من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها فإنها تأتيه بأحدهما »

وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهم وأخواتهن»، ومعنى ذلك: أن المرء يتخير الوعاء الذي يضع فيه نطفته، فإن العرق دساس: أي عرق السوء يأتي بخفاء ولطف بالسوء، وعرق الخير يأتي بالخير كذلك.

قال المناوي في فيض القدير (288/3): «(تخيروا لنطفكم): أي لا تضعوا نطفكم إلا في أصل طاهر، أي: لا تكلفوا (2) طلب ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعدها عن الخبث والفجور».

وقد ترجم البخاري –رحمه الله- (بابٌ إِلَى مَنْ يَنكِحُ؟ وأيُّ النِّساءُ خَيْرٌ؟ وَمَا يُتَحَبُّ أنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطْفِهِ مِنْ غَيْرِ إيجابٍ) ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: « خيْرُ نِسَاءَ رَكِبْنَ الإبِلَ صَالِحُو نِساءِ قُرَيْشٍ: أحْناهُ علَى ولَدٍ فِي صِغَرِهِ، وأرْعاهُ علَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِه».

قال العيني –رحمه الله- في عمدة القاري (110/20) –بتصرف-: «…وَقد اشْتَمَلت هَذِه التَّرْجَمَة على ثَلَاثَة أَنْوَاع، وَحَدِيث الْبَاب وَاحِد.
الأول: قَوْله: (إِلَى من ينْكح) وَالثَّانِي: قَوْله: (وَأي النِّسَاء خير) وَالثَّالِث:(وَمَا يسْتَحبّ أَن يتَخَيَّر لنطفه).
وَمن الحَدِيث تُؤْخَذ الْمُطَابقَة للْأولِ وَالثَّانِي ظَاهرا، والثَّالِث لَا تُؤْخَذ إلاَّ بطرِيق اللُّزُوم، بَيَانه أَن الَّذِي يُرِيد النِّكَاح يَنْبَغِي أَن يتَزَوَّج من قُرَيْش لِأَن نساءهن خير النِّسَاء، وَهَذَان نَوْعَانِ ظَاهران فِي الْمُطَابقَة، وَأما النَّوْع الثَّالِث فَهُوَ أَنه لما ثَبت أَن نسَاء قُرَيْش خير النِّسَاء، وَأَن الَّذِي تزوج مِنْهُنَّ قد تخير لنطفه لأجل أَوْلَاده، وَهَذَا لَا يفهم من الحَدِيث صَرِيحًا، وَلَكِن بطرِيق اللُّزُوم، على أَنا نقُول: يحْتَمل أَنه أَشَارَ إِلَى حَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه من حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا: «تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ وَأنْكحُوا الْأَكفاء»، وَأخرجه الْحَاكِم أَيْضا وَصَححهُ».

ورُوي عن أنس رضي الله عنه: «تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس».
قال المناوي –رحمه الله- في فيض القدير (293/3): «(تزوجوا في الحجز) -بضم الحاء المهملة وكسرها وسكون الجيم-: الأصل والمنبت، (الصالح): كناية عن العفة، وقيل: هو فصل ما بين فخذ الرجل والفخذ الآخر من عشيرته سمي به لأنه يحتجز بهم أي يمتنع وبالكسر بمعنى الحجز كناية عن العفة وطيب الإزار ذكره الزمخشري.
(فإن العرق دساس) أي دخال بالتشديد لأنه ينزع في خفاء ولطف يقال دسست الشيء إذا أخفيته وأخملته ومنه {وقد خاب من دساها} أي أخمل نفسه وأبخس حظها وقيل معنى دساس خفي قليل وكل من أخفيته وقللته فقد دسسته والمعنى أن الرجل إذا تزوج في منبت صالح يجيء الولد يشبه أهل الزوجة في العمل والأخلاق ونحوهما وعكسه بعكسه».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top