكور : خلاص .. بكرة الصبح ان شاء الله تحطها فى البنك قبل ما تروح تجيب هدى من المطار
مراد : حاضر يا عمى امرك
و بعد مضى بعض الوقت كان الجميع يلتفون حول مائدة الطعام بما فيهم زينب و امينة و بصحبتهم انور و هو ما جعل تالا تجلس معهم على مضض
مدكور : مبرووك يا رهف .. انا ماكنتش اعرف انك شاطرة كده للدرجة دى
امينة : حضرتك ماتعرفش اد ايه الشغل بتاعنا بينطلب بالاسم دلوقتى ، رهف قدرت تخلى للبس المحجبات طابع مميز و رقى و ذوق و جودة .. حاجة كده تخلينا فعلا كلنا لازم نفتخر بيها ، انا متاكدة ان هييجي وقت و الاتيلية ده يبقى دار ازياء ضخمة زى اللى بنتفرج عليهم كده فى التليفزيون
مدكور : و الله بقى هى و جوزها حرين مع بعض فى الحكاية دى
لتنظر رهف اتجاه مراد الذى قال بمرح لا تراه منه الا فى وجود شقيقته : اعتقد ان الحكاية ممكن يبقى ليها توابع يا عمى ، هدى شكل الحكاية عجباها و بتقوللى انها عاوزة تشتغل مع رهف و قالت لى كمان ان احمد موافقها و بيشجعها
انور : المجال ده مربح جدا لما بتعرف مداخله و مخارجه كويس .. هى مرهقة فعلا فى البداية ، بس طالما الاسم اتعرف بيبقى بعد كده المجهود كله مركز فى انك تحافظ على المكانة اللى وصلت لها
مراد : نفس الكلام اللى هدى قالته لى ، و قالت لى انها عندها خطط كتير هتناقشها مع رهف و امينة لما تيجى بالسلامة
تالا بضجر : و هى امينة هتفضل على طول تساعدك يا رهف
رهف : امينة مابتساعدنيش يا تالا ، امينة شريكتى ، لولاها ماكنتش ابدا وصلت للى وصلت له

يتبع…

الفصل السابع
كانت تالا يبدو عليها الامتعاض الشديد حين قالت : و يا ترى امينة تبقى شريكتك ازاى بقى
رهف و هى تنظر الى امينة بحب : احنا شركا بالنص انا بالتصميم و هى بالادارة و التنفيذ
تالا : ايوة .. بس المفروض راس المال بالكامل ……
ليقاطعها مراد قائلا : اعتقد ان مافيش مجال لمناقشة الكلام ده دلوقتى ، الوضع ده قائم من اربع سنين فاتوا ، و فعلا امينة نجحت انها تروح بالاتيلية لحتة تانية خالص
مدكور موجها حديثه لرهف و امينة : المهم انكم تقدروا تحافظوا على اللى وصلتوا له
رهف بابتسامة : ان شاء الله يا بابا
مدكور : و انا كلمت الناس بتوعنا فى تركيا يتابعوا معاكى العقد بتاعك اللى هتمضيه هناك
رهف بسعادة : بجد يا بابا
مدكور : ايوة ماتقلقيش ، دول ناس يبقوا شراكات جاسر ، كان عرفنى عليهم من فترة و اتعاملنا مع بعض اكتر من مرة .. مصريين برضة بس عايشين هناك من سنين ، هيساعدوكم كتير انكم تفهموا الدنيا ماشية ازاى و لو العقود اللى هتمضوها هتبقى محتاجة ترجمة هم هيتصرفوا
رهف بامتنان : انا متشكرة جدا لحضرتك
و بعد العشاء ، التف الجميع حول كعكة الاحتفال و هم يعيدوا التهنئة لرهف مرة اخرى ، و اثناء تناولهم للحلوى قال انور موجها حديثه لزينب : بقول لك ايه يا خالتى زينب
زينب : اتفضل يا ابنى .. خير
انور و هو ينظر لامينة بتحدى : والدتى كانت عاوزة تجيلك البيت تتعرف عليكى
زينب بطيبة : يا خبر يا ابنى و بتستأذن ، اهلا وسهلا بيها ، تنور وقت ماتحب ، بلغنى بالمعاد اللى يناسبها و انا هكون فى استقبالها

انور لرهف : معلش بقى يا انسة رهف .. هطمع بس انك تسيبيلى خالتى بعد بكرة بالليل على ما الزيارة دى تتم على خير
رهف بابتسامة خبث وهى تنظر لامينة : الحقيقة يا استاذ انور انا مابقدرش ابدا استغنى عن دادة زينب لحظة واحدة ، لكن لو الموضوع مستعجل اوى كده فزى بعضه.. انا موافقة
مراد : و هو يعنى لازم فى بيتها هناك يا انور ، ما هنا و هناك واحد
انور و هو ينظر لامينة بحب : معلش يا مراد لكل مقام مقال زى ما بيقولوا
مدكور و قد استوعب ما وراء الحديث : انور بيتكلم بالاصول يا مراد ، هو صحيح هنا بيتها و هناك بيتها ، بس الاصول اصول
ليرتسم الخجل على معالم امينة و هى تحاول الادعاء بان الحديث لا يخصها من قريب او بعيد وسط نظرات التسلية المرحة من رهف و انور لها
لتقول تالا : انا مش فاهمة حاجة
لينهض مدكور من مجلسه قائلا : بكرة هتفهمى كل حاجة ، و دلوقتى تعالى معايا هنفعد فى الجنينة عشان كنت محتاج اشرحلك شوية حاجات
و عندما جلسا بالخارج قالت تالا بدلال : من ساعة ماوصلت بالسلامة و انا نفسى اقول لك وحشتنى و مش عارفة
مدكور بابتسامة : طب مانتى قلتى اهو
تالا بامتعاض مقرون بالدلال : تؤ … اول ما شفتك كنت هقولهالك بلهفة اكتر من كده بكتير و اكيد كنت هتحسها اكتر من دلوقتى بعد ماقعدنا و اتكلمنا و كلنا .. يعنى قضينا وقت طويل مع بعض قبل ما اقولها او تسمعها فاللهفة اكيد بردت
مدكور بعبث : ياترى هتفضلى تقوليلى كلام حلو كده برضة بعد الجواز ، و اللا هيبقى خلاص المولد انفض و كل واحد وصل للى هو عاوزه
تالا بلجلجة و تردد : تقصد ايه بكلامك ده
مدكور ضاحكا بصخب وبادعاء المرح : اقصد انك هتبقى حطيتينى فى جيبك و ضمنتينى و اللى كان كان و خلاص
لتبتسم تالا و تقول : اوعدك انك هتشوف منى حاجات عمرك ما تخيلت انك تشوفها

مدكور : و انا كمان .. اوعدك انى هعيشك عيشة عمرك ماكنتى تتوقعيها و لا فى احلامك
تالا و هى تنظر اليه من اسفل اهدابها : قوللى بقى ، عملت ايه مع دادى
مدكور بسخرية : زى ما دادى حكالك بالظبط
تالا بامتعاض : بس انا عاوزة اسمع منك انت ، بحب اسمعك و انت بتتكلم و خصوصا لو كلامك ده عن مستقبلنا مع بعض انا و انت
مدكور بضحك : بس كده يبقى هنفضل نعيد و نزيد كتير اوى فى كلام مامنوش اى لزمة ، و عمرنا كمان ما هنتكلم فى المفيد
تالا : طب و ايه بقى هو المفيد ده
ليعتدل مدكور فى جلسته و ينحنى بجذعه مقتربا منها قائلا بجدية شديدة : اسمعى يا تالا .. انا يمكن من ساعة ام رهف الله يرحمها ما ماتت و انا عمرى مافكرت ابدا فى موضوع الجواز ده نهائى ، و كان كل هدفى و تفكيرى ، انى اتطمن على رهف و ولاد المرحوم اخويا لانى ماليش غيرهم فى الدنيا دى ، و لا عندى اعز منهم ابدا و لا هيكون .. و دى اول حاجة لازم تحطيها حلقة فى ودانك من و احنا لسه على البر
تالا بقلق : تقصد ايه بكلامك ده ، تقصد انى مش هيبقى ليا عندك قيمة زيهم

مدكور : انا ما قلتش كده ابدا .. انا بس عاوزك تفهمى ان رهف و مراد و هدى عندى فى حتة تانية لا يمكن ابدا حد يقدر يهزها او يحركها من مكانها مهما حصل
تالا : طب و انا
مدكور : انتى هتبقى مراتى ، يعنى وضعك غير وضعهم ، هم من دمى و طول عمرهم اللى راح و اللى جاى اسمهم مقرون باسمى ، لكن انتى …
تالا بوجوم : تقصد انك فى اى وقت ممكن تطلقنى و تبعد عنى و ما ابقاش على اسمك .. مش كده
مدكور : و ليه بس يبقى فى طلاق .. انتى ناوية تعملى مشاكل مع حد فيهم او تعاديهم او حتى تقارنى نفسك بحد فيهم

تالا بدفاع : لا طبعا خالص ، و اديك شايف علاقتى برهف و بمراد عاملة ازاى ، و هدى انا لسه ما اعرفهاش ، و لا عمرى حتى شفتها
مدكور : خلاص .. تبقى قلقانة ليه ، طالما كل واحد هيبقى فاهم حدوده فين يبقى ماحدش ابدا ممكن يزعل من التانى
تالا باستسلام : ماشى يا حبيبى .. ها .. فى حاجة تانية عاوز تقولهالى
مدكور : ايوة
تالا : يا ترى ايه
مدكور : لازم تفهمى انى راجل غيور بطبعى و نشأتى ، و طبعا لازم دايما تفتكرى انى راجل صعيدى ابا عن جد
تالا بابتسامة دلال : و انا هبقى اكتر من سعيدة بغيرتك دى
مدكور : يبقى لازم تاخدى حذرك و انتى بتتعاملى مع الكل ، و فى كل الاوقات ، و مش عاوزك ابدا تشيلى الكلفة بينك و بين اى مخلوق مهما ان كان هو مين
تالا و قد بدا عليها التأفف : ها و ايه كمان
مدكور : لبسك
تالا بامتعاض : و ماله بقى لبسى كمان ، طول عمرى لبسى كان بيعجبك ايه اللى اتغير
مدكور : كان بيعجبنى صحيح ، بس على اساس انك بنت سليمان الانصارى ، لكن اما تبقى حرم مدكور العزيزى فالوضع مختلف ، انتى هتبقى شايلة اسمى انا مش اسم ابوكى .. فلازم تكونى جديرة بده
تالا باعتراض : و هو اللبس هو اللى هيخلينى جديرة او مش جديرة ، المفروض انى جديرة بقيمتى عندك مش بمظهرى

مدكور بجدية شديدة و هو يضغط على كل حروف من حروف كلماته : المظهر مهم جدا ، و انا ما ينفعش مراتى تبقى سلعة مكشوفة لكل عين هنا او هناك .. انا عمرى ماكنت و لا هكون راجل ديوث
تالا باستغراب : ديوث
مدكور : مانتيش عارفة معناها و اللا معترضة على استخدامى ليها
تالا : لا .. ما اعرفش معناها
مدكور بتوضيح : الديوث ده هو الراجل اللى ماعندوش غيره على حرمة اهل بيته .. مراته بقى .. بنته .. اخته ، حتى امه ، اللى يسيب لحمهم لكل من هب و دب يتفرج و يجرب .. ده يبقى راجل ديوث يا تالا و انا مش كده ابدا و عشان كده انا حبيت انى احطلك النقط على الحروف عشان تبقى كل حاجة واضحة و على نور من البداية
تالا بشئ من التردد : انت تقصد ان دادى …..
مدكور بحزم : انا ما اقصدش حاجة .. و ده اللى لازم تتعودى عليه من دلوقتى ، انا دايما كلامى واصح و مباشر و يوم ما اكون بقصد حاجة معينة هتلاقيها فى كلامى على طول مش ما بين السطور
ااه .. و اهم حاجة لازم تفهميها من دلوقتى .. علاقتى بسليمان الانصارى فى الشغل ده شئ انتى كتالا مراتى مالكيش بيه اى علاقة ، و لا سليمان الانصارى رجل الاعمال له علاقة أبدا بتالا مراتى
تالا : مش فاهمة
مدكور : كلامى واضح يا تالا .. علاقتى بيكى مالهاش علاقة بشغلى مع سليمان و علاقة الشغل مالهاش علاقة بحياتنا الخاصة
تالا بلجلجة : اااه طبعا .. من غير ماتقول
مدكور : يعني متفقين
تالا بتردد : اااه .. اااه متفقين
مدكور : انا حبيت بس اوضحلك كل حاجة من البداية عشان ماترجعيش بعد كده تقولى انى ضحكت عليكى
لتصمت تالا و قد بدأت تلوم نفسها على مازجت نفسها به و لكنها انتبهت على مدكور و هو يسألها قائلا : و انتى .. ماعندكيش اى حاجة تحبى تقوليهالى
تالا : لأ .. مافيش
مدكور : عموما انا اتفقت مع سليمان اننا هنكتب الكتاب بعد سفر مراد و رهف
تالا : هو انت ليه مصمم ان كتب الكتاب بكون بعد سفرهم

مدكور : لان مهما ان كان موافقة رهف على جوازى منك الا انها برضة مش هتبقى مبسوطة ابدا و هى شايفانى بتجوز واحدة تانية
تالا : تقصد عشان هاخد مكان مامتها
مدكور : ماحدش ينفع ياخد مكان حد يا تالا ، لكن اللى اقصده انى مش عاوز اوجعها و هى لسه بتبتدى حياة جديدة مع جوزها
و عموما بعد كتب الكتاب هخدك و اطلعك رحلة شهر عسل انتى اللى هتختارى مكانها بنفسك و لما نرجع هيكون مراد و رهف كمان رجعوا و هنعمل حفلة ريسبشن نستقبل فيها كل الناس اللى حابين ييجوا يباركولنا .. قلتى ايه
تالا بدلال : رغم ان دادى كانت امنية حياته انه يشوفنى بالفستان الابيض ، بس انا ماعنديش مانع ابدا
مدكور : و انا ما قلتش انك ماتلبسيش فستان ابيض .. هتلبسى طبعا و هتتصورى زى اى عروسة ، لكن زفة بقى و فرح و الكلام ده ما اقدرش
انا هسمحلك تنشرى صورة فرحنا على الميديا كاعلان لجوازنا و اللى هنستقبل المهنئين و المباركين بيه بعد رجوعنا
تالا : ماشى يا حبيبى اللى تشوفه انا موافقة عليه
مدكور : وبالنسبة لفستان الفرح .. ده هديتى ليكى عشان اضمن انه يكون بالمواصفات اللى انا عاوزها
تالا بدون مبالاة : اللى يريحك .. مش هتفرق كتير
مدكور بايعاز : تالا .. احنا لسه على البر .. و قدامنا مش اقل من تلت اسابيع على ما نتجوز .. عاوزك تفكرى كويس فى كل كلمة قلتهالك ، و صدقينى لو اتراجعتى انا مش هزعل منك .. بالعكس ، هحترمك و هعزك اكتر
تالا بدهشة : يعنى معزتى عندك هتبقى اكبر لو ماتجوزناش
مدكور : مش قصدى ابدا .. القصد … فكرى كويس و بلغينى لو غيرتى رأيك
و ما ان حاول النهوض من مجلسه حتى وضعت كف يدها على يده الممسكة بجوانب المقعد و قالت : لازم تفهم ان مافيش اى كلام ممكن يخلينى ابعد عنك بعد كل ده ، انا ماصدقت انى قدرت ابعد خجلى منك و اصارحك بمشاعرى من ناحيتك
ليتنهد مدكور بعمق ثم يقول بابتسامة واسعة : يبقى اهلا بيكى تحت جناحى يا بنت سليمان الانصارى
فى اليوم التالى .. وصلت هدى الى ارض الوطن و بصحبتها تميمة او كعكة السكر كما يحلو لمراد ان يلقبها ، و كم كانت السعادة تطغى على مراد لملاقاة شقيقته فطالما كانت له كابنته المدلله و برغم اهتمام مدكور الدائم بها الا انه كان يحب القيام بجميع شئونها بنفسه

و فى السيارة بعد تبادل العديد من عبارات الشوق و السعادة ، قال مراد : عمى قاللى انه كلمك امبارح
هدى : ايوة فعلا .. كلمنى و حكالى على موضوع جوازه
مراد : و انتى رايك ايه
هدى : رايى مش هيفرق يا مراد و مش هيغير حاجة
مراد : افهم من كلامك ان الموضوع مش عاجبك
هدى : الموضوع مايعجبش حد يا مراد ، عارف لو اللى اختارها دى تناسبه سنا على الاقل .. ماعتقدش ان كان ممكن حد يعترض ، لكن دى تقريبا من سنى انا و رهف ، الفرق بيننا حاجات بسيطة اوى
مراد : عندك حق ، لكن انتى قلتى ايه لعمى
هدى : قلت له نفس اللى قلته لك ده
مراد : قوليلى قولتيله ايه بالظبط
هدى : قلت له رايى مش هيغير شئ و سواء موافقة او معترضة دى حياتك الشخصية ، و طبعا فهم من بين السطور معنى كلامى فقال لى .. اللى انا عاوزه منك انك تصبرى على ماتشوفى النتايج و ماتحكميش بالمظاهر
مراد : انا كمان عاوزك تعملى كده ، اتعاملى عادى و كأن الموضوع مايفرقش معاكى
هدى : نفس اللى احمد وصانى بيه ، و ده اللى انا فعلا ناوية اعمله ، و صدقنى اتمنى من كل قلبى ان عمو أمله مايخيبش فى الحكاية دى ، رغم ان رهف صعبانة عليا جدا ، اكيد برضة الحكاية دى مش سهلة عليها ابدا
مراد بتنهيدة : هى مش سهلة على حد و لا حتى على عمى ، بس كلنا بندعى ربنا انه يبقى خير
و عند وصولهم الى القصر وجدوا رهف تنتظرهم اعلى درجاته ، لتهبط إليهم مسرعة لتحتضن هدى قبل ان تخرج من السيارة و هى تقول بسعادة جارفة : وحشتينى وحشتينى وحشتينى

هدى ضاحكة و هى تبادلها الاحضان بحب شديد : مش زى مانتى وحشتينى .. انتى هنا معاكى عمو و مراد و امينة و دادة و كل الناس اللى تعرفيهم و يعرفوكى ، لكن انا مافيش غير احمد و تميمة و بس اللى معايا
لتمسكها رهف من كتفيها قائلة بصدق : انتى عارفة ان كل دول حاجة و انتى حاجة تانية
لتقبلها هدى بحرارة و تقول ضاحكة : عارفة طبعا ، بس لازم احسسك بمأساتى كل مرة
لتدور رهف بعينيها متسائلة : اومال تميمة فين
ليعتدل مراد الذى كان ينحنى بداخل السيارة و هو يحتضن تميمة النائمة فى سبات عميق و يفول بابتسامة جذابة : كحكة السكر نايمة من ساعة ما خرجنا من المطار
لتقترب منه رهف بلهفة و هى تقبل تميمة من وجنتيها و يديها حتى قدميها ، لتقول هدى ضاحكة : خلاص يا بنتى ايه كل ده
رهف و هى تتناولها من احضان مراد لتضمها الى صدرها بحب و هى تلتهم ملامحها الطفولية الآثرة بعينيها قائلة : كبرت شوية ماشاء الله يا هدى
هدى : انا قلت لازم نحتفل بعيد ميلادها التالت معاكم و عشان كده جيت بدرى
مراد : احلى و اكبر عيد ميلاد فيكى يا بلد عشان خاطر سمو الاميرة تميمة
هدى برفض : لأ.. مش عاوزة عيد ميلاد كبير ، عاوزة احنا بس اللى نبقى حواليها عشان تحفظكم بسهولة و تفضل فاكراكم
ليضمها مراد الى جناحه قائلا : حاضر يا حبيبتى زى ماتحبى ، شوفى انتى عاوزة ايه و انا هنفذهولك بالحرف الواحد
مدكور من اعلى الدرج : و انا هفضل واقف مستنيكم كده كتير و اللا ايه
لتسرع هدى و تعدو و هى تصعد الدرج و ترتمى باحضان مدكور باشتياق قائلة : عمو مدكور … انا ماصدقتش مراد اما قاللى انك واخد اجازة مخصوص النهاردة عشانى
مدكور بحب و هو يضمها الى صدره مقبلا راسها : و انا عندى اغلى منك اخد له اجازة
هدى بمشاغبة و هى تتظاهر بتعديل ربطة عنقه : انا قلت هاجى الاقيك زهقت من الانتظار و اتحججت باى حاجة عشان تنزل الشغل
مدكور بضحك : يا عفريتة و هو انا لو عاوز انزل محتاج اتحجج برضة
هدى ضاحكة و هى تبادله الاحتضان : الصراحة لا .. مدكور العزيزى لما بيعوز يعمل حاجة بيعملها
مدكور ضاحكا : كويس انك لسه فاكرة ، و اتصرفوا ياللا صحولى العفريتة الصغيرة دى عشان اعرف اسلم عليها براحتى
كانت تالا تقف من وراء مدكور و هى تراقب هذا الاستقبال الحافل لتتاكد بان العلاقة بين مدكور وأبناء شقيقه ليست مجرد صلة دم ، بل هى اعلى مرتبة من ذلك بكثير ، و عندما انتبهت لها هدى قالت بحيادية : انتى اكيد تالا مش كده
تالا بثقة : انتى تعرفينى ! كنت مستنية حد يعرفنا على بعض
هدى : لا ماتقلقيش .. عمو كلمنى امبارح و عرفنى كل حاجة .. مبروك
تالا بابتسامة دبلوماسية بحتة : الله يبارك فيكى .. ميرسى
و قبل ان تضيف هدى اى كلمة هرولت مسرعة الى الداخل عندما لمحت زينب و امينة من على بعد لترتمى باحضان زينب و هى تصيح : احلى دادة زينب فى الدنيا كلها وحشتينى مووووت
زينب ببهجة : حمدالله على السلامه ياقلب دادة زينب وحشتينى و وحشتنى ايامك ، اومال فين تميمة
هدى ضاحكة و هى تبادل امينة هى الاخرى الاحضان : سايباهم بياكلوها برة بس على الله يخلوا لى حتة
ليمضى اليوم سريعا وسط سعادة الجميع بعودة هدى و تميمة ، اما باليوم التالى فانتقلت البهجة الى منزل زينب حين انتهت زيارة والدة انور بقراءة الفاتحة ، و عندما طلب انور من زينب تحديد موعد لتقديم الشبكة ، صممت هدى ان يكون هو نفس يوم الاحتفال بعيد ميلاد تميمة و الذى يأتى موعده بعد اربعة ايام
و قد لاقى اقتراح هدى استحسان و مباركة مراد و رهف ، و اسعد زينب و امينة ، اما انور فكانت سعادته فى تتويج حبه بالاشهار ليعلم الجميع ان امينة أصبحت زوجة المستقبل
و فى اليوم التالى كانوا يلتفون حول مائدة الطعام لتناول وجبة الافطار ، و كان مدكور يستعد للمغادرة بصحبة تالا و مراد عندما فالت هدى : كنت عاوزة اقوللك على حاجة يا عمو عشان احنا رجعنا امبارح من عند اميمة و دادة زينب لقيناك نمت
مدكور : قولى يا حبيبة عمو
هدى : امبارح انور و امينة قروا الفاتحة
مدكور بانشراح : ربنا يتمملهم بكل خير
تالا : لايقين على بعض الصراحة
هدى : و انور طلب من دادة انه يلبس الشبكة لامينة فى اقرب وقت ، و انا اقترحت عليهم يلبسوها فى عيد ميلاد تميمة .. ايه رايك
مدكور بإماءة من رأسه : رغباتك اوامر يا حبيبتى ، طالما ده شئ يبسطك فانا موافق
لتنهض هدى من مكانها لتقبل رأس عمها ثم تعود مرة اخرى لمكانها و لتناول طعامها و هى تقول : خلاص انا هخليهم يوضبوا القاعدة فى الجنينة برة هتبقة تحفة
رهف : بابا .. كنت بعد اذنك عاوزة اشترى هدية لامينة بمناسبة خطوبتها
مدكور : محتاجة فلوس
مراد متدخلا : ما تشغلش بالك يا عمى بالحكاية دى .. انا هتصرف
هدى بمشاغبة و هى تنظر لرهف : ايوة يا عم .. يابخت من كان مراد جوزه
ليكسو الخجل وجه رهف و هى تنظر شذرا لهدى التى تنخرط فى الضحك و تشاركها تميمة الضحكات بسجية طفولية جميلة
لينتهى الافطار و يتجه كل الى عمله
فى سيارة مدكور .. كانت تالا تجلس الى جوار مدكور و هى يبدو عليها التجهم الشديد ، فقال مدكور : ايه يا تالا .. شايفك مش على طبيعتك النهاردة
تالا و هى تحاول انتقاء كلماتها : الصراحة خايفة اتكلم لا تزعل منى
مدكور : و هزعل منك ليه .. اتكلمى
تالا : ربنا خلقنا طبقات با مدكور ، و كل طبقة عارفة اللى ليها و اللى عليها و كنت اما بشوفك تتعامل مع الناس اللى شغالة معاك .. كنت بلاقيك بتتعامل بحزم و جد ، بس الصراحة انا شايفة انكم خالطين الورق اوى فى السراية ، خصوصا مع دادة زينب و امينة
مدكور : ممكن توضحي كلامك اكتر من كده
لتقول لتالا باريحية اكتر : يعنى يا حبيبى .. مهما كانت معزتكم للى اسمها دادة زينب دى و بنتها امينة .. ما توصلش ابدا ان رهف تشاركها فى مشروعها و كمان هدى عاوزة تحتفل بخطوبتها فى القصر عندنا
مدكور بابتسامة : عندنا
تالا : ااه عندنا ، لانى خلاص بقيت اعتبر نفسى واحدة من اصحاب البيت ، و اللا انا لسه غريبة يا مدكور
مدكور : لا يا حبيبتى مش غريبة ، بس دادة زينب و امينة دول مش شغالين عندنا
تالا : اومال دول يبقوا ايه غير شغالين
مدكور : لولا ان ربنا ايدلى زينب بعد موت والدة رهف ماكنتش قدرت ابدا اربيها لوحدى ، خصوصا ان شغلنا مابيخلينيش استقر فى مكان واحد اسبوع على بعضه ، و عشان كده استأمنتها عليها و الحقيقة هى كانت اد الامانة و زيادة .. كفت و وفت ، اخدتها فى حضنها و عوضتها و ربتها زى امينة بالظبط ، و عشان كده مابعتبرهاش شغالة أبدا
تالا : بس توصل انها تساركها فى مشروع ممكن ارباحه بعد كده توصل للملايين
مدكور : الموضوع ده يخص رهف لوحدها ، هى بس اللى تقدر تبت فيه مش حد تانى ، و بعدين المشروع ما ابتداش بملايين يا رهف ، المشروع ابتدى بسيط ، و ماينفعش تشاركها فى التعب بس و اما المشروع ينجح و يكبر بتعبها و مجهودها تقوللها خلاص كفاية عليكى كده مابقيتش محتاجالك
طول عمر امينة و انور كمان و احنا كلنا بنعتبرهم مننا مش مجرد بيشتغلوا معانا ، و دى فرصة كويسة جدا انك تقدرى تفهمى الكلام ده و تتقبليه 😉

يتبع…

مدكور : الموضوع ده يخص رهف لوحدها ، هى بس اللى تقدر تبت فيه ، و بعدين المشروع ما ابتداش بملايين يا رهف ، المشروع ابتدى بسيط ، و ماينفعش تشاركها فى التعب بس و اما المشروع ينجح و يكبر بتعبها و مجهودها تقوللها خلاص كفاية عليكى كده مابقيتش محتاجالك
و بعدين طول عمر امينة و انور كمان و احنا كلنا بنعتبرهم مننا مش مجرد بيشتغلوا معانا ، و دى فرصة كويسة جدا انك تقدرى تفهمى الكلام ده و تتقبليه

رهف بتردد و ادعاء الحزن و هى تحاول جس رد فعل مدكور : انا عارفة انك بتحاول تفهمنى انى التزم حدودى مع الكل و انى مش هبقى اكتر من ضيفة او دخيلة عليكم كلكم ، لكن ما كنتش متخيلة انى حتى مش هقدر اقول النصيحة لو فى ايدى
مدكور : ماحدش قال انك هتبقى دخيلة ، لكن انتى هتتجوزى مدكور مش هتتجوزى رهف ، رهف كبيرة كفاية انها تقدر تدير شئونها
تالا بسخرية : بس ده ما كانش رأيك ابدا من اسبوعين فاتوا
مدكور : ده لانها لسه تحت سلطتى و فى بيتى ، لكن اول ما هتتنقل بيتها مع مراد مش هيبقى ليا اى سلطان عليها .. زيك بالظبط
تالا : زيى !! ، زيى اللى هو ازاى مش فاهمة و فى ايه
مدكور : ان انتى كمان اول ما هتبقى فى عصمتى ، سليمان مش هيبقاله برضة عليكى اى سلطان
تالا : ايه الكلام ده ، طب ماهى رهف مكتوب كتابها من سنتين فاتوا ، و لحد دلوقتى ……
ليقاطعها مدكور قائلا : ناقصك كتير عشان تتعلميه يا تالا ، كتب الكتاب شئ و الجواز شئ تانى .. طالما لسه فى بيتى و ماحصلش دخلة تبقى البنت لسه فى طوع ابوها .. تقدرى تقولى خطبة مقننة .. ااه هو برضة جوزها و كل حاجة .. لكن بشروط و قيود و كمان حدود ، لكن للاسف مش كل الناس فاهمة الكلام ده ، رهف طالما ما اتزفتش لمراد فهى تحت رعايتي و اشرافى ، انما احنا هنكتب الكتاب و نسافر على طول ، يعنى جواز جواز مش مجرد خطوبة
تالا : بس مهما ان كان ، انا ما اقدرش ابعد عن دادى
مدكور : و مين قال انك هتبعدى .. انا بقول ان انا بس اللى هيبقى لى سلطة عليكى فى كل شئونك ، و ده اللى لازم تفهميه كويس و تحفظيه زى اسمك
لتنظر له تالا و هى تحاول قراءة ما يدور بعقله و هى تتذكر وصف ابيها له بالثعلب و لكنها تفشل فشلا ذريعا

لتمر الايام تباعا مابين التحضير للزفاف و بين ترتيبات العمل الخاصة بمجموعة مدكور الذى ارهق نفسه و بشدة كى لا يترك عبئا ثقيلا على اكتاف انور اثناء سفره و سفر مراد أيضا
حتى اتت ليلة الاحتفال بعيد ميلاد تميمة و الذى ضم اسرة مدكور و انضم اليهم سليمان مع ابنته تالا و اسرتى انور و زينب و بعض الاقارب المقربون للغاية لكلا العروسين .. امينة و أنور
كان حفلا بسيطا و لكنه كان راقيا و كانت هدى هى بطلته الاولى ، فقد اصرت على الاشراف على كل كبيرة و صغيرة به بعد ان الح انور على زينب ان يقوما بعقد القران ايضا و نال موافقتها
و بعد الاحتفال بعيد ميلاد تميمة و اطفاء الشموع ، امسكت هدى طبقا من المعدن و دقت عليه بشوكة معدنية فاصدرت صوتا عاليا جعل الجميع ينظر اليها لتضحك قائلة : احتفلنا بتميمة و كل سنة و هى طيبة ، بس آن الأوان بقى اننا نحتفل بالعرسان و اللا ايه

لتترك ما كان بيدها ثم تتجه الى امينة التى كانت تجلس بجوار رهف و تسحبها معها لركن قريب من المدعوين كان يوضع به مقعد عريض و مزين بالحرير و التل مع جدائل زهور الياسمين لتجلسها على المقعد لتجد ان مراد قد قام بالمثل مع أنور ليجلس بجانبها مع ارتفاع صوت الزغاريد و يصدح صوت الموسيقى و الغناء
ليقوم القاضى الشرعى بعقد القران وسط جو من البهجة ، ليقوم الجميع بتقديم التهانى و المباركات الصادقة
ليأتى موعد ارتداء الشبكة وسط فرحة صادقة من الجميع عدا تالا و سليمان اللذان كانا يراقبان مابحدث بشئ من التسلية حتى اتت اللحظة الفارقة بالنسبة لهم عندما وجدوا مدكور يقدم هدية لم يكن يتوقعها اى احد من المتواجدين و التى لم تكن سوى عقد تمليك لمنزل مبنى فوق عدد من قراريط الارض البسيطة و التى لم تتعدى العشر قراريط و الذى كان عقدها باسم امينة التى قال لها بحب : الارض دى ليها معزة خاصة عند زينب من زمان و عشان كده انا بانيها و موضبها و عامل حسابى انها هتبقى هدية جوازك انتى و اللى هيبقى من نصيبك .. مبروك يا بنتى
امينة بامتنان : يا خبر يا عمو ، ده كتير اوى
مدكور : مش كتير على اخت بنتى اللى بتحبها من قلبها ، ثم قال لزينب بمرح : ماتزغردى يا زينب
لتصدح زغاريد زينب مرة اخرى وسط نظرات الذهول المتبادلة بين سليمان و تالا التى توجهت مرة اخرى الى هدية مراد و رهف و التى كانت طاقم من المجوهرات الراقى الثمين

تالا بامتعاض : انا مش فاهمة هو ازاى بيتعامل كده مع الشغالين
ليقول سليمان بهمس خافت : دى بشرة خير يا بيبى ، تفتكرى اما دى تبقى هديته لبنت الدادة بتاعة بنته .. اومال هديتك انتى هتبقى ايه
تالا و بعينيها بريق الطمع : بس برضة الحاجات دى خسارة .. الناس اللى زى دى مابتعرفش تحافظ على الكلام ده و لا بتعرف قيمتها ، و اللا سى مراد راخر .. شايف الطقم اللى قدمهولهم هدية
سليمان : خليه يتنعم له يومين بفلوس عمه قبل ما المجموعة بتاعته تتحول على مجموعتنا
تالا بسخرية : عندك حق ، كفاية عليه انه هيقضى شهر العسل على حسابى ، خليه يعيش له يومين
سليمان باهتمام : انتى مقررة هتعملى ايه و اللا لسه
تالا بغرور : مش عاوزاك تقلق يا دادى ، صحيح مدكور ماطلعش سهل ابدا زى ماقلتلى ، بس مهما عمل مش هيعرف يوقفنى عن اللى فى دماغى .. انا وعدتك .. و طالما وعدتك ……
مدكور ضاحكا : يبقى هتنفذى يا بيبى
لتمر الايام تترى ، حتى كان يوم زفاف رهف و الذى كان مليئا بالصخب و الاهتمام من الجميع .. فمنذ الصباح الباكر و العمل يجرى فى القصر و فى الحديقة الخاصة به على قدم و ساق
فالمسئولين عن تنظيم حفل الزفاف يضعون معداتهم من الامس و يقومون بتنسيق المكان و تقسيمه وسط العمل الدؤوب تحت اشراف انور و احمد زوج هدى و الذى وصل من سفره منذ يومين فقط
اما رهف فكانت تخضع لما تقوم به خبيرة التجميل بغرفتها بصحبة هدى و امينة و متابعة زينب من فينة لاخرى

اما تالا فقد اصرت ان تأتى بخبيرة التجميل الخاصة بها من القاهرة لتقوم بالاعتناء بها و تجهيزها لتلك الليلة التى ستكون حديث الميديا و الاعلام لفترة ليست بالقليلة
اما مراد فكان بصحبة مدكور الذى كان يجلس بغرفة مكتبه يتابعه باهتمام بالغ و هو يوصيه برهف قائلا : طول عمرى كنت بتعامل معاها بجمود و يمكن بقسوة .. لكن ده كان لظروف شغلنا و بعدى عنها اوقات طويلة .. كنت عارف انها بتخاف منى و كنت بتعمد ان ده يحصل عشان تبقى دايما شايفانى قدامها فى اى تصرف تتصرفه سواء كنت موجود هنا او لا
لكن كنت شايف انى كده بعمل منها باب صد لاى حاجة ممكن تحصل معاها و انا مش موجود ، ما اعرفش ان كنت غلطان و اللا صح .. لكن هو ده اللى حصل
و اوعاك تفكر انى ما كنتش اعرف بموضوع الاتيلية و التمثيلية الهبلة اللى عملتوها عليا .. انا عارف بالاتيلية ده من قبل ما يتعمل
لينظر إليه مراد بذهول فيكمل مدكور بسخرية : ماكنتش ابقى مدكور العزيزى لما الكلام ده يتعمل من ورا ضهرى

مراد بفضول : اومال ليه حضرتك فهمتنا انك ماكنتش تعرف فعلا
مدكور بابتسامة : لكذا سبب .. اولا فرحت بيك و انت بتدافع عنها قدامى و واقف فى ضهرها و انت بتحميها منى وبتقولى انك كنت معاها و عارف من البداية .. وفتها حسيت انى مش سايبها لوحدها ابدا
مراد : طب و ثانيا
مدكور : ماكنتش عاوز ثقتها تتهز فى زينب و امينة
مراد بصدمة : تقصد ان هم اللى ….
مدكور بابتسامة : من اكتر من اربع سنين .. كنت انت فى القاهرة و انا كنت قاعد مكانى هنا براجع اوراق الشغل ، لقيت زينب بتخبط عليا و دخلت و هى ساحبة امينة فى ايدها و بتقوللى
فلاش باك
زينب : كنت عاوزة اقول لك على حاجة
مدكور و هو يطالع امينة التى يبدو عليها التمرد : خير يا زينب .. فى ايه و مالك ماسكة امينة بالشكل ده ، ايه اللى حصل
لتشير زينب الى امينة قائلة بامر : اقعدى
لتجلس امينة على الفور و لكن بامتعاض و تقول زينب : يا مدكور بية انت عارف انى مش ام امينة و بس و يعلم ربنا انى بعتبر رهف زيها بالظبط و غلاوتهم عندى واحدة
مدكور : و ايه لازمة المقدمة الطويلة دى .. انا عارف و متأكد من الكلام ده كويس اوى
زينب : و انا الصراحة شايفة البنات عايزين يعملوا حاجة كويسة بس طبعا كالعادة رهف بتترعب منك و خايفة تقول لك
مدكور : و انتى بقى جاية تتوسطيلها
زينب : لا .. جاية اقول لك انهم هيعملوا اللى هم عاوزبنه من غير ما يقولولك
مدكور بحدة : إيه الكلام الفارغ ده
لتنتفض امينة بجلستها و تقول بدفاع : يا عمو الحكاية مش كده خالص ، ماما بس فاهمة غلط
مدكور : فهمينى انتى الصح يا ست امينة
امينة : حضرتك عارف ان رهف شاطرة اوى فى تصميم الازياء ، و غاوية تقص و تفصل بنفسها و حضرتك ماتقدرش تنكر ابدا ان اى حاجة بتعملها بتخطف عين كل اللى بيشوفها
مدكور : و بعدين
امينة و هى تزدرد لعابها بصعوبة : انا اقترحت عليها انها تعمل اتيلية صغنن تقدر تستغل فيه موهبتها دى
مدكور بسخرية : يعني بعد العمر ده كله بنتى تطلع خياطة يا ست امينة

امينة بدفاع : خياطة ايه بس يا عمو ، بقول لحضرتك اتيلية و تصميم زى اللى حضرتك بتجيبلها هدومها كده منها لما بتنزل القاهرة
مدكور : انتى بتشرحيلى ايه انا مش فاهم ، هو انا يعنى مش عارف يعنى ايه اتيلية يا بنت زينب و انتى اللى بتعرفينى
امينة : العفو حضرتك .. اسمعنى بس يا عمو ، رهف طول الوقت قاعدة لوحدها ، حضرتك محرج عليها كل حاجة و مانع عنها حتى تروح فى اى مكان
مدكور : طب ماهى شغالة على رسالة الماجستير و قربت تخلصها
امينة : ماهى برضة الدنيا مش كلها مذاكرة و بس ، اديها فرصة تطلع الطاقة اللى جواها
مدكور : و لما تهمل الرسالة بتاعتها عشان الازياء
امينة : مش هيحصل صدقنى ، لانها شايفة ان الرسالة الحاجة الوحيدة اللى ممكن تخلى حضرتك شايفها و فخور بيها
لينظر مدكور الى زينب التى كانت تستمع الى امينة فى صمت و قال : و انتى يا زينب ايه رايك فى الكلام ده
زينب : انا موافقة على كل كلمة اتقالت
مدكور بدهشة : اومال اللى يشوفك و انتى ساحباها و جايالى يقول انك بتسلميها لقضاها
زينب : ده لانى مش عاوزة ده يحصل من وراك ، عاوزاه يبقى بمعرفتك و مباركتك كمان
امينة : يا ماما .. يا عمو ارجوكم اسمعونى ، رهف محتاجة تعمل الكلام ده من غير ما تخاف من الفشل او الحساب ، ادوها فرصة تثبت لنفسها انها بتقدر تعمل حاجة ناجحة من غير ماتبقى طول الوقت عاملة حساب رد الفعل لو غلطت اى غلطة صغيرة .. ارجوك يا عمو افهمنى .. اديها فرصة واحدة تعمل حاجة بعيد عن الخيوط اللى حضرتك مربطها بيها ، لو نجحت و هى عارفة انها لوحدها هتحس انها قوية زى ما انت دايما بتتمنى
مدكور : طب لو فشلت
امينة بحماس : رغم انى متأكدة ان ده مش هيحصل .. بس حتى لو كان .. على الاقل هتوفر عليها كسرة عينها قدامك
عودة من الفلاش باك
مراد : يعنى حضرتك كنت بتتابعها و بتساعدها من بعيد لبعيد
مدكور : كنت بتابع اخبارها بس .. مش بتابعها هى ، و عمرى ما ساعدتها

مراد بدهشة : اومال ليه حضرتك كنت عاوز تمنعها من رسالة الدكتوراة بتاعتها
مدكور ضاحكا : كنت بحاول اخليها تتحدى روحها قدام تالا ، لانى كنت حاسس ان سليمان خلاص مش قادر يصبر اكتر من كده ، و كمان ده كان قبل ما اعرف انهم نقلوا العطا عليا
ثم اكمل بجدية .. قصر الكلام يا مراد .. انا يمكن ما كانش فى وقت قبل كده انى اوصيك على رهف ، لكن انت اكيد مش محتاج تعرف انها اغلى حاجة عندى فى دنيتى كلها ، و بتمنى انك ماتجيش فى اى وقت تجرحها او تحسسها انها مفروضة عليك
مراد : مفروضة عليا .. ليه حضرتك بتقول كده
مدكور : بقول كده لانى فعلا فرضتكم على بعض ، بس صدقنى لانى كنت و مازلت شايف انكم اكتر اتنين هتقدروا تصونوا اسم العزيزى ، يمكن ماسالتش حد فيكم عن رأيه ، و بتمنى ان ماحدش فيكم يحملنى نتيجة ده فى يوم من الايام سواء كنت لسه موجود معاكم او لا
مراد بحب : ربنا يخليك لينا و يديك الصحة يا عمى .. احنا مالناش غيرك ، ثم صدقنى انا من صغرى و انا حاطط فى دماغى ان انا و رهف مسيرنا لبعض .. لاننا اولى ببعض و اللا ايه .. مش هى دى عادتنا و تقاليدنا
مدكور : ربنا يسعدكم يا ابنى و اشيل ولادكم
مراد بابتسامة : ان شاء الله يا عمى ، و خلاص حضرتك قررت تكتب الكتاب بعد بكرة فعلا
مدكور : ايوة .. ان شاء الله
مراد : انا طلبت من احمد انه يحضر مع حضرتك هو و هدى
مدكور بابتسامة باهتة : اهتم انت بس بجوازك و ماتشيلش هم حاجة تانية ، و اهم حاجة انكم لما تسافروا بالسلامة تفضلوا دايما على اتصال معايا عشان تطمنونى عليكم ، و قوم ياللا انت كمان عشان تلحق تجهز
بغرفة رهف كانت هدى و امينة تحاولان الترفية عن رهف لشعورهما بتوترها و قلقها الزائد عن الحد
امينة و هى تأكل بعض الفزدق : احلى حاجة فى الدنيا دى هو الفزدق .. تاكلى كده و تنبسطى و تنسى كل حاجة
هدى : طب ماتجيبى شوية ، انتى واخدة الطبق كله و خلصتى على كل المكسرات لوحدك
امينة : مين ده ، دى بنتك واخدة نص الكاجو فى جيوبها
رهف بزهق : بس بقى دوشة انتو تاعبين اعصابى بنقاركم ده
امينة باستهجان : احنا اللى تاعبين اعصابك ، ده انتى مخلصة تلاتة متر لبان لحد دلوقتى و برضة مش مبطلة توتر
هدى بضحك : انهى لبان ده اللى بالمتر
امينة : انا عارفة لها بقى ، عمالة تهز فى رجلها و تفرقع فى صوابعها لما حولتنى .. قلت اجيبلها شوية لبان تطلع فيه قلقها ده .. خلصت العلبة المفترية و برضه مافيش فايدة
رهف و هى على وشك البكاء : انتو اصلكم مش حاسين بيا .. انا عاوزة دادة ، حد يندهلها محتاجة لها هنا جنبى ماتسيبنيش
هدى بلطف : يا حبيبتى بس .. اهدى شوية ، ليه كل القلق ده
رهف : انا مرعوبة يا هدى .. حاسة ان قلبى هيقف من الخوف
و قبل ان تجد من اى منهم ردا سمعوا دقا على الباب ، و عندما سمحن للطارق بالدخول.. اطل عليهم مدكور بوجهه و قال بمرح قلما يروه : ها يا بنات عاملين ايه
هدى بمرح : عاملين حفلة كاجو و مكسرات انما ايه
مدكور و هو يراقب رهف التى مدت يديها بسرعة لتزيح بعض العبرات عن وجنتيها : طب هو انا ممكن اخد منكم رهف شوية و ارجعهالكم تانى
هدى : ايه ده بقى .. فيها لا اخفيها
مدكور : يا ستى انتى فيها على طول ، بس سيبيهالى خمس دقايق و هرجعهالكم تانى صاغ سليم
ليصطحب مدكور رهف الى غرفة نومه و يجلسها على الاريكة .. ثم يذهب الى حافظة ملابسه و يخرج منها صندوقا من الصدف المطعم بالعاج و التى عرفته رهف من النظرة الاولى فهو صندوق والدتها التى كانت تحتفظ فيه بمقتنياتها الثمينة ، و عاد اليها ثم جلس الى جوارها و قال : يمكن ماحصلش قبل كده انى قلت لك انتى غالية عندى اد ايه .. لكن آن الأوان انك لازم تفهمى انك اغلى عندى من اى حاجة تانية فى الدنيا دى .. انتى امتدادى على الارض يا رهف ، يمكن ولادك مايشيلوش اسمى بصحيح لكن هيشيلوا كل حاجة حلوة غرستها فيكى
عارف كمان انك بتخافى منى ، لكن اللى ماتعرفيهوش .. انى بحبك اكتر من روحى ، و من وقت ما كنتى لسه فى اللفة و انا بحلم باليوم اللى اسلمك فيه لمراد و اللى عمرى ماتمنيتلك غيره لانه اكتر حد هيصونك و هيخاف عليكى
يمكن اى بنت فى الدنيا دى .. فى يوم زى ده بتبقى محتاجة امها معاها تبقى جنبها ، الله يرحم امك كانت و نعم الزوجة و اتمنى انك تكونى زيها و دايما تبقى مصدر فخر ليا زى ماكنتى طول عمرك
رهف بدموع : انا يا بابا .. انا كنت مصدر فخر ليك
مدكور بتاكيد : اومال ايه … طبعا .. كنت دايما فخور بيكى لدرجة انى كنت بخاف عليكى من الحسد ، فكنت دايما احاول ادارى فخرى ده
ثم مد يديه بالصندوق و وضعه على قدميها و قام بفتحه قائلا : العلبة دى فيها كل مجوهرات امك الله يرحمها .. و النهاردة بقت ملكك ، المجوهرات دى غالية عندى اوى لانها من ريحتها ، ثم تناول من الصندوق عقدا من اللؤلؤ الحر و اكمل قائلا .. لكن العقد ده انا و امك الله يرحمها اشتريناه سوا و انتى كان عمرك خمس سنين و صممت ماتلبسهوش و قالت انها هتشيلهولك لحد ما تلبسهولك يوم فرحك ، و عشان كده انا جيبتك هنا عشان البسهولك باديا زى ما كانت بتتمنى
ليمد يديه حول عنقها و هو يلبسها اياه لترتمى رهف باحضانه و هى تجهش بالبكاء فيضمها رابتا عليها بحنان قائلا : هتوحشينى … البيت مش هيبقى له طعم من غيرك .. مبروك يا حبيبتى .. الف مبروك بتمنالك السعادة من كل قلبى
رهف و هى تجفف دموعها : الله يبارك فيك يا بابا ، و مبروك لحضرتك انت كمان .. و ان شاءالله انت كمان تبقى سعيد و مبسوط
مدكور : ربنا يكتبلنا الخير كله من عنده .. ياللا عشان ترجعى تكملى اللى كنتى بتعمليه و عاوز الابتسامة ماتفارقش وشك النهاردة
و عندما همت رهف بمغادرة الغرفة قال : خدى المجوهرات معاكى
رهف بحيرة : ايوة .. بس هعمل بيها ايه و انا مسافرة
مدكور : خلاص ماتشغليش بالك .. انا هديها لمراد وهو هيتصرف
رهف : اللى حضرتك تشوفه
لتمر الساعات سريعة ليجتمع كبار عاىلات الصعيد مع كبار رجال الاعمال فى حفل زفاف انجال العزيزى و الذى تناولته بعض المواقع كحدث مباشر
لينتهى حفل الزفاف باصطحاب مراد لرهف و مغادرتهم القصر بملابس الزفاف بعد توديع الجميع الى الميناء الجوى لبدء رحلة شهر العسل
فى السيارة التى كان يقودها احمد زوج هدى و كانت هدى بصحبتهم .. كانت رهف كالتائهة و يبدو على ملامحها الذعر و هى تنظر من النافذة و تراقب قصرهم و هو يبتعد عن عينيها شيئا فشئ ، فقامت هدى باجلاس تميمة بين مراد و رهف و قالت : بقول لكم ايه .. ماتاخدوا تيمو معاكم ، مش هتاخد مكان .. قول لهم الماديلية بتاعتى
مراد ضاحكا : بس هيصادروها فى الجمارك .. هيخافوا النمل يتلم عليها
تميمة و هى تصع يدها على فستان رهف : هستخبى فى فستان رهف و مش هبان
مراد : فكرة برضة .. خلاص يا رهف دخليها معاكى فى الفستان
لتبتسم رهف نصف ابتسامة دون رد ليقول احمد : بس يا هدى ماتشبطيهاش لا تفضحنا فى المطار
هدى : انا عاوزاكم تكلمونى كل يوم ، و عاوزة صور كتير كتير ، و كمان تجيبولى هدية حلوة من تركيا و لتيمو كمان
تميمة : انا عاوزة عروسة
مراد و هو يقبل تميمة : احلى عروسة لكحكتى
احمد : عروسة مين يا عم ، احنا عاوزين عيال تلعب مع تيمو عشان تونسها
ليكسو الخجل ملامح رهف التى ذهبت ببصرها على الفور الى النافذة وسط ضحكات احمد و هدى ، اما مراد فكانت الابتسامة مرسومة على شفتيه دون تعليق
وبعد ان وصلا الى الميناء الجوى .. تبادلوا السلام و التهنئة مرة اخرى بعد ان اخذت هدى رهف بين احضانها و قالت لها هامسة : سيبى نفسك للدنيا يا رهف و انبسطى و اوعى تخافى .. خلى عندك ثقة فى مراد .. صدقينى مراد هياخد باله منك و هيعمل كل ما فى وسعه عشان يسعدك .. و حاولى تتكلمى معاه و تطلعى اللى فى قلبك .. ابنى قناة للحوار بينكم يا رهف .. ماتستنيش حد يبنيهالك
اما بالقصر .. فبعد ذهاب جميع المدعوون ، بقى سليمان باستضافة مدكور ليبيت ليلته بالقصر بعد ان تم الاتفاق على سفر الجميع الى القاهرة فى اليوم التالى استعدادا للزواج الجديد

يتبع…

فى الطائرة المتجهة الى تركيا .. كانت تجلس رهف الى جوار مراد و هى كالموتى ، فكانت يداها باردة كالثلج تتشبث بحواف مقعدها و عيونها ذائغة فى كل اتجاه لا تستقر على شئ لاكثر من لحظة و هى تجاهد لرسم ابتسامة على شفتيها التى لولا طلاء الشفاة لاجزمت انها باهتة بهوت اشجار الخريف
و كانت المضيفات يرحبن بها و بمراد مع ترديد عبارات المباركة و التهنئة التى اشترك فيها الكثير من الركاب ، و كان مراد يرد عليهم بايماءات من رأسه يصاحبها ابتسامة دبلوماسية كامتنان للجميع

و ما ان استقر مراد بمقعده و التفت اليها ليشعر على الفور بما تعانيه فقال لها بخفوت : ايه يا رهف .. انتى خايفة من الطيارة و اللا ايه
لتهرب عبرة خائنة من مقلتيها عندما احنت راسها و هى تحاول مداراة رعبها الساكن بجوانبها ، فقال مرة اخرى : انا عارف انك ماركبتيش طيارات قبل كده .. بس مش لدرجة الرعب ده .. ماتخافيش كده
رهف و عى تحاول السيطرة على نبرات صوتها المتهدجة : مش الطيارة بس اللى مخوفانى
مراد بفضول : ايه تانى مخوفك اومال
رهف بيأس : مش هتفهمنى
مراد : طب ما تحاولى تتكلمى .. مش يمكن افهمك
رهف و هى تمسح على وجهها : طول عمرى كنت لوحدى ، و خدت على كده .. بس على الاقل كنت ببقى عارفة ان دادة زينب و امينة حواليا .. لكن دلوقتى …..
مراد : دلوقتى حاسة بالوحدة اكتر من غيرهم .. هو ده اللى تقصديه
رهف بتردد : مش بالظبط
مراد : طب ايه
رهف بخفوت : حاسة انى عاملة زى اللى مابيعرفش يعوم و رموه فى البحر مرة واحدة و سأبوه و قالوا له عوم لوحدك
ليصمت مراد لبرهة و هو يفكر فى معنى حديثها ثم قال : و يا ترى تقصدى ايه بالبحر بالظبط .. السفر و اللا الطيارة … و اللا جوازنا
رهف و هى تختلس النظرات الى رد فعله : كله
مراد : انتى حاسة انك لسه مش مستعدة لجوازنا .. كنتى حابة ننتظر شوية كمان
رهف بتنهيدة حارة و هى تتذكر كلمات هدى لها وقت الوداع : انا بس مش فاهمة
مراد : و ايه اللى مش فاهماه
رهف : مش فاهمة يا مراد .. و مش عارفة اذا كان جوازنا ده بالنسبة لك عن قناعة خاصة و اللا مجرد ارضاء لبابا
مراد و قد وجدها فرصة جيدة لخوض حديث تمنى حدوثه : طب ما تيجى نجيبها من الاول يا رهف
رهف باستغراب : هى ايه دى اللى نجيبها من الاول
مراد : من فترة كده دار ما بيننا حوار كان معناه انك يمكن تكونى مش موافقة على جوازنا من البداية
رهف بحمحمة : لاأاا .. مش ده اللى كنت اقصده
مراد : اومال كنتى تقصدى ايه
رهف : اقصد انك ما اهتمتش تعرف رأيى .. و خصوصا ان بابا هو اللى …
و عندما صمتت قال لها مراد بالحاح : بابا هو اللى ايه .. كملى

لتنظر له رهف بحزن و تقول : بابا هو اللى طلب منك تتجوزنى
ليصمت مراد و هو يتنقل بين عينيها و الذى لاول مرة يشعر بألم ساكن بداخلها و قال : انتى تقصدى انى ممكن اكون مجبر على جوازنا
رهف و هى تنظر بعيدا : ايه … مش هى دى الحقيقة
مراد : طب و انتى ايه اللى خلى الفكرة دى جت فى دماغك
رهف : تقصد ايه اللى اكدهالى
مراد بذهول : و كمان اكدهالك … طب فهمينى
رهف : افهمك ايه .. افهمك اننا مكتوب كتابنا من اكتر من سنتين ، و انك طول ما انت موجود و فى نفس البيت و احنا تقريبا مافيش حوار بيننا
افهمك انك تقريبا ما كنتش تعرف رسالة الدكتوراة بتاعتى عن ايه لحد ما انا اتكلمت عنها فى العزومة بتاعة العشا اللى بابا بلغنا يومها بجوازه من تالا
اقول لك ايه و اللا ايه ، اقول لك انى لسه مجروحة منك من وقت ما اعتقدت انى بكذب عليك فى موضوع الاتيلية
مراد بدفاع : انا ما كذبتكيش
رهف بحزن: و ماصدقتنيش يا مراد غير لما سألت هدى و عرفت منها
مراد : مش دى الحكاية ابدا ، الحكاية ان الموضوع بالنسبة لى كان زى الصدمة .. الحقيقة انتى فاجأتينى بحاجة كانت مستبعدة جدا بالنسبة لى
رهف بفضول : و ليه بقى مستبعدة و جدا كمان
مراد بابتسامة : اولا لانى ماكنتش اعرف انك شاطرة اوى كده فى الحكاية دى
رهف بخجل : و عرفت منين بقى انى شاطرة و اوى كمان
مراد : من رأى كل الستات اللى شافوا شغلك ، او اتعاملوا معاه .. حتى تالا كنت شايف انبهارها بالفساتين بتاعتك اللى عرفت بعد كده انها من تصميمك
رهف : طب و ثانيا
مراد بجدية : ثانيا … انى ما توقعتش ابدا انك ممكن تقدرى تخطى خطوة زى دى من ورا عمى
رهف بخفوت : بالمناسبة .. يمكن ماجتش فرصة مناسبة انى اشكرك كفاية على وقوفك جنبى قدام بابا فى موضوع الاتيلية .. الحقيقة موقفك وقتها فاجئنى

مراد : ما هو اكيد ماكانش ينفع انى اسيبك تتعرضى للهجوم ده كله فى وجودى و اقف اتفرج عليكى
بس خلينا نرجع لحكاية انى متجوزك مجبر دى ، مش معنى ابدا كل الكلام اللى قلتيه ده انى مجبر على جوازنا يا رهف
لتنظر له رهف بعدم اقتناع فيكمل قائلا : انا راجل عملى يا رهف ، و ده شئ لازم تعرفيه و تتعودى عليه .. شغلى مهم جدا عندى و عشان كده بيبقى مستحوذ على كل اهتمامى .. و ده لانى ما كانش عندى حاجة غيره اهتم بيها
حتة انى ماكنتش اعرف موضوع رسالتك بالتفصيل .. فيمكن يكون كلامك فيه شئ من الحقيقة .. بس ده مش عدم اهتمام اد ماهو عدم فهم ، انا ما بفهمش فى القانون ، و عشان كده كنت بسمع و بس و مش هدافع عن نفسى و اقول لك انى صح .. ابدا ، انا بس بقوللك القصة و ما فيها

و لازم تفهمى حاجة مهمة جدا … من قبل ما عمى يتكلم فى موضوع جوازنا ، و انا كنت واخد جوازى منك شئ مفروغ منه و مسلم بيه
رهف بدهشة : ازاى بقى .. و مين اللى قال
مراد : العادات .. و التقاليد بتاعتنا … انتى فكرك لو كان ليكى اخ ، و اللا كان لينا ولاد عمام تانيبن .. كانت هدى اتجوزت من برة العيلة.. طبعا لا
رهف ببعض الحزن : يعنى لو مش اجبار من بابا ، فاجبار من العادات و التقاليد
مراد باستياء : و ليه واخداها انها اجبار انا مش فاهم
رهف بسخرية : اومال اخودها ازاى
مراد : خديها ببساطة ، و احسبيها من زاوية تانية
رهف : زاوية ايه بقى دى
مراد : ان عمى هو اللى مربينى من بعد بابا الله يرحمه و بقى فى مكان والدى ، و لما آن الاوان انى اتجوز وافتح بيت .. حب انه يرشحلى عروسة اللى هو انتى ، و انا وافقت و اتجوزنا
رهف بسخرية : يااااسلاام
مراد : انا شايف ان الموضوع عادى جدا الا إذا… كنتى انتى اللى رافضة جوازك منى او ما زلتى
رهف بلهفة : لأ
مراد بابتسامة : اومال لازمتها ايه بقى كل اللفة دى
رهف بخجل : يمكن لانى ماعرفكش يا مراد .. بعد العمر و السنين دى كلها حاسة انى ماعرفكش
مراد بابتسامة : يا ستى بكرة تعرفينى
رهف بامتعاض: و هعرفك ازاى بقى و انت الشغل هو محور حياتك كلها
مراد : ماقلنا ده لانى ما كانش عندى غيره يشغلنى .. لكن اعتقد دلوقتى الوضع اتغير
رهف بخجل : و اتغير ازاى بقى
مراد ضاحكا : لا خلى ازاى دى بقى تبقى بالتجربة ، و انتى بنفسك اللى هتحكمى على التغيير ده
لتومئ رهف برأسها بهدوء لتجد مراد يمد يده ليمسك كفها قائلا : لسه خايفة من الطيارة

لتنظر رهف باتجاه زجاج النافذة لتكتشف انها بين السحاب و ان حديثها مع مراد جعلها تغافلت عن شعور الخوف الذى كان يملأ جنباتها فقالت بابتسامة رضا : لأ .. خلاص الحمدلله عدت
……………………….
فى فيلا سليمان بالقاهرة كان يجلس مدكور بابهى طلة لرجل فى عمره ، فكان يجلس بخيلاء بجوار سليمان و بصحبتهم تالا و هى ترتدى ثوب العرس الذى قد صمم مدكور على ان ينتقيه بنفسه ليضمن حشمته و وقاره
كان القاضى الشرعى يقوم بانهاء اوراق عقد القران بعد ان انتهى من عقده فى حضور هدى و زوجها احمد الذى كان شاهدا على عقد القران مع المحامى الخاص بسليمان و عدد محدود جدا لا يتعدى العشرة اشخاص من اصدقاء تالا و اسرة سليمان
و بعد ان انتهى القاضى الشرعى من اجراءاته قام بلملمة دفاتره و هنأ العروسين و غادرهم ليقول سليمان بمرح : ياللا يا عريس .. لبس عروستك شبكتها
لتتقدم هدى من عمها لتناوله صندوقا من القطيفة الفاخرة و هى تقبل رأسه و تقول بدبلوماسية : اتفضل يا عمى .. ألف مبروك
ليلتقط مدكور الصندوق و يقوم بفتحه ليظهر طاقما من الالماس الخالص الذى ينطق بالبذخ الشديد و الذى سرق انظار الجميع و بمقدمتهم تالا و التى كانت متشوقة لرؤية هدية الزفاف التى وعدها بها مدكور حين قال لها بعد زفاف رهف : شبكتك دى المفروض انها هديتى ليكى ، و دى اول هدية منى ليكى و انتى على ذمتى .. يعنى لازم تكون تليق بينا احنا الاتنين
ليلتقط مدكور الخاتم الذى كان يقدر بعدد ليس بالقليل من قراريط الالماس و مد يده ليلتقط كف تالا التى تراقب الحاتم بانبهار و البسها اياه و هو يقول : اتمنى يكون ذوقى عجبك
تالا و هى تعبر عن انبهارها : الا عجبنى .. ده يجنن يا حبيبى .. ذوقك تحفة .. ميرسى
سليمان : الف مبروك يا عرسان .. مبروك يا بيبى
تالا : الله يبارك فيك يا دادى
مدكور بمرح : عقبالك يا سليمان
سليمان ضاحكا : ايدى على كتفك .. الاقى بس عروسة حلوة كده و تحبنى زيكم كده
و كان هناك مصورا صحفيا عمله الاوحد التقاط الصور لتالا و مدكور و بعض اللقطات لعقد القران و التى اتفقت معه تالا على كيفية توظيف تلك اللقطات فيما بعد
و بعد القليل من الوقت نهض مدكور قائلا : ياللا بينا
سليمان : هتمشوا من دلوقتى .. لسه بدرى على معاد الطيارة
مدكور : يادوب على مانغير هدومنا
تالا : انا بعتت شنطى كلها مع السواق اللى بعتهولى الصبح
مدكور : و وصلوا من وقتها .. ياللا بينا
………………..
امام عمارة أنيقة بحى الزمالك على النيل مباشرة .. توقفت سيارة مدكور ليهبط منها وسط استغراب تالا التى قالت بفضول : انت وقفت هنا ليه
مدكور : وصلنا
تالا و هى تتلفت حولها بدهشة : وصلنا فين .. مش الفيلا بتاعتك فى …
مدكور مقاطعا : الفيلا دى بتاعة رهف و مراد ، انما احنا هنعيش هنا فى شقتى
رهف بذهول : انت اول مرة تجيبلى سيرة الكلام ده
ليترجل مدكور من السيارة و يتجه الى الباب الخاص بها ليفتحه و يمد يده إليها ليساعدها على الهبوط من السيارة و الصعود الى شقتهم و هو يقول : اوعى تفكرى ان عشان مراد يبقى ابن اخويا و جوز بنتى كمان .. انى ممكن اسمح انكم تعيشوا مع بعض تحت سقف واحد
ثم انا عاوزك تبقى فى بيتك براحتك و بكامل حريتك ، ماينفعش حد يشاركك فى مملكتك دى .. و اللا ايه ، وكمان انا مش حابب ان يبقى فى بيننا عزول .. مش بذمتك عندى حق
تالا بتردد : ااايوة طبعا
و ما ان وصلا الى شقتهما حتى وجدتها جميعا مضاءة بانوار خافتة و مزينة بالورود و الشموع ، و وجدت مدكور قد اعد لها مأدبة عشاء فاخرة فقالت باستغراب : انت مش قلت هنغير هدومنا و نطلع على المطار على طول
مدكور : الكلام ده كان عشان الناس و الاعلام و بس
تالا : طب اومال ايه
مدكور بخبث : احنا هنقضى الليلة هنا فى بيتنا .. انا و انتى و بس ، و بكرة بالليل ان شاء الله نطير على شهر العسل
تالا بلجلجة : طب و ليه ماقلتش لدادى على الاقل يتطمن علينا

مدكور ضاحكا : انسى دادى بقى .. احنا مش قلنا لازم نعرف الفرق بين قبل و بعد .. ياللا يا حبيبتى .. تعالى اوصلك اوضة النوم و اوريكى الحاجات اللى مجهزهالك عشان تغيرى هدومك ، و اااه .. اعملى حسابك ان تليفوناتنا هتتقفل لحد ما نرجع القاهرة
تالا : طب كده الناس هتقلق علينا
مدكور : لا ماتقلقيش .. انا بلغت كل الناس فماحدش هيقلق علينا
…………………
بعد مرور شهر و فى فيلا رهف فى القاهرة
كان موعد عودة رهف و مراد من تركيا .. و كان فى استقبالهم هدى و تميمة و زينب و امينة ، و ما ان دلفا الى الداخل ، حتى هرعت رهف الى احضان زينب و هى قائلة باشتياق : وحشتينى اوى يا دادة
زينب بحب : انتى اكتر يا قلب دادة ، و لو ماكنتيش وحشتينى بالشكل ده ماكنتش طاوعتك ابدا و جيت لحد هنا النهاردة
مراد ضاحكا و هو يحتضن هدى و تميمة : و الله الواحد حاسس انه مسافر بقاله كتير اوى
هدى بمرح : ليه يا عم مراد كنت حاسس بالغربة و اللا ايه
مراد : لا وانتي الصادقة .. اخدت على الكسل ، مش عارف ازاى هبقى مطالب انى اصحى بدرى و انزل شغلى من تانى
رهف و هى تحتضن امينة بسعادة : جايبالك معايا اخبار تجنن بخصوص الشغل
امينة : ده انتى اللى تستعدى عشان تسمعى الاخبار اللى هنا
زينب : مش هنبتديها شغل.. ياللا اطلعوا غيروا هدومكم و انزلوا عشان نتغدا سوا .. زمان مدكور بية على وصول
رهف : هو بابا وصل
هدى : كلمنا الصبح و قال انه هييجى يتغدا معانا
رهف بحنين : وحشنى اوى
زينب : و اكيد انتى كمان وحشتيه .. ياللا اطلعوا اعملوا زى ما قلتلكم
وبعد صعود مراد و رهف الى غرفتهما .. يلاحظ مراد ان رهف يعتليها الشرود فجذبها تحت جناحه قائلا: سرحانة فى ايه

رهف : مش عارفة يا مراد ، دى هتبقى اول مرة اتعامل فيها مع رهف و هى مراة بابا .. حاسة انى مش على راحتى
مراد : لازم تبقى على راحتك .. و لازم تفتكرى ان انتى هنا فى بيتك و هم جايبن ضيوف عليكى
رهف بذهول : بابا هيبقى ضيف على بيته
مراد بتوضيح : مراته هتبقى ضيفة عليكى ، ثم انا فهمتك ان عمى اخد شقة لوحده عشان يبقى هو براحته و احنا براحتنا
رهف بتنهيدة : عمرى ما اتخيلت انه ممكن يبعد عنى
مراد : طب ماهو كان بينزل القاهرة و يسيبك
رهف : كنت ببقى عارفة انه يومين و اللا تلاتة و راجع ، لكن بالوضع ده …
مراد : بالوضع ده ايه بس يا رهف ، دا احنا مع بعض فى القاهرة ، و المسافة يعنى مش كبيرة للدرجة دى ما بيننا و بينه
لتصمت رهف على مضص ، ليلاحظ مراد امتعاضها فيكمل حديثه قائلا : حاولى تاخدى الموضوع ببساطة اكتر من كده
رهف : مش قادرة اتصورها مكان امى يا مراد ، مش قادرة اتخيل حتى انها ممكن تدخل اوضتها
ليديرها مراد لتقف بين يديه ليقول لها بجدية: اوعى تفكرى ان عمى ماعملش حساب النقطة دى ، اومال انتى متخيلة سكن بيها بعيد ليه ، ماهو عشان كده ، عمى كان حريص لاقصى درجة انه يحافظ على مشاعرك و على ذكرى مامتك الله يرحمها فى نفس الوقت
رهف : الاختيارين احلى مافيهم مر يا مراد .. يمكن ماتصدقش لما اقول لك ان بعد بابا عنى هياثر فيا اوى ، كلكم معتقدين ان عشان كان دايما بيتعامل معايا بجد زيادة عن اللزوم ان بعده مش فارق معايا .. لكن بالعكس .. انا رغم كل شئ الا انى كنت دايما ببقى متطمنة و انا شايفاه قدامى
مراد بامتعاض : و انتى مش متطمنة بوجودى معاكى
رهف : اقصد انى كنت ببقى متطمنه عليه يا مراد .. ماتنساش انى ماليش غيره فى الدنيا دى
مراد بعبوس : اومال انا ابقى ايه بقى
رهف بابتسامة : انت جوزى .. لكن هو ابويا ، يعنى ما ينفعش اقارنكم ببعض
مراد بتنهيدة : غلبتينى يا ست رهف .. بس انا برضة مش عاوزك تاخدى الموضوع بمأساوية اوى كده ، و ماتحمليش هم ، انا ما اعتقدش ان عمى اصلا يقدر يبعد عنك

بعد مضى فترة من الوقت .. وصل مدكور بصحبة تالا التى تغير مظهرها مئة و ثمانون درجة .. فكانت ترتدى ملابس انيقة محتشمة لم يعتادها عليها احد و كانت شبه متجهمة تتعامل برسمية مع الجميع
و ما ان علمت رهف التى كانت ماتزال بالاعلى ان ابيها قد وصل ، حتى هبطت مسرعة و هى تقول بلهفة : بابا .. حمدالله على السلامة .. وحشتنى
لينهض مدكور من جلسته و هو يفتح لها ذراعيه قائلا بلهفة حقيقية : انتى اللى وحشتينى يا عفريتة .. اول مرة تغيبى عنى المدة دى كلها
ليتبادلا عناقا قويا لم يخلو من دموع رهف التى قبلت ابيها قائلة : ماكنتش فاكرة انى هوحشك كده .. كنت فاكرة انا بس اللى كده
ليضمها مدكور الى جناحه مقبلا رأسها و هو يقول : و مين بقى اللى قال الكلام ده .. ده انتى وحشتينى من قبل حتى ما تسافرى .. تعالى اقعدى جنبى و احكيلى .. انبسطتى فى شهر العسل
كان مراد كان وصل اليهم هو الاخر فقال بترحيب : اهلا اهلا يا عمى حمدالله على السلامة .. و مبروك
ليتبادلا الاحضان فى حين ذهبت رهف الى تالا و قالت : ازيك يا تالا .. حمدالله على السلامة
تالا بعنجهية : ميرسى يا رهف .. و حمدالله على سلامتكم انتم كمان
مراد بدبلوماسية : حمدالله على السلامة يا مدام تالا … و الف مبروك
تالا بابتسامة : الله يسلمك يا مراد .. ميرسى
مدكور و هو يسحب رهف من يدها ليجلسها تحت جناحه : ها .. احكيلى بقى .. انبسطتى
رهف : الحمدلله يا بابا .. انبسطت اوى
مدكور بمرح : و الولد مراد عرف يفسحك كويس
رهف ضاحكة : الحقيقة احنا الاتنين فسحنا بعض كويس جدا
هدى : ازاى بقى احكولنا
مراد و هو يبادلها الضحكات : اكتر من مرة تطلع فى دماغها انها عاوزة تنزل تتمشى ، و كنا فى الاول مش واخدين خوانة طبعا و لسه ماحفظناش الاماكن ، و كنا نفضل من هنا لهنا لحد ما فجأة نلاقى روحنا فى مكان مالوش معالم
مدكور : طب و بعدين
رهف ضاحكة : و لا قبلين .. كنا بنقول يا غربتى ، و نقعد ندور على تاكسى يرجعنا الاوتيل و معظم المرات كنا نكتشف اننا اصلا جنب الاوتيل و مش عارفين
مراد : بس طبعا اتعلمنا بعد كده
مدكور : و عملتوا ايه بقى لما اتعلمتوا
مراد و هو يقبل تميمة الجالسة فوق قدميه : بقينا ناخد خريطة من الاوتيل قبل ما نتحرك
امينة : و عملتى ايه فى الشغل طمنينى
رهف بسعادة : مضينا العقد الحمدلله .. و هنبتدى فى التنفيذ خلال شهر بالكتير
امينة و هى تصفق بمرح : الله عليكى هو ده الكلام
هدى : ده بقى طبعا غير الخبر اللى ليكى عندى
رهف : خبر ايه يا ترى
هدى و هى تصفق بيديها برتم منتظم : لقينا المقر الجديد اللى فى القاهرة و كتبنا العقد اول امبارح و الاجمل انه مش محتاج توضيب خالص ، و جاهز على الفرش و الشغل على طول
امينة بحماس : و اتعاقدنا على المكن كله و هيوصل و هيتركب بكرة ان شاء الله
لتنهض رهف من مكانها لتحتضن هدى و امينة بسعادة قائلة : احلى اخبار من احلى هدى و امينة فى الدنيا كلها
مراد : مبروك يا رهف .. الف مبروك
رهف بسعادة : الله يبارك فيك
مدكور : الف مبروك يا حبيبتى .. تستاهليها
رهف بفرحة شديدة : بجد يا بابا .. حضرتك شايف انى استاهلها
مدكور : طبعا يا حبيبتى .. كفاية انه مجهودك انتى ، حلمتى حلم مشروع و حققتيه برضة بطريقة مشروعة .. فطالما حقك و تعبك يبقى تستاهليه
كانت تالا تراقب حديثهم بخليط من الحقد و السخرية اللذان لم تستطع مداراتهما لتلاحظ هدى ملامحها التى تنم عن كره شديد لما يدور حولها فقالت لها : و انتى يا تالا
تالا بانتباه : انا ايه
هدى : انبسطتى فى شهر العسل
تالا بسخرية : ااه اومال ايه .. انبسطت جدا
هدى : بس الصراحة .. حلو اوى اللوك الجديد بتاعك ده ، مظهرك اتغير بالكامل .. ادالك كده مظهر فيه وقار يجنن ، و حلو انك لابسة من خط الانتاج بتاع رهف
تالا : تقصدى مظهر اكبر من سنى
رهف : بالعكس يا تالا .. اى حد يشوفك هيديكى اصغر من سنك ، و بعدين الدريسات دلوقتى بقت لكل الاعمار ، انا حتى انطلب منى انى اصمم مجموعة دريسات للسن اللى تحت العشرين
تالا ببعض الامتعاض : بس برضة .. المفروض اللبس بالذات بيبقى حرية شخصية
رهف بعدم فهم : ااه طبعا .. بس انا مش فاهمة ، مش انتى اللى مختارة الفستان ده عشان تلبسيه
تالا و هى تنظر لمدكور بزاوية عينيها: مش بالظبط
رهف : مش فاهمة
مدكور مقاطعا حديثهم : هو انتو مش ناويبن تأكلونا و اللا ايه .. انا جعت
و اثناء الطعام قالت هدى : انا عاوزة اوجه الدعوة لبعض رجال الاعمال اللى بيشتغلوا فى الازياء فى الحفلة اللى هتتعمل
مدكور : انا قلت لك ان الحفلة مسئوليتك .. شوفى ايه المناسب و اعمليه
تالا ببعض الاعتراض : الحفلة دى اللى المفروض كل الناس المهمين هيحضروها .. يعنى لازم تبقى تحت اشراف ناس متخصصة فى الكلام ده ، و كمان دادى قاللى انه كلم مكتب تنظيم حفلات هم اللى هيتولوا الحكاية دى
مدكور و هو يكمل طعامه : يبقى المكتب ده يتصل بهدى .. لان هى اللى هيبقى معاها كل التفاصيل .. و ماتشغليش انتى بالك بالحكاية دى ، المفروض ان انتى العروسة .. فسيبك من التفاصيل دى و ماتشغليش بالك بيها

يتبع…

مدكور و هو يكمل طعامه : يبقى المكتب ده يتصل بهدى .. لان هى اللى هيبقى معاها كل التفاصيل .. و ماتشغليش انتى بالك بالحكاية دى ، المفروض ان انتى العروسة .. فسيبك من التفاصيل دى و ماتشغليش بالك بيها
ليظهر الامتعاض جليا على وجه تالا و هى تحاول العودة الى طعامها مرة اخرى .. لتقول هدى : لو انتى حابة حاجة معينة بلغينى بيها و انا هعملهالك يا تالا

تالا و هى تحاول كسب تعاطف مدكور : مش حكاية حاجة معينة .. بس زى ما انتو عارفين .. احنا اتجوزنا من غير فرح .. فكنت حابة ان الحفلة تتنظم من ناس بروفيشنال عشان الحفلة تليق باسمى و باسم مدكور
هدى ببساطة : ماتقلقيش خالص … و ياريت تأجلى حكمك لبعد الحفلة ، انتى نفسك بعد كده هتتمنى لو ينفع انك تطلبى منى انى اشرف على تنظيم اى حفلة تعمليها
كان مدكور قد انهى طعامه فنهض من مكانه قائلا لزينب : تسلم ايدك يا زينب .. اكلك كان واحشنى جدا
زينب بود : بالف هنا على قلبك يا مدكور بية .. و الله انت اللى كنت واحشنا كلنا
مدكور و هو يتجه الى البهو الخارجى : طب انا مستنى القهوة بتاعتى
ليلحق به مراد على الفور تاركا رهف بصحبة امينة و تالا بعد ان تركتهم زينب لاعداد القهوة لمدكور ، فقالت هدى : ها يا رهف .. احكيلنا .. اخبار تركيا ايه

رهف : احنا مش هيبقى لنا سيرة غير عنها لمدة طويلة .. خلونا نسمع تالا .. احكيلنا يا تالا .. عملتى ايه فى فرنسا .. انبسطتى
تالا بكبر : اوى .. اد ايه بلد جميلة و شيك و راقية
هدى : كل بلد فيها و فيها يا تالا .. انتى بس اللى ماشفتيش غير اللى على الوش
تالا : يمكن ، بس الحقيقة الجو هناك يجنن
رهف بحمحمة : و يا ترى مبسوطة مع بابا
تالا : الا مبسوطة .. مدكور ده راجل لكل العصور زى ما بيقولوا
رهف : ازاى بقى
تالا ضاحكة : يعنى تشوفيه تقولى راجل جد و دقة قديمة
و رجعى ، لكن فجأة تلاقيه بيعرف يعمل كل حاجة ، ده انا حتى متهيالى انه ممكن يكون بيعرف حاجات مراد نفسه مايعرفش يعملها
رهف : ربنا يسعدكم
هدى : اهم حاجة انكم تبقوا مبسوطين
اما لدى مدكور .. فكان يرتشف قهوته باستمتاع فى حين كان مراد يتحدث قائلا : ها يا عمى طمننى .. عامل ايه
ليضحك مدكور بصخب و يقول : عامل عريس
مراد بمرح : واضح ان الموضوع جه على مزاجك
مدكور : حد يلاقى دلع و ما يتدلعش ياسى مراد
مراد : لأ ازاى .. يتدلع طبعا ، بس انا اقصد عامل ايه مع سليمان بية
مدكور و هو بختلس النظر اتجاة غرفة الطعام : لسه ما اديتلوش فرصة انه حتى يشوفنى .. بس عازمنا على العشا عنده بكرة

مراد : طب انا كنت محتاج انور معايا الفترة اللى جاية دى ، يا اما يجيني .. يا اما هضطر اسافر له انا
مدكور بتفكير : خليه هو يجيلك كام يوم على ما ترتب حالك و تعرف الدنيا هتمشى بعد كده ازاى
مراد و هو يلتفت بدوره ناحية غرفة الطعام : انور اشتكالى من سليمان و انا مسافر
مدكور بفضول : ليه .. ايه اللى حصل
مراد : فاجأهم بزيارة بحجة انه بيتابع الشغل اثناء غيابنا و طلب منه تقرير شامل عن المجموعة و المشاريع اللى شغالة و العملاء و حاجات زى كده
مدكور بسخرية : و بعدين
مراد : ابدا .. انور قال له انه يقدر يعمل له التقرير ده عن المشروع اللى هو شريك فيه .. لكن غير كده فهو مايقدرش لانها اسرار شغل
مدكور باعجاب : برافو .. بس يا ترى الكلام ده بقى عجب سليمان

مراد بسخرية : عمل انه مبسوط منه و انه بس كان عاوز يشوف الموظفين بتوعنا عندهم سرعة بديهة و اخلاص لينا و اللا لا
ليضحك مدكور بشدة ليرى تالا و هى قادمة اليهم و من خلفها رهف و امينة و هدى ، و يظل على ضحكاته حتى جلست بجواره و قالت : خير يا حبيبى .. ايه اللى بيضحكك اوى كده
مدكور : ابدا يا حبيبتى … اصل مراد كان بيحكيلى على حاجة كده بس جامدة
تالا بدلال : طب ايه .. مش هتضحكنا معاكم
ليتبادل مدكور النظرات مع مراد ثم يقول : ماينفعش .. حاجة رجالى ، ماينفعش احكيها كده
ثم التفت لرهف قائلا : اما جيبتلك شوية هدايا من فرنسا انما ايه .. هتعجبك اوى
رهف بامتنان : ميرسى يا بابا .. مانحرمش منك ابدا
مدكور : و انتى يا هدى ، و أمينة و زينب و طبعا تميمة ، بس مالحقتش اجيبها معايا النهاردة .. كنت مستعجل عشان اشوفكم لانكم كنتم واحشننى جدا
رهف : انا كمان جيبتلكم كلكم حاجات حلوة اوى من تركيا ، متأكدة انها هتعجبكم ان شاء الله
ليقف مدكور استعدادا للرحيل قائلا : طب انا هسيبكم بقى عشان فعلا محتاج انى انام .. و ان شاء الله اشوفكم قريب
رهف بلهفة : طب ما تخليكم معانا يا بابا الليلة دى حتى ، اطلع نام و استريح و اما تصحى ابقى شوف اللى وراك
مدكور : لا يا حبيبتي ، و اتعودى بقى ان خلاص كل واحد مننا بقى له مكانه

زينب : قول لها يا مدكور بية ، احسن دى مفكرانى هقعد معاها هنا طول العمر
مدكور : كل واحد يشوف اللى يناسبه و يعمله .. خلاص كده .. الكل بقى كبير كفاية .. ياللا سلام
……………….
وصل مدكور الى شقته مع تالا التى كان الصمت حليفها طوال الطريق .. و ما ان دلفا من الباب حتى قالت بتردد و هى تحاول قياس رد فعل مدكور : احنا لسه بدرى اوى يا حبيبى .. انت هتنام بصحيح من دلوقتى
مدكور : مش حكاية بدرى و وخرى ، احنا تقريبا مانمناش من امبارح ، و جينا من السفر يا دوب حطينا شنطنا و غيرنا هدومنا و نزلنا من تانى ، فاكيد جسمنا محتاج يستريح
تالا بامتعاض : انا دادى وحشنى .. و كنت عاوزة اشوفه
مدكور : طب ماحنا هنشوفه بكرة بالليل .. مش هو عازمنا بكرة على العشا
تالا : هو انا لسه هستنى لبكرة
مدكور و هو يتجه الى غرفة نومهما : ماقدمكيش حل تانى يا حبيبتى
تالا بتردد : طب ايه رايك .. على ما انت تستريح شوية اكون انا روحت شفته و سلمت عليه و جيت تانى بسرعة

ليتوقف مدكور عن استكمال طريقه و يلتفت اليها قائلا بترصد كامن : هو دادى ساكن فين .. فكرينى كده
تالا بدهشة : انت ناسى بيت دادى فين !! .. فى مصر الجديدة
مدكور : و انتى بقى عاوزة تنزلى و احنا فى الزمالك و لوحدك و دلوقتى عشان تشوفى دادى اللى فى مصر الجديدة
لتشعر تالا انها قد وقعت بكمين فقالت بتردد : و ووو فففيها ايه .. عااادى يعنى ماهياش اول مرة اخرج لوحدى فى الوقت ده
مدكور بحزم : سبق و قلت لك من قبل ما نتجوز انك تنسى كل ده ، و اعتقد انى نبهتك انك و انتى شايلة اسمى حاجة و وانتى من غيره حاجة تانية
تالا بامتعاض و قد ارتفعت نبرة صوتها : و ده ايه علاقته بانى عاوزة اشوف دادى و اسلم عليه ، ما انت كمان روحت سلمت على بنتك اول ما جينا
مدكور بتحذير : حذارى نبرة صوتك تعلى تانى مرة و انتى بتتكلمى معايا يا تالا
تالا بلجلجة : انا ما اقصدش .. انا بس …
مدكور : و لا بس و لا ما بسش .. ، و ما فيش حاجة اسمها اشمعنى ، احنا متفقين من قبل ما ننزل من فرنسا اصلا ، و انتى ماجيبتيش سيرة انك عاوزة تشوفى دادى قبل العزومة اللى عاملهالنا ، لانك لو كنتى قلتيلى كنت انا من نفسى وديتك بعد ما مشينا من عند مراد و رهف او حتى قبل ما نروحلهم ماكانتش هتفرق ، لكن كونك جاية تقولى دلوقتى بعد ما وصلنا هنا .. فده مالوش تفسير غير انك مقررة مع نفسك انك عاوزة تنزلى لوحدك و تروحى من غيرى فى الوقت ده
ليصمت لثوانى و هو يراقب ملامح وجه تالا الممتعضة و نظراتها الغير مستقرة على مكان واحد و اكمل حديثه قائلا .. انا اللى عندى قلتهولك .. ادخلى غيرى هدومك و نامى او اعملى اللى انتى عاوزاه ، لكن نزول و لوحدك فى الوقت ده مش هيحصل .. انتى فاهمة 🙄
لتمتعض ملامح تالا بشدة و تتركه و تذهب مسرعة الى غرفتهما و هى تتصنع البكاء
لتتناول ملابس نومها و تتجه مرة اخرى الى خارج الغرفة و هى ترسم على ملامحها الحزن الشديد ، ليتجه مدكور هو الاخر الى الغرفة ليقوم بتغيير ملابسه و دخل الى الفراش و ذهب فى نوم عميق فى وقت قصير جدا

اما بالخارج .. فقد قامت تالا بتغيير ملابسها و تعمدت المكوث بالخارج و هى تظن ان مدكور سوف يأتى ورائها لمصالحتها و القيام بكل متطلباتها ، و لكن انتظارها طال لاكثر من اللازم .. لتمر ساعة تلو الاخرى و هى مازالت فى الانتظار و لا تعلم بأن مدكور فى عالم اخر بين غيامات احلامه ، حتى سحبها النوم هى الاخرى و هى جالسة بمكانها
………………..
فى فيلا رهف
كان مراد قد ترك الاناث لشئونهن ، و جلس بغرفة المكتب ليتابع بعض من الاعمال المتراكمة التى فى انتظاره كى ينهيها ، و كان انور معه على الهاتف فى محادثة فيديو يقول : كل الملفات اللى باقية بعد كده تخص المشروع اللى مع جاسر و سليمان الانصارى ، بس فيهم ملف لازم يبقى قدامك و فى ايدك و انت شغال عليه يا مراد ماينفعش نظام الاون لاين ده
مراد : تقصد الحسابات
انور : لا .. اقصد مقاولين التشطيبات
مراد : مالهم
انور : فى مكتبين مقاولين جداد .. سليمان صمم اننا نضمهم للناس بتوعنا
مراد بحدة : يعنى ايه صمم و ازاى انت و جاسر تسمحوا بالكلام ده ، ثم فين الناس بتوعنا
انور : ماتنساش ان مافيش فى العقد اللى بيننا و بينه حاجة تقول انه مالوش علاقة بالكلام ده
مراد : ازاى يعنى
انور : زى ما بقول لك كده ، انا هبعتلك ايميل حالا بصورة العقد … و انت هتتاكد بنفسك ، انا حاولت اطلع منه اى كلمة تقول انه يخليه فى حاله مالقيتش
مراد : طب الناس دى عندها مشاكل و اللا ايه النظام
انور بسخرية : الناس دى ما هى الا سليمان ذات نفسه بس بيحسن دخله بعد الضهر
مراد : مش فاهم
انور : يعنى مكتبين المقولات دول ملك سليمان الانصارى يا مراد .. ركز مع اخوك الله يبارك لك
مراد بدهشة : طب و ليه
انور بتوضيح : عشان يبقى من دقنه و افتلله
مراد بتهكم : انت عاوز تفهمنى يعنى ان مكتبين المقاولين دول هم اللى هيفرقوا معاه
انور : انت مش فاهم
مراد : فهمنى
انور : المكاتب دى بتقوم بشغلها على الورق بس ، لكن فى الواقع بقية المقاولين هم اللى قايمين بكل الشغل الفعلى
مراد بحدة : و انت ازاى تسكت على الكلام الفارغ ده يا انور .. ده كده سرقة علنى
انور : هو انت دايما حمقى كده ، مين قال لك انى سكتت
مراد : و عملت ايه بقى
انور : خليت المحامى بعت انذار رسمى بفسخ العقد بعد ما عملنا محضر اثبات حالة بعدم الالتزام بالعقد
مراد بابتسامة : و بعدين
انور بتهكم : و لا قبلين يا حبيبى .. شكل حما عمك حطنى فى دماغه و ناوى يسرحنى قريب بسميط و بيض و دقة
مراد بضحك : ايه .. عمل لك ايه
انور : ابدا يا اخويا .. لقيته بيكلمنى و بيقوللى لما تبعت للمكاتب عندى انذار بفسخ التعاقد يبقى الظاهر نسيت انك بتشتغل عندنا .. انا اللى بنذرك انك تلتزم بحدود شغلك يا هتلاقى جواب فصلك بين ايديك
ليضحك مراد بشدة و يقول : ها و بعدين
انور ببراءة : و الله يا مراد ياخويا .. لما فكرت فيها قلت و ليه لا
مراد بفضول : هو ايه ده مش فاهم
انور : ماهو لو رفدنى هبقى فاضى .. فانا ايه بقى .. اروح للبت امينة و افرحها انى فضيت لها و نتجوز و نتلم بقى
مراد : هتتجوزها و انت عاطل و ماعندكش شغلانة
انور : لا مانا هخليها تاخدنى معاها الاتيلية
مراد ضاحكا : و هتعمل ايه بقى فى الاتيلية ان شاء الله
انور : الضم لهم ابرة .. اركب لهم زرار ، اقول لك .. هاخد لهم المقاسات

مراد و هو يلتقط انفاسه من شدة الضحك : تصدق هتليق عليك .. و ابقى فكرنى اجيبلك متر لبان من بتاع مراتك
انور بامتعاض : هى فين مراتى دى مانتو مستوليين عليها ، هو انتو مش خلاص رجعتوا بالسلامة و سلمتوا و حكيتوا و اتكلمتوا ، مراتى مارجعتش ليه انا عاوز افهم
مراد : ترجع و اللا ما ترجعش انت مالك
انور بحدة : مالى ازاى يا جدع انت .. دى مراتى
مراد : يا عم بالراحة بس على حنجرتك ، انا اقصد انك حياللا كاتب الكتاب ، يعنى لسه فى بيت اهلها ، لما تبقى بقى فى بيتك يا معلم ابقى اعمل ما بدالك
انور : بس كده .. و حياتك عندى هو شهر من دلوقتى و هتشيل لقب حرمنا المصون
مراد ضاحكا : ده لو ربنا نجاك من سليمان و ماشاليتش لقب حرم المرحوم ، عموما .. ماشى يا عم .. مبروك مقدما
انور : طب برضة هتسيبوها تيجى امتى
مراد بمكر : ياعم هبعتهالك من الصبح .. بس ااه صحيح اعمل حسابك تبقى عندى فى القاهرة من بكرة
انور باستنكار : و ليه بقى ان شاء الله
مراد : ما انت لسه قايل ان فى حاجات محتاجة تتراجع و هى فى ايدى ، فاتفقت مع عمى انك تجيلى يومين كده نخلص فيهم الكلام ده
انور بمرح : طب مش تقول من بدرى ، هتلاقينى عندك الصبح .. ااه .. و ياريت تسك على الاوردر .. لغيناه
مراد : اوردر ايه ده بقى كمان
انور : اوردر حرمنا المصون .. اصلى قررت اجى استلمها بنفسى تيك اواى بلفة هدايا محترمة
………………..
اما لدى رهف فكانت امينة تحدثها قائلة : احنا عاوزين ناخدك بكرة الصبح نفرجك على المكان قبل ما يتفرش .. ايه رأيك
رهف : طبعا .. بس ماقولتوليش .. هو مكانه فين
هدى بخبث : فى الزمالك
رهف : وااو .. طب يا ترى بقى قريب من شقة بابا و اللا بعيد
امينة و هى تتبادل نظرات ملؤها التسلية مع هدى : الا قريب .. الحقيقة مش هتصدقى الصدف العجيبة اللى خلتنا فى نفس العمارة بتاعة عمو
رهف بانشداه : مش معقوووول
هدى : لا معقول .. بس احنا فى الدور الارضى و لينا مدخل خاص بينا لوحدنا
رهف بفضول : و بابا عارف الكلام ده
امينة بجدية : انا عاوزاكى تسيبك من الكلام ده و تركزى فى المهم .. احنا محتاجين تصميمات جديدة عشان خط الانتاج الجديد ، و كمان فى طلبيات جديدة كتير جدا اتفقت عليها هدى
رهف بدهشة : هدى !!
هدى باعتداد مرح : ااه يا بنتى اومال ايه .. لا هو انتى فاكرانى كنت بلعب و اللا ايه .. ده انا فتحتلك شغل جامد مع ناس ليها اسمها و عشان كده استأذنت من عمى انى اعزم الناس دى على الحفلة .. لانى عاوزة اعرفك عليهم
رهف بحب : انا مش عارفة اقول لكم ايه .. ربنا ما يحرمنيش منكم ابدا
امينة : بس خدى بالك .. انا كلها كام يوم و لازم ارجع اسيوط ، ماينفعش اسيب الدنيا هناك لوحدها بالشكل ده اكتر من كده
رهف بمحايلة : يا امينة الناس هناك اد المسئولية ، خليكى انتى معايا هنا
هدى ضاحكة : شكلك عاوزة انور يصورلنا هنا قت/يل
رهف باعتذار : انا عارفة انى واخداكى منه بزيادة حقكم عليا
امينة : ماتقلقيش .. و هانت .. الدنيا قربت تتظبط
هدى : ماحدش فيكم لاحظ حاجة على تالا لما كانت هنا
امينة : الفستان اللى كانت لابساه من عندنا .. بس انا مارضيتش اعلق
رهف : و انا كمان ، لانى حسيته مش عاجبها
امينة بسخرية : الاحترام هو اللى مش عاجبها مش الفستان ، شكل السيد الوالد ممشيها على العجين ماتلخبطوش
هدى : انا برضة لاحظت ده .. بس مش ده قصدى .. انا بتكلم على حاجة تانية
رهف : حاجة ايه دى
هدى : حسيتها اتضايقت ان انا اللى برتب للحفلة
امينة بسخرية : سيبك منها ، هى كانت فاكرة انها هتؤمر و الكل يقول لها شبيك لبيك .. بس احسن حاجة عملها عمو مدكور انه قعدها بعيد عنك يا رهف و حط النقط على الحروف من اولها
رهف : بس الصراحة .. هى برضة صعبانة عليا
امينة بذهول : و صعبانة عليكى ليه بقى ان شاء الله
رهف : حاسة بابا زى ما يكون بيتعامل معاها بجفا
هدى : الصراحة انا كمان لاحظت ده
امينة : و انا كمان
رهف : مش معاملة عروسة لسه راجعة من شهر العسل ابدا
امينة بمكر : الا هو صحيح يا رهف .. المفروض يتعامل معاها ازاى
رهف بسلامة نية : يعنى .. يحتويها و يهتم بيها و اللا حتى يتكلم معاها .. دى كانت بتشد منه الكلمة ، رغم المفروض العكس تماما
امينة بتنهيدة سخرية : تقصدى يعمل معاها زى ما مراد بيعمل معاكى كده
رهف : انتى بايخة على فكرة و مش هتكلم قدامك تانى
امينة ضاحكة : و الله و نطقنا و عرفنا نتكلم يا زمن ، ياختى مش عاوزاكى تتكلمى معايا .. عاوزاكى تتكلمى مع هولاكو
رهف بترصد : و ماتقوليش عليه هولاكو مرة تانية
امينة باعتراض : و ما اقولش ليه بقى ان شاء الله ، هو اتجوزنى انا و اللا اتجوزك انتى
رهف : يعنى يرضيكى اقول على انور هولاكو
امينة بمرح : ياختى اياكشى تقولى عليه بطليموس الرابع عشر .. كل واحد حر فى القابه
هدى : طب بغض النظر هنروح نبص على الاتيلية امتى
امينة : بكرة الصبح طبعا
رهف : لأ .. خلوها بعد الضهر ، عشان حابة ان مراد يشوفوا معانا
امينة : الحب ول/ع فى الدرة يا جدعان .. ماشى يا نحنوحة .. يبقى بكرة بعد الضهر ، بس تعملى حسابك انك مطالبة تسلمينى كل يوم تصميم جديد على الاقل عشان الخط الجديد
………………
كان مدكور قد بدأ فى التململ بفراشه ليمتد بصره الى ساعة الحائط ليجدها اقتربت من السادسة صباحا لينتبه على انه وحده بالفراش ، ليستجمع تركيزه و ينهض ذاهبا للوضوء ، ثم خرج باحثا عن تالا ليجدها متكومة فوق الاريكة و هى غارقة فى سبات عميق ، فوقف امامها لبرهة و هو يحدث نفسه قائلا : ابتديتيها بدرى اوى يا بنت سليمان .. بس معلش ، هنشوف مين فينا نفسه اطول من التانى
ليذهب لاداء صلاته .. و بعد الانتهاء من الصلاة .. بدأ فى ارتداء ملابسه استعدادا للذهاب الى العمل .. ليسمع دقات قصيرة على باب غرفته و عندما سمح للطارق بالدخول وجدها الخادمة تخبره بانها قد اعدت الافطار و قالت له : هى تالا هانم مش هتصحى
مدكور : لا سيبيها براحتها ماتقلقيهاش عشان نامت متأخرة و بلاش تعملى دوشة جنبها لحد ماتشبع نوم و تصحى من نفسها
الخادمة : طب هتفضل مكانها كده
مدكور : ايوة سيبيها و لما تصحى قوليلها انى مش عاوزها تروح فى حتة لغاية اما اجى .. عشان هنخرج سوا
الخادمة : حاضر .. طب و الفطار
مدكور : انا جاى حالا
ليتناول مدكور افطاره و قهوته و يغادر الى العمل تاركا تالا على وصعها الذى استفاقت منه عند العاشرة لتتفاجئ بأن مدكور قد اعطاها اول صفعة بحياتهما معا
…………………..
فى مقر مجموعة مدكور بالقاهرة .. كان مدكور يجلس بصحبة مراد و هو يقص عليه كل ما أبلغه به انور عن ما حدث اثناء سفرهما ليقول مدكور : حاول تخلى انور يبعد تماما الفترة اللى جاية دى عن سليمان ، و ياريت ما يتعاملش معاه من اصله لفترة كده
مراد باستغراب : و اشمعنى بقى
مدكور : سليمان نابه ازرق ، و مهما ان كان .. انور ممكن مايبقاش واخد خوانة
مراد : و هو يقدر يعمل له ايه يعنى يا عمى
مدكور : من ناحية يقدر فهو يقدر يعمل كتير يا مراد ، انا سبق و فهمتك سليمان معظم شغله من تحت الحزام
مراد : عموما .. حاضر ، و اعتقد ان طالما انا و حضرتك موجودين فالتعامل كله هيرجع من تانى من خلالى انا و حضرتك بعيدا تماما عن انور
مدكور : هو ده بالظبط اللى انا عاوزه ، و مش عاوزك ابدا مهما حصل تجيب سيرة اللى حصل قدام سليمان ، اكن انور ماحكالناش اى حاجة
مراد : ازاى بقى ، طب و الانذارات اللى اتبعتت دى
مدكور : ده شغل القسم التنفيذى و الشئون القانونية ، فمش شرط اننا نبقى عارفين بالتفاصيل دى
و قبل ان يقوم مراد بالرد على مدكور يستمعا لدقا على الباب وقبل السماح بالدخول يجدا ان تالا قد دلفت من الباب و هى بقمة زينتها قائلة بثبات : صباح الخير .. ليه ما استنتنيش عشان تيجى سوا
لينظر إليها مدكور بابتسامة وراءها سخرية و ترصد و يقول موجها حديثه لمراد : طيب يا مراد .. نكمل كلامنا بعدين 🤫

يتبع…

غادر مراد مكتب عمه بعد ان رد التحية على تالا التى اغلقت الباب خلف مراد و ذهبت تجاه مقعد مدكور و انحنت مقبلة وجنته بدلال مقرون بالامتعاض قائلة : رغم انى زعلانة منك .. بس اول ما شفتك ماقدرتش افضل زعلانة
مدكور بتهكم : و يا ترى زعلانة من ايه بقى
تالا و هى تعبث بوجهه : يعنى مانتش عارف انت عملت ايه
مدكور بتهكم : مش واخد بالى
تالا بنبرة حزينة : سيبتنى انام امبارح و انا زعلانة منك ، و كمان سيبتنى نايمة على الكنبة فى الليفنج و قمت و فطرت و شربت قهوتك كمان و عملت كل ده من غير ما تفكر حتى انك تصحينى تقوللى قومى نامى مكانك ، و اللا حتى تقولى ماتناميش بعيد عن حضنى مرة تانية .. و اكنى مش فارقة معاك
مدكور : و يا ترى بقى عرفتى منين انى لما صحيت فطرت و شربت قهوتى كمان قبل ما انزل
تالا : من الشغالة
مدكور : اممممم .. و ياترى بقى الشغالة و هى بتقول لك كل الكلام ده .. ما قالتلكيش انى منبه انك ماتخرجيش لحد اما ارجع
تالا و هى تزدرد لعابها : مانا ماخرجتش
مدكور : اومال جيتى لحد الشركة ازاى ، فى نفق من الدولاب مثلا بيوصل على هنا
تالا : انا اقصد انى مجرد نزلت الشغل ، هو ده اسمه خروج

مدكور بجدية : بالنسبة لى خروج ، ثم انتى ماقلتيليش انك عاوزة تكملى شغل بعد الجواز
تالا بصدمة : ايه .. تقصد ايه بانى اكمل شغل .. هى دى محتاجة كلام و نقاش
مدكور : طبعا محتاجة ، لازم شغلك يبقى بموافقتى
تالا بجدال : طب و هو انت معترض انى اشتغل ، انا ما اقدرش ما اشتغلش ، و بعدين دادى ما يقدرش يستغنى عنى .. انت عارف ده كويس
مدكور : يبقى لازم تلتزمى بشروطى عشان اسمحلك بالكلام ده
تالا بذهول : شروط !!
مدكور : طبعا شروط ، و لازم تفهمى ان رفضك لاى كلمة هقولها … فده يعتبر بمثابة اقرار منك انك قررتى تتنازلى عن شغلك ده عشان تتفرغيلى
تالا و هى تضم ذراعيها حول صدرها بامتعاض : و ايه بقى الشروط دى
مدكور : اولا .. اللبس اللى انتى لابساه ده ممنوع ، سواء فى شغلك او براه و انا سبق و نبهت عليكى اكتر من مرة و اتمنى ان دى تبقى اخر مرة اتكلم معاكى فيها فى الحكاية دى
ثانيا ، المكياچ الاوفر ده ممنوع .. انتى متجوزة راجل ، و الراجل ده مش عارضك للبيع و لا فى بترينة للى رايح و اللى جاى و برضة سبق و اتكلمت معاكى فى النقطة دى

ثالثا .. فطالما بقى انك بتشتغلى مع دادى و عشان دادى .. يبقى وجودك فى مجموعة دادى مش هنا ، وجودك هنا بس لو المشروع اللى بيننا يستدعى وجودك هنا ، غير كده .. لا
تالا بذهول : انت مش عاوزنى ابقى موجودة معاك هنا
مدكور : انا اتجوزتك عشان تبقى معايا فى بيتى مش فى الشغل
تالا : بس انا عاوزة ابقى معاك على طول فى البيت و برة البيت
مدكور بسخرية : و تسيبى دادى
تالا : مانا هبقى معاه و معاك
مدكور : ما ينفعش .. انتى مع دادى بتصونى و بتتابعى مالك و مال دادى و بتحافظى عليه ، لكن هتعملى ايه هنا
تالا بتردد : مانا برصة هنا هراعى مالك و احافظ عليه
مدكور : طب ما اصحاب المال موجودين و بيعملوا ده .. يبقى الافضل انك تخليكى فى مكانك الاصلى ، لكن لو مش فارق معاكى المكان يبقى قلته احسن و اتفرغيلى يا حبيبتى على الاقل اما ارجع البيت تعبان الاقيكى بتستقبلينى و بتنسينى تعب يومى .. مش ده كان كلامك ليا قبل الجواز
تالا : انا قلت هبقى معاك على طول عشان اريحك واخد بالى منك طول الوقت و فى كل مكان
مدكور : ماينفعش
تالا : و ليه بقى
مدكور : انتى فى الشغل هتبقى تالا الانصارى سيدة الاعمال ، لكن فى البيت .. هتبقى تالا مراتى .. مراة مدكور العزيزى و بس .. فهمتى بقى
تالا : طب ما انا هنا و فى كل مكان هفضل تالا العزيزى .. مراتك
مدكور : و هتودى تالا الانصارى فين
تالا : و ليه اوديها فى حتة .. ما هم الاتنين نسخة واحدة .. يبقى ايه المشكلة
مدكور بحزم : المشكلة انى مابشغلش معايا اى حد عنده ولاء لاى مكان تانى او اى حد تانى حتى لو الحد ده يبقى ابوكى يا تالا .. انتى هتفضلى تالا الانصارى و ولائك الاول و الاخير لمجموعة الانصارى .. و ده شغل يا حبيبتى مافيهوش و لا ينفع يبقى فيه عواطف

تالا بذهول : انا مش مصدقة .. انت كده فعلا رافض وجودى هنا معاك
مدكور بحزم : سبق و قلتها و هكررها من تانى .. انا مابحبش خلط الاوراق يا تالا.. سيبى الشغل للشغل و البيت للبيت
لتنهض تالا من مكانها و هى تقول بحدة : ماشى يا مدكور .. انا رايحة على المجموعة عند دادى
مدكور : استنى عندك
تالا و هى تدعى الحزن : ايه .. فى حاجة لسه عاوز تقولهالى
مدكور : الظاهر انك مافهمتيش اللى انا قلته
تالا : و ايه بقى اللى انا ما فهمتوش
مدكور و هو يشير بإصبعه تجاهها : انك مش رايحة فى حتة بمظهرك ده ، عاوزة تروحى الشركة عند دادى يبقى تروحى البيت تغيرى هدومك و تلبسى من اللبس اللى انتى عارفة انى موافق عليه و تشيلى المهرجان اللى انتى عاملاه فى وشك ده
تالا بغيظ : هبقى اعمل الكلام ده من بكرة ، سيبنى النهاردة عشان اليوم قرب يخلص اصلا

مدكور : كلامى واضح .. عاجبك و هتنفذيه يبقى تمام اوى ، و لو انتى معترضة على كلامى ده …. اكيد هيبقى فى كلام تانى
تالا بفضول : كلام تانى ازاى يعنى
مدكور و هو يتجه بنظره الى احد الملفات الموضوعة امامه على مكتبه و قال دون ان ينظر اليها : لكل مقام مقال يا زوجتي العزيزة
ااه و على فكرة ، لو معتقدة ان حركة انك تسيبى سريرك و تنامى فى حتة تانية ممكن تخلينى ارجع فى كلمة قلتها .. تبقى غلطانة .. مدكور ما بيرجعش فى كلمة قالها ابدا مهما كان السبب .. ياريت تفضلى فاكرة الكلام ده
لتقف تالا و هى مشدوهة من رد فعله فاتجهت الى الباب و الغضب حليفها لتقول قبل ان تفتح الباب : ماشى يا مدكور .. انا راجعة البيت و مش هخرج تانى
ثم خرجت و اغلقت الباب وراءها فى غضب مكبوت ليرفع مدكور عينه ناظرا للباب الموصد بنظرة تحدى قائلا : و لسه يا بنت الانصارى … يا اربيكى من اول و جديد و اعمل منك بنى ادمة تانية ، يا هرجعك بيت ابوكى و انتى بتستجيرى
…………………..
كانت تالا تقود سيارتها باتجاه منزل الزمالك و هى تحدث ابيها بانفعال شديد قائلة : لا يا دادى .. ده بيتحدانى
سليمان : اهدى بس يا بيبى و احكيلى اللى حصل بالراحة عشان افهم
تالا بغضب : ده عاوز يتحكم فى كل حاجة .. لبسى و خروجى و حتى شغلى
سليمان بفضول : و ماله شغلك
تالا بتهكم : البية بيقوللى انى لو عاوزة اشتغل يبقى اقعد على طول عندك فى المجموعة و ما اروحش عنده خالص الا لو فى اجتماع بيضم المجموعتين سوا
سليمان : هو بيغير عليكى و اللا ايه
تالا بتفكير : تصدق ممكن … لانه عمال يقوللى مراتى و مش مراتى و لبسك و الناس و تتفرج عليكى
سليمان ضاحكا : شكلك جننتيه على الآخر يا بيبى
تالا بامتعاض : ايوة بس كده هيخنقنى على الاخر يا دادى ، ثم ده مش عاوزنى اروح المجموعة عنده خالص .. طب ازاى بقى هعمل اللى احنا عاوزينه و انا بعيد بالشكل ده
سليمان : اللى احنا عاوزينه .. وجودك فى المجموعة من عدم وجودك مش هيفرق كتير .. الحكاية مش اكتر من تكتيك صح و تنفيذ بيرفكت
تالا بزهو : و انت عارف انى دايما بيرفكت فى شغلى
سليمان : عارف يا بيبى .. بس عاوزك تحرصى و تاخدى بالك كويس ، و زى ما قلتلك قبل كده .. مدكور مش سهل .. مش سهل ابدا
تالا بتحدى : ماتقلقش عليا يا دادى .. انا برضة تالا .. و مش عاوزاك تنسى اللى اتفقنا عليه
……………..
عند عودة مدكور الى المنزل وجد تالا تجلس امام حاسوبها و هى توليه كل اهتمامها ، ليقترب منها قائلا : مساء الخير لترفع تالا عينيها عن شاشة حاسوبها و تنظر اليه بهدوء قائلة : مساء الخير يا حبيبى .. حمدالله على السلامة
ليجلس مدكور و هو يقول بتهكم : حمدالله على السلامة و بس كده ، ده انا قلت هتستقبلينى استقبال المحاربين ، عموما ماشى .. الله يسلمك

لتنهض تالا من مكانها و تتجه اليه لتنحنى مقبلة اياه و تقول : معلش .. اصل مودى مش حلو النهاردة
مدكور و هو يتجاهل تماما ماترمى اليه بحديثها : لا الف سلامة على مودك يا حبيبتى ، يا ترى الغدا جاهز
تالا بغيظ دفين : انت هتاكل .. مش احنا معزومين عند دادى
مدكور : دادى عازمنا على العشا ، انما دلوقتى انا عاوز اتغدا و اللا مافيش غدا و اللا ايه
تالا : انا قلت للشغالة ماتعملش غدا لاننا معزومين برة
مدكور بصوت عالى جعل تالا تنتفض بوقفتها : سميرة
لتأتى الخادمة و هى تهرول قائلة : اوامرك يا مدكور بية
مدكور : هو انا قلت انى مش هتغدا النهاردة
سميرة بتردد و هى لاتدرى ما الامر : لأ .. حضرتك ماقلتش حاجة زى كده
مدكور : اومال الغدا ما اتعملش ليه
سميرة و هى تنظر لتالا بقلق : اصل الهانم
مدكور بحدة : بصيلى هنا و مالكيش دعوة بالهانم ، طالما انى ماقلتلكيش انى مش هتغدا هنا يبقى تجهزى الاكل فى معاده زى ما سبق و فهمتك قبل كده
سميرة بوجل : انا اسفة .. مش هتتكرر تانى
مدكور بامر : روحى اعمليلى اى حاجة سريعة .. و اياك تتكرر تانى .. انا معاد الغدا بتاعى مقدس
سميرة و هى تلتفت مسرعة لانجاز ما طلبه منها مدكور فقالت : امر حضرتك

ليلتفت مدكور الى تالا قائلا اليها بتحذير : تانى مرة قبل ما تتصرفى اى تصرف تبقى تسألينى الاول
تالا بامتعاض : هو انا عملت ايه لكل ده ، انا قلت بما اننا رايحين عند دادى ……..
مدكور مقاطعا اياها بحزم : تسألينى الاول ، دادى عازمنا احنا الاتنين مش انتى لوحدك … لو انتى مش عاوزة تاكلى براحتك ، لكن انا عندى مواعيد الاكل بتاعتى مقدسة و مابحبش اغيرها ، المفروض تكونى عرفتى و حفظتى بقى الفترة اللى فاتت دى
تالا بتردد : يا حبيبى انا اما لقيت نفسى مش جعانة قلت اكيد انت كمان هتبقى زيى ، و ما اعتقدتش انك هتتضايق للدرجة دى
مدكور : انا فطرت الساعة سبعة و نص الصبح .. مش زيك من ساعتين
تالا : ااه صحيح .. طب معلش .. دلوقتى الشغالة هتجيبلك الغدا
لينهض مدكور قائلا : هروح اخد دش و اغير هدومى على ما تخلص
ليتركها و يتجه نحو غرفة نومهما تحت نظرات تالا الحانقة
…………………
كانت رهف بصحبة مراد و هدى و امينة و ايضا انور فى المقر الجديد للاتيلية الخاص برهف و هى تتجول بسعادة بالغة بين أرجائه ليقول مراد : المكان فعلا حلو اوى .. مبروك عليكى
رهف : المكان يجنن فعلا و كبير و متقسم بطريقة لو انا مصممة التقسيمة بتاعة الاتيلية بنفسى .. ماكنتش ابدا هعرف اقسمه بالشكل ده
امينة : احلى حاجة ان فى مكان واسع للورشة تستوعب كل المكن مع بعضه
رهف : و دى فعلا اكتر حاجة عجبانى
هدى : و ماتنسيش البروفة
امينة : و مكتبك
هدى : و كمان مكتب ادارى
انور : شطارتكم بجد انكم تعرفوا تفرشوا المكان بطريقة تحطه فى مستوى عالى بين المنافسين .. لازم تعملوا برومو للمكان قبل حفلة الافتتاح
رهف بتردد : بس انا مش ناوية اعمل حفلة للافتتاح
مراد : و ليه
رهف : يعنى .. مالوش لازمة و عطلة و تكاليف على الفاضى
انور : بس انتى محتاجة تعملى ده عشان الدعاية على الاقل

هدى : احنا ممكن نستغنى عن الحفلة باننا نعمل فيديو بامكانيات متخصصة نعلن فيها افتتاح الفرع الجديد و نعرض فيه جزء من شغلنا
رهف : الفكرة دى تناسبنى اكتر
هدى : و انا هستلم بكرة كتالوجات للاثاث المكتبى تقدرى تختارى منه اللى انتى عاوزاه
امينة : و انا عملت اعلان طلبت فيه صنايعية خياطة و تطريز و فنى مكن و عمال تشطيب
رهف و هى تحتضنهم بسعادة : مش عارفة كنت هعمل ايه من غيركم
انور بمرح : اعملى فينا ثواب و عشينا بقى احسن عصافير بطنى بتنهق
رهف ضاحكة : ماشى .. ياللا بينا
……………..
فى تمام الثامنة .. كانت تالا بصحبة مدكور قد وصلا الى فيلا سليمان الانصارى ، ليستقبلهم سليمان بحفاوة بالغة و هو يفتح ذراعيه لتالا قائلا : حبيبة دادى .. حمدالله على السلامة .. وحشتينى يا بيبى
تالا و هى تحتضن سليمان : انت اللى وحشتنى اوى يا دادى
سليمان و هو يحيى مدكور : حمدالله على السلامة يا عريس .. شكلك جيت على الجواز و صغرت ييجى عشرين سنة ، عامل ايه .. طمننى
مدكور ضاحكا : ايه .. ناوى تجرب حظك و اللا ايه
سليمان بقلة حيلة : و اجيب منين عروسة حلوة كده و صغيرة و تدوب فى هوايا زى ما حصل معاك يا نمس .. انت بس اللى محظوظ زيادة عن اللزوم
مدكور بسخرية : ربنا مايجعللناش جار و له عينين
تالا : العشا جاهز و اللا ايه يا دادى .. احسن هموت من الجوع
سليمان : جاهز يا بيبى .. ياللا بينا .. اتفضل يا مدكور انت مابقيتش غريب .. انت بقيت صاحب بيت
مدكور : يجعله عامر يا سليمان
و اثناء العشاء
سليمان : ها احكولى بقى .. انبسطتوا فى شهر العسل
تالا بابتسامة و هى تنظر لمدكور : اوى يا دادى
سليمان : طول عمرك بتحبى باريس
تالا بغنج و هى تنظر لمدكور من تحت أهدابها : و حبيتها اكتر و مدكور فيها .. كان ليها طعم تانى
سليمان بتهليل : يا سيدى يا سيدى على الكلام الحلو .. اوعدنا يارب
ثم نظر الى مدكور قائلا بايعاز : و انت يا عريس
مدكور : انا ايه
سليمان : انبسطت فى فرنسا
مدكور بمرح : و مين ماينبسطش فى بلد العشاق
ليضحك سليمان بصخب قائلا : انتو هتخلونى افكر جديا انى اعملها .. فتحتوا نفسى على الجواز
تالا : لو حضرتك حبيت تعملها يا دادى انا عمرى ما هقف ابدا قدام سعادتك و راحتك .. بس ….
سليمان : بس ايه يا تالا
تالا : لازم تختار واحدة تكون بتحبك بجد عشان ماتبقاش طمعانة فيك
سليمان : تعرفى يوم ما الاقيها .. هكتب لها نص ثروتى
تالا : يبقى مبروك عليها
سليمان : مش هتزعلى
تالا : و ازعل ليه .. لو لقيتها بتحبك بجد يبقى مش خسارة فيها أبدا .. و انا كمان مايهمنيش غير سعادتك و راحتك
سليمان : يبقى ايدى على كتفك بقى يا بيبى
تالا : ماحنا متفقين بقى يا دادى ان شرط اساسى انها تكون بتحبك زى مانا بحب مدكور كده
كان مدكور يتناول طعامه و هو يرسم ابتسامة سخرية على شفتيه متجاهلا حديثهما تماما حتى قال سليمان موجها حديثه إليه : و انت ايه رايك يا مدكور
ليقول مدكور و هو يدعى عدم الفهم : رأيى فى ايه
سليمان : انى ادور على عروسة حلوة كده تحبنى و تدلعنى و اكتبلها نص ثروتى
مدكور دون ان يهتم بالنظر اليه : هتعمل اعلان و تقول عروسة تحبنى يا اولاد الحلال .. الحكاية دى بتبقى بالنوايا يا عم سليمان .. ربنا بيدى كل واحد على اد ضميره

سليمان : و انا ضميرى زى الفل .. ده انا بقول لك هكتبلها نص ثروتى
مدكور : يا عم اكتبلها .. كل واحد حر
سليمان : اصل بينى و بينك لما واحدة حلوة وصغيرة تتنازل عن حياتها و تقرر تسيب كل حاجة عشان تعاشر واحد فى عمرى .. يبقى تستاهل انى اديها عمرى بحاله .. و اللا انت ايه رايك
مدكور بعدم اهتمام : يا عم اديها اللى تديهولها مبروك عليها بس اما تبقى تلاقيها الاول
لتتبادل تالا نظرات الامتعاض مع ابيها الذى قال : طب سيبك من الكلام ده .. قولى بقى .. اخبار الشغل ايه
مدكور : على حسب ما سمعت من مراد ان كله تمام ، و المشروع ماشى كويس زى ما الخطة الزمنية موضوعة بالظبط
سليمان : طول عمرى بحب اشتغل معاك عشان فعلا بتقدر تظبط كل حاجة
مدكور و هو ينهض تاركا المائدة : يدوم العز يا سليمان ، سفرة دايمة
سليمان : ما اكلتش كويس .. اوعى يكون الاكل ماعجبكش
مدكور : ابدا .. بس مابحبش اتقل على العشا عشان اقدر انام كويس .. انا هقعد برة أدخن سيجاره على ماتخلصوا اكل
ليتركهم و يذهب الى الخارج ليفول سليمان بتأفف : عامل زى حيطة الصد ، ماتعرفيش تجيبيه كده و لا كده
تالا بامتعاض : اومال انا بقول لك ايه من الصبح
سليمان : يعنى ايه .. هترفعى الراية البيضا من اولها كده
تالا بتحدى : ما ابقاش تالا ان ما اخدت منه كل حاجة .. انا مش فاهمة هو عاوز ايه من الدنيا اكتر من كده .. مش كفاية عليه اوى كده
سليمان : تقصدى ايه بكلامك ده
تالا بحقد : يعنى انا لسه جعبتى مليانة بحاجات كتير ، و فى النهاية لازم اللى عاوزينه هو اللى هيكون حتى لو وصلت انى اورثه
سليمان بتحذير : تؤ تؤ تؤ .. متتسرعيش ، احنا مش مستعجلين ابدا .. خدى وقتك ، و بعدين احنا عاوزين المجموعة كلها مش التمن و بس
تالا : ماتخافش عليا يا دادى .. كل شئ باوان
سليمان : هى دى تالا حبيبة دادى .. واحدة واحدة و على مهلك خالص .. احنا ماوراناش حاجة
كان مدكور يدخن و هو يقف بالشرفة يراقب الاجواء و المنظر بالخارج حتى سمع صوت اقدام تالا فالتفت اليها و قال بابتسامة : ها يا حبيبتى .. شبعتى من دادى و اللا لسه
تالا : هو دادى ده حد يشبع منه
سليمان : ايه يا مدكور ، زهقت منى و اللا ايه
مدكور : ابدا .. بس انت عارف انى بصحى بدرى عشان الشغل
سليمان : كان فى مشروع كده عاوز اعرضه عليك ، و كنت مستنى رجعوكم من شهر العسل
مدكور : اوى اوى .. ابعته لمراد على ايميل المجموعة و نشوف
سليمان : لا مراد ايه.. ده شغل كبار ، و مراد لسه عضمه طرى على الشغل ده
مدكور : مين ده اللى عضمه طرى ، مراد هو اللى شايل المجموعة كلها و ممشى الشغل من سنين ، و اللا مش واخد بالك
سليمان : اصل انت اللى مش واخد بالك .. ده شغل خاص بعيد عن المجموعة .. عاوز ناس قلبها من حديد ، ناس دماغها فوق اوى ، و الصراحة مش هلاقى احسن منك للشغل ده ، و خصوصا انك خلاص بقيت جوز بنتى
مدكور بفضول : شغل ايه ده بقى
ليلتفت سليمان الى تالا قائلا : ماتخليهم يعملوا لنا عصير يا بيبى
تالا بمرح : انت بتسربنى و اللا ايه يا دادى
سليمان ضاحكا : بيعجبنى فيكى ذكائك
تالا : ماشى .. انا هطلع اوضتى اخد منها حاجة و ارجعلكم تانى
وبعد انصراف تالا التفت سليمان ليقول لمدكور بجدية : الكلام ده مش عاوز مخلوق يعرف عنه حاجة و لا حتى تالا .. ده كلام يطير فيه رقاب
مدكور بفضول : و شغل ايه ده بقى اللى يطير فيه رفاب مش فاهم
سليمان : شغل مع الجيش
مدكور : شغل ايه اللى هنشتغله مع الج/يش و ايه اللى يقلق من الشغل مع الج/يش
سليمان : سل/اح
مدكور : و احنا هنشتغل فى السل/اح مع الج(يش ازاى مش فاهم .. هنصنعهولهم
سليمان : لا .. هنبيعهولهم
مدكور ضاحكا : احنا اللى هنبيع السل/اح للج/يش ، ده شغل دول و مؤسسات الدولة ايه اللى هيفهمنا احنا فى الكلام ده
سليمان و هو يحك جبهته : أصل الشغل ده .. مش مع الج/يش بتاعنا
مدكور : اومال انهى ج/يش
سليمان : هتفرق معاك الدولة
مدكور : هيفرق معايا الشر/عية يا سليمان .. انت عارف الكلام ده عقو/بته ايه
سليمان : ده لما يكون فى تلبس و حيا زة ، انما احنا كل شغلنا هيبقى مجرد اتفاقات و بس
ليصمت مدكور و كأنه يفكر فى الامر ليقول سليمان بتحفيز : انت عارف الكلام ده ممكن ينقلنا نقلة شكلها ايه .. احنا فى خلال سنة واحدة هنعدى المليااار بمراحل
مدكور : بس لا انا و لا انت عندنا خبرة فى الكلام ده
سليمان بحماس : ماتقلقش .. عندى الناس اللى هتساعدنا و هتخلينا نعدى بسرعة .. احنا بس محتاجين نخطى خطوة صغيرة تخلينا مستعدين لكل حاجة
مدكور : خطوة ايه دى
سليمان بتروى : الدمج
مدكور : دمج ايه مش فاهم
سليمان : دمج مجموعة العزيزى بمجموعة الانصارى
مدكور : و اشمعنى
سليمان : حجم التعاملات اللى هتتعمل محتاجة اساس راسماله عالى اوى ، و ده مش هيحصل الا بدمج المجموعتين مع بعض
مدكور : طب ما نتشارك و خلاص
سليمان : للاسف ماينفعش ، الناس دى مابتتعاملش غير مع اسم واحد بس ، ما بتشتتش مجهودها
مدكور : و مين بقى الناس دى
سليمان : ما اقدرش اقول لك قبل ما اخد موافقتك فى البداية

يتبع…

كان مدكور يجلس مع سليمان فى صمت شديد و كأن الطير على رؤوسهم و هما يتبادلان النظرات مابين نظرات حذرة من سليمان و نظرات يغلبها الجمود من مدكور
حتى نطق سليمان اخيرا و قال بفضول : ها يا مدكور .. قلت ايه
مدكور : قلت ايه فى ايه يا سليمان .. انت عاوزنى ارفض و اللا اوافق على حاجة انا مش عارف تفاصيلها حتى
سليمان : انت عاوز تعرف تفاصيل ايه بس
مدكور : اولا كلامك ده ما ينطبقش ابدا على جبوش الدول ، كل دولة بتس/لح نفسها باستراتيجيات تخصها و تتوافق مع اوضاعها و ظروفها ، انا عمرى ما سمعت عن دولة بتسلح جيشها من تجار سل/اح
سليمان بحمحمة و هو يحك انفه : ما هو اصلهم مش جيش رسمى
مدكور : مش فاهم
سليمان بتأفف : مش جيش رسمى يا مدكور .. ما تركز معايا شوية .. ايه اللى فى كلامى مش مفهوم بس
ليقول مدكور بفضول : انت تقصد جيش من اللى بيقولوا عليهم مرتزقة
سليمان بتنهيدة متأففة : اخيرا فهمت
لينهض مدكور من مجلسه قائلا : اسف يا سليمان ، انا لا يمكن الوث ايدى بدم حد ابدا
سليمان بجدال : و ده ايه اللى هيخلى ايدك تتلوث بدم حد انا مش فاهم
مدكور بشرح : تعرف يا سليمان .. طول عمرى و انا ليا رأى فى مواضيع الحروب الاهلية دى و انت النهاردة اثبتتلى ان رايى ده صح مليون المية
سليمان بسخرية : و يا ترى بقى ايه رايك ده
مدكور : ان انت و اللى زيك اللى ما بيدوروش غير على المكسب و الثروة حتى لو متغمسة بارواح الابرياء .. اللى بتولعوا الدنيا لمجرد مكاسبكم الشخصية ، لدرجة انكم لو لقيتوا الناس كلها اتصالحت مع بعضها ، لازم تشوفوا اى مشكلة و تنفخوا فيها النار عشان مكاسبكم الشخصية
سليمان : ده قانون الارض يا عزيزى.. البقاء للاقوى ، و لو ما عملتش كده هتتاكل ، و لولا ان راس المال اللى محتاجله ماينفعش اشيله لوحدى ماكنتش دخلت حد معايا ابدا .. بس لما فكرت فيها قلت انت اولى .. لان مهما ان كان انت جوز بنتى ، يعنى فى الاول وفى الاخر الخير رايح لها برضة
مدكور : انا عمرى ما عملت كده يا سليمان و لا عمرى هعمل كده ، و عمرى ما اتاكلت زى ما انت بتقول
سليمان : يعنى ايه .. افهم من كلامك ده انك بترفض تشاركنى
مدكور : انا ما احبش انى اكسب قرش واحد حرام ممكن اتكوى بيه يوم القيامة
سليمان : ومين اللى قال انها حرام .. دى تجارة زى اى تجارة و اكم من مصانع قايمة على صناعة السل/اح و اكم من تجار تجارتهم الأساسية فى السل/اح
مدكور : كل شئ و له شئ يا سليمان .. ماتخلطش الاوراق ببعضها
سليمان بخيبة امل : كنت معتقد ان راجل بخبرتك و احتكاكك بالسوق خلى افقك اوسع من كده
مدكور : و هو الافق مايوسعش اللا بتهر/يب السل/اح و خراب البلاد و الديار .. يا اخى الله الغنى عن كل ده
سليمان بجمود : طب ياريت تنسى اى كلمة سمعتها منى فى الموضوع ده ، و ياريت تالا ماتعرفش حاجة عن كلامنا ده
مدكور بسخرية : و مخبى عنها ليه طالما شايف انك مابتعملش حاجة غلط
سليمان : لكل مقام مقال يا مدكور ، الشغل اللى زى ده مابيبقاش على المشاع و الكلام فيه لازم يبقى له اصول ، و انت اكيد فاهم ده كويس
مدكور بصدق : يا ريت انت كمان تشيل الحكاية دى من دماغك يا سليمان .. خلينا ماشيين بستر ربنا ، و اعتقد ان واحد فى مركزك و حجمك مش محتاج ابدا انه يعمل حاجة زى دى حتى لو هتكسبك مليارات زى ما بتقول مش هتلحق اصلا تصرفها و لا تتمتع بيها
و قبل ان يأتيه اى رد من سليمان كان صوت تالا قادما اليهم و هى تقول : ايه يا دادى .. خلصتوا اسرار و اللا لسه
سليمان بانتباه : ااه يا بيبى تعالى
تالا : افهم من كده ان فى مشروع جديد هيتعمل مابين المجموعتين
مدكور : لا يا حبيبتى .. احنا كنا لسه بنتكلم اننا عاوزين نخلص المشروع اللى شغال بسرعة .. و ياللا بينا بقى و اللا ايه
تالا و هى تقبل سليمان : اشوفك بكرة بقى يا دادى
سليمان : ماشى يا بيبى .. تيك كير
…………………
فى سيارة مدكور كانت تالا تتلقى مكالمة تليفونية من احدى صديقاتها بينما كان مدكور مشغول البال كليا بحديثه مع سليمان ، و اعترف لنفسه بان سليمان رجلا اخطر بكثير مما كان يظن ، و لم ينكر الرهبة التى شعر بها ، و اصبح التردد المقرون بالحيره حليفه منذ ترك سليمان ، لينتبه على صوت تالا و هى تقول : ايه يا حبيبى السرحان ده كله
مدكور : ابدا .. سايبك تتكلمى مع صاحبتك براحتك
تالا : البنات كلهم بيسالونى عن معاد الحفلة
مدكور : هدى قالت انها بعد تلت ايام و الدعاوى انطبعت و اتوزعت
تالا : اتوزعت ازاى ، طب و فين الدعوات بتاعتى انا و دادى
مدكور : راحوا لسليمان النهاردة
تالا : غريبة .. دادى ما قالليش .. بس انا كنت محتاجة دعاوى خاصة بيا انا و اصحابى
مدكور : مش مشكلة .. هخلى هدى تبعتلك بزيادة لو لقيتى سليمان وزع كل اللى راحوا له .. قوليلى بس على العدد اللى انتى عاوزاه
تالا : ماشى .. اما نوصل هعمل بيهم كشف و اقوللك .. انما ماقلتليش .. دادى كان عاوزك فى ايه

مدكور : و هو دادى لو كان عاوزك تعرفى كان طلب منك تسيبينا لوحدنا

تالا بدلال : ايوة يا حبيبى ، بس طبعا انا هعرف منك عشان انت ما ينفعش تخبى عنى حاجة
مدكور : ده لما يبقى الحاجة دى تخصك ماتخصش حد تانى
تالا بامتعاض : يعنى مش هتقول لى
مدكور : و الله سليمان قاللى ما اقولش .. و اديكى رايحة له الصبح ، انتى و شطارتك بقى لو قدرتى تعرفى منه حاجة
و عند وصولهم الى منزلهم ، و دلوفهم الى الداخل وقفت تالا امامه و احاطت عنقه بذراعيها بغنج قائلة : امتى هتحبنى زى ما بحبك
مدكور بابتسامة : ليه بتقولى كده
تالا بامتعاض : عشان انا بعمل لك كل اللى انت بتقول عليه ، لكن انا اى حاجة بطلبها منك مابتعملليش منها اى حاجة
مدكور : و هو انتى طلبتى ايه و ما عملتوش
تالا : ابسط حاجة اهو .. مش عاوزنى اشتغل معاك
ليمد مدكور يديه و يزيح ذراعيها من حول عنقه و هو يقول بتؤدة : انا بطلب منك اللى شايف انه حقى كزوج ليكى ، و لحد دلوقتى انا مش شايف انك طلبتى منى اى طلب ممكن يتوصف بانه طلب زوجة من زوجها
تالا : و ايه بقى طلبات الزوجة دى
مدكور : تاكلى اكلة نفسك فيها .. اجيبلك فستان و اللا جزمة و اللا حتى دهب ، افسحك فسحة ، انما تطلبى حاجة فى الشغل دى .. فانا ما احبش حد ابدا يتدخل فى شغلى يا تالا
تالا بدلال : و هو انا حد برضة يا مدكور .. ده انا تالا مراتك .. اللى وعدتنى انك هتورينى حاجات عمرى ما شفتها

مدكور بسخرية كامنة : و مستعجلة ليه يا حبيبتى .. كل شئ باوان

تالا و كأنها تتخيل مشهد من الجنة : تعرف يا حبيبى انا نفسى فى ايه
مدكور : فى ايه يا ترى
تالا : نفسى يبقى اسمك اكبر اسم فى عالم المقاولات فى البلد و الشرق الاوسط كله
مدكور : مش بعيد عن ربنا ، ادينا بنعمل اللى علينا ، بس ماتنسيش ان فى شركات و مجموعات حجمها اكبر مننا بكتير
تالا : ده حقيقى .. لكن كل مسكلة و ليها حل
مدكور و هو يتجه الى غرفة نومهما : و يا ترى ايه الحل من وجهة نظرك
تالا و هى تلحق به : فى خطوة معينة خطرت على بالى لو عملناها .. نبقى حطينا رجلنا على اول سلمة ، و بعدها … بعدها ماحدش ابدا هيقدر ينافسنا مهما كان حجمه و وزنه
مدكور و هو يقوم بتغيير ملابسه : و يا ترى بقى ايه هى الخطوة دى

تالا وهى تقوم بقياس رد فعله : ان انت و دادى تدمجوا المجموعتين مع بعض ، بدل ما يبقى فى العزيزى جروب و الانصارى جروب ، نعمل دمج للمجموعتين و تبفى اكبر مجموعة مقاولات فى الشرق الاوسط كله
مدكور بسخرية : الشرق الاوسط مرة واحدة
تالا بثقة : ايوة طبعا .. و ماتنساش ابدا ان الجروب عند دادى اكبر جروب فى البلد ، و كل سنة بيكبر عن السنة اللى قبلها ، و انت كمان يا حبيبى ، الجروب بتاعك مش قليل ابدا .. الجروب بتاعك متصنف التانى او التالت بعد الجروب بتاع دادى ، فلك ان تتخيل بقى انكم تتحدوا مع بعض و تعملوا دمج … يااااه يا حبيبى لو ده حصل .. هيبقى انقلاب فى عالم المقاولات .. عارف ، لو انت ماعندكش مانع انا ممكن افاتح دادى و اقنعه يوافق
ليعلو صوت ضحكات مدكور الساخرة .. لتنظر له تالا بفروغ صبر تنتظر رأيه فى اقتراحها ، و عندما وجدته لم يعلق بكلمة فعادت تقول : ايه يعنى .. شايفاك ضحكت اوى و ماعلقتش بولا كلمة بعد كده
مدكور و هو يتجه الى الحمام : اصل كلامك ما يتعلقش عليه يا حبيبتى

تالا بامتعاض : و ليه بقى .. شايفنى مجنونه و بقول اى كلام
ليغلق الباب خلفه دون ان يرد عليها ، فتذهب هى الاخرى لتغيير ثيابها و هى غاضبة على طريقة معاملته لها ، و عند رجوعه الى الغرفة ذهب مباشرة الى الفراش و هو يتأهب للنوم تحت نظراتها الحانقة و قالت و هى تجلس بجواره و هى ترتب خصلات شعرها : على فكرة حتى لو كلامى مش عاجبك .. على الاقل ماتحسسنيش انى بكلم نفسى
مدكور و هو يعتدل فى نومه : فهمتك و حذرتك اكتر من مرة و انتى مصممة ماتسمعيش الكلام
تالا : حذرتنى من ايه بقى انا مش فاهمة
مدكور و هو يغلق الانارة بجانبه : فهمتك ان شغلك و اهتماماتك بالمجموعة بتاعة دادى و بس ، و مالكيش دعوة بالمجموعة عندى
تالا : هو انا مش مراتك
مدكور : مراتى فى البيت و بس ، و بلاش تخلينى اكرر كلامى كتير عشان الموضوع ده بيضايقنى .. تصبحى على خير
لتنظر اليه تالا بحنق و هى تتوعد له بكل انواع الاذلال وقتما تتمكن من وضع يدها على المجموعة الخاصة به
فى خلال الثلاثة ايام التالية .. كانت رهف قد استطاعت بمساعدة هدى و امينة تأسيس الفرع الجديد للاتيلية الخاص بها تحت اشراف مراد و انور حتى اضحى المكان مهيأ تماما لبدء العمل وقتما يكتمل فريق العمل الخاص و الذى اضحى قريب الاكتمال
فقد قامت امينة بوضع المواصفات المطلوبة لكل تخصص و استعانت ببعض الصناع المهرة لديهم باسيوط حتى يقوموا باختبار المتقدمين للعمل
و كان يوم الاحتفال بزواج مدكور و تالا هو نفسه يوم اشارة بدء العمل بالفرع الجديد للاتيلية
صباحا بمنزل مدكور .. كانت تالا نائمة بفراشها بكسل و هى تتابع مدكور بعينيها اثناء استعداده للذهاب لمجموعته ، و كان مدكور يطالعها هو الاخر بتسلية حتى انتهى تماما من ارتداء ملابسه فقال : ايه يا حبيبتى .. مش ناوية تصحى تفطرى معايا النهاردة و اللا ايه

تالا و هى تعتدل جالسة فى مكانها بالفراش : لا يا حبيبى هفطر معاك طبعا ، بس مستنياك تخلص لبس
مدكور : طب و انتى مش هتقومى تستعدى لشغلك انتى كمان
تالا و هى تتثائب بكسل : انا مش فاضية النهاردة ، يا دوب بعد الفطار هجهز و انزل البيوتى سنتر عشان استعد للحفلة
مدكور بذهول : هتقعدى طول النهار تستعدى للحفلة
لتنهض تالا من الفراش و تقف امامه بدلال قائلة : انت ناسى ان الحفلة دى بمثابة فرحنا اللى الناس ماحضرتهوش .. يعنى لازم ابقى فى كامل شياكتى و انوثتى
مدكور بابتسامة سخرية : بس مش لدرجة انك تقعدى اكتر من عشر ساعات يعنى .. ده انتى و لا اللى هيركب قطع غيار
تالا بامتعاض : دى حاجات ستات احنا بس اللى بنفهم فيها
مدكور و هو يتجه الى خارج الغرفة : ماشى .. جود لاك يا حبيبتى
و اثناء تناولهم للافطار قالت لمدكور : اعمل حسابك انك هتيجى تاخدنى من البيوتى سنتر يا حبيبى ، و انا اول ما اوصل هناك هبعتلك اللوكيشن على طول
مدكور : طب و ليه ما تخلصيش و تيجى تلبسى هنا
تالا : ماينفعش ، فى حاجات لازم تتظبط بعد اللبس
مدكور : براحتك .. بس خليكى فاكرة .. تلتزمى بالفستان اللى اختارته لك و مش عاوز مكياج اوفر
تالا بمحاباة : طبعا يا حبيبى .. ماحنا خلاص اتفقنا على كل الحاجات اللى انت بتحبها ، و كمان لما هتيجى تاخدنى من البيوتى سنتر مش هتحرك من مكانى و لا هخرج من هناك قبل ما اتاكد انك راضى تماما عن مظهرى
مدكور : اتمنى
تالا بنعومة : الا قولى يا حبيبى .. انت عزمت مين
مدكور : ناس كتير اوى .. اكيد مش هفتكر اقول لك عليهم كلهم ، انا خليت مراد عمل كشف بالاسامى اللى عاوزينها و اداها لهدى
تالا : لا انا مش قصدى .. انا اقصد هل فى حد معين من اللى انا اشتغلت معاهم قبل كده .. حد اعرفه يعنى

مدكور : اكيد ، و طبعا على راس القايمة جاسر و فريق العمل بتاعه
تالا : انا ملاحظة انك مهتم بيهم اوى .. خصوصا فى اليومين اللى فاتوا .. سمعتك اكتر من مرة بتكلم مراد عنهم
فى التليفون
مدكور بعدم اهتمام : جاسر مش قليل ، جاسر شركاته من اكبر شركات المقاولات فى وجه قبلى ، و لو كانت مجموعته موجوده فى القاهرة .. كان هيبقى من اكبر المنافسين لينا ، لكن وجوده فى الصعيد خلانا نباصى لبعض و نشارك بعض فى المشاريع الكبيرة
تالا باهتمام : انت عاوز تفهمنى ان جاسر ده مجموعته فى حجم مجموعاتنا
مدكور : انتى بنفسك دخلتى فرع من فروعهم و شفتى اد ايه صرح متكامل
تالا بانشداه : فرع .. انا كنت معتقدة ان هو ده المقر بتاعهم
مدكور : لاااا .. المقر الرئيسى بتاعهم فى المنيا ، لكن ليهم فروع فى اسيوط و الفيوم و سوهاج ، ده غير فرع قنا كمان
تالا بانبهار : واااو .. على كده جاسر ده تقيل اوى
مدكور : مش جاسر لوحده .. جاسر و مؤمن ابن عمه بيمتلكوا ميراث عيلتهم بالكامل ، و اتحادهم مع بعض حافظ على مركزهم المالى و الاجتماعى
تالا بدهشة : رغم انه مش باين عليهم خالص .. لما اتعاملت معاهم حسيتهم ابسط من كده بكتير
مدكور و هو ينهض من مقعده بعد ان انهى قهوته : و عاوزاهم يبان عليهم ازاى يعنى .. يمشوا و هم شايلين ملايينهم فى جيوبهم مثلا
تالا : اقصد انى حسيتهم بيتعاملوا ببساطة
مدكور : ده لانهم عارفين هم بيتعاملوا مع مين ، احنا برضة مش قليلين ، و بعدين احنا بنكسب بعض ملايين كل سنة
تالا بتفكير : عندك حق
……………….
فى مركز التجميل .. كانت تالا تحدث سليمان فى الهاتف قائلة : انا عاوزاك تتعرف على اللى اسمه جاسر ده يا دادى .. ده طلع تقيل اوى .. و انا اللى كنت فاكراه ابسط من كده بكتير ، اتاريه طلع اتقل من مدكور ذات نفسه
سليمان : انا اسمع عنه من زمان ، بس ماسبقليش انى اتعاملت معاه مباشرة ، همتك بقى ابقى عرفينى عليه .. بس ماقلتيليش
تالا : اقول لك ايه
سليمان بفضول : ماجابلكيش سيرة برضة عن كلامى معاه عن موضوع السل/اح
تالا : ابدا ، سألته زى ما اتفقنا و ما رضيش ابدا يقوللى حاجة ، و لما ضغطت عليه ، قاللى لو عاوزة اعرف اسالك انت ، لكن من يومها ماجابليش سيرته تانى
سليمان بتحذير : انا عاوزك تنتبهى اوى و ماتتخليش عن حذرك و انتى بتتعاملى معاه
تالا : ماتقلقش يا دادى ، انا خلاص عرفت مفتاحه
………………..
كانت رهف و امينة و هدى فى كامل اناقتهن و هن فى طريقهن لمكان الاحتفال بعد ان حاولت رهف مرارا و تكرارا ان تقنع زينب بالانضمام إليهن و لكنها فشلت فشلا ذريعا
و كان مراد قد اصطحب رهف و هدى و تميمة ايضا بعد ان اصر مراد على حضورها الحفل بصحبتهم ، و قام انور باصطحاب امينة
و اثناء الاحتفال .. كان المكان يعج بالمدعوين ، و الذى كان معظمهم من اكبر رجال المال و الاعمال ، و الذين قدموا التهنئة لمدكور و تالا و لمراد و رهف على حد سواء
و لم تنكر تالا اعجابها بتنظيم الحفل الذى نظمته هدى و اشرفت عليه بمهارة شديدة حتى خرج فى ابهى صورة اشاد بها الجميع
و فى اثناء فقرات الحفل .. اعلنت هدى عن الفرع الجديد للاتيلية الخاص برهف و افتتاحه بالقاهرة و عرض مقاطع فيديو لبعض تصميماتها ، ليقدم الجميع التهنئة لرهف و تحيتها على ابداعاتها
و قامت هدى و امينة بتعريف رهف على رجال و سيدات الاعمال القائمين على خطوط الموضة و الازياء فى مصر و الوطن العربى و الذين تبادلوا بعض وجهات النظر الخاصة بالعمل و اتفقوا على التعاون معا بالتنسيق مع الجميع
اما بالجهة الاخرى .. فاثناء مرور مدكور و تالا على المدعوين للترحيب بهم ، اصرت تالا على ان يكون سليمان ملازما لهما دائما حتى وصلوا للمائدة التى كان يجلس عليها جاسر و مؤمن و بصحبتهما فؤاد و عدى و زوجات الجميع عدا زوجة جاسر فقالت تالا ببعض المكر : دى تانى مرة اشوفك من غير المدام يا جاسر بية .. ايه الحكاية ، يا ترى المدام اللى مش حابة تشوفنا و اللا انت اللى بتغير عليها لدرجة انك تخبيها كده عن الكل
جاسر بمرح : و الله تقدرى تقولى كده انها مالهاش فى الدوشة و الحفلات و السهر
مؤمن ضاحكا : و طبعا جاياله على الطبطاب
جاسر بابتسامة : مافيش احسن من الحرية
تالا : بس انت مش حر
جاسر و هو ينظر اليها نظرة تقييمية : مين قال الكلام ده ، ما انا حر اهو و بعمل ما بدالى
ليتبادل الجميع الضحكات المرحة بينما قالت بثينة بعد ان تبادلت النظرات مع رفية و سميحة : بس اسمحيلى اهنيكى على ذوقك .. فستانك يجنن
لتميل تالا بدلال على كتف مدكور و عى تقول : الحقيقة ده ذوق مدكور .. من وقت ما اتجوزنا و هو اللى بيختار لى لبسى كله
سميحة : واضح كمان انه من تصميم رهف .. الحقيقة رهف فنانة بجد
رقية : الف مبروك .. ليكم جميعا ، بتمنى لكم السعادة من قلبى
تالا : ميرسى يا مدام رقية ، و اسمحوا لى كلكم انى اقدم لكم دادى .. سليمان بية الانصارى مالك و مؤسس صرح الانصارى جروب
مؤمن : غنى عن التعريف طبعا .. تشرفنا يا سليمان بية
سليمان : الشرف ليا
جاسر بترحاب : الحقيقة الانصارى جروب تعتبر رقم واحد فى عالم المقاولات .. و سمعتها مسمعة فى كل البلد ، و طبعا فرصة عظيمة اننا نتقابل و نتعرف يا سليمان بية
سليمان : ان شاء الله اكيد هنتقابل تانى و قريب اوى
مدكور : بعد اذنكم .. هنرحب بباقى المدعوين
سليمان بمرح : لا يا عم .. انا هستريح شوية مع جاسر بية و مؤمن بية ، انت عريس و جددت شبابك ، لكن انا لسه ، روحوا انتو رحبوا ببقية ضيوفكم على ما اشم نفسى شوية ، ده لو مايضايقش جاسر بية
جاسر : ده شرف لينا .. اتفضل
سليمان : الحقيقة انا سمعت برضة عن مجموعتكم من تالا و من مدكور بية ، بس يا ترى بقى شغلكم كله فى المقاولات زى مدكور كده و اللا ليكم نشاط تانى
مؤمن: الحقيقة .. اصل الجروب .. شغل المقاولات ، لكن فى الفترة الاخيرة قررنا نجرب حظنا فى الاستيراد
لتلتمع عينا سليمان و يقول بنشوة : و يا ترى مبسوطين فى المجال الجديد ده و اللا لسه بتحاولوا
جاسر : الحقيقة المجال اللى اخترناه مش سهل انه يتكرر او حتى يبقى فيه منافسة كبيرة
سليمان : و ياترى تجارة ايه دى بقى اللى اخترتوها
مؤمن بابتسامة : الاثاث
سليمان باستغراب : اثاث .. موبيليا يعنى .. و اللا انا فهمت غلط
جاسر : لا مش غلط و لا حاجة ، هو زى ما فهمت كده بالظبط
سليمان : بس اشمعنى النوع ده من التجارة .. رغم ان البلد فيها مصنعين كتير ، و لما حد بيحب يستورد حاجة بتبقى تكلفه الجمارك عالية جدا ، و كمان نقلها عاوز تقنية مخصوصة و ناس بروفيشنال
مؤمن بابتسامة : و احنا بنوفر على الناس كل الكلام ده
و كمان الموبيليا تعتبر من الواردات التقيلة اللى الجمارك بيتعاملوا معاها بحساب خاص
سليمان : ازاى بقى
جاسر ضاحكا : يعنى بيحسسوا عليها و هم بيكشفوا عليها ، لان لو اى حاجة اتخدشت بس خدش صغير بيبقوا ملزمين بدفع التأمين فورا ، و خصوصا ان بيبقى فى انتيكات كتير وسط الموبيليا دى
سليمان باعجاب : واضح ان الموضوع يستحق المجازفة
مؤمن ضاحكا : و اذا ذكرت المجازفة .. ذكر جاسر فورا
سليمان : ايه .. بيحب المغامرة
جاسر : مش بس مغامرة ، بس زى ماتقول كده .. يفوز باللذة كل مغامر ، و كمان الثروة مش هتجيلنا و احنا فى مكاننا .. لازم نتحرك ، و على راى الشاعر اللى قال .. و ما نيل المطالب بالتمنى
سليمان ضاحكا : و لكن تؤخذ الدنيا غلابا ، هو ده .. تعجبنى .. انا كان لازم اتعرف عليك من زمان ☺️

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top