تاخدي جرجير ياست هانم؟ ” الجزء الأول بقلم عزة العمروسي

تاخدي جرجير ياست هانم؟ ”
بصيتله بتوهة وحزن وقولتله ” عندي مش عاوزة! ”

جيت أقفل الباب لفت نظري إنه راجل عجوز كان واقف تحت المطر ،
كـل أطرافه تقريبًا متجمدة وصوابعه .واخدة اللون ” الأزرق ” من شدَّة البرد!

جه في ذاكرتي كل الأيام والظروف اللي تعباني. أنا وجوزي.
مُرتبه اللي مبيقضيش الشهر وابني اللي كل يومين عند دكتور
ومصاريف البيت وديون السوبر ماركت اللي اتراكمت علينا.

كل ده في ظل ظروف صعبة. ومفيش وظايف ولا حتى شغل!
وعشان كدا اتفقت مع جوزي في بداية جوازنا إني ابدأ أكمل دراسات عُليا
وأحضَّر الماجستير والدكتوراه، وبمساعدته فعلاً كملت ووصلت

وجه اليوم اللي خلاص حلمي أتحقق واتصلوا عليا وقالولي:
” تعالي استلمي وظيفتك ”

وكانت الوظيفة دي ” مُعيدة في كلية الدراسات الإسلامية ”
مكنش معايا فلوس المواصلات وجوزي مكنش لسه. قبض. من شغله. المرتب،
صابني نكوص. وحزن .رهيب!
فكلمت أمي واستلفت منها ٣٠٠ جنيه.

ظبطت أموري ولسه هخرج من البيت
لاقيت راجل في سن السبعين شايل صندوق خضار وبيقولي بابت باهتة:
” تاخدي جرجير ياست هانم؟ ”
ولما قولتله ” عندي مش عاوزة ”

رد بابت صافية وقال ” طيب خدي نعناع؟ ”
بلتفت بضهري عشان أقوله ” مش قولتلك مش عاوزة؟ ”
لاقيت عيونه باهتة بفتور وكأنَّها بتحكي قصة مأساويَّة،
ببص لهدومه لاقيته لابس عباية واحدة بس، وفي التلج ده؟
– ها ياست هانم هتشتري إيه؟
هشتري جرجير ونعناع.
– عاوزة بكام؟

هاخدهم منك بس سيب الصندوق ده عالى معايا.
وقفته عند محل واشتريتله جاكت تقيل،
وبعد محايلة ومماطلة خده بالعافية،
خليته مشى راضي ومروحتش الكلية وقفلت شقتي وأنا بقول:
” يارب العشرة أضعاف .. العشرة أضعاف ”
خرجت موبايلي وبرن على عميد الكلية عشان أعتذره فقالي:
” معلش الوظيفة واحدة تانية استلمتها ”
جوزي جه من شغله لقاني قاعدة بحزن على سُفرة الأكل.
فقالي باستفهام ” مالك يا آية متقبلتيش في الوظيفة؟ ”
لا مروحتش أصلاً.
– ليه؟

حكيتله اللي حصل فضحك بفرحة وكان أول مرة يضحك كدا بالجمال ده
وقال ” المُنفقين كالشهداء ”
” لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”
شهداء إيه بس يازياد!
– تي والله إنتي كدا عند ربنا بمكانة الشهداء

يتبع الجزء الاخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top