والأولى: الجمع بين الحديثين ؛ فيحمل النهي على ما إذا لم يكن على عورته شيء يسترها.
ويحمل فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – لها على أنه كان مستور العورة ، ولا شك أنها استلقاء استراحة إذا كان مستور العورة ، وقد أجازها مالك وغيره لذلك “. انتهى
وقال ابن الجوزي في “كشف المشكل” (3/75) :” وَأما رفع المستلقي إِحْدَى رجلَيْهِ: فَلِأَن الْغَالِب على الْعَرَب: أَن يكون على أحدهم الثَّوْب الْوَاحِد ، فَإِذا فعل هَذَا بَدَت عَوْرَته ، فَإِن أَمن هَذَا فَلَا كَرَاهِيَة “انتهى.
وقال النووي في “شرح صحيح مسلم” (14/77) :” قَالَ الْعُلَمَاءُ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِلْقَاءِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى: مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالَةٍ تَظْهَرُ فِيهَا الْعَوْرَةُ، أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا.
وَأَمَّا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَكَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ منها شيء. وهذا لابأس به، ولا كراهة فِيهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الِاتِّكَاءِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالِاسْتِلْقَاءِ فِيهِ . قَالَ الْقَاضِي: لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مِنْ تَعَبٍ أَوْ طلب راحة أو نحو ذلك .
قال : وإلا فقد عُلِمَ أَنَّ جُلُوسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجَامِعِ عَلَى خِلَافِ هَذَا، بَلْ كَانَ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا ، أَوْ مُحْتَبِيًا وَهُوَ كَانَ أَكْثَرَ جُلُوسِهِ ، أَوِ الْقُرْفُصَاءَ ، أَوْ مُقْعِيًا ، وَشِبْهَهَا مِنْ جِلْسَاتِ الْوَقَارِ وَالتَّوَاضُعِ .