قصة وحكمة وعبرة في سنة 1994
يقول أحد الشيوخ: في سنة 1994، مَرضتْ ابنتي، وكان عمرها أربعة عشر عامًا فوجهني الأطباء لنقلها إلى مستشفى عين
النعجة بالجزائر العاصمة.. توكلت عـLـي الله وسافرت إلى العاصمة..

وصلت إلى المستشفى.. سألت عن الجناح المقصود، فوجدته بعيدًا، ولم أكن أعلم أن المستشفى كبير لهذه الدرجة، مدينة
طبية متكاملة يسير فيها الراكب بسيارته، فكيف بشيخ مثلي..!؟
مشيت قليلا، ولم أجد من يساعدني.. فتَعَبَ الشيخوخة، وتَعَبَ السفر، وتَعَبَ الحاجة، وتَعَبَ المرض الذي ألَمَّ بابنتي…
جميعها ابتلاءات أرهقتني..
جلست لأستريح في مكان مخصص لركن السيارات..!!
وكُنت بين الفينة والأخرى أذرف الدمع، وأتوارى عن ابنتي وعن الناس كي لا يرونني باكيًا.. وبينما انـL كذلك، وإذا بسيارة فاخرة
تركن بجواري، خرج منها شاب طويل القامة بهي المُحَيَّا، يرتدي مئزرا أبيضا، شارته (بطاقته
المهنية) تتدلى عـLـي صدره… ثم توجه نحوي.. وسألني عن حاجتي، فخنقتني العبرات ولم أقدر عـLـي الكلام.. سألني: يا عم
هل معك رسالة طبية..؟ أعطني بطاقة هويتك..
يقول الشيخ: لمّا سَلَّمْتُ البطاقة للشاب، راح يتأملني من رأسي إلى أخمص قدمي، وقد بدت عليه علامات الده@شة
والاستغراب..!!
ثم أرسل تنهيدة من أعماق جوفه، وجلس بجانبي وراح يتفرس في ملامحي تارة، ويُقَبِّ@لُ جبيني تارة أخرى، ولم يتمالك
نفسه وذرفت عيناه..!!
سألته: ما بك يا ولدي..!؟ هل أصابك مكروه لا قدّر الله..!؟
قال: لا.. وإنما أشفقت لحالك، ثم حَمَلَ ابنتي بين يديه، وقال: تعال يا عم معي..
دخل العجوز وفجأة تعجب من تصرف الشاب
دخل الشاب أروقة جناح طبي متخصص، ووَضَعَ الطفلة عـLـي كرسي متحرك، كان وأخذ يأمر وينهي، والكل يُحيّيه تحية تقدير
واحترام ويتودد إليه.. يبدوا أنه صاحب مكانة وشأن في هذا المستشفى.. وراح يطوف بالبنت بين قاعة الاستعجالات، ومخبر
التحاليل، وجناح التصوير بالأشعة، وقسم الت@خدير والإنعا@ش، والجرا@حة العامة.. وفي حدود الساعة الرابعة صباحًا كانت
البنت قد أُجرت لها عمل@ية جـ(احـ٥ ناج@حة واستعادت وعيها..!!
حمدتُ الله وشكرتُ الشاب الذي كان لي ظهيرًا وسندًا ومعينًا… قلت له: سيبقى خيرك يطوق عنقي ما حييت.. فقد كان كل
مَن في المستشفى يخدمني خدمة استغربتُ من مستواها الراقي جدا، ولم أسمع بها سوى في مستشفيات الدول
المتقدمة في هذا المجال..!!