تُحدثني نفسي منذٌ زمنٍ أن أكتب عن فضل ليلة القدر، عن زهرة الشَّهر الغرَّاء، وجائزته الحسناء، وهديَّة الله لعباده الأصفياء الأنقِّياء، ولكن لم يكن يجُول في خاطري حينها إلا أن أُعيد الأقوال التي قِيلت في كرامةِ تلك الليلة وبركاتها.
وفي أثناء تصفُّحي لما وَردَ في فضل ليلة القدر من آياتٍ بيناتٍ وأحاديث شريفة، وقعت عيني على حديثينِ غير مشهورين لا يعلمٌهما كثيرٌ من النَّاس، فقد جاء في صحيح الترغيب والترهيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه كان في الرِّباط ففزعواإلى السَّاحل، ثم قيل.. لا بأس، فانصرف النَّاس وأبو هريرة واقف، فمرَّ به إنسانٌ فقال: ما يُوقِفُك يا أبا هريرة؟! فقال: سمعتٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “موقِفٌ ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجرِ الأسود”.
أخرجه بن حِبان وصححه الألباني بإسنادٍ صحيح في السلسلة الصحيحة. وكذلك أخرج الحاكمٌ في مستدركه عن بن عمر رضي الله عنه- أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ألا أُنبِئكُم بليلةٍ أفضلُ من ليلةِ القدر؟ حارسٌ يحرٌس في أرض خوفٍ لعلَّه لا يرجعُ إلى أهله”. والحديث على شرط البٌخاري ولم يٌخرجه. وهنا تحوَّلت وجهتي من الكتابة عن فضلِ ليلةالقدر، إلى الرغبة في تذكير النَّاس بأنَّ هناك من الأعمال ما قد يفوقُ ثواب إدراكٌ ليلة القدر في بيت الله الحرام عند الحجر الأسود.